من الله يُستمد العون والتوفيق، وعليه الاعتماد، وبه الاعتضاد، هو حسبنا ونعم الوكيل
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه، وسلم، والحمد لله رب العالمين
.................. الباحث
وقال الوزير جمال الدين القفطي ( ت ٦٤٦ هـ ) :( وقيل : إنه كان يتسامح في الرواية عن المشايخ ؛ فيسند كل واحد ما يخطر له ) (١).
ثانياً : قال الخطيب البغدادي :( كَتَب إليّ أبو ذر الهَرَوي : سمعت ابن شاهين يقول : كنا ندخل على ابن دريد و نستحيي مما نرى من العيدان المعلّقة، و الشرابُ المصفّى موضوع، وقد كان جاوز التسعين سنة ) (٢).
وقال القفطي :( قال أبو منصور الأزهري الهروي مصنف كتاب التهذيب في اللغة : دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم أعُد إليه ) (٣).
وهذا المطعن تكاد تُجمِع مصادر ترجمته عليه، ولا يؤخَذ عليه في دينه وخُلُقه غيره وما هو بهيّن، بل هو في ميزان الشرع كبير.
بَقِيَتْ هنا الإجابة على هذه الانتقادات :
؟ أمّا طعنهم عليه بافتعال العربية ؛ فذاك لأنهم وجدوا عليه بعض الهِنات. وليس يسلم من هذه أيُّ عالم، فكيف برجل له وَفرة في الإنتاج العلمي. ولكنّ التحامل وغيرة الأقران حملت الطاعنين على ترديد هذه الهِنّات، ونسوا أنه كان إذا روى ألفاظاً غير موثوق بها دفعه تحرّزه على أن يُردف ما روى بقولٍ يُظهر الشك (( زعموا )) (( لا أدري )) (( ولا أقف على حقيقته )) (٤)، ومادام أنه ينبّه فما الإشكال حينئذ ؟

(١) ٢ ) انظر : إنباه الرواة، للقفطي ٩٥.
(٢) ٣ ) انظر : تاريخ بغداد ٢ / ١٩٣ ؛ ونزهة الألباء ١٩١.
(٣) ٤ ) انظر : إنباه الرواة ٩٥.
(٤) ٥ ) انظر شاهد هذا في : الجمهرة ١ / ٥٧ في أَشّ على غنمه : مثل هش ؛ و ١ / ٢٦٣في الحَوْبَجَة : ورم يصيب الإنسان في بدنه لغة يمانية ؛ و ٢ / ٨٨٧ في العَمْص : أنه ضرب من الطعام.

وشَغَفَها، جميعاً، والشَّغاف : غلاف القلب يقول : وصل الحب إلى غلاف قلبها. قال النابغة :
وقد حالَ همٌّ دونَ ذلك شاغلٌ مكانَ الشغافِ تبتغيه الأصابعُ )(١).
ولمزيد من شواهد هذا المصدر :
انظر الجزء الأول من الجمهرة الصفحات التالية :[ ٥٦ ] و [ ٢٦٩ ] و [ ٣٨٦ ].
والجزء الثاني من الجمهرة صفحتي :[ ٦٧٤ ] و [ ٨١٦ ].
ومن الاشتقاق انظر صفحة :[ ٥٠٩ ].
هذا ما غلب على ظني أنه من المصادر التي اعتمد عليها ابن دريد، ورأيتها متكررة في أثناء ما كان يتناول الآيات بالتفسير، وقد يكون هناك مصادر أخرى، لكنها فاتت عليّ. والله تعالى الموفق للصواب.
- - - - -
المبحث الثالث : طريقته في النقل من المصادر
المبحثان السابقان هما بمثابة قولٍ مُفَصّل عن طريقة ابن دريد في النقل من المصادر ؛ وعليه سيكون الكلام هنا بمثابة التلخيص لما مضى، وسيكون في نقاط :
١. أن أغلب نقل ابن دريد عن كُتُب مَن سبقه كان بالسماع ؛ لأنه كان يُمِلُّها من حفظه ( ١ ).
٢. أنه ربما صرح بالمصدر الذي استقى منه، وربما لا يصرح ( ١ ).
٣. إذا صرح بالمصدر، فإنه أحياناً يورده بالإسناد، وفي بعض الأحيان لا يورده مسنداً (٢).
٤. أنه إذا أورد كلام المفسرين كان متصفاً بوصفين :
" الأول : يبدو أنه كان يرغب في الاكتفاء بما قالوه ؛ إذ إنه ممن اتصفوا بالتهيُّب من القول في كلام الله بغير علم.
(١) ١ ) انظر : جمهرة اللغة ٢ / ٨٦٩ ؛ والاشتقاق ١٩٥.
(٢) ١ ) شواهد هذه مضت في المبحثين السابقين في صفحتي ٤٦ و ٤٩ وما بعدهما.

