لكن المؤكد – والله أعلم – أنه تاب من هذه المعصية، فإن هناك – إن شاء الله – ما يشفع له، ويُسقِط منه تَبِعة ما ذُكِر عنه ؛ قال ابن خلّكان ( ت ٦٨١ هـ ) :( قال أبو علي : وآخر شيء سألته عنه جاوبني أن قال لي : يا بُنيّ حال الجريض دون القريض (١) ؛ فكان هذا آخر ما سمعته منه، .... وكان قبل ذلك كثيراً ما يتمثل :
فواحزني أن لا حياةٌ لذيذة و لا عملٌ يرضى به الله صالح ) (٢)
و قال السيوطي جلال الدين ( ت ٩١١هـ ) عند ذكر كلام ابن شاهين :( وقد تاب بعد ذلك كما سيأتي ).
وقال - أيضاً - :( وقال ابن خالويه في (( شرح المقصورة )) : حضرت ابن دريد وقد ناول أبو الفوارس غلامَه طاقة نرجس، فقال : يا بُني ما أصنع بهذا اليوم ! و أنشد :
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه... فلمّا علاه قال للباطل : ابعد ) (٣).
وفي شعره ما يجرّئ على إحسان الظن به، والقول بتوبته من معصيته ؛ مِن مثل قوله (٤) :
ومَن تَكُ نزهَتَه قينةٌ وكأسٌ تُحَث وكأسٌ تُصبّ
فنُزْهتنا واستراحتنا تلاقي العيون ودرس الكُتُب
- - - - -
المبحث السابع : عقيدته، ومذهبه الفقهي
أما من ناحية عقيدته : فلم يشر أحد ممن ترجم له إليها، وقد وقفت على تراجمه ونقبت فيها طمعاً في تحصيل ما يشير إلى ذلك ؛ فلم أجد شيئاً.
ولكن قد يسبق إلى ظن مَن يعلم أنه عاش في عُمَان، كونُه إباضيّاً (٥) ؛

(١) ٤ ) الجريض : الموت، والقريض : الشعر.
(٢) ١ ) انظر : وفيات الأعيان ٤ / ٣٢٣.
(٣) ٢ ) انظر : بغية الوعاة، للسيوطي ١ / ٨١.
(٤) ٣ ) انظر : معجم الأدباء ٦ / ٥٨٩.
(٥) ١ ) نسبة إلى الإباضية، من فرق الخوارج، وهم : أصحاب عبد الله بن إباض، الذي خرج أيام مروان ابن محمد آخر خلفاء بني أمية.
يرى الإباضية أن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين، وأن مناكحتهم، وموارثتهم، وغنيمة أموالهم عند الحرب حلال، وما سواه حرام. انظر : الفَرْق بين الفِرَق، للبغدادي ١٠٣ ؛ والملل والنحل، للشهرستاني ١ / ١٥٦ – ١٥٧.

انظر الجزء الأول من الجمهرة الصفحات التالية :[ ٨٠ ] و [ ٤٥٧ ] و [ ٥١١ ].
والجزء الثاني من الجمهرة الصفحات التالية :[ ٨٠٧ ] و [ ٨٥٦ ] و [ ١٢٠٦ ].
- - - - -
المبحث الرابع : أغاليطه فيما نسبه إلى أبي عبيدة
هذه مسألة تستحق المناقشة، والإظهار، والخروج بنتيجة فيها ؛ إذ إن المطّلع في تفسير ابن دريد عموماً - ما ارتجله وما لم يرتجله - قد يلحظ شيئاً من هذا، وقد تتبعت ما نسبه إلى أبي عبيدة وقارنته بالموجود في مجاز القرآن، فرأيت أن ما عزاه إلى أبي عبيدة ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
" الأول : ما عزاه إلى أبي عبيدة ولم أقف على تفسير أبي عبيدة له في المجاز ؛ وهذا في ثلاثة وعشرين موضعاً.
" الثاني : ما عزاه إلى أبي عبيدة بالمعنى، حيث قال أبو عبيدة بنحوه ؛ وهذا في ستة عشر موضعاً.
" آخرها : ما عزاه إلى أبي عبيدة، فكان قول أبي عبيدة مغايراً له ؛ وهذا في بضعة مواضع، وسأورد - إن شاء الله - جميع أمثلة هذا القسم في موضعها.
بقي أن أعرض أمثلة هذه الأقسام :
" أما ما عزاه إلى أبي عبيدة ولم أقف على تفسير أبي عبيدة له في المجاز فمن أمثلته :
١. قال :( وفي التنزيل :﴿ çmنـ ٦y‚tFtƒ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ (١) فسره أبو عبيدة يتخبطه كما يتخبطه البعير ) (٢).
حيث فسّر ابن دريد الآيتين قبل هذه الآية وبعدها، أما هذه فلم يتطرق إليها.
٢. وقال :( واليمين : القوّة هكذا فسّره أبو عبيدة في قوله جلّ وعزّ :﴿ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ ( ٣ ) وكذلك قوله تبارك وتعالى :﴿ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ (٣) ) (٤).
ولمزيد من الأمثلة على هذا القسم :
انظر في الجزء الأول من جمهرة اللغة الصفحات التالية :
(١) ١ ) البقرة : ٢٧٥.
(٢) ٢ ) انظر : جمهرة اللغة ١ / ٢٩١.
(٣) ٣ ) الحاقة : ٤٥ ؛ والزمر : ٦٧.
(٤) ٤ ) انظر : جمهرة اللغة ٢ / ٩٩٤.

