فأجمعت أمري، وعقدت عزمي على جَمْع ما قاله بنفسه، تفسيراً لكلام الله - سبحانه وتعالى -...............................
وضربت صفحاً عما نقله عن غيره من العلماء، فلم أكن بصدده ؛ جمعت ذلك في جميع سور القرآن وسميته بـ :[ أقوال ابن دريد في التفسير ] (( جمعاً و دراسة )).
أهمية الموضوع وأسباب اختياره :
رغبت في هذا الموضوع خاصة ؛ للأسباب التالية :
١. غزارة المادة التفسيرية، المتمثلة في كثرة الآيات التي تكلم عنها ابن دريد ؛ إذ قلّ أن تجد سورة لم يتناول شيئاً منها بالتفسير.
٢. اهتمامه بإيرادِ القراءات المتواترة، والشاذة، وبيانِ معانيها.
٣. تفرُّدُه ببعض المعاني، وظهورُ شخصيته ؛ حيث يتعقب و يؤيد.
٤. عنايتُه بأقوالِ أهل اللغة في معنى الآية، و الاستشهادِ لذلك بالشعر.
٥. تمكّنُه من اللغة، وقوّتُه فيها.
٦. تحرّزه في التفسير.
٧. تقدُّم وفاته، وقُرْبُه من القرون المفضلة.
٨. أن له مؤلفاً في غريب القرآن ؛ لكنه لم يتمّه.
٩. مكانته العلمية، إذ شهد له بها كل مَن تَرْجَم له.
الصعوبات التي واجهتني :
في أثناء دراستي تفسيرَ ابنِ دريد كَلِفْت بصعوبات منها :
١. كثرة عدد المواضع المدروسة ؛ إذا ما قورنت بالوقت المحدد للرسالة ؛ فقد نافت الأقوال على ثلاثمائة، وتقاصرت المدة إلى ستة فصول تبدأ من تاريخ القبول للدراسة، لا قبول الموضوع ؛ يضاف إلى كثرة المدروس، وقلة الوقت المحدد طبيعةُ المنهجِ الملتزَمِ به في خدمة نص ابن دريد ؛ مع مراعاة الموازنة بين أقوال ابن دريد التفسيرية، و أقوال غيره من علماء التفسير، والعربية.
٢. وجود العديد من المواضع التي فيها إشكال في نسبة الكلام لابن دريد ؛ ذلك أنه يأتي بتفسير الآية بأسلوب يحمل على التردد : أهذا له أو لغيره ؟
ولا يعزب عن أهل المعرفة، أن سنّة الله في رسالاته مضت على ألا يَبْعثَ رسولاً إلا بِلُغة قومِه ؛ ليفهموا المراد من الوحي ؛ فيؤمنوا ويُصدِّقوا، يقول ربُّنا - عز وجل - :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ (١)، وحيث إن الأمر كما تقرَّر ؛ فقد أرسل اللهُ رسوله محمداً - ﷺ - بلسان قومه، قال الله - سبحانه وتعالى - :﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ (٢) وعليه ؛ فإنَّ العلم بِلُغةِ العربِ، يُعَدُّ أساساً من الأسس التي ينبغي ألا ينفكَّ عنها مَن ابتغى فهمَ كلام الله، فضلاً عن المشتغلِ بدراستِه، المتصدي لتفسيرِه تفسيراً دقيقاً ؛ يقول الإمام مالك :(( لا أوتى برَجُل غير عالم بلُغةِ العرب يُفَسِّرُ كتاب الله ؛ إلا جعلتُه نكالاً )) (٣)، ويقول مجاهد :(( لا يحِلُّ لأحد يؤمِنُ بالله واليوم الآخر أَن يتكلم في كتاب الله ؛ إذا لم يكُنْ عالماً بلغاتِ العربِ )) (٤)، ويقول ابن فارس :(( إنَّ العلم بلُغة العرب واجبٌ على كل متعلِّق من العِلمِ بالقرآنِ والسُّنَّةِ و الفُتْيَا..................................
بسببٍ، حتى. لا غَنَاءَ بأحدٍ منهم عنه ؛ وذلك أنَّ القرآن نازل بلُغةِ العربِ، ورسول الله - ﷺ - عربي.
(٢) ٢ ) يوسف : ٢
(٣) ٣ ) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ؛ باب : في تعظيم القرآن ؛ فصل : في ترك التفسير بالظن [ ٢ / ٤٢٦ ] [ ٢٢٨٧ ].
(٤) ٤ ) انظر : البرهان في علوم القرآن، للزركشي، ١ / ٣٦٨.
ثم تولى بعده : المعتضدُ باللهِ أحمدُ بن طلحة، وامتدت خلافته حتى سنة ٢٨٩ هـ.
ثم تولى بعد المعتضدِ : ابنُه المكتفي باللهِ عليٌّ، وامتدت خلافته حتى سنة ٢٩٥هـ.
ثم تولى بعد المكتفي : المقتدرُ باللهِ جعفرُ، وامتدت خلافته حتى سنة ٣٢٠ هـ.
ثم تولى الخلافة بعد المقتدر : القاهرُ محمدُ بن أحمدَ المعتضدِ، وامتدت ولايته حتى خُلِع سنة ٣٢٢ هـ (١).
وإذا كان ابن دريد قد توفي سنة ٣٢١ هـ ؛ فإن هذا يعني أن عصره انتهى في خلافة القاهر.
والمتأمل في هذه الفترة التي امتدت من عصر المعتصم، وانتهت في عصر القاهر ؛ يستطيع أن يَخرُج بِسِمات لهذه الفترة، أبرزها :
١. التنافس بين أفراد الأسرة الحاكمة لاسيما على ولاية الأمر ؛ إذ يحاول كل خليفة نقْض عهدِ مَن سَبَقَه.
٢. في هذا العصر كانت بداية تفكك الدولة العباسية، حيث تسلط المماليك من الأتراك الذين استكثر منهم المعتصم في حرسِه، وجيشِه، وإدارةِ دولته ؛ فأَخَذَ نفوذُ هؤلاء المماليك يزداد، حتى استولوا على الأمور إلى درجة أنهم هم الذين يعيّنون الخلفاء ويعزلونهم.
٣. تدخُّل النساء في تدبير أمور الدولة، مما أدى إلى مضاعفة تدهور مركزها.
أبو بكر، محمد بن الحسن بن دُرَيْد بن عَتَاهِيَة بن حَنْتَم بن حَمَامِي بن واسع بن وهب ابن سلمة بن حَنْتَم بن حاضر بن جُشَم بن ظالم بن حاضر بن أَسَد بن عَديّ بن مالك ابن فَهْم بن غَنْم بن دَوْس بن عدنان بن عبد الله بن زَهْرَان بن كعب بن الحارث بن عبد الله ابن مالك بن نَضْر بن الأَزْد بن الغَوث بن نَبْت بن مالك بن زيد بن كَهْلان بن سبأ ابن يَشْجُب بن يعرب بن قحطان الأزدي، البصري، اللغوي، الشافعي، العماني، العلامة شيخ الأدب، إمام عصره في اللغة، و الآداب، و الشعر الفائق.
- - - - -
المبحث الثاني : مولده، ونشأته، ورحلاته، وطلبه للعلم
مولده :
كانت ولادته بسكة صالح بالبصرة، سنة ثلاث و عشرين ومائتين من الهجرة.
نشأته، ورحلاته، وطلبه للعلم :
تُعَدّ أسرة ابن دريد قَبْلَ انتقالها إلى البصرة ذاتَ شأن في عُمَان (١)، فأهله من رؤساء أهل عُمَان، ومن ذوي اليسار فيهم.
و مراحل حياته يمكن تقسيمها إلى خمس مراحل :
أُولاها : تبدأ من ولادته بالبصرة سنة ٢٢٣هـ إلى ٢٥٧ هـ حيث رحل إلى عُمَان بعد دخول الزنج البصرة، وفي هذه المرحلة كانت بداية تكوينِه الفكري، وتحصيلِه العلمي حيث تلقّى مبادئ القراءة والكتابة، وأصولَ الدين والحساب، كلُّ ذلك بإشراف من عمه الحسين بن دريد.
وفي هذه المرحلة لم ينقطع ابن دريد عن عُمَان، بل ظل أهله – رغم استيطان البصرة – يرحلون بين البلدين، وفي هذا ما يبرّر قولَ بعض مَن ترجموا له : إنه نشأ بعمان.
فتجد صيغة :(( سمعت ))، وصيغة :(( زعموا ))، وصيغة :(( هكذا فُسّر ))، وصيغة :(( كذا قال المفسرون ))، ونحو ذلك من الصيغ التي توحي بأنه يُفيد من المصادر العلمية على تنوعها، لكنه لا يذكر أحياناً اسم من سمع منه، أو صاحب ذلك الزعم، أو التفسير.
ومما يتصل بهذه المسألة : الشِّعْر الذي كان يستشهد به ؛ إذ كان في أحايين كثيرة لا يصرح بقائله.
ومن الأمثلة على ما مضى :
" قوله في معنى الخليل :( فأما الخليل فالذي سمعت فيه أن معناه : أصفى المودة وأصحها، ولا أَزِيد فيه شيئاً ؛ لأنه في القرآن ) (١).
" وقوله : في معنى الأسباط :( والسِّبْط : واحد الأسباط، وهم أولاد إسرائيل اثنا عشر سبطاً، كل سبط قبيلة، هكذا فسر في التنزيل، والله أعلم ) (٢).
" وقوله في معنى الرتق :( وفي التنزيل :﴿ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ (٣) أي : مصمتتان، ففُتِقت السماء بالماء والأرض بالنبات، هكذا يقول المفسرون والله أعلم ) (٤).
" وقوله في معنى المعارج :( والمعراج فيما زعم أهل التفسير : سبب تنحدر عليه الملائكة من السماء، وهو الذي يعاينه المريض عند موته فيشخص ببصره، ولا حياة بعد رؤيته، والله أعلم ) (٥).
" وقوله حين تحدث عن معنى الطلح :( فأما الطلح في التنزيل، فقال بعض المفسرين : إنه الموز، والله أعلم ) (٦).
(٢) ٢ ) انظر : جمهرة اللغة ١ / ٣٣٦.
(٣) ٣ ) الأنبياء : ٣٠.
(٤) ٤ ) انظر : جمهرة اللغة ١ / ٣٩٣.
(٥) ١ ) انظر : جمهرة اللغة ١ / ٤٦١.
(٦) ٢ ) انظر : جمهرة اللغة ١ / ٥٥٠.
واجتمعت كلمة أهل العلم على أن تفسير القرآن بالقرآن هو أوّل المصادر، وأَولاها قال شيخ الإسلام ابن تيمية :( ومَن تَدَبَّر القرآن وجَدَ بعضَه يفسر بعضاً ) (١).
وليس أدل على ذلك مما ورد عن النبي - ﷺ - يوم أن شَقَّ على الناس قولُ الله :﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ (٢) فقالوا : يارسول الله، وأيّنا لم يظلم نفسه ؟ قال لهم - ﷺ - :(( إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح :﴿ إِن الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ (٣) إنما هو الشرك )) (٤).
فانظر كيف بادر رسول الله - ﷺ - إلى بيان معنى الظلم في سورة الأنعام، بما جاء في سورة لقمان.
والمقصود، أن تفسير القرآن بالقرآن، أوجب الواجبات على مَن تصدى للتفسير.
وهذا اللون من التفسير نرى منه تطبيقات عملية، في المجموع من تفسير ابن دريد ؛ وقد كان ابن دريد يسلك فيه مسلك الربط بين الآيات التي تجتمع في معنى واحد، أو يوضح بعضها بعضاً ؛ ومن الأمثلة على ذلك :
" قوله :( والبَوْر : مصدر بَارَ الشيء يَبُوْر بَوراً، إذا هلك ؛ والرَّجُلُ بُوْرٌ، أي : هالك، الواحد والجمع فيه سواء، وفي التنزيل :﴿ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴾ (٥) و ﴿ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ (٦) : دار الهلاك ) (٧).
(٢) ٤ ) الأنعام : ٨٢.
(٣) ٥ ) لقمان : ١٣
(٤) ٦ ) أخرجه البخاري في صحيحه ؛ كتاب : الإيمان، باب : ظلم دون ظلم [ ١ / ١٣ - ١٤ ] ؛ ومسلم في صحيحه كتاب : الإيمان، باب : صدق الإيمان وإخلاصه [ ١ / ١١٤ ] [ ح : ١٩٦ ].
(٥) ١ ) الفتح : ١٢.
(٦) ٢ ) إبراهيم : ٢٨.
(٧) ٣ ) انظر : جمهرة اللغة ١ / ٣٣٠.
سميت بهذين الاسمين في أحاديث منها : حديث عبادة - رضي الله عنه - (١) أن رسول الله - ﷺ - قال :(( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن )) (٢). وحديث ابن عباس - رضي الله عنهم - (٣) قال : بينما جبريل قاعد عند النبي - ﷺ - سمع نقيضاً من فَوْقِه فَرَفَعَ رأسَه، فقال :(( هذا بابٌ من السماء فُتِحَ اليوم لم يفتح قَطَُّ إلا اليوم فنزل منه مَلَكُ فقال : هذا مَلَكُ نزل إلى الأرض لم ينزل قَطُّ إلا اليوم فَسَلَّم وقال : أَبْشِرْ بنورين أُوْتِيْتَهُما لم يُؤْتَهُمَا نبيٌّ قَبْلَك : فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أُعْطِيْتَه )) (٤).
الثالثة : حكم تسميتها بأم القرآن :
(٢) ٢ ) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب : الأذان ؛ باب : وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر وما يجهر فيها وما يخافت [ ١ / ١٨٤ ].
(٣) ٣ ) هو : عبد الله بن عباس، البحر حبر الأمة، وفقيه العصر، وإمام التفسير، أبو العباس، ابن عم رسول الله - ﷺ -، له تفسير رواه عنه مجاهد، ورواه عن مجاهد حميد بن قيس. توفي سنة ٦٨ وقيل ٦٧ هـ. انظر : التاريخ الكبير ٥ / ٣ ؛ وسير أعلام النبلاء ٣ / ٣٣١.
(٤) ٤ ) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب : صلاة المسافرين وقصرها ؛ باب : فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة [ ١ / ١٨٤ ] [ ح : ٢٥٤ ].
قال ابن أبي حاتم (١) :( ولا أعلم في هذا الحرف اختلافاً بين المفسرين منهم : ابن عباس - رضي الله عنهم - وابن جبير (٢)، وأبو مالك (٣)، ونافع مولى ابن عمر (٤)، وعطاء بن أبي رباح (٥).......................
.....................................................................................
- - - - - - -
(٢) ٢ ) هو : أبو عبد الله سعيد بن جبير بن هشام الأسدي، كان فقيهاً ورعاً، قرأ القرآن على ابن عباس - رضي الله عنهم - وكان ابن عباس - رضي الله عنهم - يقول :( يا أهل الكوفة تسألوني و فيكم سعيد بن جبير ). قتله الحجاج سنة ١٧٥هـ. انظر : طبقات القراء ١ / ٤٣ ؛ وطبقات المفسرين، للداودي ١ / ١٨١.
(٣) ٣ ) هو : غزوان أبو مالك الغفاري الكوفي. انظر : الكنى والأسماء، للإمام مسلم ٢ / ٧٥٢، وتهذيب الكمال ٢٣ / ١٠٠.
(٤) ٤ ) هو : الإمام المفتي الثبت، عالم المدينة، أبو عبد الله القرشي. قال مالك :( إذا قال نافع شيئاً فاختم عليه ) مات سنة ١١٧ هـ. انظر : التاريخ الكبير ٨ / ٨٤ ؛ وسير أعلام النبلاء ٥ / ٩٥.
(٥) ٥ ) هو : أبو محمد القرشي مولاهم المكي، الإمام شيخ الإسلام مفتي الحرم، ولد باليمن وعاش بمكة، ومناقبه كثيرة. توفي سنة ١١٤ هـ. انظر : سير أعلام النبلاء ٥ / ٨٧ ؛ وغاية النهاية في طبقات القراء ١ / ٥١٣.
وعن ابن جبير قال :( جعلها زكريا معه في محرابه ) (١).
وقال ابن جزي (٢) :( أي : ضَمَّها إلى إنفاقه وحضانته، والكافل : هو الحاضن ) (٣).
وما قاله أهل التأويل في معنى الكفالة، جاء على بابه في أصل وضع اللغة (٤).
قال ابن فارس :( الكاف، والفاء، واللام أصل صحيح يدل على تضمن الشيء للشيء.. ومن الباب - وهو يصحح القياس الذي ذكرناه - الكفيل : وهو الضامن تقول كفل به يكفل كفالة. والكافل : الذي يكفل إنساناً يعوله، قال الله - جل جلاله - :﴿ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ﴾ ) (٥).
فزكريّاء - عليه السلام - قد ضَمَّ مريم، وضَمِنَها ؛ فهي عنده يعولها، وينفق عليها، ويرعى مصالحها : الدينية، والدنيوية.
- - - - -
( ٢٤ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ ضNح !$s% يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) ﴾
قال : بَشَرْتُ الرَّجُلَ وبَشَّرْتُه بما يُسَرُّ به.
(٢) ٣ ) هو : محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جزي الكلبي، يُكْنى بأبي القاسم، من أهل غرناطة، كان عاكفاً على العلم، مشتغلاً بالتدوين، ففيهاً، مشاركاً في فنون : من عربية، وأصول، وقراءات، وحديث، وأدب حافظاً للتفسير مستوعباً للأقوال. توفي سنة ٧٤١ هـ. انظر : الديباج المذهب ١ / ٢٩٥ ؛ ونفح الطيب للتلمساني ٥ / ٥١٤.
(٣) ٤ ) انظر : التسهيل لعلوم التنزيل ١ / ١٤٧.
(٤) ٥ ) انظر: تهذيب اللغة ١٠ / ١٤١ ؛ والصحاح ٤ / ١٤٧٣ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ١٨٧ - ١٨٩ و لسان العرب ١١ / ٥٨٩.
(٥) ٦ ) انظر : مقاييس اللغة ٥ / ١٨٧ - ١٨٩.
" أوّلهما : أنه خطأ في أمر الدين عظيم ؛ لأن النبي - ﷺ - قال :(( لا تحلفوا بآبائكم )) (١).
فكيف يكون تساءلون به والرحم على ذا ؟ والحلف بغير الله أمر عظيم، وهو خاص لله - عز وجل - على ما أتت به الرواية (٢).
" آخِرهما : قالوا : إنه خطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شِعْر.
فعطف الظاهر على مضمر مخفوض بدون إعادة حرف الجر ليس بسديد ؛ لأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان، يحل أحدهما محل صاحبه ؛ فكما لا يجوز أن تقول : مررت بزيدٍ و ك فكذلك لا يجوز : مررت بك وزيد (٣).
والحق أن الحكم على هذه القراءة باللحن، وقد تواترت القراءة بها عن النبي - ﷺ - غير صحيح، ولذا اجتهد العلماء في الرد على من حكم باللحن عليها، فذكروا أشياء منها :
.....................................................................................
- - - - - - -
" الأول : أن هذا الحكم جاء بناء على الأصول عند البصريين.
أما الكوفيون - وحمزة منهم - فإنهم يجيزون ذلك لورود اللغة الفصيحة به ؛ والقرآن يحتج به لا له.
(٢) ٣ ) هذا السبب لا علاقة له بالحكم على القراءة باللحن.
(٣) ٤ ) انظر : جامع البيان ٤ / ٢٢٨ ؛ و معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٦ ؛ والكشاف ٢ / ٦ ؛ و المحرر الوجيز ٤ / ٨.
o آخرهما : أن المراد :( الكلاب خاصة )، قاله : ابن عمر - رضي الله عنهم -، وسعيد بن جبير ومجاهد، و طاوس في رواية أخرى عنهما، والضحاك، والسدي (١).
والراجح : القول الأول ؛ لأن أصحاب الرأي الثاني إنما خصوا الكلاب في تفسير الجوارح تمسكاً بقوله :﴿ مُكَلِّبِينَ ﴾، وهذا شاذ ؛ لما يأتي :
" أولاً : أن التكليب : التحريش، والإغراء بالصيد (٢)، ويستوي فيه كل الجوارح (٣).
" ثانياً : أن التكليب صفة للقانص، وإن قَنَصَ بغير الكلاب (٤).
" الآخِر : الاستعمال اللغوي لـ ﴿ الْجَوَارِحِ ﴾ (٥). فأصلها جَرَح، و ( الجيم والراء، والحاء أصلان : أحدهما : الكسب، والثاني : شَق الجلد. فالأول : قولهم : اجترح إذا عمل وكسب.. والجوارح من الطير والسباع : ذوات الصيد.. ) (٦).
- - - - -
( ٤٣ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا ٧pt٦ح !$y™ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣) ﴾
(٢) ٢ ) انظر : لسان العرب ١ / ٧٢٢.
(٣) ٣ ) انظر : تفسيير القرآن، للسمعاني ٢ / ١٣.
(٤) ٤ ) انظر : جامع البيان ٦ / ٩١.
(٥) ٥ ) انظر : تهذيب اللغة ٤ / ٨٦ ؛ والصحاح ١ / ٣١٥ ؛ ومقاييس اللغة ١ / ٤٥١ ؛ و لسان العرب ٢ / ٤٢٣.
(٦) ٦ ) انظر : مقاييس اللغة ١ / ٤٥١.