أخبر الله عن كتابه أنه نزّله ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ (١)، وعليه فإن لغة العرب هي أهدى جادة تصل بالمرء إلى فهم مراد الله فيه، مَن سلك غيرها رجع بخُفّي حنين، ( فمَن أراد تفهّمه ؛ فمِن جهة لسان العرب يفهم، ولا سبيل إلى تطلّب فهمه من غير هذه الجهة ) (٢).
وابن دريد إمام من أئمة اللغة، طالما نهل الناس من معين علمه، وأخذوا من عصارة فكره ؛ أَوَليس قد قيل فيه : أشعر العلماء، وأعلم الشعراء ؟
ثم هو صاحب مؤلفات تأتي في طليعة كُتُب اللغة والأدب ؛ فالجمهرةُ، والاشتقاقُ وأماليه، وأخبارُه، برهانٌ بَيِّنٌ على علوّ كَعْبِه في العربية.
ومعرفتُه الواسعة بالعربية، أفاد منها كثيراً، واستخدمها كأداة طيّعةٍ في تفسير كلام الله تعالى، وكان في ذلك ملتزماً بالناحية اللغوية التزاماً تاماً، متمسكاً بها، ويعتمد عليها بصفة ظاهرة في بيان المعاني، ويأتي في الآية بما انتهى إليه علمه.
وحين يُجال النظر في أقواله من هذه الحيثية يُخرَج بسمات، أبرزها :
١. اهتمامُه بصيغ الألفاظ.
٢. عنايتُه بلغات العرب.
٣. استخدامُه الشاهدَ الشعري في بيان المعنى، في أحيان كثيرة.
٤. إيرادُه الأضداد.
٥. ذِكْرُه الفروقَ اللغوية بين اللفظين.
٦. اهتمامُه بكليات الألفاظ.
٧. بيانُه الوجوهَ والنظائر.
٨. مراعاتُه وجوهَ المخاطبات في العربية.
٩. يهتم بمسائل النحو والصرف، وما يبنى عليها من معان.
ومن الأمثلة على ذلك :
(١) ١ ) الشعراء : ١٩٥.
(٢) ٢ ) انظر : الموافقات ٢ / ٥٠.

وقد رجح كل فريق إحدى القراءتين على الأخرى، ترجيحاً يوشك أن يسقط الأخرى وهذا غير مرضي ؛ لأن كلتيهما متواترة. روي عن ثعلب (١) أنه قال :( إذا اختلف الإعراب في القرآن عن السبعة، لم أفضل إعراباً على إعراب في القرآن، فإذا خرجتُ إلى الكلام - كلام الناس - فضلتُ الأقوى ) (٢) وقال أبو شامة (٣) :( وقد أكثر المصنفون في القراءات والتفاسير، من الكلام في الترجيح بين هاتين القراءتين، حتى إن بعضهم يبالغ في ذلك إلى حد يكاد يسقط وجه القراءة الأخرى، وليس هذا بمحمود بعد ثبوت القراءتين.........
........................................................................................
- - - - - - -
وصحةِ اتصاف الرب سبحانه و تعالى بهما، فهما صفتان لله تعالى يتبين وجه الكمال له فيهما فقط، ولا ينبغي أن يتجاوز ذلك ) (٤).
الثانية : تفسيره ﴿ الدِّينِ ﴾ بالجزاء :
فسر ابن دريد ﴿ الدِّينِ ﴾ : بأنه الجزاء، ولأهل التأويل في معنى الحرف أقوال :
(١) ٢ ) هو : أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار، أبو العباس النحوي، إمام الكوفيين في النحو واللغة. كان ثقة صالحاً ديناً مشهوراً بالحفظ وصدق اللهجة والمعرفة بالغريب. توفي سنة ٢٩١ هـ انظر : تاريخ بغداد ٥ / ٤١٤ وإنباه الرواة، للقفطي ١ / ١٧٣.
(٢) ٣ ) ذكره عنه أبو حيان الأندلسي نقلاً عن أبي عمرو الزاهد. انظر : البحر المحيط ٤ / ٤٥٥.
(٣) ٤ ) هو : عبدالرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم، شهاب الدين أبوالقاسم المقدسي، الشافعي المقرئ، النحوي الأصولي صاحب التصانيف. قرأ القرآن صغيراً، وأكمل القراءات على شيخه السخاوي. توفي سنة ٦٦٥هـ. انظر معرفة القراء الكبار ٣٦١ ؛ وغاية النهاية في طبقات القراء ١ / ٣٦٥.
(٤) انظر : إبراز المعاني من حرز الأماني ٧٠.

o الثالث : الزنا، وبعض أمور النساء، قاله عكرمة، وطاوس (١).
o الرابع : الغم بظهور أمر رسول الله - ﷺ - (٢).
o الآخر : الغل والحسد ؛ قاله السمين الحلبي (٣).
و ليس بين التفاسير السابقة أيّ تضاد ؛ لا سيما و قد تقرر أن المرض خروج عن حد الاعتدال.
وعليه، يكون كل ما ذكره المفسرون مُثُلاً لذلك الخروج.
قال الزجاج :( والمرض في القلب يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين ) (٤).
و أدواء القلب تلك ؛ تمنع من إدراك الفضائل، وتحول دون المرء وتحصيله للحياة الأخروية وربما جعلته حائراً متردداً بين الإيمان والكفر ؛ مثلما أن المرض البدني يحول دون المرء وتصرّفه الكامل، ويجعله متردداً بين الحياة والموت ؛ قال رسول الله - ﷺ - :(( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب )) (٥).
.....................................................................................
- - - - - - -
(١) ١ ) انظر: تفسير ابن أبي حاتم ١ / ٤٣. وفي تفسير ابن كثير ١/ ٤٧ قالا : الريا ء.
وطاوس هو : ابن كيسان، أبو عبد الرحمن اليماني الجندي، المتفقه اليقظان، والمتعبد المحسان، روى عنه خلق كثير قال ابن شوذب :( شهدت جنازة طاوس بمكة سنة خمس و مائة فجعلوا يقولون : رحم الله أبا عبد الرحمن حج أربعين حجة ). انظر : التاريخ الكبير ٤ / ٣٦٥ ؛ وتهذيب الكمال ١٣ / ٣٥٧.
(٢) ٢ ) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ١ / ١١٦ ؛ ولم يسم القائل به.
(٣) ٣ ) انظر : الدر المصون ١ / ١٢٩.
(٤) ٤ ) انظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٨٦.
(٥) ٥ ) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب : الإيمان، باب : فضل من استبرأ لدينه، [ ١ / ١٩ ] ؛ و مسلم في صحيحه، كتاب : المساقاة، باب : أخذ الحلال وترك الشبهات، [ ٢ / ١٢١٩ ] [ ح : ١٠٧ ] عن النعمان - رضي الله عنه -.