" وقوله :( والمماحلة من الناس : العداوة، ومن الله عز وجل : العقاب ؛ ﴿ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ (١)، أي : العقاب ) (٢).
" وقوله :( وأكثر ما يقع الزعم على الباطل، وكذلك هو في التنزيل :﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ﴾ (٣) وكذلك ما جاء من الزعم في القرآن ) (٤).
" وقوله :( ومن شأنهم إذا استحسنوا شيئاً، أو عَجِبوا من شدّته ومضائه نسبوه إلى عبقر فقالوا : ثياب عبقريّة، وهو الفرش المرقوم لمّا أن أعجبهم حسنُه نسبوه إلى عبقر.. وفي التنزيل :﴿ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾ (٥) خوطبوا بما عرفوا ) (٦).
" وقال :( وسَبَأ : أبو حي من العرب عظيم. وقد صُرف في التنزيل، ولم يُصرف فمن صرفه جعله اسم الرجل، ومن لم يصرفه جعله اسم قبيلة.. ) (٧).
وازدياداً من الأمثلة على عنايته باللغة في تفسيره، واهتمامه منها بما يفيد في التفسير انظر في :
الجزء الأول من جمهرة اللغة، الصفحات التالية :
[ ٥٨ ] و [ ٣٤٣ ] و [ ٤٢٢ ] و [ ٤٥٣ ] و [ ٥٣٧ ].
والجزء الثاني من جمهرة اللغة، الصفحات التالية :
و [ ٦٨٨ ] و [ ٧٢٤ ] و [ ٩٤٣ ] و [ ٨٥٠ ].
وفي الجزء الثالث من جمهرة اللغة الصفحات التالية :
[ ١٢٩٥ ] و [ ١٣١٦ ]
وفي الاشتقاق انظر صفحتي :[ ٢٠ ] و [ ٩١ ].
(١) ٤ ) الرعد : ١٣.
(٢) ٥ ) انظر : جمهرة اللغة ١ / ٥٦٨.
(٣) ٦ ) التغابن : ٧.
(٤) ٧ ) انظر : جمهرة اللغة ٢ / ٨١٦.
(٥) ٨ ) الرحمن : ٧٦.
(٦) ٩ ) انظر : جمهرة اللغة ٣ / ١١٢٢.
(٧) ١ ) انظر : جمهرة اللغة ٢ / ١٠٢٢.

- - - - - - -
" وقال به - أيضاً - غيرهم (١).
o ثالثها : أنه القضاء ؛ روي ذلك عن ابن عباس (٢).
o رابعها : أن المراد به : مالك يوم لا ينفع فيه إلا الدين ؛ قاله محمد بن كعب (٣).
o خامسها : أنه القهر ؛ قال به يمان بن رِئَاب (٤).
o آخرها : أنه يوم الطاعة (٥).
وهذه المعاني التي ذكرها المفسرون تدور حول دلالة اللفظ اللغوية، فإن ( الدال، والياء والنون أصل واحد إليه يرجع فروعه كلها. وهو جنس من الانقياد والذل.. ومنه :﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ أي : يوم الحكم، وقال قوم : الحساب والجزاء. وأيّ ذلك كان فهو أمر ينقاد له ) (٦).
وعليه فإن الواقع أن تفسير ﴿ الدِّينِ ﴾ : بالجزاء والحساب لا تضاد فيه ؛ بل هو بمعنى واحد.
.....................................................................................
(١) ١ ) منهم السمرقندي في تفسيره ١ / ٨١ ؛ والسمعاني في تفسيره ١ / ٣٧.
(٢) ٢ ) انظر: الجامع لأحكام القرآن ١ / ١٥٩ ؛ والبحر المحيط ١ / ٣٧.
(٣) ٣ ) انظر: تفسير البغوي ١ / ٧٤.
ومحمد بن كعب هو : ابن سليم القُرَظي، أبو حمزة، من حلفاء الأوس بن حارثة، سكن الكوفة ثم تحوّل إلى المدينة. قال عون بن عبدالله :( ما رأيت أحداً أعلم بتأويل القرآن من القرظي ). توفي سنة ١٠٨ هـ وقيل غيرها. انظر: الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم ٨ / ٧٩ ؛ و تهذيب الكمال ٢٦ / ٣٤٠.
(٤) ٤ ) انظر: تفسير البغوي ١ / ٧٤.
ويمان بن رئاب : خراساني. قال الدارقطني فيه : ضعيف من الخوارج. انظر: الضعفاء والمتروكين، لابن الجوزي ٣ / ٢١٨ ؛ وميزان الاعتدال ٧ / ٢٨٩.
(٥) ٥ ) ذكر هذا البغوي في معالم التنزيل ١ / ٧٤ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ١٨٢ ؛ دون أن ينصّا على القائل بهذا المعنى.
(٦) ٦ ) انظر : مقاييس اللغة، لابن فارس ٢ / ٣١٩ ؛ و انظر كذلك : تهذيب اللغة، للأزهري ١٤/ ١٢٨ والصحاح، للجوهري ٥ / ١٧٠٧ ؛ و لسان العرب، لابن منظور ١٣ / ١٦٩.