ورغم اختلاف التعبير بين ما قال ابن دريد، وما نَقَلْتُ هنا عن أهل التأويل ؛ إلا أنه لا تضاد بين المعاني، فابن دريد فسر الحرف ببعض معانيه.
الأخرى : القراءات الواردة في قوله :﴿ uںwur يُطْعَمُ ﴾ :
أشار ابن دريد إلى قراءتين من القراءات الواردة في الآية :
" أولاهما :﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾ ببناء الأول للفاعل والثاني للمفعول وهي المشهورة المتواترة، وبها قرأ جمهور القراء.
" أخراهما :﴿ وَلَا يَطْعَم ﴾ قرأ بها مجاهد بن جبر، وابن جبير، والأعمش (١) وأبو حَيْوة (٢) وعمرو بن عبيد (٣)، وأبو عمرو في - رواية عنه -، بفتح الياء والمعنى : أنه تعالى منزّه عن الأكل ولا يشبه المخلوقين (٤).
- - - - -
( ٤٥ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) ﴾
قال : وقرئ :﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ ﴾، أي : لا يقولون إنك كذّاب و لا يُكْذِبونك، أي : لا يصادفونك كاذباً.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب ك ذ ] ١ / ٣٠٥ )
- - - - - - -
(٢) ٤ ) هو : شُريح بن يزيد الحضرمي، الحمصي. صاحب القراءة الشاذة ومقرئ الشام. توفي سنة ٢٠٣ هـ. انظر : طبقات القراء ١ / ١٩٤ ؛ وغاية النهاية ١ / ٣٢٥.
(٣) ٥ ) هو : أبو عثمان البصري. وردت عنه الرواية في حروف القرآن، وسمع من الحسن. توفي سنة ١٤٤ هـ انظر : غاية النهاية ١ / ٦٠٢.
(٤) ٦ ) انظر : المحرر الوجيز ٦ / ١٦ ؛ والبحر المحيط ٤ / ٤٥٢ ؛ والدر المصون ٤ / ٥٥٧ - ٥٥٨.
ومعاجم اللغة تعطي الحرف هذه المعاني (١).
قال ابن فارس :( الدال، والحاء، والراء أصل واحد، وهو الطرد والإبعاد، قال الله تعالى :﴿ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ﴾ ) (٢).
- - - - -
( ٥٧ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦) ﴾
قال : والرِّيَاش : الحال الجميلة، وقد قرئ :﴿ وَرِيشًا ﴾ و ﴿ ورِيَاشاً ﴾ أيضاً.
( جمهرة اللغة، مادة [ ر ش ي ] ٢ / ٧٣٦ )
- - - - - - -
هنا مسألتان :
الأولى : معنى الرِّيَاش :
حيث ذكر المراد بهذا الحرف فقال : الحال الجميلة. وما قاله تجتمع عليه الأقوال التي ذكرها المفسرون وهي :
o أولاً : المال ؛ قاله ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد، والضحاك (٣).
o ثانياً : اللباس والعيش النعيم ؛ قاله ابن عباس - رضي الله عنهم - (٤).
o ثالثاً : الجمال ؛ قاله عبد الرحمن بن زيد (٥).
o رابعاً : الرزق ؛ قاله معبد الجهني (٦).
.....................................................................................
(٢) ٣ ) انظر : مقاييس اللغة ٢ / ٣٣١.
(٣) ١ ) انظر : سؤالات نافع بن الأزرق ٣٢ ؛ وجامع البيان ٨ / ١٤٨ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٥ / ١٤٥٧.
(٤) ٢ ) تفسير ابن أبي حاتم ٥ / ١٤٥٧.
(٥) ٣ ) نفس المرجع السابق.
(٦) ٤ ) انظر : النكت والعيون ٢ / ٢١٤ ؛ وزاد المسير ٣ / ١٨٢.
ومعبد هو : ابن عبد الله بن عويمر ؛ نزيل البصرة وأول من تكلم بالقدر زمن الصحابة، عذّبه الحَجاج ثم قتله و قيل : صَلَبه عبدالملك بدمشق سنة ٨٠ هـ. انظر: التاريخ الكبير٧ / ٣٩٩ ؛ وسير أعلام النبلاء ٤ / ١٨٥.
وقال ابن الجوزي (١) :( وهو الصفير ) (٢).
ومعروف لغة أن الصفير معنىً لهذا الحرف (٣).
قال ابن منظور :( المكاء مخفف : الصفير، مَكَا الإنسان يمكو مَكْواً، و مُكَاء، صفّر بفيه قال بعضهم : هو أن يجمع بين أصابع يديه ثم يدخلها في فيه ثم يصفر ) (٤).
- - - - -
( ٦٩ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١) ﴾
(٢) ٢ ) انظر : تذكرة الأريب ١ / ٣٠٢.
(٣) ٣ ) انظر : تهذيب اللغة ١٠ / ٢٢٢ ؛ والصحاح ٥ / ١٩٨٢ ؛ و لسان العرب ١٥ / ٢٨٩ ؛ وتاج العروس ١٠ / ٣٤٦.
(٤) ٤ ) انظر : لسان العرب ١٥ / ٢٨٩.
" الأخرى :( نِجْس ) بكسر النون، وسكون الجيم، قرأ بها أبو حَيْوَة على تقدير حذف موصوفٍ قامت هذه الصفة مَقامه، أي : جِنسٌ نجس، أو ضربٌ نجس وهو اسم فاعل : من نجس فخففوه بتسكين عَينه بعد إتباع فائه ؛ كما قالوا في كَبِد كِبْد، وكَرِش كِرْش (١) ؛ فسكّنوا العين، وأتبعوا الفاء حركة العين التي هي الكسرة.
- - - - -
( ٧٣ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢) ﴾
قال في معنى ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ : أي دار مقام.
( الاشتقاق ٣١ )
- - - - - - -
أهل التأويل في معنى :﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ على أوجه :
o الأول : جنات خلود وإقامة، ومنه سمي المعدن ؛ لإقامة جوهره فيه، قاله ابن عباس - رضي الله عنهم -، وهو ما ذهب إليه ابن دريد.
o الثاني : جنات كروم وأعناب، مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهم - أيضاً.
o الثالث : اسم لبُطنان الجنة أي : أوسطها، قاله ابن مسعود - رضي الله عنه -.
o الرابع : اسم لقصر في الجنة، قاله عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - (٢)، والحسن.
(٢) ١ ) هو : ابن العاص بن وائل القُرشي السهمي، أبو محمد. أسلم قبل أبيه، وكان فاضلاً عالماً قرأ القرآن والكتب المتقدمة. أذن له النبي - ﷺ - أن يكتب عنه ما يسمع منه في الرضا والغضب. توفي سنة ٦٣ هـ. انظر : التاريخ الكبير ٣ / ٥ ؛ وأسد الغابة ٣ / ٣٥١.
o الرابع : عرياناً، قاله الزجاج (١).
وأحسن الأقوال - إن شاء الله - هو القول الثاني، أن المراد به : بجسدك. مع احتمال حمل معنى :﴿ بِبَدَنِكَ ﴾ على القول الأول : درعك، والقول الثالث : وحدك ؛ لكن أبلغها حسناً هو الثاني (٢).
واستعمال ( البدن ) بمعنى : الدرع معروف لغة (٣).
قال ابن منظور :( البدن : شِبه درع إلا أنه قصير قدر ما يكون على الجسد فقط، قصير الكُمّين.. وقيل : هي الدرع عامة. وبه فسر ثعلب قوله تعالى :﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ﴾ قال : بدرعك وذلك أنهم شكوا في غرقه فأمر الله عز وجل البحر أن يقذفه على دكّة في البحر ببدنه أي : بدرعه فاستيقنوا حينئذ أنه قد غرق ) (٤).
ووجه إطلاق الدرع على البدن، أنها تضم البدن (٥).
.....................................................................................
- - - - - - -
قد يقال : هل لذِكْر البدن - إن حملنا معناه على الجسد - فائدة في المعنى إذ لا يجوز أن ينجَّى بغير جسده ؟
(٢) ٣ ) رجّح هذا المعنى غير واحد من المفسرين منهم : الأخفش في معاني القرآن ٢ / ٥٧٤ ؛ وابن جرير في جامع البيان ١١ / ١٦٤ ؛ و النحاس في معاني القرآن ٣ / ٣١٥.
(٣) ٤ ) انظر : تهذيب اللغة ١٤ / ١٠١ ؛ و مقاييس اللغة ١ / ٢١٢ ؛ ولسان العرب ١٣/ ٤٩.
(٤) ٥ ) انظر : لسان العرب ١٣ / ٤٩.
(٥) ٦ ) انظر : مقاييس اللغة ١ / ٢١٢.
فسَّر ابن دريد قوله :﴿ û÷üy`÷ry- ﴾ بأنهما : كل ذكر وأنثى، وقد قال بنحو هذا مجاهد وقتادة، والضحاك، وعكرمة، والحسن (١)، و غيرهم (٢).
.....................................................................................
- - - - - - -
عن مجاهد في معنى قوله :﴿ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾ قال :( ذكر وأنثى من كل صنف ) (٣).
وقال الأخفش :( فجعل الزوجين : الضربين، الذكور والإناث ) (٤).
وأياً ما كان فإن المعاني المذكورة تدل على اثنين أحدهما معه آخر، لا يستغني عنه.
و ما ذكره أهل التأويل في الحروف معروف في لغة العرب (٥).
(٢) ٣ ) منهم : الأخفش في معاني القرآن ٢ / ٥٧٦، والماوردي في النكت والعيون ٢ / ٤٧٢ ؛ والسمعاني في تفسير القرآن ٢ / ٤٣٠ ؛ والراغب في المفردات ٢٢٠ ؛ والقرطبي في الجامع ٩ / ٣٨ ؛ والبيضاوي في تفسيره ٤ / ٦٤٣ ؛ وابن جزي في التسهيل ١ / ٣٨٨ ؛ والسمين في العمدة ٢٢٣ ؛ وابن كثير في تفسيره ٢ / ٤٢٦.
(٣) ١ ) انظر : تفسير ابن أبي حاتم ٦ / ٢٠٣٠.
(٤) ٢ ) انظر : معاني القرآن ٢ / ٥٧٦.
(٥) ٣ ) انظر : تهذيب اللغة ١١ / ١٠٥ - ١٠٦ ؛ والصحاح ١ / ٢٨٢ ؛ و مقاييس اللغة ٣ / ٣٥ ولسان العرب ٢ / ٢٩١.
والتفريق بين الصيغتين من حيث المعنى ثابت عند أهل العلم، غير أن الاختلاف بينهم واقع في ما يخص كل صيغة من معنى.
فابن دريد والراغب من جهة، والجمهور من جهة أخرى ؛ وتفصيل الخلاف في المسألة التالية.
الأخرى : معنى قوله تعالى :﴿ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ﴾ :
جعل ابن دريد قوله :﴿ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ﴾ بمعنى : انتزعها، ولم أر أحداً قال بقوله إلا الراغب في المفردات (١).
.....................................................................................
- - - - - - -
وعامة المفسرين، وأهل اللغة على خلافه، إذ جعلوا ﴿ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ﴾ بمعنى : أرسلها و ( دَلا دلوه ) بمعنى : انتزعها (٢).
وعليه، فالقول ما قال الجمهور، والله أعلم.
- - - - -
( ٨٥ ) [ ٣ ] قول الله تعالى :﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠) ﴾
﴿ وَشَرَوْهُ ﴾ قال : أي : باعوه. قال الراجز (٣) :
- مَنْ باع منه أو شَرَى لم يَرْبَح -
(٢) ١ ) انظر : معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٩٧ ؛ ومعاني القرآن، للنحاس ٣ / ٤٠٥ حكاية عن الأصمعي ؛ ونزهة القلوب ٧٨ ؛ وتفسير السمرقندي ٢ / ١٥٤ ؛ وتفسير ابن أبي زمنين ١ / ٣٨١ والكشف والبيان ٥ / ٢٠٤ وتفسير المشكل ١١٢ ؛ والنكت والعيون ٣ / ١٧ ؛ والوسيط ٢ / ٦٠٤ ؛ ومعالم التنزيل ٢ / ٤٨١ ؛ وزاد المسير ٤ / ١٩٤ ؛ والبحر المحيط ٦ / ٢٥١ ؛ وعمدة الحفاظ ١٧٨ ؛ وتفسير أبي السعود ٣ / ٣٧٤ ونظم الدرر ٤ / ١٩ ؛ والتحرير والتنوير ١٢ / ٢٤١.
وانظر كذلك : جمهرة اللغة ٣ / ١٢٦٦ حكاه عن أبي زيد وأبي عبيدة ؛ وتهذيب اللغة ١٤ / ١٢١ ؛ والصحاح ٥ / ١٨٦٦ ؛ ومقاييس اللغة ٢ / ٢٩٣ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٢٦٥ ؛ والكليات ٦٥.
(٣) ١ ) لم أعثر على ما يفيد في القول أو القائل.
قال النحاس في الترجيح بين القولين :( والأول أولى ؛ لجلالة مَن قال به، وأشبه بالمعنى لأن المعنى - والله أعلم - : سواء منكم مَن أسر منطقه أو أعلنه، واستتر، أو ظهر بالنهار وكل ذلك في علم الله سواء. وهو في اللغة أشهر وأكثر ) (١).
وقال ابن عطية (٢) في رد القول الثاني :( كما أن اقتران الليل بالمستخفي، والنهار بالسارب يردّ على هذا القول ) (٣).
- - - - -
( ٩٦ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (١٣) ﴾
قال : والمماحلة من الناس : العداوة، ومن الله عز وجل : العقاب ؛ ﴿ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾، أي العقاب.
( جمهرة اللغة، مادة [ ح ل م ] ١ / ٥٦٨ )
- - - - - - -
بيّن ابن دريد معنى :﴿ uةA$ysخRùQ$# ﴾ أنه : العقوبة.
والمفسرون في هذا الحرف لهم أقوال كثيرة أوصلها الماوردي في النكت والعيون (٤) إلى تسعة، لكن أسوق أقربها إلى المعنى المختار مرتبة حسب قربها من المعنى :
(٢) ٣ ) هو : أبو محمد، عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن غالب بن تمام بن عطية، الغرناطي القاضي، الإمام الكبير، قدوة المفسرين، كان فقهياً عارفاً بالأحكام، والحديث، والتفسير، بارعاً في الأدب، بصيراً بلسان العرب، له يد في الإنشاء، والنظم، والنثر، وكان يتوقد ذكاء له التفسير المشهور ولي قضاء المرية. مات سنة ٥٤١ هـ. انظر : سير أعلام النبلاء ١٩ / ٥٨٧ ؛ وطبقات المفسرين، للسيوطي ٦٠ - ٦١.
(٣) ٤ ) انظر : المحرر الوجيز ١٠ / ٢٠.
(٤) ١ ) ٣ / ١٠٢.
وهناك مَن خالف في هذا المعنى فقال : إن ( وراء ) هنا على بابه (١).
وأقول : حَمْل اللفظ على أحد المعنيين سائغ، فإنْ رُوْعِيَ الزمن في قوله :﴿ وَمِنْ ¾دmح !#u'ur ﴾، صار المعنى ( من بعده )، أي : له من بعد هذا العذاب، عذاب آخر مؤلم.
وإن روعي المكان، صار المعنى ( من أمامه )، وهذا مثل قوله :﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ (٢) فمن راعى الزمان، حمل معناه على : حقيقته، أي : أن هؤلاء وعملهم وسعيهم يأتي بعده في الزمن غصب هذا الملك.
ومن راعى المكان، حمل معناه على : أمامهم، أي : أن هؤلاء يسيرون إلى بلد الملك وهو أمامهم.
وبهذا يتبين أن كون هذا اللفظ من الأضداد، ليس معناه استواء حمل اللفظ على أحد الضدين مع اختلاف الاعتبار، بل ينبغي مراعاة أحد الاعتبارين : إما الزمان، وإما المكان والله تعالى أعلم.
- - - - -
( ٩٩ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِن اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٢) ﴾
﴿ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ﴾ قال : أي : لا أغيثكم ولا تغيثونني.
ويقال : استصرخت فلاناً فأصرخني، إذا استغثته فأغاثني.
( جمهرة اللغة، مادة [ خ ر ص ]، ١ / ٥٨٦ )
- - - - - - -
(٢) ٢ ) الكهف : ٧٩.
جعل ابن دريد معنى :﴿ عِضِينَ ﴾ من التعضية وهي التفرقة ؛ وللعلماء رأيان في هذا الحرف من حيث اشتقاقه، ثم يتفرع عن ذلك معناه :
o الأول : من الأعضاء - كما قال ابن دريد وغيره -، أي : فرّقوا القرآن. ثم اختلف في نوع التفريق على قولين :
١. أنهم آمنوا ببعض وكفروا ببعض، فيقول أحدهم : لي سورة البقرة، ويقول هذا : لي سورة آل عمران استهزاء، وبهذا المعنى قال ابن عباس - رضي الله عنهم -، وعكرمة.
٢. أنهم فرقوا القول فيه، فمنهم من قال : شعر، ومنهم من قال : سحر، ومنهم من قال : أساطير الأولين، وبهذا المعنى قال مجاهد، وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد.
o الآخر : أنه مأخوذ من العَضهِ، وهو السحر بلسان قريش، أي : نسبوا القرآن إلى السحر، وبهذا المعنى قال عكرمة، وقتادة (١).
ويصح أن يُحمل اللفظ على هذه الأقوال مجتمعة ؛ إذ هذه كلها قالها الكفار، والله أعلم.
- - - - -
وذكر ابن دريد أن القراءة بالكسر :﴿ إِنْ تَحْرِصْ ﴾ أكثر منها بالفتح.
وقال ابن جني في قراءة الكسر :( وهي أعلاهما.. وكلاهما من معنى السحابة الحارصة وهي التي تَقْشُر وجه الأرض.. فكذلك الحِرص، كأنه ينال صاحبُه من نفسه ؛ لشدة اهتمامه بما هو حريص عليه، حتى يكاد يحُتّ مستقِر فكره ) (١).
- - - - -
( ١٠٣ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢) ﴾
قال : الواصب الدائم. وفي التنزيل :﴿ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ﴾، أي : دائماً، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب ص و ] ١ / ٣٥١ )
- - - - - - -
فسّر ابن دريد قوله :﴿ وَاصِبًا ﴾ بـ( دائماً )، وأقرب ما قيل فيه ثلاثة معاني :
o أولها : أن معناه : دائما ً، جاء ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد، وعكرمة والضحاك، والسدي، وقتادة، وابن زيد (٢)، وغيرهم (٣).
o ثانيها : واجباً، قاله ابن عباس - رضي الله عنهم - (٤).
o آخرها : ذا كُلفة - تعب -، جوّزه غير واحد (٥).
(٢) ١ ) انظر : تفسير الصنعاني ١ / ٣٠٨ ؛ وجامع البيان ١٤ / ١١٩ ؛ وتفسير ابن كثير ٢ / ٥٥٣.
(٣) ٢ ) كالفراء في معاني القرآن ٢ / ٣٥ ؛ وأبي عبيدة في مجاز القرآن ١ / ٣٦١ ؛ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٢٠٣ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٢ / ٢٣٨ ؛ ومكي في تفسير المشكل ١٣٠ ؛ والراغب في المفردات ٥٦١ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ٣ / ٨٢ ؛ والخازن في تفسيره ٤ / ٢٥ ؛ والبيضاوي ٥ / ٢٨٤ والسمين في عمدة الحفاظ ٦٣٣.
(٤) ٣ ) انظر : جامع البيان ١٤ / ١١٩ ؛ وتفسير ابن كثير ٢ / ٥٥٣ ؛ والدر المنثور ٥ / ١٢١.
(٥) ٤ ) كالزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٢٠٣ ؛ والبيضاوي في تفسيره ٥ / ٢٨٤.
وعليه، فالأقوال كلها محتملة للصواب، إذ المعنى : أنهم مشوا وترددوا بين الدور، يتقصون أخبار بني إسرائيل، للغارة على من بقي منهم فيقتلوه، والله أعلم.
- - - - -
( ١١٥ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦) ﴾
قال : وأَمَرَ اللهُ مالَك وآمرَه، أي : أَكْثَرَه. وقد قرئ :﴿ أمَّرْنا مُتْرَفِيهَا ﴾، أي : جعلناهم أمراء، وقرئ :﴿ أَمَرْنَا ﴾ بالتخفيف، و ﴿ أمِرْنا ﴾، أي : أكثرنا.
( جمهرة اللغة، باب ما اتفق عليه أبوزيد، وأبوعبيدة ٣ / ١٢٦٠ )
- - - - - - -
أشار ابن دريد إلى ثلاثٍ من القراءات الواردة في قوله تعالى :﴿ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾ وبيّن معنى كل قراءة ؛ والقراءات المُورَدة :
" أُولاها :﴿ أمَّرْنا ﴾ مشددة الميم غير ممدودة الهمز ؛ قرأ بها علي، وابن عباس - رضي الله عنهم - بخلاف، والحسن، والباقر محمد بن علي بن الحسين، وأبو عثمان النهدي (١) وأبو العالية بخلاف، والسدي، وعاصم بخلاف.
وفي معنى هذه القراءة وجوه :
١. قيل : سلّطنا مترفيها، أي : جعلنا لهم إمارة وسلطاناً.
٢. وقيل في معناها : إنه منقول من ( أمِر القوم ) إذا كثروا، كعلِم وعلّمته.