قال : وفلانٌ بِطَانَتي دُوْنَ إخوتي، أي : الذي أَبْطَنْتُه (١) أمري. وفي التنزيل :﴿ لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ ﴾.
( جمهرة اللغة، مادة [ ب ط ن ] ١ / ٣٦١ )
- - - - - - -
بيّن المفسرون معنى قوله :﴿ بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ ﴾ بما يشير إلى أن المراد بالبطانة : أولياءُ وأصدقاءُ دخلاءُ من غيركم، يُسْتَبطَنون، ويُنْبَسَط إليهم ؛ فيُطْلَعون على الأسرار.
و كلام ابن دريد هو بنحو هذا المعنى.
ومن أهل التأويل الذين حُفِظ عنهم تفسير الحرف : قتادة، والربيع، والسدي (٢)، في آخرين (٣).
.....................................................................................
- - - - - - -
فعن الربيع في قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا.. ﴾ قال :( لا تستدخلوا المنافقين تتولّوهم دون المؤمنين ) (٤).
(١) ١ ) أي : أفضيت له بأمري.
(٢) ٢ ) انظر : جامع البيان ٤ / ٦٢ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٣ / ٧٤٣.
(٣) ٣ ) منهم : أبو عبيدة في مجاز القرآن ١ / ١٠٣ ؛ و اليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ١٠٩ ؛ وابن جرير في جامع البيان ٤ / ٦٠ ؛ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٦١ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ١٥٠ والجصاص في أحكام القرآن ٢ / ٣٢٤ ؛ ومكي في تفسير المشكل ٥١ ؛ والراغب في مفرداته ٤٩ ؛ والبغوي في معالم التنزيل ١ / ٤٩٨ ؛ وابن الجوزي في التذكرة ١ / ٩٧ ؛ والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٤ / ١٨٨.
(٤) ١ ) انظر : جامع البيان ٤ / ٦١ - ٦٢.

" وقال الحريري (١) :( ومَن ذَهَبَ في تفسير الآية إلى أن معنى (( تعولوا )) : يَكثرُ مَن تعولون ؛ فقد وهِم فيه ) (٢).
.....................................................................................
- - - - - - -
" وقال ابن تيمية (٣) :( وغلّط. أكثر العلماء مَن قال ذلك لفظاً، و معنى. أما اللفظ : فلأنه يقال : عال يعول، إذا جار ؛ وعال يعيل، إذا افتقر ؛ وأعال يعيل إذا كثر عياله، وهو - سبحانه - قال :﴿ تَعُولُوا ﴾ لم يقل : تعيلوا.
" وأما المعنى : فإن كثرة النفقة، والعيال يحصل بالتَّسَرِّي (٤) ؛ كما يحصل بالزوجات.. ) (٥).
(١) ٤ ) هو : الأديب، أبو محمد القاسم بن علي الحريري البصري الحرامي، صاحب المقامات، أحد الأئمة في الأدب والنظم والنثر. كان فاضلاً، نبيلاً جليل القدر غنياً. توفي سنة ٥١٦ هـ. انظر: مرآة الجنان ٣ / ٢١٣ والوافي بالوفيات ٢٤ / ٩٨.
(٢) ٥ ) انظر : درة الغواص ٥٦٩.
(٣) ١ ) هو : شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني. نادرة العصر، ذو التصانيف الباهرة، والذكاء المفرط. بارع في الفقه والأصلين والفرائض وفنون أخر. توفي في سجن قلعة دمشق سنة ٧٢٨ هـ. انظر : ثلاث تراجم نفيسة، للذهبي ٢١ ؛ والدرر الكامنة ١ / ١٦٨.
(٤) ٢ ) التسرّي : قيل : وطء الأمة، وقيل : إيلاد الأمة، وقيل : اتخاذ الأمة للوطء. انظر : المطلع على أبواب المقنع، للبعلي ٢٦١ ؛ والذخيرة، للقرافي ٤ / ٥٣ ؛ والتعريفات، للجرجاني ٨٠.
(٥) ٣ ) انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٣٢ / ٧٠. ولابن القيم كلام مستوفى في المسألة، انظر : تحفة المودود بأحكام المولود ١٤.

" آخرها :( وَ يانِعِه )، اسم فاعل من ينع ؛ قرأ بها ابن أبي عبلة (١)، واليماني(٢) و هي منسوبة - أيضاً - إلى ابن محيصن (٣).
- - - - -
( ٤٩ ) [ ٦ ] قول الله تعالى :﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨) ﴾
قال : وعَدَا عليه، من العُدْوَان، يَعْدو عَدْواً وعُدُوَّاً وعُدْواناً، إذا جار. وقد قرئ :﴿ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾، وعُدُوّاً، أي تَعَدّياً، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ د ع و ] ٢ / ٦٦٦ )
- - - - - - -
تحدث ابن دريد عن مسألتين :
الأولى : معنى ﴿ عَدْوًا ﴾ :
حيث بيّن أن معنى هذا الحرف : الجَور والتعدي.
(١) ٢ ) هو : أبو إسحاق، إبراهيم بن أبي عبلة واسمه شَمّر بن يقظان بن المُرتحِل، الدمشقي، شيخ فلسطين. ثقة كبير، من التابعين، رويت عنه حروف خالف فيها عامة القراء. توفي سنة ١٥٣ هـ. انظر : سير أعلام النبلاء ٦ / ٣٢٣ ؛ وغاية النهاية ١ / ١٩.
(٢) ٣ ) لم أهتد إلى ترجمته.
(٣) ٤ ) انظر القراءات في : جامع البيان ٧ / ٢٩٥ ؛ والمحرر الوجيز ٦ / ١١٩ ؛ والبحر المحيط ٤ / ٦٠٠.