٥ ) [ ٣ ] قول الله تعالى :﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) ﴾
قال : كُلّ أَخْذٍ في سرعة فهو خطف. وقد قرئ :﴿ يخطِف أَبْصَارَهُمْ ﴾ و ﴿ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ﴾.
( جمهرة اللغة، مادة [ خ ط ف ] ١ / ٦٠٩ )
- - - - - - -
أشار ابن دريد هنا إلى مسألتين :
الأولى : معنى الخطف في الآية :
ذكر ابن دريد أن الخطْف لغة : الأخذ بسرعة ؛ ثم نزّل المعنى على الحرف في الآية هنا. وهذا بنحو ما أطبقت عليه آراء جميع المفسرين (١)، وأهل اللغة (٢).
قال ابن عباس - رضي الله عنهم - في معنى الخَطْف في الآية :( يلتمع (٣) أبصارهم ولمّا يفعل ) (٤).
.....................................................................................
- - - - - - -
وصنو ذلك تأويل ابن جرير (٥)
(١) ١ ) انظر : جامع البيان ١/ ١٥٨ ؛ ومعاني القرآن وإعرابه ١/ ٩٥ ؛ والنكت والعيون ١/ ٨٣ ؛ وتفسير السمعاني ١/ ٥٥ ؛ ومفردات الراغب ١٥٣ ؛ ومعالم التنزيل ١/ ٩٢ ؛ وزاد المسير ١/ ٤٥ ؛ و عمدة الحفاظ ١٥٩.
(٢) ٢ ) انظر : تهذيب اللغة ٧ / ١١٠ ؛ والصحاح ٣ / ١١١٦ ؛ و مقاييس اللغة ٢ / ١٩٦ ؛ و لسان العرب ٩ / ٧٥ ؛ وتاج العروس ٦ / ٩٠.
(٣) ٣ ) الْتمع الشيء : اختلسه، وألمع بالشيء ذهب به. انظر : تهذيب اللغة ٢ / ٢٥٨ ؛ ولسان العرب ٨ / ٣٢٦.
(٤) ٤ ) انظر : جامع البيان ١ / ١٥٨.
(٥) ١ ) هو : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبو جعفر الطبري الآمُلي البغدادي. صاحب التصانيف البديعة، التي تدل على سعة علمه، وله التفسير المشهور، وهو ممن يُحكَم بقوله، ويُرْجَع إلى رأيه.
قال الخطيب :( سمعت علي بن عبد الله اللغوي يقول : مكث ابن جرير أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة ) توفي سنة ٣١٠ هـ، وله ست وثمانون سنة. انظر : سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٦٧ ؛ وطبقات المفسرين للداودي ٢ / ١٠٦.

فقال بهذا المعنى : ابن عباس - رضي الله عنهم - (١)، في آخرين (٢).
عن ابن عباس - رضي الله عنهم - في قول الله تعالى :﴿ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ﴾، قال :( كان النبي - ﷺ - يسمّي لكل واحد من المسلمين مكاناً من القتال، ويُقِيْمُه ) (٣).
وهذا الحرف من حيث اللغة مُستعمَلٌ في مثل ما جاء عن ابن دريد : مواضع القعود في الحرب وغيره (٤).
....................................................................................
.....................................................................................
- - - - - - -
وقال الزمخشري :( مَوَاطن ومَوَاقف، وقد اتُّسِع في (( قعد )) و (( قام )) حتى أُجْرِيا مُجْرَى (( صار ))، واستُعْمِل (( المَقْعَد )) و (( المَقَام )) في معنى المكان، ومنه قوله تعالى :﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ ﴾ (٥)، ﴿ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ﴾ (٦) مِن مجلسك وموضع حكمك ) (٧).
(١) ١ ) انظر : الوسيط ١ / ٤٨٥ ؛ وتفسير القرآن للسمعاني ١ / ٣٥٢.
(٢) ٢ ) منهم : ابن جرير في جامع البيان ٤ / ٧٢ ؛ والسمرقندي في تفسيره ١ / ٢٩٥ ؛ والماوردي في النكت والعيون ١ / ٤٢٠ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ١ / ٥٠٠ ؛ والزمخشري في الكشاف ١ / ٦١٩ وابن عطية في المحرر الوجيز ٣ / ٢١٧ ؛ والرازي في التفسير الكبير ٣ / ٣٤٦ ؛ وابن جزي في التسهيل ١ / ١٦١ وأبو حيان في البحر المحيط ٣ / ٣٢٧ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ٤٦٣ ؛ وابن عاشور في التحرير والتنوير ٤ / ٧١.
(٣) ٣ ) انظر : تفسير السمعاني ١ / ٣٥٢.
(٤) ٤ ) انظر : الصحاح ٢ / ٤٥٩ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ١٠٨ - ١٠٩ ؛ و لسان العرب ٣ / ٣٥٧ وتاج العروس ٢ / ٤٧٣.
(٥) ١ ) القمر : ٥٥.
(٦) ٢ ) النمل : ٣٩.
(٧) ٣ ) انظر : الكشاف ١ / ٦١٩.