٣. وقيل : قد يكون منقولاً من أمَرَ الرجل، إذا صار أميراً، ووالياً.
.....................................................................................
- - - - - - -
قال ابن فارس :( الراء، والقاف، والميم أصل واحد يدل على خَطّ، وكتابة وما أشبه ذلك.
فالرَّقْم : الخطّ، والرَّقِيْمُ : الكتاب ) (١).
- - - - -
( ١٢٥ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (٤٠) ﴾
قال : والحُسْبان في التنزيل : العذاب، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، باب ما جاء على فُعلان ٣ / ١٢٣٧ )
- - - - - - -
فسّر ابن دريد ( الحُسْبان ) الوارد في التنزيل بـ : العذاب ؛ وأهل التأويل قاطبة ذكروا له من المعاني مثل هذا المعنى، أو ما يدور حوله.
وقد تكلم في معناه ابن عباس - رضي الله عنهم -، وقتادة، والضحاك، وابن زيد ؛ والسدي (٢)، في آخرين (٣).
ومما جاء عنهم في معنى الحرف :
قولهم :( عذاباً ) وهذا تأويل قتادة، والضحاك، وابن زيد (٤).
وقولهم :( ناراً ) وهذا تأويل ابن عباس - رضي الله عنهم -، والسدي، ومروي عن الضحاك أيضاً (٥).
(٢) ١ ) انظر : سؤالات نافع ١٦٧ ؛ وتفسير الصنعاني ١ / ٣٤٠ ؛ وجامع البيان ١٥ / ٢٤٩ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٣٦٣ ؛ ومعاني القرآن، للنحاس ٤ / ٢٤٥ ؛ والكشف والبيان ٦ / ١٧١ ؛ وتفسير ابن كثير ٣ / ٨٣.
(٣) ٢ ) كالسجستاني في نزهة القلوب ٢١٢ ؛ وابن أبي زمنين في تفسيره ١ / ٤٨٦ ؛ والراغب في مفرداته ١١٥ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٨٨ ؛ وابن عطية في المحرر الوجيز ١٠ / ٤٠٥ ؛ والعز بن عبدالسلام في تفسيره ٢ / ٢٤٩ ؛ والبيضاوي في تفسيره ٥ / ٤٨١ ؛ والثعالبي في الجواهر الحسان ٢ / ٣٤٩ ؛ والألوسي في روح المعاني ٨ / ٢٦٧.
(٤) ٣ ) انظر : جامع البيان ١٥ / ٢٤٩.
(٥) ٤ ) انظر : تفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٣٦٣؛ والكشف والبيان ٦ / ١٧١؛ وتفسير ابن أبي زمنين ١ / ٤٨٦.
" ثم إن حَمْل معنى : النبوة على اللفظ أعمّ ؛ إذ من لوازم النبوة ؛ العلم، والفهم والحكمة.
ودلالة الحُكم في اللغة، تعطي هذا القول حظاً من النظر ؛ فإن مادة ( حكم ) تدل على المنع، والحِكْمَة سمّيت بذلك ؛ لأنها تمنع من الجهل (١).
وظاهرٌ أن النبوّة مانعة من الجهل، فهي بهذا من الحِكمة.
- - - - -
( ١٣١ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣) ﴾
قال : وفي التنزيل :﴿ وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا ﴾ أي : من عندنا.
( جمهرة اللغة، مادة [ ر س و ] ٢ / ٧٢٢ )
- - - - - - -
فَسَّرَ ابن دريد قوله تعالى :﴿ مِنْ لَدُنَّا ﴾ فقال : من عندنا.
وتفسيره جاء بمثل ما قال ابن عباس - رضي الله عنهم -، وقتادة، والضحاك (٢)، وآخرون (٣).
فعن قتادة في قوله تعالى :﴿ وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا ﴾، قال :( رحمة من عندنا ) (٤).
وقال ابن أبي زمنين :( أي : أعطيناه رحمة من عندنا ) (٥).
وقال ابن عاشور :( وجعل حنان يحيى من لدن الله، إشارة إلى أنه متجاوز المعتاد بين الناس ) (٦).
.....................................................................................
(٢) ١ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٧ ؛ وجامع البيان ١٦ / ٥٥ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٤٠١.
(٣) ٢ ) منهم : أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ٢ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ٢٠٦ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٢ / ٣٢٠ ؛ وابن أبي زمنين في تفسيره ١ / ٥٠٢ ؛ والثعلبي في الكشف والبيان ٦ / ٢٠٧ ؛ والواحدي في الوسيط ٣ / ١٧٨ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ٣ / ٢٢٧ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ٥١٦ ؛ وابن عاشور في التحرير والتنوير ١٦ / ٧٦ ؛ والشنقيطي في أضواء البيان ٤ / ١٧٥.
(٤) ٣ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٧.
(٥) ٤ ) انظر : تفسيره ١ / ٥٠٢.
(٦) ٥ ) انظر : التحرير والتنوير ١٦ / ٧٦.
" وأما قراءة الضم ففيها أقوال :
١. أن الهمزة للسلب والإزالة أي : أزيل خفاءها، نحو : أعجمت الكتاب أي : أزلت عُجْمته. ثم في ذلك معنيان : الأول : أن الخفاء الستر، ومتى أزال سترها فقد أظهرها. فلِتحقُّق وقوعها وقربها يكاد يُظهِرها لولا ما تقتضيه الحكمة من التأخير. والآخر : أن الخفاء هو الظهور كما سبق في قراءة الفتح من خفيت. والمعنى : أزيل ظهورها، وإذا زال ظهورها استترت، أي : إني لشدة إبهامها أكاد أخفيها فلا أظهرها البتة وإن كان لابد من إظهارها. ولذلك جاء عن بعض المفسرين (١) : أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها. وهذا كعادة العرب في المبالغة في الإخفاء.
٢. أن (( كاد )) زائدة.
٣. أن الكيدودة بمعنى الإرادة.
.....................................................................................
- - - - - - -
٤. أن خبر أكاد محذوف تقديره : أكاد آتي بها لقربها. فالوقف على (( أكاد ))
والابتداء بـ (( أخفيها )).
قال ابن جرير :( والذي هو أولى بتأويل الآية من القول، قول من قال : معناه : أكاد أخفيها من نفسي ؛ لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء.
١٤٦ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (٩٥) ﴾
قال : والحرام : ضد الحلال. والحِرْم : ضد الحِل. وفي التنزيل :﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ ﴾ وحِرْم على قرية.
( جمهرة اللغة، مادة [ ح ر م ] ١ / ٥٢١ )
- - - - - - -
ذكر ابن دريد أن الحرام : ضد الحلال، والحِرْم : ضد الحل، مثنّياً بذكر القراءتين المتواترتين في الحرف ؛ إشارة إلى معناهما ؛ وما قاله هو ذات ما جاء عن العلماء.
فأما القراءتان فعلى النحو الآتي :
" الأولى :﴿ وَحَرَامٌ ﴾ بفتح الحاء، والراء، وبألف بعدهما ؛ قرأ بها نافع وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف.
" الأخرى :﴿ وَحِرْمٌ ﴾ بكسر الحاء، وسكون الراء بلا ألف ؛ قرأها شعبة، وحمزة والكسائي.
وتوجيه القراءتين :
" أما القراءة الأولى : بفتح الحاء، والراء، وبألف بعدهما، فالمراد : ضد الحلال.
" وأما القراءة الأخرى بكسر الحاء، وسكون الراء بلا ألف، ففيها قولان :
.....................................................................................
- - - - - - -
١. قيل : بمعنى : عَزْم، وواجب على قرية. و (( لا )) في قوله :﴿ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ صلة، ومعناه : واجب عليهم الرجوع للجزاء.
٢. وقيل : هما لغتان حِرْم وحَرَام، وحِل وحَلال (١).
- - - - -
( ١٤٦ ) [ ٣ ] قول الله تعالى :﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) ﴾
قال : وقد قرئ :﴿ حَصَبُ جَهَنَّمَ ﴾. وكل شيء ألقيته في النار لتشتعل فهو حصب لها.
( الاشتقاق ٥٢٩ )
مَن قرأ بغير ألف :﴿ ٣سَكْرَى ﴾ فلأنه بمنزلة الهَلكى والجَرحى، فإذا كان صاحب الجمع مُخَالَطاً كالمريض والصريع والجريح ؛ فإن العرب تجعل الجمع على ( فَعْلى ) ؛ إذ إنهم جعلوا هذه الصيغة علامة لجمع كل ذي زَمَانةٍ وهلاك وضرر.
أما مَن قرأ :﴿ سُكَارَى ﴾ بالألف فهو على الأصل ؛ أنّ ما كان جمعاً لـ ( فَعْلان ) جُمِعَ على ( فُعالى ) (١).
- - - - -
( ١٤٨ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) ﴾
قال : أي مجصَّص ؛ فإذا قيل : مشيّد فهو مرفّع مطوّل. قال (٢) :
لا تحسِبَنّي و إن كنتُ امرأً غُمُراً | كحيّةِ الماء بين الطِّيْنِ والشِّيْدِ |
- - - - - - -
اختُلف في معنى قوله تعالى :﴿ مَشِيدٍ ﴾ على أقوال :
o أولها : أنه بمعنى : مُجصص قاله ابن عباس - رضي الله عنهم - وعكرمة، ومجاهد، وعطاء وسعيد بن جبير، وهو اختيار ابن دريد.
o ثانيها : أنه بمعنى : مُحصّن، قاله قتادة.
o آخرها : مُرفّع، قاله الضحاك (٣).
وأقرب الأقوال للصواب قول من قال : إنه بمعنى مجصص.
(٢) ١ ) البيت للشمّاخ. انظر : ديوانه ١٢١ ؛ والعين ٦ / ٢٧٧ ؛ والمحكم والمحيط الأعظم ٥ / ٥٢٢ ؛ ولسان العرب ٥ / ٣٢. ويروى كما في ديوانه وفي موضع آخر من الجمهرة ( بين الطيّ والشيد ).
(٣) ٢ ) انظر : سؤالات نافع بن الأزرق ٤٧ ؛ وتفسير الصنعاني ٢ / ٣٤ ؛ وجامع البيان ١٧ / ١٨٠ - ١٨١ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٤٩٨.
قال : والرَّبو والرَّبوة والرَّباوة واحد، وهو العُلُوّ من الأرض. وقد قالوا : رِبوة ورُبوة. وقد قرئ :( إلى رِبوة ) و ( إلى رُبوة ) ؛ فأما رُبوة فقرأ به ابن عباس، وأما رَبوة فلا أدري قرئ به أم لا. وقال بعد ذلك : قد قرئت بثلاثة أوجه.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب ر و ] ١ / ٣٣٠ )
- - - - - - -
في كلام ابن دريد السالف مسألتان :
الأولى : تفسير قوله تعالى :﴿ رَبْوَةٍ ﴾ :
فسّر ابن دريد الحرف : بالعلو من الأرض.
وهذا المعنى عليه جمهور أهل التفسير (١)، واللغة (٢).
والخلاف بين أهل التأويل، إنما هو في المكان الموصوف بهذا الصفة، وفي تعيينه أقوال :
أولها : الرملة (٣) من فلسطين، وممن قال بهذا أبو هريرة.
.....................................................................................
- - - - - - -
(٢) ٢ ) انظر : تهذيب اللغة ١٥ / ١٩٦ ؛ و مقاييس اللغة ٢ / ٤٨٣ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٣٠٦.
(٣) ٣ ) مدينة غَرْبَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، من أهم مدن فلسطين بناها سليمان بن عبد الملك، كانت مركزاً تجارياً وزراعياً هاماً، وما تزال إلى اليوم. انظر : تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير ١ / ١٧٨ والمعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية ٥.
١٥٥ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) ﴾
قال : والبغاء، ممدود : الزنى ؛ قال الله تعالى :﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ﴾.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب غ ي ] ١ / ٣٧١ )
- - - - - - -
جميع المفسرين متفقون على مثل ما قال ابن دريد في معنى البغاء، أنه : الزنى ؛ وقد جاء هذا التفسير عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد، والضحاك (١)، في آخرين (٢).
.....................................................................................
- - - - - - -
فعن ابن عباس - رضي الله عنهم - في قول الله تعالى :﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ﴾ قال :( لا تكرهوا إماءكم على الزنى ) (٣).
(٢) ٢ ) منهم : الفراء في معاني القرآن ٢ / ١٥٢ ؛ وأبو عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ٦٦ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ١٥١ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٢ / ٤٣٩ ؛ والثعلبي في الكشف والبيان ٧ / ٩٩ ؛ والواحدي في الوسيط ٣ / ٣١٩ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ٣ / ٤١٤ ؛ والبقاعي في نظم الدرر ٥ / ٢٦٢.
(٣) ١ ) انظر : تفسير ابن أبي حاتم ٨ / ٢٥٨٩.
والقولان الأول والآخر متقاربان ؛ حث يدل معناهما على مجيء أحد الشيئين مكان الآخر، ويدلان - أيضاً - على تقدم وتأخر ؛ أما القول الثاني فدالٌّ على التغاير والاختلاف واللفظ محتمل للأقوال كلها ؛ لكن الأحسن أن يقال : جعلهما ذوَي خلفة يعقب هذا ذاك وذاك هذا، ويخلف كل منهما صاحبه فيما يَحتاج أن يَعمل فيه، فمن فَرّط في عمل أحدهما قضاه في الآخر.
وهذا المعنى المختار يعضده المعنى اللغوي لهذا الحرف (١).
- - - - -
" الأولى :﴿ حَاذِرُونَ ﴾ بالألف، قرأ بها ابن عامر (١)، وعاصم، وحمزة والكسائي، وخلف.
" الأخرى :﴿ حَذِرون ﴾ بغير ألف، قرأ بها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو وأبو جعفر، ويعقوب.
أما ما قيل في معنى القراءتين :
" فقراءة ﴿ حَاذِرُونَ ﴾ بالألف :
١. قيل : مستعدون ؛ وهذا بمعنى ما قال ابن دريد : متأهبون.
٢. وقيل : فيما يستقبل، لا في وقته ؛ وهذا كسابقه أيضاً.
٣. وقيل : اسم فاعل من : حَذِر.
.....................................................................................
- - - - - - -
" وقراءة ﴿ حَذِرون ﴾ بغير ألف : فمعناه إذا كان الحذر لازماً له كالخلقة.
" وهناك من يرى أن القراءتين بمعنى واحد (٢).
وعندي أن التفريق أولى من كون المعنى القراءتين واحد، والله أعلم.
- - - - -
( ١٦٠ ) [ ٣ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (٦٤) ﴾
قال : كأنه أَدْنَاهم إلى الهلاك، والله عز وجل أعلم.
...... ( الاشتقاق ٣٥٨ )
- - - - - - -
اختلف أهل التأويل في معنى قوله تعالى :﴿ وَأَزْلَفْنَا ﴾ على ثلاثة أقوال :
o أحدها : قَرَّبَهم الله، قال به ابن عباس - رضي الله عنهم -، وقتادة، والسدي (٣).
o ثانيها : جَمَعْنَا ؛ قاله أبو عبيدة (٤).
(٢) ١ ) انظر القراءتين، ومعناهما في : السبعة ٤٧١ ؛ والمبسوط ٣٢٧ ؛ والنشر ٢ / ٣٣٥ ؛ والحجة لابن خالويه ١٦٦ ؛ ومعاني القراءات ٣٤٧ ؛ والحجة، لأبي علي الفارسي ٣ / ٢٢٠ ؛ والكشف ٢ / ١٥١ ومعاني القرآن، للفراء ٢ / ١٧٦ ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٨٦ ؛ ومعاني القرآن، للنحاس ٤ / ٨٠ ؛ والبحر المحيط ٨ / ١٥٧. ( والقراءتان سبعيتان ).
(٣) ١ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٦٢ ؛ وجامع البيان ١٩ / ٨١ - ٨٢ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٨ / ٢٧٧٤.
(٤) ٢ ) انظر : مجاز القرآن ٢ / ٨٧.
" أولاهما :﴿ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ ﴾ بفتح الياء وإسكان الحاء وتخفيف الطاء وتشديد النون ؛ قراءة الجمهور المتواترة.
" أخراهما :﴿ لا يُحَطّمَنَّكم ﴾ بضم الياء، وفتح الحاء، وتشديد الطاء والنون وهي شاذة ؛ ذُكر أن الحسن، وأبا رجاء، وقتادة ممن قرأ بها (١).
أما ما ذكره ابن دريد من تعجُّب أبي عمرو ممن قرأ بالقراءة الأخرى ؛ فلأن فيها زيادة في التحطيم، فيرى أن هذا معنى لا يناسب حال النمل. وله وجهه، والله أعلم.
- - - - -
( ١٦٨ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩) ﴾
قال : وفي التنزيل :﴿ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ û ﴾ أي : ألهمني.
...... ( الاشتقاق ٤٢٤ )
- - - - - - -
أوّل ابن دريد قول الله تعالى :﴿ أَوْزِعْنِي û ﴾ ذاكراً أن معناه : ألهمني، و هذا التأويل بنحو ما قال ابن عباس - رضي الله عنهم -، وابن زيد، وقتادة، والسدي (٢)، في آخرين (٣).
(٢) ١ ) انظر : تفسير ابن عباس - رضي الله عنهم - ٣٨٩ ؛ وجامع البيان ١٩ / ١٤٣ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٩ / ٢٨٥٨ والدر المنثور ٦ / ٣١٢.
(٣) ٢ ) منهم : الفراء في معاني القرآن ٢ / ١٨٤ ؛ وأبو عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ٩٢ ؛ واليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ٢٨٦ ؛ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ١١٢ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ٩١ والسمرقندي في تفسيره ٢ / ٤٩٢ ؛ ومكي في تفسير المشكل ١٧٩ ؛ والواحدي في الوسيط ٣ / ٣٧٣ والخازن في تفسيره ٤ / ٥٢٢ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ٦٢٩.
قال ابن فارس :( والخَلْق : خَلْقُ الكَذِب، وهو اختلاقه واختراعه وتقديره في النفس ) (١).
- - - - -
( ١٧٤ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١) ﴾
قال : وقوله عز وجل :﴿ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ أي : يُصْرَفون، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ أ ز ز ] ١ / ٥٧ )
- - - - - - -
ذكر ابن دريد أن معنى قوله تعالى :﴿ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ : يصرفون ؛ ولأهل التأويل في معنى الحرف أقوال، مردّها إلى اثنين :
o أوّلهما : يُصرفون، أو يُعدلون قاله قتادة (٢)، و غيره (٣).
o الآخر : فكيف يُكذِّبون، قال به ابن عباس - رضي الله عنهم - (٤)، وغيره (٥).
والتحقيق أن القولين متداخلان، فهؤلاء انصرفوا ؛ فعَدَلوا من توحيد الله إلى التكذيب به وإشراك غيره معه، والله أعلم.
وللقولين منزعهما من اللغة (٦).
قال ابن منظور :( الإفك : الكذب.. والأَفك بالفتح، مصدر قولك : أفَكَه عن الشيء يأفِكُه أَفْكاً، صَرَفَه عنه وقَلَبَه، وقيل : صَرَفَه بالإفك ) (٧).
- - - - -
(٢) ١ ) انظر : جامع البيان ٢١ / ١٢ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٩ / ٣٠٧٩.
(٣) ٢ ) منهم : السمعاني في تفسيره ٤ / ١٩٢ ؛ وابن جزي في التسهيل ٢ / ١٤٥.
(٤) ٣ ) انظر : جامع البيان ٢١ / ١٢ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٩ / ٣٠٧٩.
(٥) ٤ ) منهم : السمرقندي في تفسيره ٢ / ٥٤٣ ؛ والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٣ / ٣٧٤.
(٦) ٥ ) انظر : تهذيب اللغة ١٠ / ٢١٥ ؛ والصحاح ٤ / ١٢٩٣ ؛ ولسان العرب ١٠ / ٣٩٠ - ٣٩١.
(٧) ٦ ) انظر : لسان العرب ١٠ / ٣٩٠ - ٣٩١.
قال : الضَّعف والضُّعف لغتان فصيحتان قد قُرئ بهما، والضُّعف لغة النبي - ﷺ -، وقرأ عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - على النبي - ﷺ - :﴿ ں.`دB بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ﴾ فقال النبي - ﷺ - :﴿ ضُعْفٍ قُوَّةً ﴾ يا غلام (١).
( جمهرة اللغة، مادة [ ض ع ف ] ٢ / ٩٠٣ )
- - - - - - -
في هذا الحرف قراءتان، أشار إليهما ابن دريد مبيّناً أنهما لغتان، وهما :
" الأولى :﴿ ٧#÷è|ت`دiB ﴾ ﴿ ں.`دB بَعْدِ ضَعْفٍ ﴾ ﴿ ضَعْفًا ﴾ بفتح الضاد في المواضع الثلاثة، قرأ بها عاصم، وحمزة.
" الأخرى :﴿ مِنْ ضُعْفٍ ﴾ ﴿ ں.`دB بَعْدِ ضُعْفٍ ﴾ ﴿ ضُعْفاً ﴾ بضم الضاد في المواضع الثلاثة، قرأ بها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر...
.....................................................................................
- - - - - - -
والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر، وحفص لكن ليست من طريق عاصم ؛ وهذه القراءة للحديث المروي عن ابن عمر (٢).