٦٢ ) [ ٧ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (١٤٨) ﴾
قال : الحَلْي والحُلِيّ والحِلِيّ والحَلِيّ : معروف (١). وقد قرئ :﴿ من حَلْيِهم ﴾ وحِليِّهم. فأما حُلِيّ فجمع حَلْي، كما قالوا : ثَدْي وثُدِيّ وسَبْي وسُبِيّ.
والحَلْي : ما لبس من ذهب، أو فضة، أو جوهر.
( جمهرة اللغة، مادة [ ح ل ي ] ١ / ٥٧٢ )
- - - - - - -
هنا مسألتان :
الأولى : القراءات الواردة في قوله :﴿ مِنْ حُلِيِّهِمْ ﴾ :
فيها ثلاث قراءات ذكر اثنتين منها، ولم يشر إلى الثالثة، والقراءات هي على ما يأتي :
" أولها :﴿ من حِليِّهم ﴾ بكسر الحاء، قرأ بها حمزة، والكسائي ؛ جمع حَلي إلا أنهم كسروا الحاء إتباعا لكسرة اللام، ومما يؤكد كسر الفاء في هذا النحو من الجمع، قولهم : قِسِيّ، جمع : قَوْس.
" ثانيها :﴿ من حَلْيِهم ﴾ بفتح الحاء وسكون اللام، قرأ بها يعقوب الحضرمي فإما أن يكون مفرداً يراد به الجميع، وإما أن يكون جمع حَلْية كتمرة وتَمْر.
.....................................................................................
- - - - - - -
" آخرها :﴿ مِنْ حُلِيِّهِمْ ﴾ بضم الحاء، وكسر اللام، قرأ بها الباقون ؛ وهو جمع حَلْي على مثال : ثَدْي وثُدِيّ. وأصله حَلَوِي قلبت الواو ياء، وأدغمت فجاء حَلَي فكسرت اللام لتناسب الياء.
(١) ١ ) وهو : كلّ حِلْيَةٍ حلَّيْتَ به امرأةً، أو سَيْفاً، أو نحوَه. انظر : تهذيب اللغة ٥ / ١٥٢.

أقول : إن تفسير الضحك بالحيض أبعد من تفسيره بالضحك المعروف، قال ابن المنيّر (١) :( ويَبْعُد هذا التأويل أنها قالت بعدُ :﴿ ô#سtLn=÷ƒuq"tƒ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِن هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾ (٢) فلو كان حيضها قبل بشارتها لما تعجبت، إذ لا عجب في حمل مَن تحيض، والحيض في العادة مِهماز على إمكان الحمل ) (٣).
فالظاهر : أن الأحسن تفسيره بالضحك الحقيقي، أي : ضحكت ؛ تعجباً من قوم لوط عمّا قد أحاط بهم من عذاب الله وغفلتهم عنه، أو تعجباً من أنها بعدما صارت عجوزاً بالية تعود شابة تلد (٤).
- - - - -
( ٨٠ ) [ ٥ ] قول الله تعالى :﴿ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) ﴾
قال : ورجل هَرِعٌ : سريع المشي والبكاء، ومن ذلك :﴿ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ﴾، أي : يعجلون إليه.
( جمهرة اللغة، مادة [ رع هـ ] ٢ / ٧٧٦ )
- - - - - - -
اتفق المفسرون على تأويل قوله تعالى :﴿ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ﴾، على اختلاف ٍ في عباراتهم عن المعنى.
(١) ٣ ) هو : أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم بن مختار القاضي ناصر الدين بن المنير الجذامي الجروى الإسكندارني ولد سنة ٦٢٠ هـ، كان عالماً فاضلاً مفنناً، وكان له اليد الطولي في الأدب وفنونه، وله مصنفات مفيدة، وتفسير نفيس توفي سنة ٦٨٣ هـ. انظر : فوات الوفيات، للكتبي ١ / ١٨٥ ؛ وطبقات المفسرين للداودي ١ / ٨٨.
(٢) ٤ ) هود : ٧٢.
(٣) ٥ ) انظر: تعليقات ابن المنير في حاشية الكشاف ٣ / ٢١٤.
(٤) ٦ ) انظر : جامع البيان ١٢ / ٧٤ ؛ وتفسير السمرقندي ٢ / ١٣٥.

