وهم عندما ينقلون عنه يصرِّحون باسمه فيقولون قال الحسين بن الفضل(١)، ونقولُهم عنه تدلُّ على براعتِه في علمِ المعاني، وغوصٍ على معانٍ دقيقة، وفهمٍ خاص يكاد ألا يكون قد سُبقَ إليه.
أهمية الموضوع وسبب اختياره :
١-أهمية أقوال الحسين بن الفضل في التفسير، ويظهر ذلك في أمرين:
الأول: دقة منهجه واستخراجِه للمعاني.
الثاني: حرص مَن كتب في التفسيرِ على نقلِ أقواله حيث كثرت النقول عنه في كتبهم.
٢- دراسةُ شخصية رفيعة لها مكانتها العلمية المرموقة.
٣- الحاجةُ إلى جمعِ أقوالِ هذا العَلَم في التفسيرِ ودراستِها، خاصة وأنَّها مبثوثة لا يجمعها كتاب واحد.
أهدافُ البحث:
١- جمع ما وُجِدَ من أقوال الحسين بن الفضل في التفسيرِ في رسالة علمية وفق أصول البحثِ العلمي.
٢ - التعريف بمكانة الحسينِ بن الفضل وخاصة في مجال التفسير.
٣- موازنة أقواله بأقوال غيرِه من المفسرين.
الدِّراسات السابقة:
... لقد تتبعت هذا الموضوع فلم أجد للحسين بن الفضل من كتب في التفسير وعلوم القرآن سوى كتابه في أمثال القرآن الذي حققه الدكتور علي البواب.
وكذلك لم أجد أيَّ رسالة تحدثت عن الحسين بن الفضل أو جمعت أقواله.
خطةُ البحث :
تتكون من مقدمة وتمهيد وقسمين وخاتمة.
المقدمة:
تتضمنُ بيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره والدراسات السابقة له وأهداف البحث ومنهجه وخطته.
التمهيد:
يتناول عصر الحسين بن الفضل وحياته.
أولاً : عصر الحسين بن الفضل :
١- الحالة السياسية.
٢- الحالة الاجتماعية
٣- الحالة العلمية
ثانياً : حياة الحسين بن الفضل
ونتناول فيه بالبحث العناصر التالية:
١- اسمه، نسبه، ومولده.
٢- نشأته وطلبه للعلم.
٣- شيوخه وتلاميذه.
٤- عقيدته.
٥- مكانته العلمية.
٦- وفاته وآثاره.
... عاش الحسين بن الفضل في أواخر القرن الهجريِّ الثاني وامتدت حياته إلى نهاية القرن الثالث، أي من سنة ١٧٨ هـ إلى سنة ٢٨٢ هـ تقريباً، فأدرك العصر العباسيَّ الأول والثاني للدولة العباسية، وكانت ولادته في عهد هارون الرشيد (١)، فعاصر خلافة المأمون (٢) والمعتصم(٣) والواثق (٤)
(٢) المأمون : هو عبد الله بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن المنصور، أبو العباس، سابع خلفاء الدولة العباسية، ولي الخلافة بعد خلع أخيه الأمين ( سنة ١٩٨ هـ )، ترجم في زمنه الكثير من كتب الفلاسفة، توفي سنة ( ٢١٨ هـ )، ينظر : تاريخ الخلفاء (ص : ٣٤٩ )، الأعلام (٤/١٤٢).
(٣) المعتصم بالله : هو محمد بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن المنصور، أبو إسحاق، ثامن خلفاء الدولة العباسية، بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المأمون ( سنة ٢١٨ هـ )، اتسعت الدولة في عهده، وهو فاتح عمورية من بلاد الروم في خبر مشهور، توفي سنة (٢٢٧ هـ )، ينظر : تاريخ الخلفاء ( ص : ٣٧٧ )، الأعلام ( ٧/١٢٧ ).
(٤) الواثق بالله : هارون بن المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد العباسي، أبو جعفر، تاسع خلفاء الدولة العباسية، ولي الخلافة بعد وفاة أبيه ( سنة ٢٢٧ هـ )، توفي سنة ( ٢٣٢ هـ ) ينظر : تاريخ الخلفاء ( ص : ٣٨٥)، الأعلام ( ٨/٦٢)..