- - - - -
(٢) ١ ) انظر القراءتين في : السبعة ٥٠٨ ؛ والمبسوط ٣٥٠ ؛ والتيسير ١٧٥ ؛ والنشر ٢ / ٣٤٥ ؛ ومعاني القراءات ٣٧٥ - ٣٧٦ ؛ والبحر المحيط ٨ / ٤٠١. ( والقراءتان سبعيتان )
أصحها : أنها نزلت في رجل من قريش كان يسمَّى : ذا القلبين ؛ لدهائه وحفظه فأنزل الله هذه الآية رداً عليه، هكذا روي عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، وقاله مجاهد، وعكرمة
والحسن، وقتادة، والسدي، ومقاتل (١)، واختاره ابن جرير (٢).
لكن هذا الرجل الذي يسمى : ذا القلبين على المشهور عند المفسرين ليس وهب بن عمير الجمحي - على حد قول ابن دريد -، إنما هو : جَميل بن معمر الفهري الجمحي، كما هو قول جمهور المفسرين من السلف، الذين نقلوا سبب النزول، والله أعلم.
- - - - -
( ١٧٩ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَتْ ×pxےح !$©غ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣) ﴾
قال : وعَوْرَة القَوم : حيث يخافون أن ينزل العدو بهم منها. وفي التنزيل :﴿ bخ)َّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾.
( الاشتقاق ٣٥٧ )
وقال : ومنهم : مُعتِّب بن قُشير (٣)، شهد بدراً. وهو الذي قال :﴿ bخ)َّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾.
( الاشتقاق ٤٣٨ )
- - - - - - -
هنا مسألتان :
(٢) ٢ ) انظر : جامع البيان ٢١ / ١١٩.
(٣) ١ ) هو : ابن مُلَيل بن زيد بن العطاف، الأنصاري الأوسي، ذِكْرُه فيمن شهد العقبة، وقيل : إنه كان منافقاً وإنه الذي قال يوم أحد :﴿ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ﴾ وقيل : إنه تاب، وقد ذكره ابن إسحاق فيمن شهد بدراً. انظر : الإصابة ٦ / ١٧٥.
وقيل : لا يجعل المسمار دقيقاً ولا غليظاً ) (١).
وهذه الأقوال مؤداها واحد، إذ يَضم الدرع بعضه إلى بعض، بإدخال المسامير في حلقات الدرع، لِتَشُدّ شقَقَها، وهذا نَسْجُها، وهي للحديد كالخياطة للثوب.
والمعنى الذي جاء عن المفسرين في هذا الحرف، غير خارج عن اللغة (٢).
قال ابن منظور :( وقيل : سَرْدُها : نَسْجُها وهو تَدَاخُل الحَلَق بعضِها في بعض ) (٣).
- - - - -
( ١٨٢ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٥٢) ﴾
قال : والنَّوْش مصدر نُشْتُ الشيءَ أنوشه نَوْشاً، إذا طلبته ؛ ونأشتُه أنأشه نأشاً، إذا ناولته. وقد قُرئ :﴿ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ ﴾، بغير همز، وهو التناول. قال الشاعر (٤) :
قد كان وافِدَ أقوامٍ وجائبَهم وانتاشَ عانِيَه من أهل ذي قارِ
( جمهرة اللغة، مادة [ ش ن و ] ٢ / ٨٨٢ )
- - - - - - -
في كلام ابن دريد مسألتان :
الأولى : معنى :﴿ التَّنَاوُشُ ﴾ في الآية :
(٢) ٢ ) انظر : مقاييس اللغة ٣ / ١٥٧ ؛ وأساس البلاغة ١ / ٤٤٩ ؛ ولسان العرب ٣ / ٢١١.
(٣) ٣ ) انظر : لسان العرب ٣ / ٢١١.
(٤) ١ ) عجز البيت في المحكم والمحيط الأعظم ٨ / ١٢٦، ولسان العرب ٦ / ٣٦٢ وفيهما : وانتاش عائنه. قال محقق الجمهرة : وفي زيادات المطبوعة أنه لبدر بن حَزَاز الفَزَاري.
وقال السمرقندي :( والجُدّة : هي الطريق التي في الجبل، والجُدَد هي : الطرائق، فترى الطريق من البعد منها بيض، وبعضها حمر ) (١).
وقال ابن منظور :( و الجُدَّة : الطريقة في السماء والجبل، وقيل : الجُدَّة الطريقة، والجمع جُدَد ) (٢).
- - - - -
(٢) ٣ ) انظر : لسان العرب ٣ / ١٠٨.
o أولها : أنه الشموخ بالأنف (١) وتنكيس الرأس، وممن قال به ابن عباس - رضي الله عنهم - (٢).
o ثانيها : رفع الرأس ووضع اليد على الفم، قال به ابن عباس - رضي الله عنهم -، و مجاهد (٣).
o ثالثها : الطموح بالبصر إلى موطئ القدم، قاله الحسن (٤).
o رابعها : غض الطرف ورفع الرأس، وممن قال به الفراء (٥).
o خامسها : جذب الذقن إلى الصدر ثم رفعه، قاله أبو عبيدة (٦).
o سادسها : رفع الرأس وشخوص البصر، وممن قال به الزجاج (٧).
o آخرها : رفع الرأس، قاله غير واحد من المفسرين (٨)، وهو الذي رجحه ابن دريد.
وجميع هذه التفاسير هي من قبيل التفسير التقريبي، والمتأمل فيها ؛ يظهر له ألا تعارض بينها عدا القولين الأول والثالث، فإن من ينظر فيهما يحسب أنهما بعيدان عن المعنى، والحق أن فيما ذكر أهل اللغة من معان لهذا الحرف يشهد لوجاهة هذين المعنيين أيضاً.
فالمعروف في اللغة أن المقمح هو : الرافع رأسه لمكروه (٩).
....................................................................................
(٢) ٢ ) انظر : سؤالات نافع بن الأزرق ١٨٦.
(٣) ٣ ) انظر : تفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣١٨٩ ؛ و معاني القرآن، للنحاس ٥ / ٤٧٧. وروي عن مجاهد نحوه : مغلولون. انظر: جامع البيان ٢٢ / ١٥١، وبه قال قتادة. انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ١١٢.
(٤) ٤ ) انظر : النكت والعيون ٥ / ٧.
(٥) ٥ ) انظر : معاني القرآن ٢ / ٢٥٨.
(٦) ٦ ) انظر : مجاز القرآن ٢ / ١٥٧.
(٧) ٧ ) انظر : معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٢٧٩.
(٨) ٨ ) منهم : اليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ٣١١، والراغب في مفردات القرآن ٤٢٧، والرازي في التفسير الكبير ٩ / ٢٥٥، وابن كثير في تفسيره ٣ / ٥٤٢.
(٩) ٩ ) انظر : الصحاح ١ / ٣٤٨ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ٢٤ ؛ ولسان العرب ٢ / ٥٦٦.
وهذا ما عليه عامة المفسرين، فقد فسره بنحو تفسيره ابن عباس، و ابن مسعود - رضي الله عنهم - وعكرمة. ، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة (١)، وجماعة (٢).
وإليك شيئاً من أقوالهم :
قال ابن عباس - رضي الله عنهم - :( من التراب والطين فيصير طيناً يَلْزَق ) (٣).
وقال السجستاني :( ولازم، ولاتب، ولاصق بمعنى واحد، والطين اللازب : هو المُلْتَزِج المتماسك الذي يَلْزَم بعضه بعضاً..) (٤).
- - - - -
( ١٩٠ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧) ﴾
قال : والغَوْل البُعد، وقوله عزّ وجلّ :﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ ﴾ أي : لا تغتال عقولَهم.
( جمهرة اللغة، مادة [ غ ل و ] ٢ / ٩٦١ )
- - - - - - -
ذكر ابن دريد أن معنى الغَوْل : البُعْد، وجعل منه معنى الحرف في الآية هنا حيث قال :( لا تغتال العقول ) ؛ إذ إنها إذا اغتالت العقول فقد ذهبت بها بعيداً.
وقد اختلف المفسرون في معنى الحرف على أقوال :
(٢) ٢ ) منهم : الفراء في معاني القرآن ٢ / ٢٦٧ ؛ وأبو عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ١٦٧ ؛ والز جاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٢٩٩ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ٤٨٠ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٣ / ١١٢ والسمعاني في تفسيره ٤ / ٣٩٣ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ٤ / ٢٧ ؛ وابن عطية في المحرر الوجيز ١٣ / ٢٢٣ وابن الجوزي في تذكرة الأريب ٢ / ١٠٩ ؛ وابن جزي في التسهيل ٢ / ٢١٤ ؛ والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ ٥١٧ ؛ والثعالبي في الجواهر الحسان ٣ / ١٠٢ ؛ وابن عاشور في التحرير والتنوير ٢٣ / ٩٤.
(٣) ٣ ) انظر : جامع البيان ٢٣ / ٤٣.
(٤) ٤ ) انظر : نزهة القلوب ٤٨٠.
أما جمهور المفسرين فعلى أن المراد : المعنى الظاهر، وهو نقل الأقدام من ذلك المجلس. فكأنهم قالوا : انطلقوا مشياً، ومُضِّياً على دينكم (١).
وما ذهب إليه الجمهور هو الصحيح، المقطوع به.
وأما القول :( بأنه دعاء لهم بكثرة الماشية ) ففاسد، قال ابن عطية :( وذهب بعض الناس إلى أن قولهم :(( امشوا ))، هو دعاء بكسب الماشية، وفي هذا ضعف ؛ لأنه كان يلزم أن تكون الألف مقطوعة ؛ لأنه إنما يقال : أمشى الرجل، إذا صار صاحب ماشية وأيضاً : فهذا المعنى غير متمكّن في الآية، وإنما المعنى سيروا على طريقتكم ودوموا على سَيْركم، أو يكون المعنى : أَمْرٌ مِن نَقْل الأقدام قالوه عند انطلاقهم، وهو في مصحف عبد الله بن مسعود : وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا ) (٢).
وأما قول الزمخشري بأن معناه :( اكثروا واجتمعوا.. ) فإنه وجه صحيح من حيث الصناعة (٣).
- - - - -
( ١٩٥ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ * وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١) ﴾
قال : الخَصْم : المخاصِم والمخاصَم، وهما خصمان، أي : كل واحد منهما خصم صاحبه ؛ لأنه يخاصمه. وفلان خَصْمي، الذَّكَرُ والأنثى، والواحدُ والجميعُ فيه سواء وهي اللغة الفصيحة. وفي التنزيل :﴿ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ﴾، فهذا في معنى الجمع، يعني : الملائكة الذين دخلوا على داود ففزع منهم.
( جمهرة اللغة، مادة [ خ ص م ] ١ / ٦٠٥ )
(٢) ٣ ) انظر : المحرر الوجيز ١٤ / ١١.
(٣) ٤ ) انظر : الدر المصون ٩ / ٣٥٨.
" الأخرى :﴿ تقنِطوا ﴾ بكسر النون ؛ قرأ بها أبو عمرو، والكسائي، وكذا يعقوب، وخلف (١).
أخرى المسألتين : معنى :﴿ تَقْنَطُوا ﴾ :
فسّر ابن دريد ( القنوط ) هنا بـ ( اليأس ) وهذا المعنى كقول ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم - (٢)، وغيرهما (٣).
و أهل العربية يفسرون الحرف بذلك كذلك (٤).
قال ابن عباس - رضي الله عنهم - :( يقول : لا تيأسوا من رحمتي ) (٥).
وقال ابن عطية :( والقَنَط : أعظم اليأس ) (٦).
وقال ابن فارس :( القاف، والنون، والطاء كلمة صحيحة تدل على اليأس من الشيء ) (٧).
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر : جامع البيان ٢٤ / ١٤ ؛ وتفسير السمعاني ٤ / ٤٧٦.
(٣) ٣ ) كأبي عبيدة في المجاز ٢ / ١٢٢ ؛ والنحاس في معاني القرآن ٦ / ١٨٥ ؛ والسمرقندي في تفسيره ١٥٤ وابن أبي زمنين في تفسيره ٢ / ٢٤٧ ؛ والراغب في مفرداته ٤٢٩ ؛ وابن عطية في المحرر الوجيز ١٤ / ٩٥ وابن الجوزي في زاد المسير ٧ / ١٩١ ؛ والبيضاوي في تفسيره ٧ / ٢٦٥ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ٤٦٩ والقاسمي في محاسن التأويل ١٢ / ٢٦٩.
(٤) ٤ ) انظر : تهذيب اللغة ٩ / ٢٥ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ٣٢ ؛ وأساس البلاغة ٢ / ١٠٤ ؛ ولسان العرب ٧ / ٣٨٦.
(٥) ٥ ) انظر : جامع البيان ٢٤ / ١٤.
(٦) ٦ ) انظر : المحرر الوجيز ١٤ / ٩٥.
(٧) ٧ ) انظر : مقاييس اللغة ٥ / ٣٢.
وقال ابن فارس :( الحاء والميم فيه تفاوت ؛ لأنه متشعب الأبواب جداً. فأحد أصوله : اسوداد، والآخر : الحرارة، والثالث : الدنوّ والحضور، والرابع : جنس من الصوت والخامس : القصد ) (١).
والمعنى الثالث هو الذي يناسب الحرف في الآية، وإليه تنزع أقوال المفسرين على تنوعها فإن الصداقة والقرابة مظنة الشفقة والاهتمام.
- - - - -
( ٢٠٢ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٥٧) ﴾
قال : وقوله جل ثناؤه :﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾، أي : أَعْجَبُ إن شاء الله.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب ر ك ] ١ / ٣٢٧ ) )
- - - - - - -
لأهل التأويل أقوال في معنى ( أكبر )، من قوله تعالى :﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ ؛ غير المعنى الذي ذكره ابن دريد :
o أولها : أَعْظَم ؛ قاله أبو العالية (٢)، و ابن جرير (٣)، والسمرقندي (٤) والبغوي (٥).
o ثانيها : أشَد ؛ قاله ابن أبي زمنين (٦).
o ثالثها : أهْول في الصدر ؛ قاله الواحدي (٧)، والسمعاني (٨).
....................................................................................
- - - - - - -
وجميع المعاني التي فُسِّر بها الحرف معانٍ صحيحة ؛ إذ هي تحكي حقيقة خلق السماوات والأرض، وموقعه في نفوس منكري البعث.
(٢) ١ ) انظر : تفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٢٨٦ ؛ والجامع لأحكام القرآن ١٥ / ٣١١.
(٣) ٢ ) انظر : جامع البيان ٢٤ / ٧٧.
(٤) ٣ ) انظر : تفسيره ٣ / ١٧١.
(٥) ٤ ) انظر : معالم التنزيل ٤ / ١١٦.
(٦) ٥ ) انظر : تفسيره ٢ / ٢٦١.
(٧) ٦ ) انظر : الوسيط ٤ / ١٩.
(٨) ٧ ) انظر : تفسيره ٥ / ٢٧.
أما مناسبة التعبير عن الكسب والعمل للآخرة بالحرث في السياق هنا، فقيل فيها :( لمّا كان مدار مقصد السورة على الدِّين، وكان الدِّين معاملة بين العبد وربه، يُقصد به ما يُقصَد بالحرث من حصول الفائدة، وكان الحرث من أجلّ أسباب المكاسب، وكانت الجنة قيعاناً غراسها ذكر الله، عبّر عن مطلق الكسب بالحرث فقال :﴿ حَرْثَ الْآَخِرَةِ ﴾ أي : أعمالها التي تستنمي بها الفوائد ) (١).
- - - - -
o آخرها : أنه كنانة بن عبد بن عمرو بن عمير الطائفي، قاله السدي (١).
والصواب من القول في ذلك، الانتهاء عند الحد الذي انتهى عنده كلام الله - عز وجل -.
قال ابن جرير بعد أن ساق الخلاف في ذلك :( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال جل ثناؤه مخبِراً عن هؤلاء المشركين :﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ إذ كان جائزاً أن يكون بعض هؤلاء، ولم يضع الله تبارك وتعالى لنا الدلالة على الذين عُنُوا في كتابه، ولا على لسان رسوله - ﷺ - والاختلاف فيه موجود على ما بيّنت ) (٢).
وقال ابن كثير :( والظاهر أن مرادهم رجل كبير من أي البلدتين كان ) (٣).
- - - - -
( ٢٠٥ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ * وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) ﴾
قال : وقد قرئ :﴿ إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصُدُّون ﴾ ويَصِدُّون. قال أبو عبيدة : يصُدون : يعرضون، ويصِدون : يضجون، والله أعلم (٤).
( جمهرة اللغة، مادة [ د ص ص ] ١ / ١١١ ) )
- - - - - - -
أشار ابن دريد إلى القراءتين في حرف :﴿ يَصِدُّونَ ﴾ ومعنى كل قراءة ؛ وتفصيل ذلك ما يأتي :
" الأولى :﴿ يَصُدُّون ﴾ بضم الصاد ؛ قرأ بها نافع، وابن عامر، والكسائي وأبو جعفر، وخلف.
" الأخرى :﴿ يَصِدُّونَ ﴾ بكسر الصاد ؛ قرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو وعاصم، وحمزة، ويعقوب.
(٢) ٤ ) انظر : جامع البيان ٢٥ / ٦٦.
(٣) ٥ ) انظر: تفسير ابن كثير ٤ / ١٢٩.
(٤) ١ ) انظر : مجاز القرآن ٢ / ٢٠٥ ؛ ونَصُّ كلامه :( مَن كسر الصاد فمجازها يضجون، ومَن ضمها فمجازها يعدلون ).
إذ لا طائل تحته ؛ إذ ليس في الجنة عقود نكاح، وإنما المراد أنهم مأنوسون بصحبة حبائب من النساء كما أنسوا بصحبة الأصحاب والأحبة من الرجال استكمالاً لمتعارف الأنس بين الناس ) (١).
- - - - -
فالأول : قولهم : اجترح، إذا عمل وكسب قال الله - عز وجل - :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ﴾ وإنما سمي ذلك اجتراحاً ؛ لأنه عمل بالجوارح، وهي : الأعضاء.. ) (١).
- - - - -
( ٢١١ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣) ﴾
قال : ومن رجالهم (٢) : الحارث بن قيس، وهو الذي كان إذا وجد حَجراًً أحسن من حجر أخذه فعبده، وفيه نزلت :﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ çm؟uqyd ﴾.
( الاشتقاق ١٢٢ )
- - - - - - -
جمهور المفسرين يرون أنها في قريشٍ عامة، فيقولون : إن قريشاً كانت تعبد العُزَّى وهي حَجَر أبيض، فإذا رأت حَجَراً أشد بياضاً منه وأحسن ؛ اتخذت ذلك الأحسن، واطّرحت الأول (٣).
وعن مقاتل : نزلت في الحارث بن قيس السهمي أحد المستهترين، وذلك أنه كان يعبد ما تهواه نفسه (٤).
- - - - -
(٢) ١ ) أي : بَني سَهْم وعظمائهم.
(٣) ٢ ) انظر : جامع البيان ٢٥ / ١٥٠ ؛ ومعاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٣٣ ؛ وتفسير السمعاني ٥ / ١٤١ ومعالم التنزيل ٤ / ١٨٧ ؛ والجامع لأحكام القرآن ١٦ / ١٦٢.
(٤) ٣ ) انظر : الكشف والبيان ٨ / ٣٦٢ ؛ والجامع لأحكام القرآن ١٦ / ١٦٣. وفي الكشف والبيان :[ التميمي ] بدل [ السهمي ] والصواب ما أثبت.
وقال ابن جزي :( البِدْع والبديع من الأشياء : ما لم يُر مثله. أي : ما كنت أول رسول ولا جئت بأمر لم يجئ به أحد قبلي، بل جئت بما جاء به ناس كثيرون قبلي ) (١).
وقال ابن فارس :( الباء، والدال، والعين أصلان. أحدهما : ابتداء الشيء وصنعه لا عَنْ مثال، والآخر : الانقطاع والكَلال. فالأول : قولهم : أبدعتُ الشيء قولاً أو فعلاً إذا ابتدأته لا عن سابق مثال والله بديع السموات والأرض. والعرب تقول : ابتدع فلان الركي إذا استنبطه، وفلان بدع في هذا الأمر. قال الله تعالى :﴿ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ﴾ أي : ما كنت أول.. ) (٢).
- - - - -
(٢) ٣ ) انظر : مقاييس اللغة ١ / ٢٠٩.
وقال ابن فارس :( اللام، والحاء، والنون له بناءان : يدل أحدهما : على إمالة شيء من جهته، ويدل الآخر : على الفطنة والذكاء.
فأما اللَّحْن بسكون الحاء : فإمالة الكلام عن جهته الصحيحة في العربية يقال : لحن لحناً.. ومن هذا الباب قولهم : هو طيب اللحن وهو يقرأ بالألحان ؛ وذلك أنه إذا قرأ كذلك أزال الشيء عن جهته الصحيحة بالزيادة والنقصان في ترنمه، ومنه أيضا اللحن : فحْوى الكلام ومعناه، قال الله تعالى :﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ وهذا هو الكلام المورّى به المُزال عن جهة الاستقامة والظهور.. ) (١).
- - - - -
أولاهما : المراد بالبَوْر، الذي منه قوله تعالى :﴿ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴾ :
ذكر أن معناه : الهلاك. وفي بيان معنى هذا الحرف تنوعت عبارات المفسرين ابن عباس - رضي الله عنهم -، وقتادة، وابن زيد، ومجاهد (١)، و جماعة (٢).
وما حكوه في معنى الحرف جاء على النحو المتقرر في اللغة (٣).
.....................................................................................
- - - - - - -
قال ابن زيد :( البُور الذي ليس فيه من الخير شيء ) (٤).