" وكلام مثله من أعلام العِلْم، وأئمة الشرع، ورؤوس المجتهدين، حقيقي بالحمل على الصحة والسداد، وأن لا يُظنَّ به تحريف تعيلوا إلى تعولوا.. [ ثم ذكر عن الشافعي أنه :] كان أعلى كعباً، وأطول باعاً في علم كلام العرب من أن يخفى عليه مثل هذا.. ) (١).
وبناءً على ما تقدم : يظهر لي أن للقولين حظهما من النظر ؛ لاسيما وأن الشافعي لم يخطّئ من قال بخلاف قوله، وغاية ما كان أنه ذكر وجهاً آخر يحتمله اللفظ ؛ وقد ثبت عند العلماء ( أن المتقدمين إذا ذكروا وجهاً في تفسير الآية، فذلك لا يمنع المتأخرين من استخراج وجه آخر في تفسيرها ) (٢).
- - - - -
( ٣٦ ) [ ٤ ] قول الله تعالى :﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥) ﴾
قال : والشَّجَر : من قولهم : تشاجر القوم، إذا اختلفوا. وفي التنزيل :﴿ ڑ٤س®Lym يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾.
( الملاحن ٣٦ )
- - - - - - -
بيّن ابن دريد معنى الفعل ( شجر ) من حيث الاستعمال اللغوي، وأنه مأخوذ من التشاجر الذي هو الاختلاف، ثم وثّق كلامه بالاستشهاد بما ورد في التنزيل :﴿ ڑ٤س®Lym يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾.
(١) ٣ ) انظر : الكشاف ٢ / ١٦ - ١٧.
(٢) ٤ ) انظر : التفسير الكبير ٣ / ٤٩٠. واعلم أن هذا الكلام الذي ذكره الرازي ليس على إطلاقه بل مضبوط عند العلماء : بأن يكون المفسر مراعياً في تفسيره : القرآن، و السنّة، و لغة العرب، متكلماً بما يعلم من ذلك وكذلك كان الشافعي عليه رحمة الله. راجع : طرق التفسير وشروط المفسر في : حاشية مقدمة التفسير لابن تيمية، شرح ابن قاسم ١٠٦ - ١٢٠ ؛ وانظر - كذلك - الفصل المعقود حول المسألة في : البرهان في علوم القرآن، للزركشي ٢ / ١٦٢ - ٢٣٦.

" الأخرى :( عُدُوّاً ) مضمومة العين والدال، مثقلة الواو ؛ قرأ بها الحسن وعثمان بن سعد (١)، وأبو رجاء (٢)، وقتادة، ويعقوب، وسلّام (٣) وعبد الله بن زيد (٤)، وهي بمعنى القراءة الأولى (٥)، أي : أنها مصدر.
- - - - -
( ٥٠ ) [ ٧ ] قول الله تعالى :﴿ * وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١) ﴾
قال : والقَبِيْل : جيل من الناس، وقد قرئ :﴿ قِبَلاً ﴾ و ﴿ قُبُلًا ﴾، فمن قرأ : قُبُلاً، أراد : جميع قبيل، ومن قرأ قِبَلاً أراد : مقابلة، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب ق ل ] ١ / ٣٧٢ )
- - - - - - -
تحدث ابن دريد عن مسألتين :
الأولى : معنى ﴿ قُبُلًا ﴾ :
(١) ٣ ) هو : أبو بكر، عثمان بن سعد البصري، الكاتب التميمي، ضعّفه غير واحد. انظر : التاريخ الكبير ٦ / ٢٢٥ ؛ وتهذيب التهذيب ٧ / ١٠٨.
(٢) ٤ ) هو : عمران بن تَيْم ويقال : ابن ملحان، العطاردي البصري التابعي الكبير، وكان مخضرماً أسلم في حياة النبي - ﷺ - ولم يره. مات سنة ١٠٥ هـ. انظر : طبقات القراء ١ / ٣٥ و غاية النهاية ١ / ٦٠٤.
(٣) ٥ ) هو : ابن سليمان الطويل، أبو المنذر المزني مولاهم البصري ثم الكوفي. ثقة جليل، ومقرئ كبير. توفي سنة ١٧١ هـ. انظر : طبقات القراء ١ / ١٣٢ ؛ وغاية النهاية ١ / ٣٠٩.
(٤) ٦ ) هو : ابن يزيد المكي، روى الحروف عن ابن كثير. انظر : غاية النهاية ١ / ٤١٩.
(٥) ٧ ) انظر : المبسوط ٢٠٠ ؛ وجامع البيان ٧ / ٣١٠ ؛ والمحتسب ١ / ٢٢٦ ؛ والمحرر الوجيز ٦ / ١٢٦ والبحر المحيط ٤ / ٦١١ ؛ والنشر في القراءات العشر ٢ / ٢٦١.