وقد حصرت له في ذلك سبعة أمثلة(١)وأسوق منها مثالين وهما:
أ - في قوله تعالى ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ y٧د="tB الْمُلْكِ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ مژِچy‚ّ٩$# y٧¯Rخ) عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [ آل عمران : ٢٦ ]. قال الحسين بن الفضل: ؟ ﴿ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ ﴾ يعني الجنة كما آتى المؤمنين قال تعالى: ﴿ وَمُلْكًا #¶ژچخ٧x. ﴾ [ الإنسان : ٢٠ ].
﴿ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾ من الكفار وأهل النار).
ففسر الملك الذي يؤتيه من يشاء بملك الجنة، وقد ذكر الله تعالى هذا الملك في سورة الإنسان في قوله ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا #¶ژچخ٧x. (٢٠) ﴾ [ الإنسان : ٢٠ ]
ب - في قوله تعالى: ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [ البروج : ٣ ]
قال الحسين بن الفضل: (الشاهد: هذه الأمة، والمشهود: سائر الأمم. بيانه: قوله سبحانه ﴿ y٧د٩¨x‹x.ur ِNن٣"sYù=yèy_ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: ١٤٣] ففسر الشاهد بأمة محمد - ﷺ - والمشهود عليهم هم سائر الأمم، وذلك مصداق قوله تعالى: ﴿ y٧د٩¨x‹x.ur ِNن٣"sYù=yèy_ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾. لا يخفى أنه في المثال اعتمد على ربط المعنى من جهة السياق.
٢ ـ جمع النظائر القرآنية(٢):
ويتجلى هذا في قوله تعالى :
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: ٦].
(٢) المراد بالنظائر القرآنية : الألفاظ التي تكون على معنى واحد، وترد في أكثر من آية، ولا يكون في ذكر الآية مع قرينتها بيانٌ لمعنىً خفيٍّ في الآية الأولى، وإلا كان ذلك من قبيل تفسير القرآن بالقرآن.
قيل: هي مكية، وبه قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ والضَّحاك(١) وقتادة (٢) وأبو العالية(٣) وغيرهم(٤) ورجحه البغويُّ(٥) والقرطبيُّ(٦)
في تفسيرهما (٧)، وذكر البغوي والسيوطي أنه قول الأكثرين(٨) ونصَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية (٩).
(٢) قتادة : قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، أحد كبار حفاظ التابعين، توفي سنة مائة وبضع عشرة. ينظر : تذكرة الحفاظ (١/١٢٢)، التقريب (٥٥٨١ ).
(٣) رفيع بن مِهران، أبو العالية الرياحي، ثقة كثير الإرسال، توفي سنة ( ٩٣ هـ ). ينظر : تهذيب الكمال ( ٦/٩٩ )، التقريب ( ٥٥١٨ ).
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/١٥٤.
(٥) الحسين بن مسعود بن محمد، العلامة، أبو محمد البغوي، يلقب بمحيي السنة، كان إماماً في التفسير والحديث والفقه، له من التصانيف: معالم التنزيل في التفسير، وشرح السنة، توفي سنة (٥١٦ هـ). ينظر : طبقات المفسرين للسيوطي ( ص : ٣٨)، وطبقات الحفاظ (ص : ٤٥٧ )
(٦) محمد بن أحمد بن أبى بكر بن فرْح الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله القرطبي، قال الذهبي : إمام متفنن متبحر بالعلم، من أجل تصانيفه تفسيره المسمى ( الجامع لأحكام القرآن ) وكذلك له كتاب (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة )وغيره توفي سنة (٦٧١ هـ ). ينظر: طبقات المفسرين للسيوطي( ص: ٧٩ )، طبقات المفسرين للأدنه وي (ص : ٢٤٧).
(٧) ينظر : معالم التنزيل للبغوي ١/١ والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/١٥٤.
(٨) ينظر : معالم التنزيل ١/١، والإتقان ١/٣٠
(٩) ينظر : مجموع الفتاوي ١٧/١٩٠.
قيل: هي مكية، وبه قال ابن عباس والضَّحاك(١) وقتادة (٢) وأبو العالية(٣) وغيرهم(٤) ورجحه البغويُّ(٥) والقرطبيُّ(٦)
في تفسيرهما (٧)، وذكر البغوي والسيوطي أنه قول الأكثرين(٨) ونصَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية (٩).
(٢) قتادة : قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، أحد كبار حفاظ التابعين، توفي سنة مائة وبضع عشرة. ينظر : تذكرة الحفاظ (١/١٢٢)، التقريب (٥٥٨١ ).
(٣) رفيع بن مِهران، أبو العالية الرياحي، ثقة كثير الإرسال، توفي سنة ( ٩٣ هـ ). ينظر : تهذيب الكمال ( ٦/٩٩ )، التقريب ( ٥٥١٨ ).