o الآخَر منهما : أنه بمعنى : حضن، قاله ابن عباس، ومجاهد (١).
واحتُج لتفسير الإكبار بالحيض ببيت من الشعر (٢) :
يأتي النساء على أَطْهارهنّ ولا يأتي النساء إذا أَكْبَرْنَ إكباراً
وقد أنكر غير واحد من المفسرين هذا القول وما احتُج به له (٣).
قال ابن جرير عن بيت الشعر :( لا أحسب له أصلاً ؛ لأنه ليس معروفاً عند الرواة ) (٤).
وقال الزجاج :( والهاء في (( أكبرنه )) تنفي هذا ؛ لأنه لا يجوز أن يقول : النساء قد حضنه يا هذا ؛ لأن حضن لا يتعدى إلى مفعول ) (٥).
و بعض من يصحح تفسير الإكبار بالحيض خرّج الهاء في (( أكبرنه )) على أنها هاء وقفة لكنّ هذا لا يصح ؛ للاختلاف بين الهاءين : فهاء الوقفة ساكنة، وهذه متحركة، والهاء المتحركة للكناية.
وعليه، فالصحيح ما رجّحه ابن دريد وغيره من أن المراد : أعظمنه.
- - - - -
( ٨٨ ) [ ٦ ] قول الله - عز وجل - :﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣) ﴾
قال : والسَّجْن : مصدر سجنته سَجْناً. وقد قرئ :﴿ السَّجْن أَحَبُّ إِلَيَّ ﴾.
والسِّجْن : المَحْبس والمُخَيِّس ؛ لأنه يذلل.
( جمهرة اللغة، مادة [ ج س ن ]، ١ / ٤٧٦ )
(١) ١ ) انظر : جامع البيان ١٢ / ٢٠٥ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢١٣٥ ؛ والدر المنثور ٤ / ٤٧٣. وذكر ابن الجوزي في زاد المسير ٤ / ٢١٨ أن هذا اختيار ابن الأنباري.
(٢) ٢ ) لم أعثر على ما يفيد في قائل البيت ؛ وهو في تهذيب اللغة : ١٠ / ١٢٠ ؛ ولسان العرب ٥ / ١٢٦.
(٣) ٣ ) انظر : مجاز القرآن ١ / ٣٠٩ ؛ وجامع البيان ١٢ / ٢٠٥ ؛ ومعاني القرآن وإعرابه ٣ / ١٠٧ ؛ ومعاني القرآن الكريم، للنحاس ٣ / ٤٢٢ ؛ والمحرر الوجيز ٩ / ٢٩٠.
(٤) ٤ ) انظر : جامع البيان ١٢ / ٢٠٥.
(٥) ٥ ) انظر : معاني القرآن وإعرابه ٣ / ١٠٧.

والمعنيان يصدق عليهما أنهما وحي ؛ إذ أصل الوحي في اللغة : الإعلان بالشيء في سترة فيقع ذلك بالإلهام، وبالإشارة، وبالكتابة، وبالكلام الخفي (١).
- - - - -
( ١٠٨ ) [ ٧ ] قول الله تعالى :﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٦٩) ﴾
﴿ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ﴾ قال : أي على قصدها (٢)، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ذ ل ل ] ١ / ١١٨ )
- - - - - - -
اختلف أهل التأويل في قوله :﴿ ذُلُلًا ﴾ أهو نعت للسبل، أم للنحل على قولين :
o الأول : أنه نعت للسبل ؛ فيكون المعنى : الذللُ لك، لا يتوعّر عليك سبيل سلكتيه وهذا بنحو تأويل ابن دريد، وقد قال به مجاهد، ومقاتل (٣)، و فضّله ابن جرير (٤)، والزجاج (٥).
o الآخر : أنه نعت للنحل ؛ فهم يخرجون بالنحل ينتجعون بها ويذهبون، وهي تتبعهم وقد قال بنحو هذا قتادة، وابن زيد، والسدي (٦).
وكلا القولين جائزان محتملان، والله تعالى أعلم.
- - - - -
(١) ٥ ) انظر : تهذيب اللغة ٥ / ١٩٢ ؛ و مقاييس اللغة ٦ / ٩٣ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٣٧٩.
(٢) ١ ) أي : على قصد السبل ؛ ومعناه : السبل السهلة المذللة التي لا اعوجاج فيها. انظر : تهذيب اللغة ٨ / ٢٧٤ ؛ ولسان العرب ٣ / ٣٥٣.
(٣) ٢ ) انظر : جامع البيان ١٤ / ١٤٠ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٢٩٠ ؛ وتفسير السمرقندي ٢ / ٢٤١.
(٤) ٣ ) انظر : جامع البيان ١٤ / ١٤٠.
(٥) ٤ ) انظر : معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٢١٠.
(٦) ٥ ) انظر : جامع البيان ١٤ / ١٤٠ ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ٧ / ٢٢٩٠.

" أخراهما :﴿ خِلَافَكَ ﴾ بكسر الخاء وفتح اللام وبعدها ألف ؛ قرأ بها ابن عامر وحفص (١) عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، ويعقوب.
و القراءتان لغتان في هذا الحرف، ومعناهما واحد (٢).
- - - - -
( ١٢٠ ) [ ٧ ] قول الله تعالى :﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩) ﴾
قال : وهَجَدَ الرجل يهجُد هُجوداً إذا نام. قال جرير (٣) :
ألا طَرَقَتْ وأهلُ مِنىً هُجُودُ فليت خيالَها بمِنىً يعودُ
وتهجّد، إذا ترك النوم. والتهجُّد : التيقُّظ من النوم. وفي التنزيل :﴿ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ﴾.
( جمهرة اللغة، مادة [ ج د هـ ] ١ / ٤٥٣ )
- - - - - - -
(١) ٤ ) هو : ابن سليمان بن المغيرة، الأسدي الكوفي، كان ربيب عاصم وعنه أخذ القراءة عرضاً وتلقيناً. قال الذهبي :( أما القراءة فثقة ثبت ضابط لها، بخلاف حاله في الحديث ). توفي سنة ١٨٠ هـ. انظر : غاية النهاية ١ / ٢٥٤ ؛ وطبقات القراء ١ / ١٤١.
(٢) ٥ ) انظر القراءتين ومعناهما في : المبسوط ٢٧١ ؛ والنشر ٢ / ٣٠٨ ؛ والكشف عن وجوه القراءات ٢ / ٥٠ ؛ والبحر المحيط ٧ / ٩٢. ( والقراءتان سبعيتان ).
(٣) ١ ) مطلع قصيدة في ديوانه ٣١٨.