وقال البغوي :( هَلْكَى لا تصلحون لخير ) (٥).
وقال الجوهري :( البُور : الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه ) (٦).
أخرى المسألتين : إطلاق :( البُوْر ) على الواحد و الجميع :
أشار ابن دريد إلى هذا في كلامه، وبه قال غير واحد من العلماء.
قال ابن فارس :( وقد يقال للواحد والجميع والنساء والذكور : بُوْر ) (٧).
(٢) ٢ ) كأبي عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ٢١٧ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ١٤٨ ؛ والثعلبي في الكشف والبيان ٩ / ٤٥ ؛ ومكي في تفسير المشكل ٢٣٣ ؛ والراغب في مفردات القرآن ٦٢ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ٤ / ٢٢٥ ؛ والبيضاوي في تفسيره ٧ / ٦١٤ ؛ وابن جزي في التسهيل ٢ / ٣٢١ ؛ والثعالبي في الجواهر الحسان ٣ / ٢٥١ ؛ والألوسي في روح المعاني ١٣ / ٢٥٤.
(٣) ٣ ) انظر : تهذيب اللغة ١٥ / ١٩١ ؛ و مقاييس اللغة ١ / ٣١٦ ؛ ولسان العرب ٤ / ٨٦.
(٤) ١ ) انظر : جامع البيان ٢٦ / ٧٩.
(٥) ٢ ) انظر : معالم التنزيل ٤ / ٢٢٥.
(٦) ٣ ) انظر : الصحاح ٢ / ٥١٩.
(٧) ٤ ) انظر : مقاييس اللغة ١ / ٣١٦.
٢١٨ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ وَإِنْ بb$tGxےح !$sغ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) ﴾
قال : واشتقاق ( قاسط ) من قولهم : قسط عليه إذا جار ؛ وأقسط، إذا عدل. وكلاهما في التنزيل :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾، وفيه :﴿ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴾ (١).
( الاشتقاق ٩١ )
- - - - - - -
تحدث ابن دريد عن اشتقاق :( قسط )، وظهر من كلامه أن هذا الحرف من الأضداد حيث يأتي على معنيين متضادين، و يتضح من قوله : أن الثلاثي : بمعنى الجَوْر، والرباعي : بمعنى العَدْل.
وبنحوه قال المفسرون : سلفاً وخَلَفاً (٢)، وهو المعروف عند أهل العربية (٣).
.....................................................................................
- - - - - - -
قال الزجاج :( يقال : قَسَط الرجل إذا جار، وأَقسط إذا عدل ) (٤).
(٢) ٢ ) انظر : جامع البيان ٢٦ / ١٣٠ و ٢٩ / ١١٣ ؛ ونزهة القلوب ٦٥ و ٣٧٠ ؛ ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٣٥ ؛ ومفردات الراغب ٤١٨ ؛ والكشاف ٥ / ٥٧٣ ؛ وبصائر ذوي التمييز ٤ / ٢٦٩.
(٣) ٣ ) انظر : الأضداد، لابن السكيت ٧٩ ؛ والأضداد، للأنباري ٥٨ ؛ وتهذيب اللغة ٨ / ٢٩٨ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ٨٥ ؛ ولسان العرب ٧ / ٣٧٧.
(٤) ١ ) انظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٣٥.
وقال ابن منظور :( عيّ بالأمر عِيّاً، و عَيِي و تعايا و استعيا هذه عن الزجاجي (١)، وهو عَيٌّ و عَيِيٌّ و عَيّان : عجز عنه ولم يطق إحكامه ) (٢).
الأخرى : القراءات في حرف :﴿ أَفَعَيِينَا ﴾ :
أشار ابن دريد إلى القراءة في هذا الحرف بتشديد الياء :﴿ أَفَعَيّينا ﴾، وهي منسوبة إلى ابن أبي عبلة، والوليد بن مسلم (٣)، والسمسار (٤).
وهذه قراءة شاذة ؛ وقراءة الجمهور :﴿ أَفَعَيِينَا ﴾ بياءين مخففتين.
قال أبو حيان :( وفكّرتُ في توجيه هذه القراءة، إذ لم يَذْكُر أحد توجيهها، فخَرَّجتُها على لغةِ مَن أدغم الياء في الياء في الماضي، فقال : عَيَّ في عَيِيَ وحَيَّ في حَيِيَ.
فلما أدغم، أَلْحَقَه ضميرَ المتكلم المعظِّمِ نفسَه، ولم يَفُكَّ الإدغام فقال : عيَّنا، وهي لغة لبعض بكر بن وائل (٥)، يقولون في رددتُ ورددنا : ردّتُ وردّنا، فلا يَفكّون.
.....................................................................................
- - - - - - -
(٢) ٣ ) انظر : لسان العرب ١٥ / ١١١.
(٣) ٤ ) هو : أبو العباس، وقيل : أبو بشر الدمشقي. قال أحمد :( ما رأيت في الشاميين أعقل منه ) توفي سنة ١٩٥هـ. انظر : تاريخ دمشق ٦٣ / ٢٨٣ ؛ وغاية النهاية ٢ / ٣٦٠.
(٤) ٥ ) هو : أحمد بن علي، أبو علي البغدادي، روى القراءة عن غير واحد، وتصدر للإقراء مدة. مات في الكهولة. انظر : طبقات القراء ١ / ٣٤١ ؛ وغاية النهاية ١ / ٩٠.
(٥) ٦ ) انظر : الأصول في النحو، لابن السرّاج ٢ / ٢٦٤ ؛ وأوضح المسالك، لابن هشام ٤ / ٤١٢.
فسّر ابن دريد قوله :﴿ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ﴾ بنحو التفسير الذي قاله عامة أهل التأويل كابن عباس - رضي الله عنهم -، والسدي، ومجاهد (١)، وآخرون (٢).
قال ابن عباس - رضي الله عنهم - :( لطمت ) (٣).
وقال الفراء :( هكذا، أي : جمعت أصابعها فضربت جبهتها ) (٤).
وقال ابن جزي :( أي : ضَرَبَتْه حياء منهم، وتعجباً من ولادتها وهي عجوز ) (٥).
وأصل الصك في اللغة : تَلاقي شيئين بقوة وشدة، حتى كأن أحدهما يضرب الآخر (٦).
- - - - -
( ٢٢٧ ) [ ٣ ] قول الله تعالى :﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) ﴾
قال : والأَيْد : القوّة، وكذلك الأَوْد. ورجل ذو آد وذو أَيْدٍ، أي : قوة. ومنه قوله عزّ وجلّ :﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾، أي : بقوّة، واللّه أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ دو - و - ا - ي ] ٢ / ١٠٦٢ ؛ و الاشتقاق ١٦٨ )
- - - - - - -
اجتمعت كلمة المفسرين على أن معنى :( الأيد ) في قوله تعالى :﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾ القوة.
(٢) ٢ ) منهم : الفراء في معاني القرآن ٢ / ٣٧٠ ؛ واليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ٣٤٩ ؛ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٥٥ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٣ / ٢٧٨ ؛ ومكي في تفسير المشكل ٢٤٢ وابن الجوزي في تذكرة الأريب ٢ / ١٧٩؛ وابن جزي في التسهيل ٢ / ٣٤٥ ؛ والتحرير والتنوير ٢٦ / ٣٦٠.
(٣) ٣ ) انظر : تفسير ابن عباس - رضي الله عنهم - ٤٦٥.
(٤) ٤ ) انظر : معاني القرآن له ٢ / ٣٧٠.
(٥) ٥ ) انظر : التسهيل ٢ / ٣٤٥.
(٦) ٦ ) انظر : مقاييس اللغه ٣ / ٢٧٦.
القرظي، والضحاك (١).
o رابعها : أنه المرسَل، قال به سعيد، والربيع (٢).
o آخرها : أنه المملوء، قال به قتادة، والحسن، وعطاء، والكلبي (٣).
وحين ننظر إلى أصل الحرف في اللغة وما يدل عليه ؛ نجد أن هذه المعاني صحيحة (٤).
قال ابن فارس :( السين، والجيم، والراء أصول ثلاثة : الملء، والمخالطة والإيقاد ) (٥).
وقد رجح ابن جرير القول بأنه المملوء - كما هو الظاهر من قول ابن دريد - حيث قال ابن جرير :( وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : معناه : والبحر المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض، وذلك أن الأغلب من معاني السَّجْر : الإيقاد كما يقال : سَجَرت التنور، بمعنى : أوقدت، أو الامتلاء على ما وصفت.. فإذا كان ذلك الأغلب من معاني السَّجْر، وكان البحر غير موقد اليوم، وكان الله تعالى ذِكره قد وصفه بأنه مسجور فبطل عنه إحدى الصفتين، وهو الإيقاد صحت الصفة الأخرى التي هي له اليوم، وهو الامتلاء، لأنه كل وقت ممتلئ ) (٦).
ويظهر لي أن جميع الأقوال محتملة، حيث لا مانع من إجراء هذه المعاني كلها عليه ؛ لاسيما أن الحرف من الأضداد، يطلق على : الامتلاء والفراغ (٧).
....................................................................................
(٢) ٢ ) انظر : النكت والعيون ٥ / ٣٧٩ ؛ ومعالم التنزيل ٤ / ٢٩٠ ؛ وتفسير ابن كثير ٤ / ٢٤١.
(٣) ٣ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٢٠٠ ؛ وجامع البيان ٢٧ / ١٩ ؛ والكشف والبيان ٩ / ١٢٥.
(٤) ٤ ) انظر : تهذيب اللغة ١٠ / ٣٠٤ - ٣٠٥ ؛ والصحاح ٢ / ٥٨٣ ؛ ومعجم مقاييس اللغة ٣ / ١٣٤.
(٥) ٥ ) انظر : معجم مقاييس اللغة ٣ / ١٣٤.
(٦) ٦ ) انظر : جامع البيان ٢٧ / ١٩ - ٢٠.
(٧) ٧ ) انظر : أضداد أبي حاتم ٢٠٧ - ٢٠٨ ؛ وأضداد ابن السكيت ٦٥ ؛ وأضداد الأنباري ٥٤ - ٥٥.
وقال ابن منظور :( و المِراء : المماراة والجَدَل.. قال : وأصله في اللغة الجِدال وأن يَستخرج الرجلُ من مُناظِره كلاماً، ومعاني الخصومة وغيرها، من مَرَيْت الشاة : إذا حلبتها واستخرجت لبنها ) (١).
الأخرى : اختلاف القراء في قوله تعالى :﴿ أَفَتُمَارُونَهُ ﴾ :
أشار ابن دريد إلى قراءتين في هذا الحرف، ثم بيّن معنى كل قراءة.
وقد أورد العلماء اختلاف القراء في الحرف، ومعنى كل قراءة، فذكروا قراءتين :
" الأولى : قراءة حمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف :﴿ أَفَتَمْرُونه وJ ﴾ بفتح التاء، وسكون الميم بلا ألف.
" الأخرى : قراءة الباقين :﴿ أَفَتُمَارُونَهُ ﴾ بضم التاء، وفتح الميم، وألف بعدها.
وأما توجيه القراءتين :
فقيل في قراءة :﴿ أَفَتَمْرُونه وJ ﴾ من مَرَيْتُه : إذا علمته وجحدته.
وفي قراءة :﴿ أَفَتُمَارُونَهُ ﴾ من ماراه يماريه مِرَاءً : جادله (٢).
- - - - -
( ٢٣٠ ) [ ٢ ] قول الله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) ﴾
قال : لتّ السَّوِيق وغيره يلُتُّه لتّاً، إذا بسّه بالماء أو غيره. وزعم قوم من أهل اللغة (٣) أن اللات التي كانت تُعبد في الجاهلية صخرة كان عندها رجل يَلُتُّ السَّوِيق وغيره للحاج فلمّا مات عُبدتْ، ولا أدري ما صحة ذلك لأنه لو كان كذلك كان يكون :(( اللاتّ )) بتثقيل التاء لأنها تاءان. وقد قرئ في التنزيل :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ M"¯=٩$#ّ وَالْعُزَّى ﴾ بالتثقيل والتخفيف.
( جمهرة اللغة، مادة [ ت ل ل ] ١ / ٨٠ )
- - - - - - -
(٢) ٢ ) للقراءتين وتوجيههما انظر : المبسوط ٤١٩ ؛ والتيسير ٦١٤ ؛ والحجة للقراء السبعة ٤ / ٣ ؛ والكشف عن وجوه القراءات ٢ / ٢٩٤ ؛ والبحر المحيط ١٠ / ١٢.
(٣) ١ ) ذكر هذا - أيضاً - الأزهري في تهذيب اللغة ١٤ / ١٧٩، وابن منظور في لسان العرب ٢ / ٨٣ من غير أن يصرحا بمن قال ذلك.
٢٣٤ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) ﴾
قال : والنَّهَر بفتح الهاء اللغة الفصيحة العالية، وأصل النَّهر : السَّعَة والفُسحة. وفُسِّر قوله عز وجلّ :﴿ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴾ في ضوء وفُسحة، وهو كلام المفسرين. واللغة توجب أن يكون نَهَر في معنى أنهار كما قال جلّ ثناؤه :﴿ ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ﴾ (١) أي : أطفالاً، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ر ن هـ ] ٢ / ٨٠٧ )
- - - - - - -
في كلام ابن دريد مسائل :
أولاها : اللغات الواردة في حرف ﴿ ٩چpktX ﴾ :
أشار ابن دريد إلى إحدى اللغتين المشهورتين في [ نَهَر ]، وهو مجيؤها مفتوحة الهاء.
والعرب لهم في عين الثلاثي إذا كانت أحد الأحرف الحلقية : الهمزة، والهاء، والعين والحاء، والغين، والخاء ؛ لغتان : التسكين تخفيفاً، أو التحريك بالفتح (٢).
وقد ذكر ابن دريد أن الفتح هي اللغة الفصيحة العالية.
وهذا صحيح ؛ إذ جاء التنزيل بها في غير موطن، والقرآن أحد الوجوه التي يطلب بها الترجيح.
.....................................................................................
- - - - - - -
ثانيها : تفسير النَّهْر بأصله في اللغة :
بيّن ابن دريد أن النهْر لغة يجيء بمعنى :. السعة، والفسحة (٣) ؛ ثم ذَكَرَ أن الحرف فُسِّر بذلك ؛ وقد حُفِظَ هذا التفسير عن ابن عباس، والقرظي - رضي الله عنهم -، والضحاك (٤).
(٢) ٢ ) انظر : أسرار العربية، لأبي البركات الأنباري ١٠٧ ؛ واللباب، للعكبري ٢ / ٣٨٤ ؛ ولسان العرب ٤ / ٣٥١.
(٣) ١ ) انظر أيضاً : تهذيب اللغة ٦ / ١٤٨ ؛ ومعجم مقاييس اللغة ٥ / ٣٦٢ ؛ وأساس البلاغة ٢ / ٣١٢.
(٤) ٢ ) انظر : سؤالات نافع بن الأزرق ٧٥ ؛ والكشف والبيان ٩ / ١٧٣ ؛ والدر المنثور ٧ / ٦٠٥.
قاله الحسن.
o ثالثها : بحر في السماء، وبحر في الأرض، قاله ابن عباس - رضي الله عنهم -، وابن جبير.
o آخرها : مطر السماء سماه بحراً، وبحر الأرض، قاله ابن عباس - رضي الله عنهم - (١).
والظاهر أنه يريد نوعي الماء : العذب والمالح ؛ وهو الرأي الذي عليه جماهير المفسرين (٢)، و المفهوم من القول الآخر المحكي عن ابن عباس.
قال ابن عطية :( والظاهر عندي أن قوله تعالى :﴿ yا`÷ƒtچَst٧ّ٩$# ﴾ يريد بهما نوعي الماء : العذب، والأجاج.
أي : خَلَطَهما في الأرض وأَرْسَلَهما مُتَدَاخِلَين في وضعهما في الأرض قريب بعضهما من بعض، ولا بغي. والعبرة في هذا التأويل منيرة ) (٣).
..
.....................................................................................
- - - - - - -
وقال ابن جزي :( أي : يلتقي ماء هذا وماء هذا، وذلك إذا نزل المطر في البحر على القول بأن البحر العذب : هو المطر. وأما على قول من قال : إن البحرين : بحر فارس وبحر الروم، أو بحر القلزم واليمن فضعيف لقوله في الفرقان :﴿ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾ (٤)، كل واحد من هذه أجاج، والمراد بالبحرين في هذه السورة : ما أراد في الفرقان ) (٥).
- - - - -
(٢) ٣ ) انظر : معاني القرآن، للفراء ٣ / ٢٣ ؛ ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٠٠ ؛ وتفسير السمرقندي ٣ / ٣٠٦ ؛ وتفسير ابن أبي زمنين ٢ / ٣٧٦ ؛ والكشف والبيان ٩ / ١٨١ ؛ والوسيط ٤ / ٢٢٠ ؛ ومعالم التنزيل ٤ / ٣٣٣ ؛ ومفردات الراغب ٣٤ ؛ والمحرر الوجيز ١٥ / ٣٢٩ ؛ والتسهيل ٢ / ٣٦٦ ؛ ومحاسن التأويل ٩ / ١٠٤.
(٣) ٤ ) انظر : المحرر الوجيز ١٥ / ٣٢٩.
(٤) ١ ) الفرقان : ٥٣.
(٥) ٢ ) انظر : التسهيل ٢ / ٣٦٦.
" والقراءة الأخرى :﴿ "مƒَtbqèù ﴾ بفتح الزاي ؛ قراءة الباقين. وبها جاءت آية الصافات :﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾ (١).
وقد ذكر العلماء المعنى على كل قراءة فقالوا :
" أما مَن قرأه بالكسر : فأراد لا ينفد شرابهم.
" وأما مَن قرأه بالفتح : فأراد لا تزول عقولهم إذا شربوها (٢).
والقراءتان - كما اتضح - متواترتان، وقد جاءت كل قراءة بمعنى يحمل وصفاً من أوصاف خمر الجنة، والله تعالى أعلم.
- - - - -
( ٢٤٤ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) ﴾
قال : والرَّفْع أيضاً تقريبك الشيء من الشيء. وفي التنزيل :﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ أي : مقرَّبة لهم، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ر ع ف ] ٢ / ٧٦٥ )
- - - - - - -
اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى :﴿ مَرْفُوعَةٍ ﴾، وذلك راجع لاختلافهم في المراد بالفُرُش من قوله :﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾، فمن قال : إن المراد بالفُرُش الأَسِرّة، قال : إن المراد بـ ﴿ مَرْفُوعَةٍ ﴾ طويلة بعضها فوق بعض ؛ حيث زيد في حشوها، أو مرفوعة على الأسرّة (٣).
(٢) ٢ ) للقراءتين وتوجيههما انظر : المبسوط ٤٢٦ ؛ والسبعة ٥٤٧ ؛ والحجة، لابن خالويه ١٩٥ ؛ والكشف عن وجوه القراءات السبع ٢ / ٢٢٤ ؛ والبحر المحيط ١٠ / ٨٠. ( والقراءتان سبعيتان ).
(٣) ١ ) انظر : معاني القرآن، للفراء ٣ / ٣٣ ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٢٥٠ ؛ وجامع البيان ٢٧ / ١٨٥ ؛ وتفسير السمرقندي ٣ / ٣١٦ ؛ والكشف والبيان ٩ / ٢٠٩ ؛ النكت والعيون ٥ / ٤٥٤ ؛ والوسيط ٣ / ٢٣٥ وتفسير السمعاني ٥ / ٣٥٠ ؛ وزاد المسير ٨ / ١٤١ ؛ والبحر المحيط ١٠ / ٨٢ ؛ والتسهيل ٢ / ٣٧٤ والتحرير والتنوير ٢٧ / ٣٠٠.
وقال الجوهري :( والنظر : الانتظار ) (١).
- - - - -
( ٢٤٩ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (٢٠) ﴾
قال : وكلُّ شيء حَطَمْتَه فكُسارته حُطَام، وكذلك اليبيس من النبت : قال الله جل ذكره :﴿ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ﴾.
( جمهرة اللغة، مادة [ ح ط م ] ١ / ٥٥٠ )
- - - - - - -
أوضح ابن دريد معنى قوله تعالى :﴿ حُطَامًا ﴾، وأنه : كُسارة كل شيء حُطِم.
وهذا المعنى لا خلاف فيه بين أهل التأويل (٢).
والمعنى عليه عند أهل اللغة (٣).
قال ابن جرير :( ثم يكون ذلك حطاماً، يعني به : أنه يكون نبتاً يابساً متهشماً ) (٤).
.....................................................................................
- - - - - - -
وقال الواحدي :( يتحطم وينكسر بعد يبسه ) (٥).
(٢) ١ ) انظر : جامع البيان ٢٧ / ٢٣٢ ؛ ونزهة القلوب ٢١٣ ؛ ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٢٧ ؛ وتفسير السمرقندي ٣ / ٣٢٨ ؛ وتفسير ابن أبي زمنين ٢ / ٣٩٢ ؛ والوسيط ٤ / ٢٥٢ ؛ وتفسير السمعاني ٥ / ٣٧٥ ومعالم النزيل ٥ / ٣٢ ؛ ومفردات الراغب ١٢٢ ؛ وزاد المسير ٨ / ١٧١ ؛ وتفسير ابن كثير ٤ / ٣١٣ وتفسير أبي السعود ٦ / ٢٠٧ ؛ وفتح القدير ٥ / ٢٤٩.