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/١٥٤.
(٥) الحسين بن مسعود بن محمد، العلامة، أبو محمد البغوي، يلقب بمحيي السنة، كان إماماً في التفسير والحديث والفقه، له من التصانيف: معالم التنزيل في التفسير، وشرح السنة، توفي سنة (٥١٦ هـ). ينظر : طبقات المفسرين للسيوطي ( ص : ٣٨)، وطبقات الحفاظ (ص : ٤٥٧ )
(٦) محمد بن أحمد بن أبى بكر بن فرْح الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله القرطبي، قال الذهبي : إمام متفنن متبحر بالعلم، من أجل تصانيفه تفسيره المسمى ( الجامع لأحكام القرآن ) وكذلك له كتاب (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة )وغيره توفي سنة (٦٧١ هـ ). ينظر: طبقات المفسرين للسيوطي( ص: ٧٩ )، طبقات المفسرين للأدنه وي (ص : ٢٤٧).
(٧) ينظر : معالم التنزيل للبغوي ١/١ والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/١٥٤.
(٨) ينظر : معالم التنزيل ١/١، والإتقان ١/٣٠
(٩) ينظر : مجموع الفتاوي ١٧/١٩٠.
٢- قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وأنس بن مالك(١) - رضي الله عنه - :" لما افتتح رسول الله - ﷺ - مكة ووعد أمته ملك فارس والروم، قالت المنافقون واليهود : هيهات
من أين لمحمد ملك فارس والروم هم أعزّ وّ أمنع(٢)من ذلك، ألم يكف محمداً مكة والمدينة، حتى طمع في ملك فارس والروم، فأنزل الله هذه الآية(٣).
فلك سبحانك الملك كله، ملك الدنيا والآخرة خالصاً لك وحدك ليس لغيرك منه شيءٌ، أنت الملك لجميع الممالمك، والمملكة علويها وسفليها لك، والتصريف والتدبير كله لك، بحيث تتصرف فيه كيفما شئت إيجاداً وعدماً وإحياءً وإماتة وتعذيباً وإثابة، تعطي الملك من تشاء، وتوسعه على من تشاء، وتضيقه على من تشاء.
قوله تعالى ﴿ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾
الإيتاء : الإعطاء(٤)، والإتيان : المجيء بسهولة(٥)
ونزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبده.. ونزع فلان كذا أي سلب. قال :﴿ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾(٦)
(٢) أشد وأقوى..
(٣) أسباب النزول للواحدي ص: ٨٦ وينظر: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ١/٤٥ وتفسير السمرقندي ١/٢٢٩، والمحرر الوجيز ١/٤١٦، وتفسير السمعاني ١/٣٠٦، وتفسير البغوي ١/٣٣٧، وتفسير القرطبي ٤/٥٦، وتفسير النسفي ١/١٤٨ وغيرها.
(٤) العين ١/٥٥.
(٥) ينظر : المفردات ص: ١٨.
(٦) المفردات ص : ٤٩٠.
وما رواه الإمام أحمد في مسنده عن سلمان الفارسي(١)قال : قال لي النبي - ﷺ - :(أتدري ما يوم الجمعة ؟ قلت: أهو اليوم الذي جمع الله فيه أباكم. قال : لكنِّي أدري ما يوم الجمعة، لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره، ثم يأتي الجمعة فينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كانت كفارة له ما بينه وبن الجمعة المقبلة ما اجتنبت المقتلة ) (٢).
والكبائر جمع كبيرة، قال الراغب الاصفهاني "الكبير والصغير من الأسماء المتضايفة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض، فالشيء قد يكون صغيراً في جنب شيء وكبيراً في جنب غيره.. " (٣).
قال الزَّجاج :"والكبائر ما كَبرُ وعظُم من الذنوب " (٤).
وقد تعددت أقوال السلف في الكبائر فذهب الجمهور إلى أن من الذنوب كبائر ومنها صغائر بدلالة هذه الآية وغيرها.
وشذت طائفة منهم أبو إسحاق الإسفراييني (٥) فقال :"ليس في الذنوب صغير بل كلُّ ما نهى الله عنه كبير ". (٦).
(٢) ح : ٢٤١٩، وينظر : ح : ٢٤١٣٠ ص ١٧٦٤ / ١٧٦٥.
(٣) المفردات ص : ٤٢٣.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٢/٤٥.