١٤١ ) [ ٦ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧) ﴾
قال : وحَرَقتُ الحديدةَ بالمِبْرَد أَحرُقها حَرْقاً إذا بَرَدتُها. وقرأت عائشة رضي الله عنها (١) :﴿ لنَحْرُقنّه ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴾
( جمهرة اللغة، مادة [ ح ر ق ] ١ / ٥١٨ )
- - - - - - -
ذكر ابن دريد إحدى القراءتين المتواترتين في قوله تعالى :﴿ لَنُحَرِّقَنَّهُ ﴾، وهذا الحرف فيه من متواتر القراءات ثنتان :
" الأولى :﴿ لنَحْرُقنّه ﴾ بفتح النون، وإسكان الحاء، وضم الراء مخففة ؛ نسبها ابن دريد إلى عائشة - رضي الله عنها - والقراءة - أيضاً - منسوبة إلى علي وابن عباس - رضي الله عنهم -، وابن محيصن، وقد قرأ بها أبو جعفر.
.....................................................................................
- - - - - - -
" الأخرى :﴿ لَنُحَرِّقَنَّهُ ﴾ بضم النون، وفتح الحاء، وكسر الراء مثقّلة ؛ قراءة الجمهور.
أما معناهما :
" فالأولى : من : بردتُ الحديد : إذا بردته، فتحاتّ وتساقط.
" وأما القراءة الأخرى :
(١) ١ ) عائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين تكنى أم عبد الله، تزوجها رسول الله - ﷺ - بمكة قبل الهجرة وهي بنت ست سنين وبنى بها بالمدينة بعد منصرفة من وقعة بدر في شوال وهي بنت تسع سنين روت عن النبي - ﷺ - الكثير، وهي أحب نسائه إليه، ومناقبها كثيرة، قال هشام بن عروة عن أبيه :( ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشِعر من عائشة )، توفيت سنة ٥٨ هـ. انظر : تهذيب الكمال / ٣٥ / ٢٢٧ ؛ وسير أعلام النبلاء ٢ / ١٥٣.

وهذا الحرف عند أهل اللغة من الأضداد، فيأتي بمعنى : ذاهب، ويأتي بمعنى باقي، ويأتي على المعنى الثاني أكثر (١).
- - - - -
( ١٦٥ ) [ ٨ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) ﴾
قال : وقرأ الحسن :﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ كـ"u‹¤±٩$#ون ﴾ ؛ وهذا خلاف الخط.
( جمهرة اللغة، مادة [ ش ط ن ] ٢ / ٨٦٧ )
- - - - - - -
هذه القراءة التي قرأ بها الحسن شاذة ؛ لأنها - كما ذكر ابن دريد - خلاف الخط.
قال ابن جني :( هذا (٢) مما يَعْرِض مثله للفصيح ؛ لتداخل الجَمْعَين (٣) عليه، وتشابههما عنده.. ) (٤).
- - - - -
( ١٦٦ ) [ ٩ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) ﴾
(١) ٣ ) انظر : تهذيب اللغة ٨ / ١٢٤ ؛ والصحاح ٢ / ٦٥٦ ؛ ولسان العرب ٥ / ٤ ؛ وأضداد أبي حاتم ٢٤٩ وأضداد الأنباري ١٢٩.
(٢) ١ ) أي : الخطأ.
(٣) ٢ ) جمع المذكر السالم وجمع التكسير.
(٤) ٣ ) انظر : المحتسب ٢ / ١٣٣.

يقول ابن فارس في معنى هذا الحرف :( والضغث : قبضة من قضبان أو حشيش ) (١).
- - - - -
( ١٩٩ ) [ ٦ ] قول الله تعالى :﴿ وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (٥٨) ﴾
قال : الشَّكْل المِثل والشِّبه، بفتح الشين ؛ هذا شَكْل هذا، أي : مثله ؛ وهذا من شَكْل هذا، أي : من جنسه، وفي التنزيل :﴿ وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴾ أي : من جنسه، والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ش ك ل ] ٢ / ٨٧٧ )
- - - - - - -
الشَّكْل في قوله تعالى :﴿ مِنْ شَكْلِهِ ﴾ المراد به : جنسه، هكذا فسّره ابن دريد ومَن قبله وبعده مِن أهل التأويل كابن عباس - رضي الله عنهم -، وقتادة، وابن زيد (٢)، وغيرهم (٣).
وهو من المعاني التي تواضع عليها أهل اللسان (٤).
فمن كلامهم في تفسير الحرف :
قول ابن زيد :( والشَّكْل : الشبيه ) (٥).
وقول ابن جزي :( من مثله ونوعه، أي : من مِثْل العذاب المذكور ) (٦).
.....................................................................................
(١) ٤ ) انظر : مقاييس اللغة ٣ / ٣٦٣.
(٢) ١ ) انظر : جامع البيان ٢٣ / ١٧٩ ؛ ومعاني القرآن، للنحاس ٦ / ١٣١ ؛ والدر المنثور ٧ / ١٧٣ ؛ وفتح القدير ٤ / ٦٢٢.
(٣) ٢ ) كالزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٣٩ ؛ والسجستاني في نزهة القلوب ٢٨٧ ؛ والسمرقندي في تفسيره ٣ / ١٣٩ ؛ و ابن أبي زمنين في تفسيره ٢ / ٢٣٤ والثعلبي في الكشف والبيان ٨ / ٢١٤ ؛ والواحدي في الوسيط ٣ / ٥٦٤ ؛ والسمعاني في تفسيره ٤ / ٤٥٠ ؛ والراغب في المفردات ٢٧٢ ؛ وابن جزي في التسهيل ٢ / ٢٣٨ ؛ والثعالبي في الجواهر الحسان ٣ / ١٣٠ ؛ وابن عاشور في التحرير والتنوير ٢٣ / ٢٨٧.
(٤) ٣ ) انظر : تهذيب اللغة ١٠ / ١٥ ؛ والصحاح ٤ / ١٤١٨ ؛ و مقاييس اللغة ٣ / ٢٠٤ ؛ وأساس البلاغة ١ / ٥١٧ ؛ ولسان العرب ١١ / ٣٥٦.
(٥) ٤ ) انظر : جامع البيان ٢٣ / ١٧٩.
(٦) ٥ ) انظر : التسهيل ٢ / ٢٣٨.