(٣) ٢ ) سبقت الإشارة إليه في سورة النمل، انظر : الصفحة ٤٥٠.
(٤) ٣ ) انظر : جامع البيان ٢٧ / ٢٣٢.
(٥) ١ ) انظر : الوسيط ٤ / ٢٥٢.
وبنحو الذي قال أوّل المفسرون هذا الحرف في السورة هنا (١).
قال السجستاني :( عبيده المتقون، وأنصار دينه ) (٢).
وقال الماوردي (٣) :( فيهم وجهان :
o أحدهما : أنهم من عصبة الله فلا تأخذهم لومة لائم.
o الثاني : أنهم أنصار حقه ورعاة خلقه، وهو محتمل ) (٤).
وقال ابن جزي :( والحزب : هم الجماعة المتحزبون لمن أضيفوا إليه ) (٥).
و العرب تقول : أنا في حزب فلان، أي : في شق فلان وجانبه (٦).
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر : نزهة القلوب ٢١٤.
(٣) ٣ ) هو : علي بن محمد بن حبيب القاضي، أبو الحسن، البصري، الشافعي. كان حافظاً للمذهب، عظيم القدر، مقدماً عند السلطان. له المصنفات الكثيرة في كل فن، من تصانيفه : الحاوي في الفقه، وتفسير القرآن سماه : النكت، والأحكام السلطانية. توفي سنة ٤٥٠ هـ. انظر طبقات الشافعية ١ / ٣٢٠ ؛ وطبقات المفسرين، للسيوطي ١ / ٨٣.
(٤) ٤ ) انظر : النكت والعيون ٥ / ٤٩٧.
(٥) ٥ ) انظر : التسهيل ٢ / ٣٩٦.
(٦) ٦ ) انظر : تهذيب اللغة ٤ / ٢١٧ ؛ والصحاح ١ / ٩٧ ؛ و مقاييس اللغة ٢ / ٥٥ ؛ ولسان العرب ١ / ٣٠٨.
واللغويون يقولون في معنى الحرف بمثل ما قال ابن دريد (١).
قال قتادة في معنى الجلاء :( خروج الناس من البلد إلى البلد ) (٢).
وقال ابن فارس :( الجيم، واللام، والحرف المعتل أصل واحد، وقياس مطّرد، وهو : انكشاف الشيء وبروزه.. ومن الباب : جلا القومُ عن منازلهم جَلاء، وأجليتهم أنا إجلاء ) (٣).
والجلاء وإن كان إخراجاً إلا أن له معنى زائداً على مجرد الإخراج، قال الماوردي :( والفرق بين الجلاء والإخراج - وإن كان معناهما في الإبعاد واحد - من وجهين :
o أحدهما : أن الجلاء ما كان مع الأهل والولد، والإخراج قد يكون مع بقاء الأهل والولد.
o والثاني : أن الجلاء لا يكون إلا لجماعة، والإخراج قد يكون لجماعة ولواحد ) (٤).
- - - - -
( ٢٥٢ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا ؛pyJح !$s% عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (٥) ﴾
قال : وأهل المدينة يسمون النخل الذي يسميه أهل البصرة الدَّقَل : اللِّين واللُّون واحدتها لِينة ولُونة، وهو من قوله تعالى :﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ﴾، وتُجمع لِياناً قال امرؤ القيس (٥) :
وسالفةٌ كسَحوق اللِّيا نِ أَضْرَمَ فيها الغَوِيُّ السُّعُرْ
( جمهرة اللغة، مادة [ ل ن ي ] ٢ / ٦٧٤ و ٩٨٩ )
- - - - - - -
اختُلف في معنى اللينة على أقوال :
(٢) ٢ ) انظر : جامع البيان ٢٨ / ٣١.
(٣) ٣ ) انظر : مقاييس اللغة ١ / ٤٦٨.
(٤) ٤ ) انظر : النكت والعيون ٥ / ٥٠١.
(٥) ١ ) البيت في ديوانه ١٦٥ ؛ وأمالي القالي ٢ / ٢٥٤ ؛ وإعراب القرآن، للنحاس ٤ / ٣٩١ ؛ وتهذيب اللغة ٤ / ١٧ وقال في التهذيب :( شبَّه عُنُق الفرس بالنخلة الجرداء ). والموجود في الديوان :
.. كسحوق اللبان أضرم فيه...
عن أسماء قالت : أتتني أمي راغبةً في عهد النبي - ﷺ - فسألت النبي - ﷺ - آصِلُها ؟ قال :( نعم ) قال ابن عيينة : فأنزل الله تعالى فيها :﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ (١).
- - - - -
...
و سبب تسمية الكتاب : سِفْراً : أنه يُسفر عن الحقائق (١) ؛ ذلك أن مادة ( سفر ) لغة تعني : الكشف. وكل ما اشتق منها راجع إلى هذا المعنى (٢).
- - - - -
(٢) ٤ ) انظر : تهذيب اللغة ١٢ / ٢٧٨ ؛ و مقاييس اللغة ٣ / ٨٢ ؛ ولسان العرب ٤ / ٣٧٠.
قال السمرقندي في معنى : خُشُب :( جماعة الخشب، فوصفهم بتمام الصور، ثم أعلم أنهم في ترك التفهم في منزلة الخشب ) (١).
وقال السمعاني :( أي : هم مناظر بلا مخابر، وصور بلا معاني، وإنما مثّلهم بالخُشُب لأن الخشب لا قلب له، ولا عقل، ولا يعي خبراً، ولا يفهمه، ويقال في العادة : فلانٌ خشب أي : ليس له عقل ولا فهم.. فالخَشب والخُشب جمع، والواحدة خشبة ) (٢).
وقال الزمخشري :( شبهوا في استنادهم - وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير - بالخشب المسندة إلى الحائط ؛ ولأنّ الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع، وما دام متروكاً فارغاً غير منتفع به أسند إلى الحائط، فشبهوا به في عدم الانتفاع. ويجوز أن يراد بالخشب المسندة الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحيطان ؛ شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جدواهم ) (٣).
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر : تفسيره ٥ / ٤٤١.
(٣) ٣ ) انظر : الكشاف ٦ / ١٢٤.
الأخرى : معنى الزَّعْم في التنزيل :
ذكر ابن دريد أن الزَّعم في التنزيل يقع على : الباطل.
وقوله جاء بمثل ما ذَكَر ابن عمر - رضي الله عنهم - (١)، وغيره (٢).
قال ابن عمر - رضي الله عنهم - :( زعم : كُنية الكذب ) (٣).
وقال الراغب :( الزعم حكاية قولٍ يكون مظنةً للكذب، ولهذا جاء في القرآن في كل موضع ذُمَّ القائلون به ) (٤).
وفي الحديث :(( بئس مطية الرجل : زعموا )) (٥).
و للطحاوي (٦) تعليق نفيس على هذا الحديث، يقول :( فتأملنا ما روي عن رسول الله - ﷺ - في وصفه زعموا بما وصفها به، وذكره إياها أنها بئس مطية الرجل ؛ فوجدْنا : زعموا........................
.....................................................................................
(٢) ٣ ) انظر : تفسير السمعاني ٥ / ٤٥١ ؛ ومفردات الراغب ٢١٧ ؛ والكشاف ٦ / ١٣٢ ؛ والجواهر الحسان ٣ / ٣٧٢ ؛ والتحرير والتنوير ٢٨ / ٢٧٠.
(٣) ٤ ) انظر : جامع البيان ٢٨ / ١٢١ ؛ وحكي مثل هذا القول عن شريح. انظر : مصنف ابن أبي شيبة ٨ / ٤٥٨ ؛ والنكت والعيون ٦ / ٢٢.
(٤) ٤ ) انظر : مفرداته ٢١٧.
(٥) ٦ ) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: الأدب ؛ باب: قول الرجل : زعموا ؛ ( ٥ / ٢٥٤ ) [ ح : ٤٩٧٢ ] ومصنف ابن أبي شيبة، كتاب : الأدب ؛ باب : مَن كره أن يقول : زعموا ( ٨ / ٤٥٨ ) [ ح : ٢٦١٨٦ ] كلاهما عن أبي مسعود - رضي الله عنه - ؛ و صححه الألباني. انظر : صحيح الجامع الصغير ١ / ٥٤٧.
(٦) ٧ ) هو : أحمد بن محمد بن سلامة، الأزدي، الحُجري، المصري، الطحاوي الفقيه الحنفي. كان ثقة نبيلاً فقيهاً إماماً. مصنفاته كثيرة جداً منها : كتاب أحكام القرآن، ومعاني الآثار وبيان مشكل الآثار. توفي سنة ٣٢١ هـ. انظر : طبقات الحنفية، لأبي الوفاء القرشي ١٠٧ ؛ وطبقات المفسرين للداودي ١ / ٧٣.
وثمَّ رأي آخر في عسى التي في التنزيل، وهو : أنها لا تأتي إلا واجبة. قال بهذا القول ابن عباس - رضي الله عنهم - (١)، والحسن (٢) والشافعي (٣)، في آخرين (٤).
وحجّتهم في ذلك : أنه لو قيل : إنها غير واجبة بمعنى : أنها للطمع والترجي ؛ لزم منه القول : بأن الطمع والترجي يقع من الله لِلَّهِ ومعلوم أن هذا لا يصح في حق الله.
ثم أبطل بعضهم الاستثناء - أي استثناء آيتي الإسراء، والتحريم من القاعدة الكلية - وعمم القاعدة ؛ معلّلا ذلك بأن الرحمة كانت مشروطة بألا يعودوا كما قال :﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾ وقد عادوا ؛ فوجب عليهم العذاب.
والتبديل مشروط بأن يطلِّق، ولم يطلق ؛ فلا يجب، ولو أنه طلّق ؛ لوجب.
والراغب يرى أنها للطمع والترجي كلها، قال :( عسى : طَمِعَ وتَرَجّى، وكثير من المفسرين فسروا [ لعل وعسى ] في القرآن باللازم وقالوا : إن الطمع والرجاء لا يصح من الله، وفي هذا منهم قصور نظر، وذاك أن الله تعالى إذا ذكر ذلك يذكره ليكون الإنسان منه راجياً، لا لأن يكون هو تعالى يرجو، فقوله :﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ ﴾ (٥) أي : كونوا راجين في ذلك ) (٦).
وعلى هذا يجتمع في [ عسى ] التي في التنزيل ثلاثة آراء :
.....................................................................................
- - - - - - -
(٢) ٢ ) انظر : أحكام القرآن، للجصاص ٣ / ٢٢٨ ؛ و المحرر الوجيز ٧ / ١٤٠.
(٣) ٣ ) انظر : أحكام القرآن له ٢ / ١٧.
(٤) ٤ ) منهم السمرقندي في تفسيره ٣ / ٣٨١ ؛ والواحدي في الوسيط ٤ / ٣٢١ ؛ والسمعاني في تفسيره ٥ / ٤٧٧ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ٥ / ١٢٢ ؛ والعز بن عبد السلام في تفسيره ٢ / ١١.
(٥) ٥ ) الأعراف : ١٢٩.
(٦) ٦ ) انظر : مفرداته ٣٤٧.
فالأول : قولهم لقعر الشىء : غورُه ويقال : غار الماء غوراً وغارت عينه غؤوراً قال الله تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا ﴾، ويقال : غارت الشمس غياراً : غابت.. ) (١).
- - - - -
٢٦٢ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا ×#ح !$sغ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ tbqمKح !$tR (١٩) ﴾
قال : وأطافَ به : إذا طرقه ليلاً، ويقال في هذا - أيضَاً - : طافَ في التنزيل :﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا ×#ح !$sغ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ tbqمKح !$tR ﴾.
( باب ما اتفق عليه أبو زيد وأبو عبيدة مما تكلمت به العرب من فعلت ُ و أفعلتُ ٣ / ١٢٦٣ )
- - - - - - -
أشار ابن دريد إلى أن طاف في التنزيل مثل أطاف، تعني : طرق ليلاً، وبهذا المعنى قال أهل التفسير قاطبة (١).
قال السمرقندي في معنى الآية :( يعني : بعث الله تعالى ناراً على حديقتهم بالليل - والطائف : الذي أتاك ليلاً - فأحرقها وهم نائمون ) (٢).
وأهل اللسان يقولون : لا يكون الطائف إلا ليلاً، ولا يكون نهاراً (٣).
وقد رَدّ بعضهم هذا بقول الله :﴿ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ (٤) فقالوا : إنه لم يتخصص بالليل ( ٥ ).
لكن يجاب عن هذا فيقال : فرق بين العذاب، وبين لمّة الشيطان، فالعذاب لا يسمى ( طائف ) إلا إن كان ليلاً، أما لمّة الشيطان ففي أي وقت كانت فهي ( طائف ).
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر : تفسير السمرقندي ٣ / ٣٩٤.
(٣) ٣ ) انظر : لسان العرب ٩ / ٢٢٥.
(٤) ٤ ) الأعراف : ٢٠١. ( ٥ ) انظر : البحر المحيط ١٠ / ٢٤٢ ؛ ونظم الدرر ٨ / ١٠٥.
وَعَى الشيءَ، والحديثَ يَعِيه وعْياً وأوعاه : حَفِظَه وفَهِمَه وقَبِلَه.. ) (١).
- - - - -
( ٢٦٤ ) [ ٢ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى $ygح !%y`ِ'r& وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧) ﴾
قال : وواحد الملائكة مَلَك، وربما هُمز فقيل : مَلأك، وربما قالوا للجميع : مَلَك، وقد جاء في التنزيل :﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى $ygح !%y`ِ'r& ﴾ فهذا الجماعة، والله أعلم، وقال :﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ (٢).
( جمهرة اللغة، مادة [ ك ل م ] ٢ / ٩٨١ )
- - - - - - -
أشار ابن دريد في كلامه إلى مسألتين :
الأولى : في المفرد من ملائكة :
ذكر ابن دريد أن واحد الملائكة : مَلَك بفتح اللام، وربما قيل في المفرد : ملأك.
وسبب همزهم للمفرد مراعاة الأصل ؛ فإن أصل الحرف من ألك ؛ بمعنى : أرسل. قال ابن منظور :( والملَك مشتق منه، وأصله : مألك، ثم قُلِبَت الهمزة إلى موضع اللام فقيل : ملأك، ثم خُفِّفَت الهمزة بأن أقيمت حركتُها على الساكن الذي قبلها فقيل : ملك ) (٣).
الأخرى : في أن ( مَلَك ) يأتي ويراد به الجميع :
استند ابن دريد على آيتي الحاقة والفجر، إذ يرى أن الملَك فيهما يراد به جماعة الملائكة وبمثل ذلك قال المفسرون (٤).
.....................................................................................
- - - - - - -
(٢) ١ ) الفجر : ٢٢.
(٣) ٢ ) انظر : لسان العرب ١٠ / ٣٩٤.
(٤) ٣ ) انظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢١٦ ؛ وتفسير السمرقندي ٣ / ٣٩٨ ؛ وتفسير ابن أبي زمنين ٢ / ٤٤٤ ؛ والكشف والبيان ١٠ / ٢٨ ؛ والجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٢٥٤ ؛ والتسهيل ٢ / ٤٥١.
بيّن ابن دريد معنى :﴿ كُبَّارًا ﴾ في الآية فذكر أن المراد به : كبيراً. وبه ونحوه قال ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد، وابن زيد، والحسن، والضحاك (١)، وغيرهم (٢).
قال مجاهد في قوله :﴿ كُبَّارًا ﴾ :( عظيماً ) (٣).
قال أبو عبيدة :( مجازها : كبيراً، والعرب قد تُحَوّل لفظ (( كبير )) إلى فُعال مخففة ويُثَقّلون ليكون أشد، فالكُبّار أشد من الكُبَار، وكذلك جُمّال جميل لأنه مبالغة ) (٤).
وقال ابن أبي زمنين :( عظيماً وهو الشرك ) (٥).
ومثل هذا معروف من كلام العرب، ومقرر في دوواينهم (٦).
- - - - -
( ٢٦٩ ) [ ٣ ] قول الله - عز وجل - :﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (٢٣) ﴾
قال : و ود : صنم. و ود بفتح الواو وكسرها وفي التنزيل :﴿ (ںw تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا ﴾ سُواع : صنم أيضاً.
( الاشتقاق ١١٠ ؛ وجمهرة اللغة، مادة [ س ع و ] ٢ / ٨٤٤ )
- - - - - - -
هنا مسألتان :
الأولى : المراد بـ ( ود ) و ( سواع ) :
(٢) ٢ ) كالفراء في معاني القرآن ٣ / ٨٥ ؛ وأبي عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ٢٧١ ؛ واليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ٣٩١ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ٣٨٤ ؛ وتفسير السمرقندي ٣ / ٤٠٨ ؛ ومكي في تفسير المشكل ٢٨٠ ؛ والواحدي في الوسيط ٤ / ٣٥٩ ؛ والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٢٩٤ ؛ والسمين في عمدة الحفاظ ٤٧٩ ؛ وابن جزي في التسهيل ٢ / ٤٦٢ ؛ والألوسي في روح المعاني ١٥ / ٨٥.
(٣) ٣ ) انظر : جامع البيان ٢٩ / ٩٨.
(٤) ٤ ) انظر : مجاز القرآن ٢ / ٢٧١.
(٥) ٥ ) انظر : تفسيره ٢ / ٤٥٢.
(٦) ٦ ) انظر : تهذيب اللغة ١٠ / ١٢١ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ١٥٣ ؛ ولسان العرب ٥ / ١٢٩.
وقال ابن منظور :( القِدُّ : القِطعة من الشيء. و القِدَّة : الفِرقة والطريقة من الناس، مشتق من ذلك إذا كان هوى كلِّ واحدٍ على حِدَة. وفي التنزيل :﴿ كُنَّا t، ح !#tچsغ قِدَدًا ﴾ و تَقَدَّدَ القوم : تفرَّقُوا قِدَداً وتَقَطَّعوا ) (١).
- - - - -
( ٢٧١ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) ﴾
قال : والغَدَق : الماء الكثير. وفي التنزيل :﴿ مَاءً غَدَقًا ﴾ أي : كثيراً.
( الاشتقاق ٤٧ )
- - - - - - -
جميع المفسرين متفقون على معنى الغَدَق الوارد في الآية، حيث جاء عنهم مثل تأويل ابن دريد.
وهذا القول جاء متفقاً مع المحفوظ عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد، وابن جبير، وقتادة وابن زيد، ومقاتل، وأبي مالك غَزوانَ (٢) ؛ وعليه - أيضاً - مَن جاء بعدَهم (٣).
قال أبو مالك في معنى ذلك :( كثيراً، والماء المال ) (٤).
وقال الزمخشري :( لأنعمنا عليهم ولوسّعنا رزقهم. وذَكَرَ الماءَ الغَدَقَ وهو الكثير.. لأنه أصل المعاش، وسعةِ الرزق ) (٥).
والعرب تقول : أرض غَدِقَة : وهي الندية المبتلة الربى الكثيرة الماء (٦).
(٢) ١ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٢٥٨ ؛ وجامع البيان ٢٩ / ١١٤ - ١١٥ ؛ وتفسير السمرقندي ٣ / ٤١٢ والوسيط ٤ / ٣٦٦ ؛ والدر المنثور ٨ / ٢٨٣.
(٣) ٢ ) انظر : مجاز القرآن ٢ / ٢٧٢ ؛ والكشف والبيان ١٠ / ٥٣ ؛ ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٣٥ وتفسير السمعاني ٦ / ٦٩ ؛ ومفردات الراغب ٣٧٠ - ٣٧١ ؛ والكشاف ٦ / ٢٣٠ ؛ وتفسير البيضاوي ٨ / ٣٦٥ ؛ والبحر المحيط ١٠ / ٣٠٠ ؛ ونظم الدرر ٨ / ١٩٣ ؛ ومحاسن التأويل ٩ / ٣٣٤.
(٤) ٣ ) انظر : الدر المنثور ٨ / ٢٨٣.
(٥) ٤ ) انظر : الكشاف ٦ / ٢٣٠.
(٦) ٥ ) انظر : تهذيب اللغة ٨ / ٣٢ ؛ و مقاييس اللغة ٤ / ٤١٥ ؛ ولسان العرب ١٠ / ٢٨٢.
ذلك لما في صوت الصور من القَرْع، ولما يحدث عقيب ذلك الصوت من بَعْثَرَت القبور وتحصيل ما في الصدور، وتجلي الحقائق.
فكأن ابن دريد - والله تعالى أعلم - حين جعل الناقور الذي هو الصور من الكشف لاحظ العلاقة السببية في ذلك.
- - - - -
( ٢٧٥ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) ﴾
قال : ومنهم (١) الوليد بن المغيرة، وكان من المستهزئين وفيه نزلت :﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴾.
( الاشتقاق ٩٨ )
- - - - - - -
ذكر ابن دريد أن الآيات في الوليد بن المغيرة المخزومي، وعلى ذلك - أيضاً - أهل التأويل ابن عباس - رضي الله عنهم -، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، والضحاك، وابن جبير (٢) وغيرهم (٣).
وإن كان الناس خَلَقَهم الله على مثل الصفة المذكورة هنا، لكنه خُص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة، وأذية النبي - ﷺ -.
قال مجاهد :( نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم ) (٤).
- - - - -
( ٢٧٦ ) [ ٣ ] قول الله - عز وجل - :﴿ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴾
قال : والعُبُوس : ضد البِشْر (٥). عبس الرجل عبوساً وعَبْساً. وفي التنزيل :﴿ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴾.