(٥) أبو إسحاق الإسفراييني : إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق الإسفراييني الأصولي الشافعي، الملقب ركن الدولة، له : أدب الجدل، توفي سنة (٤١٨ هـ )، ينظر : السير (١٧/٢٥٣ )، طبقات الشافعية للسبكي (٤ /٢٥٦ ).
(٦) فتح الباري ( كتاب الأدب ) باب عقوق الوالدين من الكبائر، ح : ٥٩٧٦ ١٠/٥٠١..
وقال الزجاج: أي من بدل شيئاً مما أحلَّ الله فجعله حراماً، أو أحل شيئاً مما حرم الله فهو كافرٌ بإجماع(١).
وقيل : بشرائع الإسلام(٢).
والذي يعى به في الدراسة هنا هو تخريج قول ابن عباس ومجاهد أي ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ ﴾.
قال ابن جرير : فإن قال لنا قائل : وما وجه تأويل من وجَّه قوله ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ ﴾ إلى معنى : ومن يكفر بالله ؟ قيل وجه تأويله ذلك كذلك أن الإيمان هو التصديق بالله وبرسله وما ابتعثهم به من دينه والكفر : جحود ذلك.
قالوا : فمعنى الكفر بالإيمان : هو جحود الله وجحود توحيده. ففسروا معنى الكلمة بما أريد بها،
وأعرضوا عن تفسير الكلمة على حقيقة ألفاظها وظاهرها في التلاوة.
فإن قال قائل : فما تأويلها على ظاهرها وحقيقة ألفاظها ؟، قيل : تأويلها : ومن يأبى الإيمان بالله ويمتنع من توحيده والطاعة له فيما أمره به ونهاه عنه، فقد حبط عمله وذلك أن الكفر هو الجحود في كلام العرب، والإيمان: التصديق والإقرار ومن أبى التصديق بتوحيد الله والإقرار به فهو من الكافرين، فذلك تأويل الكلام على وجهه(٣).
قال السمعاني(٤): " أراد به من يكفر بالله الذي يؤمن به "(٥).
(٢) ينظر :: تفسير البيضاوي متن حاشية شيخ زاده ٣/٤٨١ وفتح القدير ٢/٢١ وروح المعاني ٦/٦٦.
(٣) تفسيره ٦/١٣٣.
(٤) والسمعاني هومنصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي، أبو المظفر السمعاني المروزي، الحنفي ثم الشافعي، أحد العلماء الكبار، صاحب فنون، له : التفسير، وقاطع الأدلة في الأصول، والأمالي في الحديث، وغيرها، توفي سنة ( ٤٨٩ هـ ). ينظر : السير ( ١٩/١١٤ )، طبقات الشافعية للسبكي (٥/٣٣٥).
(٥) تفسيره ٢/١٥ وينظر :: الدر المصون ٢/٤٩١، وحاشية شيخ زاده ٣/٤٨١ وروح المعاني ٦/٦٦.
وخصَّ الإطعام بالذكر من بين أنواع الانتفاعات لمسِّ الحاجة إليه(١).
٢- قرأ مجاهد وسعيد بن جبير والأعمش(٢)(ولايَطْعَم) بفتح الياء(٣).
والمعنى أنه سبحانه منزه عن مشابهة المخلوقين، فهو يَرْزُق ولا يأكل(٤)
والضمير في القراءتين عائد على الله سبحانه وتعالى.
وذكر الزجاج أن هذه القراءة الأخيرة هي الاختيار عند البصراء بالعربية(٥).
وقال النحاس والقرطبي :" وهي قراءة حسنة "(٦)وقال ابن جرير :" ولا معنى لذلك لقلة القراءة به "(٧)
٣- قرأ العقيلي وغيره ( وهو يُطْعِم ولا يُطْعم ) كلاهما على البناء للفاعل
(٢) ينظر إعراب القرآن للنحاس ٢/٥ وتفسير القرطبي ٣/٣٦٥ والبحر المحيط ٤/٩٠، والدر المصون ٣/٢١، وأضواء البيان ٢/١٦٦والأعمش هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي الأعمش، أبو محمد، ثقة كوفي وكان محدث أهل الكوفة، عارف بالقراءات، ورع لكنه يُدلس توفي سنة ( ١٤٨ هـ ). ينظر : تاريخ الثقات ( ١/٤٣٢)، التقريب ( ٢٦١٥ ).
(٣) ينظر إتحاف فضلاء البشر ١/٢٦٠ ومعاني القرآن للنحاس ٢/٤٠٥ وزاد المسير ٣/١١، وتفسير القرطبي ٦/٣٦٥ وأضواء البيان ٢/١٦٦.