وقال ابن فارس :( الحاء، واللام، وما بعدها معتلٌّ، ثلاثة أصول : فالأول : طيب الشيء في ميل من النفس إليه، والثاني : تحسين الشيء، والثالث - وهو مهموز - تنحية الشيء.. [ ثم سرد معاني هذه الأصول فذكر منها ] الأصل الثاني : الحُليّ حُلِي المرأة، وهو جمع حَلي.. ) (١).
- - - - -
( ٦٣ ) [ ٨ ] قول الله تعالى :﴿ * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦) ﴾
قال في معنى ( هُدْنا ) : أي : لانت قلوبنا.
( الاشتقاق ٥٤٩ )
- - - - - - -
بيّن ابن دريد معنى :﴿ هُدْنَا ﴾ في الآية فجعل المراد به : لانت قلوبنا ؛ وهذا صحيح له وجهه في اللغة (٢).
قال ابن فارس :( الهاء، والواو، والدال أصل يدل على إِرْوَادٍ وسكون يقولون : التهويد : المَشْي الرُّوَيْد.. والهَوَادة الحال ترجى معها السلامة بين القوم. والمُهَاودة : المُوَادَعة.
فأمّا اليهود فمِن : هَادَ يَهُود إذا تاب هَوْدا وسمُّوا به ؛ لأنهم تابوا عن عبادة العجل.
وفي القرآن :﴿ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ﴾ وفي التوبة هَوَادة حالٍ وسلامةٌ ) (٣).
ولم يبعد ابن دريد في معنى الحرف عن قول أهل التأويل ؛ إذ فسره بنحو ما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، وإبراهيم النخعي، وعكرمة..........................
.....................................................................................
(١) ٢ ) انظر : مقاييس اللغة ٢ / ٩٥.
(٢) ١ ) انظر : تهذيب اللغة ٦ / ٢٠٦ ؛ والصحاح ٢ / ٤٨٦ ؛ و مقاييس اللغة ٦ / ١٧ - ١٨ ؛ ولسان العرب ٣ / ٤٣٩ - ٤٤٠ ؛ وتاج العروس ٢ / ٥٤٨ - ٥٤٩.
(٣) ٢ ) انظر : مقاييس اللغة ٦ / ١٧ - ١٨.

وفي هذا إشارة إلى حرصهم على الفاحشة، قال البيضاوي (١) :( يسرعون إليه كأنهم يُدْفعون دفعاً لطلب الفاحشة من أضيافه ) (٢).
- - - - -
( ٨١ ) [ ٦ ] قول الله تعالى :﴿ قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١) ﴾
قال : والسُّرى : سير الليل، سرى القوم وأسروا ؛ لغتان فصيحتان. وقد قرئ ﴿ فَاسْرِ بِأَهْلِكَ ﴾، بالقطع والوصل.
( جمهرة اللغة، مادة [ ر س - و - ا - ي ] ٢ / ١٠٦٥ ؛ والاشتقاق ١٧٥ )
- - - - - - -
تناول ابن دريد في كلامه مسألتين :
الأولى : معنى قوله تعالى :﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ﴾ وأن السُّرى : سير الليل :
(١) ٥ ) هو : أبو الخير، عبد الله بن عمر بن محمد بن علي، الشيرازي القاضي، ناصر الدين الشافعي. كان إماماً مبرزاً نظّاراً صالحاً متعبداً زاهداً، عارفاً بالفقه والتفسير، والأصلين، والعربية والمنطق. توفي سنة ٦٨٥ هـ وقيل غيرها. انظر : طبقات الشافعية، للسبكي ٨ / ١٥٧ ؛ وطبقات المفسرين، للداودي ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٢) ٦ ) انظر : تفسيره ٤ / ٦٧٢.

وهي معان معروفة في الحرف عند أهل اللغة (١).
قال ابن فارس :( السين، والجيم، والنون أصل واحد وهو الحبس، يقال : سجنته سَجناً والسِّجن : المكان يُسجَن فيه الإنسان.. ) (٢).
- - - - -
( ٨٩ ) [ ٧ ] قول الله تعالى :﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ﴾
قال : حصحص الشيء، إذا وضح وظهر. ومنه قوله تعالى :﴿ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ﴾.
( جمهرة اللغة، مادة [ ح ص ح ص ] ١ / ١٨٦ - ١٨٧ )
- - - - - - -
ذكر ابن دريد أن قوله تعالى :﴿ حَصْحَصَ ﴾ معناه : وضح وظهر.
و هذا بنحو ما عليه عامة أهل التأويل.
وممن حُفظ عنه تأويل هذا الحرف : ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد، وقتادة، والسدي والضحاك، وابن إسحاق، وعبد الرحمن بن زيد (٣)، وغيرهم (٤).
.....................................................................................
(١) ٦ ) وانظر : تهذيب اللغة ١٠ / ٣١٨ ؛ والصحاح ٥ / ١٧١٧ ؛ و مقاييس اللغة ٣ / ١٣٧ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٢٠٣ ؛ وتاج العروس ٩ / ٢٣١.
(٢) ٧ ) انظر : مقاييس اللغة ٣ / ١٣٧.
(٣) ١ ) انظر : تفسير ابن عباس - رضي الله عنهم - ٢٩٤ ؛ وتفسير الصنعاني ١ / ٢٨٢ ؛ وجامع البيان ١٢ / ٢٣٦ - ٢٣٧ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢١٥٦ - ٢١٥٧ ؛ وتفسير ابن كثير ٢ / ٤٦٣.
(٤) ٢ ) كالفراء في معاني القرآن ١ / ٣٥٩ ؛ وأبي عبيدة في المجاز ١ / ٣١٤ ؛ واليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ١٨٤ ؛ والزجاج في معاني القرآن ٣ / ١١٥ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٢ / ١٦٥ ؛ والواحدي في الوسيط ٢ / ٦١٧ ؛ والسمعاني في تفسير القرآن ٣ / ٣٨ ؛ وابن الجوزي في زاد المسير ٤ / ٢٣٧ ؛ والبيضاوي في تفسيره ٥ / ٤٧ ؛ وابن جزي في التسهيل ١ / ٤٠٧ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ١٢٧.