( الاشتقاق ٤٤ )
- - - - - - -
(٢) ٢ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٢٦٣ ؛ وجامع البيان ٢٩ / ١٥٢ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٣٨٢ ؛
(٣) ٣ ) منهم : الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٤٦ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٣ / ٤٢١ ؛ والثعلبي في الكشف والبيان ١٠ / ٧١ ؛ والماوردي في النكت والعيون ٦ / ١٣٩ ؛ والواحدي في الوسيط ٤ / ٣٨١ والسمعاني في تفسيره ٦ / ٩١ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ٥ / ١٧٥ ؛ وابن عطية في المحرر الوجيز ١٦ / ١٥٨ والسيوطي في لباب النقول ٢٢٣.
(٤) ٤ ) انظر : جامع البيان ٢٩ / ١٥٢.
(٥) ١ ) البِشْر : الطلاقة. انظر : لسان العرب ٤ / ٦١.
قال قتادة :( قوله :﴿ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ﴾ : شخص البصر ) (١).
وقال ابن الجوزي :( ﴿ بَرِقَ ﴾ شخص يوم القيامة ) (٢).
وقال ابن كثير :( والمقصود أن الأبصار تنبهر يوم القيامة، وتخشع وتحار وتذل من شدة الأهوال، ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور ) (٣).
والعرب تقول للإنسان المتحير المبهوت : قد بَرِقَ ؛ وتقول للرجل إذا أوسع عينيه وأحد النظر بهما : برّق عينيه تبريقاً (٤).
- - - - -
( ٢٨١ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) ﴾
قال : وقد قرئ :﴿ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المَفِرُّ ﴾ و ﴿ أَيْنَ الْمَفَرُّ ﴾ فالمَفِرُّ : الموضع الذي تفر إليه، والمَفَرُّ : مَفْعَل من الفرار.
( والاشتقاق ٥٥٠ ؛ وجمهرة اللغة، مادة [ ر ف ف ] ١ / ١٢٤ )
- - - - - - -
أشار ابن دريد في كلامه إلى اختلاف القراء في قراءة :﴿ الْمَفَرُّ ﴾ على مذهبين :
" الأول :﴿ المَفِرُّ ﴾ بكسر الفاء ؛ وممن قرأها ابن عباس - رضي الله عنهم -، والحسن، ومجاهد وعكرمة، وابن يعمر.
" الآخر :﴿ الْمَفَرُّ ﴾ بفتح الفاء ؛ وهي قراءة عامة قراء الأمصار.
وقيل في معنى القراءتين : إنهما لغتان ؛ وقيل في معناهما على النحو الذي ذكر ابن دريد :
بكسر الفاء : اسم مكان، وهو الموضع الذي يُفَرّ إليه ؛ وبالفتح : من الفرار.
وهذا هو الصحيح أن لكل قراءة معنىً مختلفاً (٥).
(٢) ٢ ) انظر : تذكرة الأريب ٢ / ٢٥٩.
(٣) ٣ ) انظر : تفسيره ٤ / ٤٤٩.
(٤) ٤ ) انظر : تهذيب اللغة ٩ / ١١٥ ؛ والصحاح ٤ / ١١٩٨ ؛ و مقاييس اللغة ١ / ٢٢١ ؛ ولسان العرب ١٠ / ١٥.
(٥) ١ ) انظر القراءتين ومعناهما في : معاني القرآن، للفراء ٣ / ١٠٢ ؛ ومعاني القرآن، للأخفش ٢ / ٧٢٠ وجامع البيان ٢٩ / ١٨٠ - ١٨١ ؛ والمحرر الوجيز ١٦ / ١٧٤ ؛ والبحر المحيط ١٠ / ٣٤٦.
عن ابن عباس قال :( لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب (١)لم تر الماء من ورائه ؛ ولكن قوارير الجنة من فضة في صفاء القوارير كبياض الفضة ) (٢).
- - - - -
( ٢٨٤ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ إِن هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (٢٧) ﴾
قال : والوَراء من الأضداد عندهم : وَراء الشيء خلفه، ووراؤه قُدّامه. قال اللّه جلّ وعزّ :﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ (٣)، أي : أمامهم، واللّه أعلم. وقال تبارك وتعالى :﴿ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ﴾ أي : قُدّامهم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ر و - و - ا - ي ] ٢ / ١٠٦٩ )
- - - - - - -
الكلام في معنى الوراء من قوله :﴿ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ﴾ هو ذاته الكلام فيه من قوله :﴿ وَمِنْ ¾دmح !#u'ur عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ (٤)، وقد مضت دراسته، وبيان أنه من الأضداد بما يغني عن إعادته (٥).
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر : تفسير السمرقندي ٣ / ٤٣١.
(٣) ١ ) الكهف : ٧٩.
(٤) ٢ ) إبراهيم : ١٧.
(٥) ٣ ) ارجع إلى الصفحة ٣٢٣ - ٣٢٤.
في آخرين (١).
عن ابن مسعود أنه وجد قملة في ثوبه، فدفنها في المسجد ثم قال :﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا. أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ﴾ (٢).
و قال مجاهد :( تكفت أذاهم أحياءً : تواريه ؛ وأمواتا يُدفنون : تكفتهم ) (٣).
وقال الفراء :( تكفتهم أحياء : على ظهرها في بيوتهم، ومنازلهم ؛ وتكفتهم أمواتاً : في بطنها، أي : تحفظهم، وتُحرزهم ) (٤).
وقال السمعاني :( أي : كفتاً، وقيل : مَجْمَعاً. فالكفت : هو الضم، ومعنى الكفات ههنا : هو أن الأرض تضم الخلق أحياء وأمواتاً ؛ فالضم في حال الحياة : هو باكتنانهم واستقرارهم على ظهرها، وبعد الممات : باكتنانهم في بطنها وهو القبور ؛ وكان بقيع الغرقد يسمى : الكَفْتَة ) (٥).
وما ذكره المفسرون في الحرف، هو ذات ما قرره علماء العربية (٦).
.....................................................................................
- - - - - - -
(٢) ٢ ) انظر : جامع البيان ٢٩ / ٢٣٧.
(٣) ٣ ) انظر : المرجع السابق نفسه.
(٤) ٤ ) انظر : معاني القرآن له ٣ / ١١٤.
(٥) ٥ ) انظر : تفسيره ٦ / ١٢٩.
(٦) ٦ ) انظر : تهذيب اللغة ١٠ / ٨٥ ؛ والصحاح ١ / ٢٣٤ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ١٩٠ ؛ وأساس البلاغة ٢ / ١٣٩ ؛ ولسان العرب ٢ / ٧٩.
وقال الجوهري :( نَخِر الشيء بالكسر، أي : بلي وتفتّت، يقال : عظام نَخِرَة ) (١).
الأخرى : اختلاف القراء في قوله تعالى :﴿ نَخِرَةً ﴾ :
ذكر ابن دريد الخلاف في قراءة :﴿ نَخِرَةً ﴾ على قراءتين :
" الأول :﴿ نَاخِرَة ﴾ بألف بعد النون ؛ قراءة حمزة، وشعبة، وخلف، ورويس.
" الآخر :﴿ نَخِرَةً ﴾ بغير ألف ؛ قراءة نافع، و ابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر وحفص، وأبي جعفر، وروح.
أما الكسائي فكان لا يبالي كيف قرأها ؛ بألف أم بغير ألف، والرواية عنه القراءة بألف بعد النون (٢).
توجيه القراءتين :
أشار ابن دريد إلى اختلاف المعنى على كل قراءة ؛ وبنحو ما قال، وجّه غير واحد القراءتين (٣)، فقيل :
.....................................................................................
- - - - - - -
" أما مَن قرأ :(( نَخِرة )) فأراد بالية ؛ أي : أنها كلها قد فسدت.
" وأما مَن قرأ :(( ناخرة )) فأراد أن الريح تنخَر فيها ؛ لأنه قد بقي منها بقية ؛ إذ أُكِلت أطرافها وبقيت أوساطها.
(٢) ٣ ) انظر القراءتين في : السبعة ٦٧٠ ؛ والمبسوط ٤٦٠ ؛ والنشر ٢ / ٣٩٧ ؛ وإتحاف فضلاء البشر ٥٧٠. ( والقراءتان سبعيتان ).
(٣) ٤ ) كابن جرير في جامع البيان ٣٠ / ٣٥ ؛ والأزهري في معاني القراءات ٥٢٦ ؛ وذكره ابن خالويه في إعراب القراءات السبع ٢ / ٤٣٥ عن ابن مجاهد عن السِّمَّري عن الفراء. قلتُ : والثابت عن الفراء في معاني القرآن ٣ / ١٢١ أنهما بمعنى واحد.
أتَرى بما أقول بأساً ؟ )) فيقول : لا ؛ فنزلت :﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى. أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾ ) (١).
- - - - -
( ٢٨٨ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) ﴾
قال : والأَبّ : المرعى. قال الله عز وجل :﴿ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾. قال الشاعر (٢) : جِذْمُنا قيسٌ ونجدٌ دارُنا ولنا الأبّ بها والمَكْرَعُ
والمَكْرَع : الذي تَكْرَع فيه الماشية مثل ماء السماء ؛ يقال : كَرَع في الماء : إذا غابت فيه أكارعُه ؛ وكذلك نخل كَوَارِع : إذا كانت أصولها في الماء.
( جمهرة اللغة، مادة [ أ ب ب ] ١ / ٥٣ )
- - - - - - -
أَوّل ابن دريد الأبّ في الآية بالمرعى، ولأهل التأويل في معنى هذا الحرف قولان :
o أولهما : أن المراد به : ما تأكله البهائم من العشب والنبات، قال به جمهور المفسرين وهو المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهم -، وأبي رزين، ومجاهد، والحسن، وقتادة والضحاك، وابن زيد (٣)، وهذا هو معنى قول ابن دريد.
(٢) ١ ) البيت بغير نسبة في شيء من الكتب التي أُنشد فيها. انظر : تهذيب اللغة ١٥ / ٤٣٠ ؛ والمحكم والمحيط الأعظم ١٠ / ٥٥٤ ؛ ومعجم مقاييس اللغة ١ / ٦ ؛ ولسان العرب ١ / ٢٠٤. وفيها : ولنا الأبّ به.
وقوله :( جِذمنا قيس... ) جِذْم القوم : أصلهم، أي : الأهل والعشيرة. انظر : لسان العرب ١٢ / ٨٨.
(٣) ٢ ) انظر : سؤالات نافع بن الأزرق ٢٢٣ ؛ وتفسير الصنعاني ٢ / ٢٨٣ ؛ وجامع البيان ٣٠ / ٦٠ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٤٠١ ؛ والكشف والبيان ١٠ / ١٣٣ ؛ ومعالم التنزيل ٥ / ٢١٢ ؛
وقال الراغب :( والصحيفة : التي يُكتب فيها، وجمعها صحائف وصُحُف ) (١).
وقال ابن فارس :( الصاد، والحاء، والفاء أصل صحيح، يدل على انبساط في شيء وسعة.. ومن الباب الصحيفة وهي التي يكتب فيها والجمع صحائف، والصحف أيضاً كأنه جمع ) (٢).
- - - - -
( ٢٩٢ ) [ ٣ ] قول الله - عز وجل - :﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) ﴾
قال : ضَنَّ بالشيء يَضِنُّ ضَنّاً، إذا بَخِلَ به وشَحَّ عليه. والضنين : البخيل. وقد قرئ :﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴾ وبظنين، فالضَّنين : ما أخبرتك به والظَّنِين : المتهم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ض ن ن ] ١ / ١٤٨ )
- - - - - - -
في كلام ابن دريد مسألتان :
الأولى : معنى قوله تعالى :﴿ بِضَنِينٍ ﴾ :
ذكر ابن دريد معنى الحرف من حيث اللغة، وبيّن أنه مِن ضَنّ، بمعنى : بَخِل.
ومعناه في الآية كما ذكر، وعلى ذلك اجتمعت كلمة المفسرين : زِرّ بن حبيش، وقتادة ومجاهد، وسفيان الثوري، وإبراهيم النخعي، وعكرمة (٣)، وغير واحد (٤).
قال النخعي في قوله ﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴾ :( ببخيل ) (٥).
(٢) ٦ ) انظر : مقاييس اللغة ٣ / ٣٣٤.
(٣) ١ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٢٨٦ ؛ وجامع البيان ٣٠ / ٨١ - ٨٢ ؛ وتفسير ابن كثير ٤ / ٤٨١.
(٤) ٢ ) كالأخفش في معاني القرآن ٢ / ٧٣٢ ؛ واليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ٤١٦ ؛ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٥ / ٢٩٣ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ٣٠٩ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٣ / ٤٥٣ ؛ وابن أبي زمنين في تفسيره ٢ / ٤٩٣ ؛ والواحدي في الوسيط ٤ / ٤٣٢ ؛ والراغب في مفرداته ٣٠٨ ؛ وابن الجوزي في تذكرة الأريب ٢ / ٢٧٥ ؛ والبيضاوي في تفسيره ٨ / ٥٢٧ ؛ والقاسمي في محاسن التأويل ٩ / ٤١٩.
(٥) ٣ ) انظر: جامع البيان ٣٠ / ٨٢.
في آخرين (١).
قال الحسن في قوله :﴿ كَلَّا بَلْ ٢ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ :( الذنب على الذنب حتى يَعمَى القلب فيموت )، وقال :( العبد يعمل بالذنوب فتحيط بالقلب ثم ترتفع حتى تغشى القلب ) (٢).
وقال البغوي :( وأصل الرَّين الغَلَبة، يقال : رانت الخمر على عقله ترين ريناً وريونا، إذا غلبت عليه حتى سكر، ومعنى الآية : غلبت على قلوبهم المعاصي وأحاطت بها ) (٣).
وقال ابن منظور :( الرَّين : الطَّبَع والدَّنَس، والرين : الصدأ الذي يعلو السيف والمرآة. وران الثوبُ ريناً تَطَبّع. و الرين : كالصدإ يغشى القلب. وران الذنب على قلبه يرين ريناً و رُيُوناً : غلب عليه وغطاه ) (٤).
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر القولين في : جامع البيان ٣٠ / ٩٨.
(٣) ٣ ) انظر : معالم التنزيل ٥ / ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٤) ٤ ) انظر : لسان العرب ١٣ / ١٩٢. وبنحوه قال الجوهري في الصحاح ٥ / ١٧١٤ ؛ وابن فارس في مقاييس اللغة ٢ / ٤٧٠.
والذي يظهر لي أن المعنيين يحتملهما اللفظ ؛ فلا ضير في القول بهما جميعاً، وعليه - والله أعلم - يكون المعنى : إنك عامل خيراً أو شراً، وأنت لا محالة في ذلك سائر إلى ربك لأن الزمن يطير بعمر الإنسان.
- - - - -
( ٢٩٦ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (١٩) ﴾
قال : وكل شيء طوبق بعضه على بعض، فالأعلى طبق للأسفل. ومنه قوله جل وعز :﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾، والله أعلم كأنها منزلة فوق منزلة ؛ والسماوات الطباق بعضهن فوق بعض والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب ط ق ] ١ / ٣٥٨ )
- - - - - - -
اختلف أهل التأويل في معنى :﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾، وذلك راجع إلى اختلاف القراء في قراءة :﴿ لَتَرْكَبُنَّ ﴾، وعليه فإنه لا بد من استصحاب اختلاف القراء في الحرف عند الحديث عن معنى الآية، فيقال :
" ﴿ لَتَرْكَبَنَّ ﴾ بفتح التاء، والباء ؛ قراءة ابن كثير، وحمزة، والكسائي وخلف (١)، اختلفوا في معناها على أقوال :
o أولها : لتَركبَن يا محمد أنت حالاً بعد حال وأمراً بعد أمر من الشدائد ؛ قال بهذا ابن عباس - رضي الله عنهم -، وقتادة، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك (٢).
o ثانيها : عُنِيَ بذلك : لتَركبَن أنت يا محمد سماء بعد سماء ؛ قاله الحسن، وأبو العالية ومجاهد، ومسروق، والشعبي (٣).
.....................................................................................
- - - - - - -
(٢) ٢ ) انظر : تفسير ابن عباس - رضي الله عنهم - ٥٢٤ ؛ وتفسير الصنعاني ٢ / ٢٩٢ ؛ وجامع البيان ٣٠ / ١٢٣ - ١٢٤ وتفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٤١١ ؛ وتفسير ابن كثير ٤ / ٤٩١.
(٣) ٣ ) انظر : جامع البيان ٣٠ / ١٢٤ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٤١٢ ؛ ومعالم التنزيل ٥ / ٢٢٩.
قال : وفي التنزيل ذِكْر اللوح، وهو قوله عز وجل :﴿ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾، فهذا ما لا نقف على كُنه صفته، ولا نستجيز الكلام فيه إلا التسليم للقرآن واللغة. والألواح في قصة موسى - عليه السلام - ولا أُقْدِم على القول فيه، والله أعلم ما هي.
( جمهرة اللغة، مادة [ ح ل و ] ١ / ٥٧١ )
- - - - - - -
ذكر ابن دريد أنه لا يوقَف على كُنْه صفة اللوح الواردِ ذِكْرُه في السورة هنا، ولا يستجيز الكلام فيه ؛ كما أنه لا يُقْدم على القول في الألواح الوارد ذكرها في قصة موسى في سورة الأعراف (١) ؛ وأنه ليس له عندها إلا التسليم للقرآن واللغة.
فأما اللغة ؛ فمعنى اللوح معروف وهو : صفائح الخشب، والكتف إذا كتب عليها (٢).
وأما في القرآن فقد خوطبنا بها، ولم نخاطَب بكنهها وحقيقتها، فاللوح المحفوظ، وألواح موسى - عليه السلام - بالنسبة لنا من الغيب الذي لا يعرف إلا بإطلاع الدليل الصحيح عليه (٣).
وصنيع ابن دريد هذا حسن، أن يوقف عند حد الدليل، فقد وردنا النص بالألواح دون تفصيل كنهها، والمسلك الإيمان بذلك إجمالاً، وذلك بمقتضى دليل السَّمع، وقد أفلح مَن انتهى إلى ما سمع، والله أعلم.
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر : تهذيب اللغة ٥ / ١٦٠ ؛ ومعجم مقاييس اللغة ٥ / ٢٢٠ ؛ ولسان العرب ٢ / ٥٨٤.
(٣) ٣ ) وردت آثار تبين كنه اللوح المحفوظ لكن لم يصح منها شيء. انظر : تفسير الصنعاني ١ / ٣٢٩ ؛ وعلل الحديث، لأبي محمد الرازي ٢ / ٦٧.
o الآخر : أن المراد قبيلة من عاد وهي : بيت مملكة عاد ؛ قاله قتادة، ومقاتل والسدي (١). وقد رجح ابن جرير، وابن كثير هذا القول، وهو أن المراد : قبيلة من عاد. قال ابن جرير :( وأشبه الأقوال فيه بالصواب عندي أنها اسم قبيلة من عاد، ولذلك جاءت القراءة بترك إضافة عاد إليها، وترك إجرائها، كما يقال : ألم تر ما فعل ربك بتميمٍ نهشل ؟ فيترك إجراء نهشل، وهي قبيلة، فتُرِكَ إجراؤها لذلك، وهي في موضع خفض بالرد على تميم، ولو كانت إرم اسم بلدة أو اسم جد لعاد لجاءت القراءة بإضافة عاد إليها، كما يقال : هذا عمرُو زبيدٍ وحاتمُ طيءٍ وأعشى هَمْدانَ، ولكنها اسم قبيلة منها فيما أرى، كما قال قتادة، والله أعلم فلذلك أجمعت القراء فيها على ترك الإضافة وترك الإجراء ) (٢).
وقال ابن كثير :( وهذا قول حسن جيد قوي ) (٣). ثم ذكر من الحِجاج في تقوية هذا القول مثل التي ذكر ابن جرير.
وعليه فالراجح - والله أعلم - أن المراد بإرَم : قبيلة من عاد.
الأخرى : معنى ( إرم ) من حيث اللغة : ذكر ابن دريد أن الإرَم : عَلَم يُنصب من حجارة يقال : إنها قبور عاد. وما ذكر قال به أهل اللغة حين كشفوا عن معاني الحرف.
قال ابن فارس :( الهمزة، والراء، والميم أصل واحد، وهو نضد الشيء إلى الشيء في ارتفاع.. والإرَم العلم، وهي حجارة مجتمعة كأنها رجل قائم ) (٤).
- - - - -
( ٣٠٠ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩) ﴾
(٢) ٣ ) انظر : جامع البيان ٣٠ / ١٧٦.
(٣) ٤ ) انظر : تفسيره ٤ / ٥٠٨.
(٤) ٥ ) انظر : مقاييس اللغة ١ / ٨٥. وانظر أيضاً : تهذيب اللغة ١٥ / ٢١٦ ؛ ولسان العرب ١٢ / ١٤.
o أولها : قَسَمَها ؛ قاله ابن عباس - رضي الله عنهم - (١).
o ثانيها : بَسَطَها ؛ قاله مجاهد، وقتادة، والسدي، والضحاك، وسفيان الثوري وابن زيد (٢)، وبه فسر ابن دريد الحرف.
o ثالثها : ما خلق فيها ؛ قاله ابن عباس - رضي الله عنهم - (٣).