(٤) ينظر معاني القرآن وإعرابه ٢/٢٣٣، وتفسير السمعاني ٢/٩١، والمحرر الوجيز ٢/٧٣، وتفسير ابن كثير ٢/١٢٥، وأضواء البيان ٢/١٦٦، وفتح القدير ٢/١٣٠.
(٥) ينظر معاني القرآن وإعرابه ٢/٢٣٣.
(٦) ينظر معاني القرآن للنحاس ٢/٤٠٥، وتفسير القرطبي ٦/٣٦٥، وينظر معاني القرآن للأخفش ص ١٧٦
(٧) تفسير ٥/١٨٧.
وَلَكِنِّي عَنْ عِلْمِ مَا في غَدٍ عَمِ(١).
وقال البغوي :" يقال رجل عمٍ عن الحق وأعمى في البصر، وقيل : العمي والأعمى كالخضر والأخضر".(٢)
وقال أبو حيان :" وقد يكون العمي والأعمى، كالخضر والأخضر(٣)"
وأرجو أن يكون ما ذكر هو عين قول الحسين.
ذُكر عن ابن عباس في قوله ( عمين ) أقوال:
١- أي كفاراً(٤).
٢- عميت قلوبهم عن معرفة التوحيد والنبوة والمعاد(٥).
٣- وعميت قلوبهم عن معرفة الله وقدرته(٦).
وقال مجاهد(٧)وقتادة(٨): ( عمين ) عن الحق.
وقال عطاء :( عمين ) عن الخير(٩)
وقال الزجاج :" أي قد عموا عن الحق والإيمان "(١٠).
سورة الأعراف
(٢) تفسيره ٢/١١٤.
(٣) البحر المحيط ٤/٣٢٦، و ينظر : الدر المصون ٣/٢٨٩.
(٤) رواه عنه ابن أبى حاتم في تفسيره ٥/١٥٠٧.
(٥) ينظر : تفسير البغوي ٢/١١٤، وتفسير الرازي ١٤/١٢٥، والبحر المحيط ٤/٣٢٦، وتفسير أبي السعود ٣/٢٣٧، وروح المعاني ٨/١٥٤.
(٦) ينظر : زاد المسير ٣/٢٢١، والوجيز للواحدي ١/٣٩٩، وتفسير القرطبي ٧/٢١٠ ولم ينسباه.
(٧) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٨/٢٥٣، وابن أبى حاتم عنه في تفسيره ٥/١٥٠٨، و ينظر : تفسير مجاهد ١/٢٣٩، والدر المنثور ٣/٤٨٣، وعزاه أيضاً إلى عبد بن حميد وابن المنذر، وفسر به الآية ابن جرير ٨/٢٥٣، وابن كثير ٢/٢٢٣، في تفسيرهما.
(٨) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٣/٤٧، وتفسير القرطبي ٧/٢١٠.
(٩) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/١٥٠٨.
(١٠) معاني القرآن وإعرابه ٢/٣٤٧.
والنسخ اصطلاحاً : رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم، بخطاب متراخ عنه. (١)
قوله تعالى ﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ك]ّ‹xm وَجَدْتُمُوهُمْ ﴾ [التوبة : ٥ ]
اختلف في هذه الآية فقيل: إنها منسوخة بقوله تعالى ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾ [ محمد : ٤ ] فلا يحلّ قتل الأسير وإنما يُمنُّ عليه أو يُفادى به، وهذا قول الضحاك وجماعة (٢)، وقال بعضهم: إن هذه الآيات من أعاجيب آي القرآن لأنها نَسخت من القرآن مائة وأربعاً وعشرين آية ثم نُسخت (٣)، ورده ابن الجوزي (٤)
وقيل إنها محكمة، ثم اختلف القائلون بإحكامها هل هي ناسخة لغيرها، أم غير ناسخة.
فقال كثيرون : إنها نسخت جميع ما أمر به المؤمنون من الصفح والعفو والغفران للمشركين (٥) وأظن هذا من قبيل التوسع في النسخ.
(٢) ينظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس ص: ٤٩٣/٤٩٤، والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي ص٣٠٩: ، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص: ١٧٣
(٣) ينظر : الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ص : ٩٨، والناسخ والمنسوخ للكرمي ص: ١١٦، و تراجع رسالة علمية لنيل درجة الماجستير بعنوان ( الآيات المدعى نسخها بآية السيف ) لعثمان علي ص : ٥٦.