قال قتادة :( خضراوان من الري : إذا اشتدت الخضرة ضربت إلى السواد ) (١).
وقال الراغب :( الدّهمة : سواد الليل، ويعبّر بها عن سواد الفرس، وقد يُعبر بها عن الخُضرة الكاملة اللون.. ) (٢).
.....................................................................................
- - - - - - -
وقال ابن منظور :( وادهامّ الشيء ادهيماماً، أي : اسوادّ.
و ادهامّ الزرع : علاه السواد ريّاً، وحديقة دهماء مدهامّة : خضراء تضرب إلى السواد من نعمتها وريها.
وفي التنزيل العزيز :﴿ مُدْهَامَّتَانِ ﴾ أي : سوداوان من شدة الخضرة من الري، يقول : خضراوان إلى السواد من الري ) (٣).
- - - - -
( ٢٤١ ) [ ٧ ] قول الله - سبحانه وتعالى - :﴿ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢) ﴾
قال : وكلُّ شيء حَبَسْتَه في شيء فقد قَصَرْتَه فيه، وجارية مقصورة في خِدرها (٤) أي : محبوسة. ومنه قوله تعالى :﴿ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴾ أي : محبوسات والله أعلم.
( جمهرة اللغة، مادة [ ر ص ق ] ٢ / ٧٤٣ )
- - - - - - -
المفسرون مختلفون في تأويل ﴿ مَقْصُورَاتٌ ﴾ على قولين :
o أوّلهما : أن المراد : قصرن على أزواجهن، فلا يبغين بهم بدلاً، ولا يرفعن أطرافهن (٥) إلى غيرهم من الرجال ؛ قاله مجاهد، والربيع (٦).
(١) ٥ ) انظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٢١٥.
(٢) ٦ ) انظر : مفرداته ١٧٥.
(٣) ١ ) انظر : لسان العرب ١٢ / ٢٠٩.
(٤) ١ ) الخدر : سِتر يُمَدّ للجارية في ناحية البيت. انظر : لسان العرب ٤ / ٢٣٠.
(٥) ٢ ) جمع طرْف وهو : النظر.
(٦) ٣ ) انظر : جامع البيان ٢٧ / ١٥٩ ؛ ومعالم التنزيل ٤ / ٣٤٥.

" فثبت أن قوله : السلام عليك أتم وأكمل من قوله : حياك الله.
" الثاني : أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، فالابتداء بذكر الله، أو بصفة من صفاته الدالة على أنه يريد إبقاء السلامة على عباده أكمل من قوله : حياك الله.
" الثالث : أن قول الإنسان لغيره : السلام عليك فيه بشارة بالسلامة، وقوله : حياك الله لا يفيد ذلك ؛ فكان هذا أكمل ) (١).
أما دلائل استعمال السلام في كلام الله بمعنى التحية فمنها :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ............
.....................................................................................
- - - - - - -
ِNن٣ڑ/u' عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾
(٢).
وقوله تعالى :﴿ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ﴾ (٣).
وقوله تعالى :﴿ ب@è% ك‰ôJptّ:$# ! يN"n=y™ur ٤'n؟tم حnدٹ$t٦دم ڑْïد%©!$# #'s"sـô¹$# ﴾ (٤).
- - - - -
(١) ٢ ) انظر : التفسير الكبير ٤ / ١٦١.
(٢) ١ ) الأنعام : ٥٤.
(٣) ٢ ) طه : ٤٧.
(٤) ٣ ) النمل : ٥٩.