" الأولى :﴿ ظَعْنِكُمْ ﴾ ساكنة العين، قرأ بها ابن عامر، وعاصم، وحمزة والكسائي، وخلف.
" الأخرى :﴿ ظَعَنكم ﴾ بفتح العين، قرأ بها أبو جعفر، ونافع، وابن كثير وأبو عمرو، ويعقوب.
وهما لغتان في كل ما كان ثانيه أحد الحروف الستة [ الهمز، والهاء، والعين، والحاء والغين، والخاء ] ؛ كالنهْر والنهَر، والبحْر والبحَر (١).
- - - - -
( ١١٠ ) [ ٩ ] قول الله عز وجل :﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) ﴾
﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ ﴾ قال : وسَرْبَلْتُ الرجل، إذا أَلْبَسْتُه السربالَ : القميص والدرعُ - أيضاً - سربال ؛ وكذا هو في التنزيل :﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ﴾.
( جمهرة اللغة، [ أبواب الرباعي الصحيح، باب الباء مع سائر الحروف ٢ / ١١٢٠ )
- - - - - - -
جميع المفسرين اتفقوا على معنى قوله :( سرابيل ) أن المراد به في الموضع الأول : الثياب والقُمُص وفي الموضع الثاني : الدروع، وما يُلبَس في الحرب.
(١) ٣ ) انظر القراءتين ومعناهما في : المبسوط ٢٦٥ ؛ والتيسير ١٣٨ ؛ والنشر ٢ / ٣٠٤ ؛ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٤٠ ؛ ومعاني القراءات ٢٤٩ ؛ والكشف عن وجوه القراءات ٢ / ٤٠. ( والقراءتان سبعيتان ).

قال ابن جزي :( لمّا أُمِر بالفرائض أُمِر بعدها بالنوافل، و(( مِن )) للتبعيض، والضمير في (( به )) للقرآن، والتَّهجد : السهر، وهو تَرْك الهجود، ومعنى الهجود : النوم. فالتَّفَعُّل هنا للخروج عن الشيء كالتَّحَرُّج والتَّأَثُّم في الخروج عن الإثم والحرج ) (١).
ولم يخرج قول المفسرين عن معنى الحرف المقرر عند أهل اللغة ؛ إذ قالوا في معنى التهجد : التَيَقُّظٌ والسَهَر، وهو من الأضداد : يطلق على النوم، وضدِّه (٢).
قال أبو حاتم :( الهاجِد : اليَقْظَان، ومنه قوله تعالى :﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ﴾.. ) (٣).
- - - - -
( ١٢١ ) [ ٨ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (٨٤) ﴾
قال : وشاكلة الرجل : الطريقة التي يأخذ فيها. وفي التنزيل :﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ﴾ أي : على طريقته. والله عز وجل أعلم.
( الاشتقاق ٣٠٠ )
- - - - - - -
اختلف في معنى هذا الحرف على وجهين :
o أولهما : طريقته، وقيل : ناحيته، وقيل : طبيعته، وقيل : حِدَتِه، وقيل : نيّتِه وقيل : خليقته، وقيل : جِبِلّته ؛ جاءت هذه الأقوال عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد وقتادة والضحاك، والحسن، والكلبي.
o ثانيها : دينه، قاله ابن زيد (٤).
(١) ٢ ) انظر : التسهيل ١ / ٤٧٩.
(٢) ٣ ) انظر : تهذيب اللغة ٦ / ٢٥ ؛ ومقاييس اللغة ٦ / ٣٤ ؛ ولسان العرب ٣ / ٤٣١ ؛ وأضداد ابن السكيت ١١٨ ؛ وأضداد أبي حاتم ٢٠٣ ؛ وأضداد الأنباري ٥٠.
(٣) ٤ ) انظر : أضداد أبي حاتم ٢٠٣.
(٤) ١ ) انظر الوجهين في : جامع البيان ١٥ / ١٥٤ ؛ وتفسير السمرقندي ٢ / ٢٨٢ ؛ والكشف والبيان ٦ / ١٢٩ ؛ ومعالم التنزيل ٣ / ١٥٨ ؛ وتفسير ابن كثير ٣ / ٥٩.