والقول بأن المراد : بسطها، هو أظهر الأقوال وأشهرها، وهو الذي تعضده اللغة (٤). قال ابن كثير في معنى ﴿ طَحَاهَا ﴾ :( بَسَطَها، وهذا أشهر الأقوال، وعليه الأكثر من المفسرين، وهو المعروف عند أهل اللغة، قال الجوهري : طحوته مثل دحوته، أي : بسطته ) (٥).
- - - - -
( ٣٠٢ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠) ﴾
قال : ويقال : دسّى فلانٌ فلاناً، إذا أغواه، ومنه قوله جلّ وعزّ :﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾، واللهّ أعلم.
( جمهرة اللغة مادة [ د س - و - ا - ي ] ٢ / ١٠٥٨ )
- - - - - - -
(٢) ٣ ) انظر : جامع البيان ٣٠ / ٢٠٩ ؛ والكشف والبيان ١٠ / ٢١٣ ؛ وتفسير ابن كثير ٤ / ٥١٧.
(٣) ٤ ) انظر : جامع البيان ٣٠ / ٢٠٩ ؛ وتفسير ابن كثير ٤ / ٥١٧.
(٤) ٥ ) انظر : تهذيب اللغة ٥ / ١١٨ ؛ والصحاح ٥ / ١٩٢١ ؛ و مقاييس اللغة ٣ / ٤٤٥ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٤.
(٥) ٦ ) انظر : تفسيره ٤ / ٥١٧.
وقال سيبويه :( وأما استغناؤهم بالشيء عن الشيء فإنّهم يقولون :(( يَدَعُ )) ولا يقولون :(( وَدَع )) استغنوا عنها بتَرَكَ، وأشباهُ ذلك كثير ) (١).
وقال أيضاً :( كما أن يَدَع ويَذَر على وَدَعْت و وَذَرْت وإن لم يُستعمَل، وفعلوا هذا بهذا لكثرته في كلامهم ) (٢).
- - - - -
( ٣٠٤ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩) ﴾
قال : والكَهْر : مصدر كَهَرْتُ الرجلَ أكهَره كَهْراً، إذا زجرته وأبعدته. وقد قرئ :( فأمّا اليتيمَ فلا تَكْهَر ).
( جمهرة اللغة مادة [ ر ك هـ ] ٢ / ٨٠٠ )
- - - - - - -
في كلام ابن دريد مسألتان :
الأولى : معنى الكَهْر في اللغة :
كشف ابن دريد عن معناه فذكر أنه : الزجر والإبعاد وهذا - أيضاً - ما حكاه علماء العربية (٣). و يتبين لنا بهذا أن الكهر، والقهر في المعنى سواء.
قال ابن منظور :( وكَهَرَه يَكْهَره كَهْراً : زجره، واستقبله بوجهٍ عابس، وانتهره تهاوناً به و الكهر الانتهار.. و كهره وقهره بمعنى ) (٤).
الأخرى : اختلاف القراءة في ( تقهر ) من قول الله تعالى :﴿ فَلَا تَقْهَرْ ﴾ :
قرئ الحرف بوجهين :
" الأول :( تكهر ) بالكاف ؛ قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه -، والشعبي.
" الآخر :﴿ تَقْهَرْ ﴾ بالقاف ؛ قراءة الجمهور المتواترة.
وتكهر لغة، بمعنى قراءة الجمهور (٥).
- - - - -
(٢) ٤ ) انظر : كتابه ٤ / ٢٢٦.
(٣) ١ ) انظر : تهذيب اللغة ٦ / ١٠ ؛ و مقاييس اللغة ٥ / ١٤٤ ؛ ولسان العرب ٥ / ١٥٤.
(٤) ٢ ) انظر : لسان العرب ٥ / ١٥٤.
(٥) ٣ ) للقراءتين انظر : معاني القرآن، للفراء ٣ / ١٦٤ ؛ وتفسير الصنعاني ٢ / ٣٠٨ ؛ وجامع البيان ٣٠ / ٢٣٣ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ١٠ / ٣٤٤٤ ؛ والمحرر الوجيز ١٦ / ٣٢٣ ؛ والبحر المحيط ١٠ / ٤٩٨.
فيقال : إن المراد : لنأخذنّ، ونقبضنّ أخذاً وقبضاً بشدة وعنف بناصيته، ولنسوّدنّ وجهه إذلالاً و تقذيراً له (١).
- - - - -
" أولاً : وَصَفَ الخيل أو الإبل على حد سواء بالعاديات، حتى حد الضبح ووري النار بالحوافر وبالحصا ؛ لأنها أوصاف تدل على الجري السريع.
ومعلوم أن الإفاضة من عرفات ثم من المزدلفة لا تحتمل هذا العدو، وليس هو فيها بمحمود ؛ لأنه - ﷺ - كان ينادي (( السكينة السكينة )) (١) فلو وجد لما كان موضع تعظيم وتفخيم.
" ثانياً : أن المشهور أن إثارة النقع من لوازم الحرب.
" ثالثاً : قوله تعالى :﴿ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا. فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا. فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ﴾ جاء مرتباً بالفاء، وهي تدل على الترتيب والتعقيب. وقد تقدم المغيرات صبحاً، وبعدها فوسطن به جمعاً.
وجمع هي المزدلفة وإنما يؤتى إليها ليلاً، فكيف يغرن صبحاً ويتوسطن المزدلفة ليلاً !
وهم يغيرون صبحاً من المزدلفة إلى منى و تلك الإغارة صبحاً بعد التوسط بجمع والسياق يؤخرها عن الإغارة ولم يقدمها عليها.
فتبين بذلك أن إرادة المزدلفة غير متأتية في هذا السياق، ويبقى القول الآخر، وهو الأصح، واللَّه تعالى أعلم (٢).
- - - - -
( ٣٠٧ ) [ ٢ ] قول الله - عز وجل - :﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) ﴾
قال : و ( كِنْدة ) من قولهم : كَنَد نعمة الله عز وجل، أي : كَفَرها. ومن قول الله جل ثناؤه :﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴾ والله عز وجل أعلم.
( الاشتقاق ٣٦٢ )
- - - - - - -
(٢) ٢ ) بتصرف من أضواء البيان ٩ / ٢٤٤.
وقال الزمخشري :( شَبّهَهُم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة، والتطاير إلى الداعي من كل جانب، كما يتطاير الفراش إلى النار ) (١).
والمعاني التي ذكرها أهل التأويل في الحرف هنا، لم تكن خارجة عن معناه في اللسان العربي (٢).
قال ابن منظور :( بَثَّ الشيء والخبر يَبُثُّه و يَبَثُّه بَثّاً و أَبُثُّه بمعنى، فانبث : فَرَّقَه فتَفَرَّق ونَشَرَه.. وبَثّ الغبار : هَيَّجَه ) (٣).
- - - - -
(٢) ٣ ) انظر : الصحاح ١ / ٢٤٢ ؛ وأساس البلاغة ١ / ٤٤ ؛ ولسان العرب ٢ / ١١٤.
(٣) ٤ ) انظر : لسان العرب ٢ / ١١٤.
- - - - - - -
وقال القرطبي مبيناً المراد بـ ( هُمْزة لُمْزة ) بالسكون :(.. فهي في معنى المفعول، وهو الذي يتعرض للناس حتى يهمزوه ويضحكوا منه ويحملهم على الاغتياب ) (١).
قال ابن منظور :( الهماز و الهمزة الذي يخلف الناس من ورائهم ويأكل لحومهم، وهو مثل العُيَبَة يكون ذلك بالشدق والعين والرأس ) وقال في مو ضع آخر :( و اللمز العيب في الوجه، وأصله : الإشارة بالعين والرأس والشفة، مع كلام خفي، وقيل : هو الاغتياب ) (٢).
وبين الهَمْز واللَّمز فرق دقيق ؛ فالهَمْز : بالفعل، واللَّمْز : بالقول.
- - - - -
(٢) ٢ ) انظر : لسان العرب ٥ / ٤٠٦ و ٤٢٦. وانظر كذلك : تهذيب اللغة ٦ / ٩٦ و ١٣ / ١٥١ و مقاييس اللغة ٥ / ٢٠٩ و ٦ / ٦٥.
قال ابن فارس :( الواو، والقاف، والباء كلمة تدل على غَيْبَة شيء في مَغَاب. يقال : وَقَبَ الشيء : دخل في وَقْبَة ؛ وهي كالنقرة في الشيء، ووَقَبَت عيناه : غارتا، ووقب الشيء : نزل ووقع، قال الله تعالى :﴿ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ قالوا : هو الليل إذا نزل ) (١).
- - - - -
؟ أن ابن دريد سجّل موقفاً حسناً، يثنى عليه به، وهو تحرّزه في أثناء التفسير.
؟ وتفريعاً على النتيجة السابقة : ينبغي للمتعلم أن يحسن اختيار شيخه الذي يأخذ عنه العلم ؛ إذ غالباً ما يصطبغ التلميذ بصبغة شيخه ؛ وتأمَّل كيف كان التحرز في التفسير من أبرز سمات ابن دريد، وذلك السمت أفاده من شيخه أبي حاتم وأبو حاتم اقتبسه من شيخه الأصمعي.
؟ أن اختلاف المفسرين في الأعم الأغلب، اختلاف تنوّع ؛ و ذلك راجع إلى أن كل واحد يفَسّر الحرف من القرآن بما يدني به المعنى لذهن المخاطب.
؟ تبيّن من الاختلاف بين القراء : أن تقارب المباني بسبب تقارب المعاني.
؟ وفي القرآن من ذلك عدد لا يُستهان به ؛ لو أن أحداً انبرى له تتبعاً وجمعاً ودراسة ؛ كان ذلك مما يُحمَد فاعله عليه.
؟ أن المتقدّمين إذا ذكروا وجهاً في تفسير الآية، فذلك لا يمنع المتأخرين من استخراج وجه آخر في تفسيرها ؛ بشرط أن يراعى في ذلك : القرآن، والسنة ولغة العرب.
؟ أن القرآن أحد الأوجه التي يطلب بها الترجيح بين اللغات.
؟ يجيء أحياناً في كلام الله لفظان يُظَنَّ الترادف بينهما، و الواقع اختصاص كل لفظٍ منهما بمعنىً دقيق، لا يحمله نظيره، ( كالضيق ) و ( الحرج ).
؟ أن العلم بأساليب الخطاب عند العرب، ضرورة يحتاج إليها المفسِّر.
؟ أن كلام الله لا يوجّه إلا إلى المعنى الأغلب الأشهر عند العرب.
كَمُلَ ما كُنْتُ بصدده، والحمد لله كثيراً على ذلك، وصلى الله على خير خلقه وعلى آله وصحبِه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليماً.
والفصل الرابع : منهجُ ابنِ دريد في التفسير، وذلك في مباحث عشرة استعرضت فيها منهجه في تفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالسنّة، وأقوال الصحابة و التابعين وتفسير أيضاً باللغة ؛ ثم انتقلت مبيناً عنايته بالقراءات، وتوجيهها ؛ بعدها ذكرت اهتمامه بعلوم القرآن، الغريب منه ؛ ثم موقفه من الاسرائيليات، فموقفه من آيات الصفات، حتى انتهيت إلى ذكر تحرزه في التفسير ؛ وبه أنهيتُ القسم الأول من الأطروحة.
ثم انتقلتُ من الكلامِ في منهجِه إلى القسم الثاني : وهو سَرْدُ أقواله في التفسير حيث كنتُ أذكر أقوالَه دارساً لها وفق المنهج العلمي المتبع.
وبعد انتهائي مِن دراسة الأقوال فرغْتُ إلى خاتمة الرسالة : وضمَّنتُها أهمَّ ما توصَّلْتُ إليه من نتائجَ في هذا البحثِ، و توصياتٍ مقترحة.
بعد ذلك جئت بالفهارس المتنوعة.
وَرِيشًا.. } ( ٢٦ ) متواترة وشاذة....................................... ٢٣٤
﴿.. يَلِجَ الْجَمَلُ.. ﴾ ( ٤٠ ) متواترة وشاذة................................. ٢٣٦
﴿.. سَمِّ الْخِيَاطِ.. ﴾ ( ٤٠ ) متواترة وشاذة................................ ٢٣٧
﴿.. نَكِدًا.. ﴾ ( ٥٨ ) متواترة و شاذة...................................... ٢٣٨
﴿.. مِنْ حُلِيِّهِمْ.. ﴾ ( ١٤٨ ) متواترة...................................... ٢٤٤
﴿..ôN
چyJsù بِهِ.. ﴾
( ١٨٩ ) شاذة........................................ ٢٥٢﴿.. طَائِفٌ.. ﴾ ( ٢٠١ ) متواترة.......................................... ٢٥٥
سورة براءة
﴿.. نَجَسٌ.. ﴾ ( ٢٨ ) متواترة وشاذة....................................... ٢٦٥
الآية ورقمها نوع القراءات فيها موضع ورودها
سورة هود
﴿.. فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ.. ﴾ ( ٨١ ) متواترة.................................... ٢٨٦
سورة يوسف
﴿..ûسح_çRâ"َsu‹s٩.. ﴾ ( ١٣ ).................................................. ٢٩٠
﴿.. شَغَفَهَا.. ﴾ ( ٣٠ ) متواترة وشاذة..................................... ٢٩٦
﴿.. السِّجْنُ.. ﴾ ( ٣٣ ) متواترة..................................... ٧٨- ٣٠١
﴿.. حَرَضًا.. ﴾ ( ٨٥ ) متواترة وشاذة...................................... ٣١١
﴿.. وَحُزْنِي.. ﴾ ( ٨٦ ) متواترة وشاذة...................................... ٣١٤
سورة الرعد
﴿.. جُفَاءً.. ﴾ ( ١٧ ) شاذة.............................................. ٣٢١
سورة النحل
﴿..bخ) تَحْرِصْ.. ﴾ ( ٣٧ ) متواترة وشاذة.................................. ٣٣٠
﴿.. ظَعْنِكُمْ.. ﴾ ( ٨٠ ) متواترة............................................ ٣٤٣
سورة الإسراء
{..
٥٣٦ (( أي : إن دَعَوْك إلى السَّلم إلى الإسلام فصالحهم عليه )) ( ابن إسحاق ).......... ٢٦٣ (( أي : لا تأنيب عليكم اليوم فيما صنعتم )) ( ابن إسحاق ).................... ٣١٦ (( بالعَرَاء : بالأرض )) ( السدي ).............................................. ٤٩٩ (( بالعَرَاء : بالساحل )) ( ابن عباس ).......................................... ٤٩٩ (( بثي : حاجتي وحزني )) ( الحسن ).......................................... ٣١٣............
الأثر قائله موضع وروده
((
أَلَنْدَدُ ( الطِّرِمَّاح )............................................................ ٥٢٤ يعودُ ( جرير )............................................................... ٣٦٢ الأُجُدِ ( خُفاف )............................................. ٥٤ – ١٥٦ ابعدِ ( دريد بن الصُّمَّة )............................................... ٣٧ الشِّيْدِ ( الشَّمَّاخ )........................................................... ٤١٦..
قافية البيت القائل موضع وروده
( ر )
القَتَرُ ( أبو زَُبيْد الطائي ).................................................... ٦٨٧ القناطرُ ( ذو الرِّمَّة ).......................................................... ٣٥٨ إكباراً ( ــ ).............................................................. ٣٠٠ آلَ أبْجَرا ( الأبيرد الرياحي )................................................ ٥٩٧ فاسْتَمْطِرِ ( سُدَيْف بن ميمون )..................................... ٨٣ – ١٢١ المُسَحَّرِ ( لبيد بن ربيعة )...................................................... ٤٤٤ قارِ ( بدر بن حزاز الفزاري ).................................................. ٤٧٧ بالكَدَرِ ( ابن مُقْبِل )........................................................... ٤٩٧ السُّعُرْ ( امرؤ القيس )....................................................... ٦١٤....................................................
. ( ز )
الأزِّ ( رؤبة )................................................. ٧٥ – ٣٨٥..............
( س )
لَمِيْسا ( - )....................................................... ١٢٨......................
( ط )
قانطِ ( حُمَيْد الأرقط )........................................................ ٥١٣...............
٢٨ فَدَك.......................................................................... ٣٠٥ قُضَاعَة........................................................................ ٥٥٠ مصر....................................................................... ٤٢٢ اليمامة........................................................................ ٣٤٨.
()()()()()()()()()()()()()()()()
١٠٣ إسماعيل بن عبد الله بن ميكال.................................................... ٢٩ إسماعيل بن عمر بن كثير ( المفسر )............................................. ١٧١ إسماعيل بن نصر الجوهري...................................................... ١٣٨ الأسْوَد بن يزيد بن قيس..................................................... ٣٦٢.............................................
اسم العَلَم موضع الترجمة
١٢- أخبار مكة وما جاء فيها من الأثار، تأليف : أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي، ت. رشدي الصالح ملحس، ط. دار الأندلس للنشر، بيروت، لبنان سنة ١٤١٦هـ - ١٩٩٦م.
١٣- أدب الإملاء والاستملاء، تأليف : أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، ت. ماكس فايسفايلر، ط ١. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، سنة ١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م.
١٤- أدب الكاتب، تأليف : أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ت. محمد محي الدين عبد الحميد، ط ٤. مكتبة السعادة، مصر، سنة ١٩٦٣ م.
١٥- إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، لأبي السعود محمد بن محمد الحنفي وضع حواشيه : عبد اللطيف عبد الرحمن، ط١. دار الكتب العلمية، سنة ١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م.
١٦- أساس البلاغة، تأليف : أبي القاسم جار الله محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري ت. محمد باسل عيون السود، ط ١. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، سنة ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م.
١٧- أسد الغابة في معرفة الصحابة، لعز الدين أبي الحسن علي بن محمد ابن الأثير، ت. محمد البنا ورفاقه، ط. دار الشعب.
١٨- أسرار البلاغة، تأليف عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، تعليق : محمود محمد شاكر، ط ١. مطبعة المدني، مصر، سنة ١٤١٢ هـ - ١٩٩١ م.
١٩- أسرار العربية، تأليف : الإمام أبي البركات الأنباري، ت. الدكتور فخر صالح قدارة، ط ١. دار الجيل، بيروت، لبنان، سنة ١٤١٥هـ - ١٩٩٥م.
٢٠- أسماء الكتب، تأليف : عبد اللطيف بن محمد رياض زادة، ت. الدكتور محمد التونجي، ط ٣. دار الفكر، دمشق، سورية، سنة ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م.
٢١- الإصابة في تمييز الصحابة، تأليف : أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي ط ١. دار إحياء التراث العربي، سنة ١٣٢٨ هـ.
سورة يوسف......................................................... ٢٩٠ – ٣١٦
سورة الرعد.......................................................... ٣١٧ – ٣٢٢
سورة إبراهيم......................................................... ٣٢٣- ٣٢٦
سورة الحجر.......................................................... ٣٢٧ – ٣٢٨
سورة النحل.......................................................... ٣٢٩ – ٣٥٠
سورة الإسراء......................................................... ٣٥١ – ٣٦٨
سورة الكهف........................................................ ٣٦٩ – ٣٧٧
سورة مريم........................................................... ٣٧٩ – ٣٨٨
سورة طه............................................................ ٣٨٩ – ٤٠٧
سورة الأنبياء......................................................... ٤٠٨ – ٤١٣
سورة الحج........................................................... ٤١٤ – ٤١٩
سورة المؤمنون........................................................ ٤٢٠ – ٤٢٦
سورة النور........................................................... ٤٢٧ – ٤٣٢
سورة الفرقان......................................................... ٤٣٣ – ٤٣٤
سورة الشعراء......................................................... ٤٣٥ – ٤٤٨
سورة النمل.......................................................... ٤٤٩ – ٤٥٧
سورة القصص........................................................ ٤٥٨ – ٤٥٩
سورة العنكبوت...................................................... ٤٦٠ – ٤٦٢
سورة الروم.......................................................... ٤٦٤ – ٤٦٦
سورة السجدة............................................................. ٤٦٧
فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ.. } ( ١٩٧ )................................ ١٢٨ ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا... ﴾ ( ١٩٨ )....... ١٣١ - ١٣٣ ﴿..#sŒخ)ur تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا.. ﴾ ( ٢٠٥ )................ ١٣٤ ﴿..÷rr& أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ.. ﴾ ( ٢٣٥ )............................... ٤٥٧ ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ.. ﴾ ( ٢٤٩ )......................... ٧٧
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.. ﴾ ( ٢٥٥ )........................ ١٣٧
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ.. ﴾ ( ٢٥٨ ).......... ١٣٩ - ١٤٠
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي.. ﴾ ( ٢٦٠ )................................ ٧٨
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ.. ﴾ ( ٢٦٤ )............... ١٤٣
﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ.. ﴾ ( ٢٦٦ ).......................... ١٤٦
﴿ çmنـ ٦y‚tFtƒ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ ( ٢٧٥ ).............................. ٥٨
﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ.. ﴾ ( ٢٨٠ ).................. ١٤٨
﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا.. ﴾ ( ٢٨٣ )......................... ١٥١
سورة آل عمران
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ.. ﴾ ( ٢٦ )....................................... ٩٧
﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ.. ﴾ ( ٣٧ )........................ ١٥٤ - ١٥٥
الآية ورقمها موضع ورودها
﴿.. أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى.. ﴾ ( ٣٩ )..................... ٥٤ - ٧٨ - ١٥٦
﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً.. ﴾ ( ٤١ )................................... ١٦٠