قبض ما بين عينيه، وكلح )) ( قتادة )........................................ ٦٦٢ (( قترة : سواد الوجوه )) ( ابن عباس )........................................ ٦٨٧ (( قد جعل الله لهم سَكينةً.. )) ( الحسن ).................................. ٧٢ – ٨٤ (( قدّوا الحجارة )) ( الضحاك )............................................... ٧٠٦ (( قذف في أنفسها )) (الكلبي )................................................ ٣٤٠ (( قَصِيّاً : قاصياً )) ( مجاهد )................................................... ٣٨٣ (( قَصِيّاً : متنحّياً )) ( قتادة ).................................................... ٣٨٣ (( القطن، والكتان.. )) ( قتادة )...................................... ٣٤٤- ٣٤٥ (( كاظمون على الغيظ.. )) ( ابن عباس )...................................... ١٧١ (( كالحون : عابسون )) ( ابن عباس )........................................... ٤٢٦ (( كان ذلك منه إحراقاً لزرع قوم من..)) ( السدي )............................ ١٣٥ (( كان عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً.. )) ( ابن عباس )......................... ١٣٣ (( كان فيه رأس كرأس الهِرَّة.. )) ( مقاتل ).............................. ٧٢ – ٨٤ (( كان المنافقون يقولون : إن بيوتنا تلي العدو.. )) ( قتادة )...................... ٤٧١ (( كان النبي - ﷺ - يسمّي لكل واحد من المسلمين..)) ( ابن عباس ).................. ١٦٧ (( كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا..)) ( قتادة ).............. ٢٧٩ (( كانوا يقتلون البنات خشية الفاقة )) ( قتادة ).................................. ٢٢٩ (( كبّاراً : عظيماً )) ( مجاهد ).................................................. ٦٤٩ (( كذلك نساء أهل الجنة.. )) ( ابن عباس )....................................
عبد الله بن عبد الأسد ( أبو سلمة المخزومي )................................ ٦٤٥ عبد الله بن عمر بن الخطاب.................................................... ١٢٩ عبد الله بن عمر بن محمد بن علي ( البيضاوي )................................. ٢٨٤ عبد الله بن عمرو بن العاص.................................................... ٢٦٦ عبد الله بن قيس ( ابن ام مكتوم )............................................ ٦٨٣ عبد الله بن كثير ( المقرئ )...................................................... ٩٥ عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدِّيْنَوَرِيّ............................................. ٢٠٣ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.............................................. ٢٤٢ عبد الملك بن قُرَيْب ( الأصمعي )............................................... ١٠٦ عبد الرحمن بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول.............................. ٢٦٨ عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي...................................... ٩٩ عثمان بن جني................................................................ ١٠٩ عثمان بن سعد البصري...................................................... ٢١٦ عثمان بن عفان............................................................... ٢٠٩ عروة بن الزبير بن العوام....................................................... ٢٥٩ عطاء بن أبي رباح............................................................. ١٠٢ عطية بن الحارث الهمداني ( أبو روق ).......................................... ١١٤ عكرمة بن عبد الله البربري..................................................... ١٠٧ عُلبة بن زيد بن صيفي.........................................................
٨٢- التفسير اللغوي، للدكتور مساعد بن سليمان الطيار، ط ١. دار ابن الجوزي الدمام السعودية، سنة ١٤٢٢ هـ.
٨٣- تفسير المشكل من غريب القرآن، تأليف : مكي بن أبي طالب القيسي، ت. الدكتور علي البواب، ن. مكتبة المعارف، الرياض، السعودية، سنة ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥ م.
٨٤- تقريب التهذيب، تأليف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي ت. خليل مأمون شيحا، ط ٢. دار المعرفة، بيروت، لبنان، سنة ١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م.
٨٥- تكملة الإكمال، تأليف : أبي بكر محمد بن عبد الغني البغدادي، ت. الدكتور عبد القيوم عبد رب النبي، ط ١. جامعة أم القرى، مكة المكرمة، سنة ١٤١٠ هـ.
٨٦- تهذيب التهذيب، تأليف : شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت. مصطفى عطا، ط ١. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، سنة ١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م.
٨٧- تهذيب الكمال، تأليف : أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي، ت. الدكتور بشار عواد معروف، ط ١. مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، سنة ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م.
٨٨- تهذيب اللغة، تأليف : أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، ت. محمد عوض مرعب ورفاقه، ط ١. دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، سنة ١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م.
٨٩- التيسير في القراءات السبع، تأليف : الإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني، ت. أوتو تريزل، ط ٢. دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، سنة ١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م.
٩٠- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تأليف : عبد الرحمن بن ناصر السعدي ت. محمد زهري النجار، ط ٢. ن. مكتبة الباز التجارية، مكة المكرمة، سنة ١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م.
٩١- ثلاث تراجم نفيسة للأئمة الأعلام ابن تيمية، والحافظ علم الدين البزرالي، والحافظ جمال الدين المزي، تأليف : الحافظ الإمام شمس الدين الذهبي، ت. محمد ابن ناصر العجمي، ط ١. دار ابن الأثير، الكويت، سنة ١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م.
وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ } ( ٨٢ )................ ٧٠٦
﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ ﴾ ( ٩١ )................................. ٣٢٨
﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ ( ٢١٤ )................................. ٤٧
سورة النحل
﴿ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ.. ﴾ ( ٣٧ )..... ٣٢٩
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا Zw%y`ح'.. û ﴾ ( ٤٣ ).......................... ٦٩
﴿ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ.. ﴾ ( ٤٤ )..................................... ٦٩ - ٧١
﴿ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ.. ﴾ ( ٥٢ ).................. ٣٣١
﴿ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ.. ﴾ ( ٥٩ )................... ٣٣٣
﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ.. ﴾ ( ٦٢ )............................. ٣٣٥
﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً.. ﴾ ( ٦٦ ).................................. ٣٣٧
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي.. z ﴾ ( ٦٨ )............... ٣٣٩ - ٣٤٠
﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي.. ﴾ ( ٦٩ ).................. ٨٧ - ٣٤١
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا.. ﴾ ( ٨٠ )...................... ٣٤٢
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا.. ﴾ ( ٨١ )........................ ٣٤٤
الآية ورقمها موضع ورودها
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ.. ﴾ ( ٩٠ ).......................... ٣٤٦
﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا ¼çmكJدk=yèمƒ.. ﴾ ( ١٠٣ )......... ٨٠ - ٣٤٨
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً.. ﴾ ( ١٢٠ )............................ ٧٣ - ٣٤٩
سورة الإسراء


الصفحة التالية
Icon