بيّن ابن دريد معنى قوله تعالى :﴿ تَضْحَى ﴾ : أنه البروز للشمس، و هذا بنحو ما قال ابن عباس - رضي الله عنهم -، وابن جبير، وقتادة، وعكرمة (١)، وغيرهم (٢).
فعن ابن جبير في معنى قوله :﴿ وَلَا تَضْحَى ﴾ قال :( لا تصيبك الشمس ) (٣).
.....................................................................................
- - - - - - -
وقال ابن جزي :( الضَّحَى : هو البروز للشمس ) (٤).
وما جاء عن المفسرين هو بنحو معنى الحرف حسب ما ذَكَرَته معاجم اللغة (٥).
قال الزبيدي :( و (( ضَحَى )) كسَعَى ورَضِيَ (( ضَحْواً )) بالفتح وضبَطَه في المُحْكم كعُلُوَ و ((ضُحِيّاً )) كعُتِيّ، أَصابَتْه الشَّمْسُ، ومنه قولُه تعالى :﴿ وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ﴾ أَي : لكَ أَن تتصون من حَرِّ الشمْسِ.
وأَرْضٌ مَضْحاةٌ كمَسْعاةٍ، لا تَكادُ تَغِيبُ عنها الشَّمْسُ، وهي الأرضُ البارِزَةُ ) (٦).
- - - - -
(١) ٢ ) انظر : سؤالات نافع بن الأزرق ٤٣ ؛ وتفسير الصنعاني ٢ / ١٩ ؛ وجامع البيان ١٦ / ٢٢٣ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٤٣٨ ؛ ومعالم التنزيل ٣ / ٢٧٧.
(٢) ٣ ) كالفراء في معاني القرآن ٢ / ١٠٨ ؛ وأبي عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ٣٢ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ١٦٤ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٢ / ٣٥٧ ؛ وابن أبي زمنين في تفسيره ١ / ٥٢٨ ؛ والثعلبي في الكشف والبيان ٦ / ٢٦٤ ؛ والسمعاني في تفسيره ٣ / ٣٦٠ ؛ والراغب في المفردات ٣٠١ ؛ وابن عطية في المحرر الوجيز ١١ / ١١١ ؛ وابن الجوزي في تذكرة الأريب ١ / ٣٤١ ؛ وابن جزي في التسهيل ٢ / ١٦ ؛ وابن كثير في تفسيره ٣ / ١٦٣ ؛ والبقاعي في نظم الدرر ٥ / ٥٢.
(٣) ٤ ) انظر : جامع البيان ١٦ / ٢٢٣.
(٤) ١ ) انظر : التسهيل ٢ / ١٦.
(٥) ٢ ) انظر : تهذيب اللغة ٥ / ٩٨ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٤٧٧ ؛ وتاج العروس ١٠ / ٣١٧.
(٦) ٣ ) انظر : تاج العروس ١٠ / ٣١٧.

اشتمل كلام ابن دريد على مسألتين :
الأولى : معنى :﴿ وَعَبْقَرِيٍّ ﴾ :
أوضح ابن دريد معنى هذا الحرف مبيناً أن القرآن خاطب العرب في ذلك بما يعرفون، فهم إذا استحسنوا شيئاً وصفوه فقالوا : عبقري ؛ والعبقري عندهم - أيضاً - يطلق ويراد به : ضرب من البُسُط (١). ولعل غلبة هذا الاسم على البُسُط، بسبب ما يكون فيها - غالباً - من النقش الحسن.
وقد قال جمهور المفسرين سلفاً وخلفاً في هذا الحرف بما اشتهر عند العرب، أن المراد : الزرابي، والطَّنَافِس ؛ وهي : البُسُط.
.....................................................................................
- - - - - - -
ورد ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، وأبي العالية، وعطاء، وقتادة، والضحاك، وابن زيد والحسن، والسدي، وابن جبير (٢)، في غيرهم (٣).
الأخرى : اختلاف القراء في ﴿ ﷺd"جچs)ِ٧tم ﴾ :
أشار إلى مذهبين مما عليه القراء :
o أولهما :﴿ ﷺd"جچs)ِ٧tم ﴾، القراءة المتواترة المشهورة، عن القراء السبعة.
(١) ٢ ) انظر : تهذيب اللغة ٣ / ١٨٧ ؛ ولسان العرب ٤ / ٥٣٤.
(٢) ١ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٢١٦ ؛ وجامع البيان ٢٧ / ١٦٤ ؛ والكشف والبيان ٩ / ١٩٧ ؛ ومعالم التنزيل ٤ / ٣٤٦ ؛ وزاد المسير ٨ / ١٢٨ ؛ وتفسير ابن كثير ٤ / ٢٨٢.
(٣) ٢ ) منهم : الفراء في معاني القرآن ٣ / ٢٨ ؛ وأبو عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ٢٤٦ ؛ والواحدي في الوسيط ٤ / ٢٣٠ ؛ والسمعاني في تفسيره ٥ / ٣٣٩ ؛ والراغب في المفردات ٣٣٢ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ٣٤٠ وابن جزي في التسهيل ٢ / ٣٧٠ ؛ والألوسي في روح المعاني ١٤ / ١٢٣.

الآخر أَن يتكلم في كتاب الله...)) ( مجاهد )..................................... ١٥ (( لم يمسنا في ذلك عناء، ذلك اللغوب )) ( ابن زيد )............................ ٥٥٧ (( لم يمسهن شيء، إنس ولا غيره )) ( ابن زيد )................................. ٥٨٨ (( لن يظلمكم من أعمالكم شيئاً )) ( قتادة ).................................... ٥٥٢ (( ليس بين الرجال رفث )) ( ابن عباس )........................................ ١٢٨ (( ما أنا بمغيثكم، وما أنتم بمغيثيّ )) ( قتادة )................................... ٣٢٦ (( ما تُكِنّ صدورهم : السر )) ( ابن جريج )..................................... ٤٥٦ (( ما السماوات السبع، والأرضون..)) ( ابن عباس )............................. ٨٦ (( ما قطعتم إليها وادياً، ولا سرتم إليها سيراً )) ( قتادة ).......................... ٦١٨.
الأثر قائله موضع وروده
((
علي بن أحمد بن محمد الواحدي................................................ ١٣٥ علي بن إسماعيل بن أبي بشر ( أبو الحسن الأشعري )............................. ٥٦٢ علي بن الحسين ( زين العابدين )............................................... ١١١ علي بن حمزة بن عبد الله ( الكسائي )............................................ ٩٦ علي بن محمد بن حبيب ( الماوردي )........................................... ٦١١ عمر بن الخطاب.............................................................. ٤٣٣ عمر بن عبد العزيز............................................................ ١٤٨ عمران بن تَيْم ( أبو رجاء ).................................................... ٢١٦ عمرو بن دينار................................................................ ١٢٩ عمرو بن عبد الله ( أبو إسحاق السَّبِيْعِيّ )....................................... ٤٢٣ عمرو بن عبيد ( أبو عثمان البصري ).................................. ٢٠٧ عوف بن أبي جميلة الأعرابي.................................................. ٢٩٧ عويمر بن زيد بن قيس ( أبو الدرداء )........................................... ١٠٣ عيسى بن الفضل........................................................... ٦٦٨ غزوان الغفاري ( أبو مالك )................................................... ١٠٢ غِيَاث بن غوث ( الأخطل ).................................................... ١٢٤ القاسم بن علي الحريري البصري الحرامي........................................ ١٨٥ قتادة بن دعامة بن عرنين السدوسي............................................... ٩٩ كعب بن مالك الأنصاري................................................... ٦٢٩ لبيد بن ربيعة ( الشاعر ).......................................................
١٠٤- خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، تأليف : عبد القادر بن عمر البغدادي ت. عبد السلام هارون، ط ٤. ن. مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، سنة ١٤١٨ هـ ١٩٩٧ م.
١٠٥- الخصائص، لأبي الفتح عثمان بن جني، ت. محمد علي النجار، ن. دار الكتاب العربي بيروت، لبنان.
١٠٦- خير الكلام في التقصي عن أغلاط العوام، تأليف : علي بن بالي القسطنطني الحنفي ت. الدكتور حاتم صالح الضامن، ط ١. عالم الكتب، بيروت، لبنان، سنة ١٤٠٧هـ ١٩٨٧ م.
١٠٧- الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، تأليف : السمين الحلبي أحمد بن يوسف ت. أحمد الخراط، ط ٢. دار القلم، دمشق، سنة ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م.
١٠٨- الدر المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، بعناية نجدت نجيب، ط ١. دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، سنة ١٤٢١ هـ ٢٠٠١ م.
١٠٩- الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، تأليف : الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني، مراقبة : محمد عبد المعيد ضان، ط ٢. مجلس دائرة المعارف العثمانية حيدر آباد، الهند، سنة ١٣٩٢هـ - ١٩٧٢ م.
١١٠- درة الغواص، للقاسم بن علي بن محمد الحريري، ت. عبد الحفيظ فرغلي القرني ط ١. دار الجيل، بيروت، لبنان، سنة ١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م.
١١١- دلائل النبوة، تأليف : أبي بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، ت. عامر حسن صبري، ط ١. دار حراء، مكة المكرمة، سنة ١٤٠٦ هـ.
١١٢- الديباج المذهّب في معرفة أعيان علماء المذهب، تأليف : إبراهيم بن علي ابن فرحون اليعمري المالكي، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
١١٣- ديوان أبي النجم، ت. علاء الدين آغا، ط. النادي الأدبي بالرياض، سنة ١٤٠١ هـ.
١١٤- ديوان أبي زبيد، ت. نوري القيسي، ط. المعارف، بغداد، سنة ١٩٦٧ م.
١١٥- ديوان أبي قيس بن الأسلت، ت. حسن محمد باجودة، القاهرة، سنة ١٩٧٣ م.
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ.. } ( ٩٩ )................... ٣٧٦
سورة مريم
﴿.. ة#سyr÷rr'sù إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ ( ١١ )............. ٣٣٩ - ٣٤٠
﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ.. ﴾ ( ١٢ ).............................. ٣٧٩
﴿ وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً.. ﴾ ( ١٣ )................................... ٣٨١
﴿ فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ﴾ ( ٢٢ )..................... ٣٨٣
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ.. ﴾ ( ٨٣ )......................... ٧٥ - ٣٨٥
﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴾ ( ٨٩ )........................................... ٨٧
﴿ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴾ ( ٩١ )....................................... ٣٨٧
الآية ورقمها موضع ورودها
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ.. ﴾ ( ٩٦ )....... ٣٨٨
سورة طه
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا.. ﴾ ( ١٥ ).............................. ٣٨٩
﴿ اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي.. ﴾ ( ٤٢ )................................ ٣٩٢
﴿ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ﴾ ( ٤٧ )............................... ٦٢٢
﴿ قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا.. ﴾ ( ٦١ )....... ٣٩٤
﴿ قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ.. ﴾ ( ٧١ )......................... ٣٩٦
﴿ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ ﴾ ( ٩٦ ).............................. ٣٩٨
﴿ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَكَ فِي الْحَيَاةِ.. ﴾ ( ٩٧ )....................... ٤٠٠
﴿..à٧خ=yJّ٩$# الْحَقُّ.. ﴾ ( ١١٤ ).............................................. ٩٧


الصفحة التالية
Icon