(٤) ينظر : نواسخ القرآن له ١٧٣/١٧٤.
(٥) ينظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص: ٣٠٨/٣٠٩ الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص: ٢٧٥، والإتقان ٣/٦١، وتفسير السمرقندي ٢/٣٩ والمحرر الوجيز ٣/٨، والتسهيل لعلوم التنزيل ٢/٧١.
وَهَذَا فِيْه أَزْهَدُ مِنْهُ فيهِ(١)
وقيل لسفيان بن عيينة : يقول الناس : كل إنسان عدو ما جهل، فقال : هذا في كتاب الله، قيل أين؟ فقال :( بل كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه )(٢) [ يونس : ٣٩ ]
أصل الإحاطة بالشيء: الإحداق به بمنزلة الحائط الذي تحاط به الدار فتحدق به(٣)، والإحاطة بعلم الشيء هي المعرفة به من جميع وجوهه.(٤)
ومعنى الآية : ما بهؤلاء المشركين يا محمد تكذيبك، ولكن بهم التكذيب مما أنزل الله عليك في هذا القرآن من وعيدهم على كفرهم بربهم (٥) فهم كذبوا بالقرآن وهم جاهلون بمعانيه وتفسيره.
قال الزمخشري :" بل سارعوا إلى التكذيب بالقرآن، وفاجؤوه في بديهة السماع قبل أن يفقهوه ويعلموا كنه أمره، وقبل أن يتدبروه ويقفوا على تأويله ومعانيه، وذلك لفرط نفورهم عما يخالف دينهم، وشرادهم عن مفارقة دين آبائهم"(٦). والحق أن يحيطوا بعلمه لأنَّ توفر أدلة صرفه، تحتاج إلى زيادة تأمل وتدقيق نظر بحيث يتعين على الناظر عِلمُ أدلته ثم إعادةُ التأمل فيها، وتسليط علم على علم ونظر على نظر بحيث تحصل الإحاطة بالعلم.
وفي هذا مبالغة في فرط احتياجه إلى صدق التأمل، ومبالغة في تجهيل الذين بادروا إلى التكذيب من دون تأمل في شيء حقيقي بالتأمل بعد التأمل.... وإنما يكون مثل هذا التكذيب عن مكابرة وعداوة لا عن اعتقاد كونه مكذوباً (٧).
(٣) زاد المسير٤/٣٣
(٤) تفسير الطبري ١/٤٤٤.
(٥) تفسير السمعاني ٢/٣٨٤.
(٥)تفسير الطبري ١١/١٣٧.
(٦)
(٦) الكشاف ٢/٣٤٧، وينظر : تفسير النسفي ٢/١٢٩.
(٧) ينظر: التحرير والتنوير ١١/٨٥.
... والإعجاز في الكلام هو :" أن يؤدي المعنى بطريق هو أبلغ من جميع ما عداه من الطرق "(١).
... أما الإعجاز في القرآن فهو مركب إضافي معناه بحسب أصل اللغة إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحداهم(٢).
قوله تعالى ﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ﴾ اختلف أهل التأويل في بيان المراد من الشاهد : فقال ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح، وعكرمة، والضحاك وغيرهم: أنه جبريل عليه السلام(٣)، وعلى هذا القول أكثر أهل التفسير(٤).
وقال الحسين بن علي، - رضي الله عنه - أنه محمد - ﷺ - (٥)وقال عليٌّ - رضي الله عنه - والحسن البصري وقتادة : أنه لسانه(٦).
وقال مجاهد : هو ملك يحفظه(٧)
وقال بعضهم : هو الإنجيل(٨)
(٢) مناهل العرفان ٢/٢٣٨.
(٣) رواه عنهم ابن جرير في تفسيره ١٢/٢١٢٢، وينظر : ابن أبى حاتم ٦/٢٠١٤.
(٤) ينظر : تفسير البغوي ٢/٣٩٢.
(٥) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٢/١٢، وابن أبى حاتم في تفسيره ٦/٢٠١٤.
(٦) رواه عنهم ابن جرير في تفسيره ١٢/٢٠، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/٢٠١٤، وراه عن قتادة عبد الرازق في تفسيره ٢/٣٠٣.
(٧) رواه عنه عبد الرازق في تفسيره ٢/٣٠١، بلفظ ( يتبع حافظ من الله ) وابن جرير في تفسيره ١٢/٢٣، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/٢٠١٤، وينظر : تفسير مجاهد ١/٣٠٢.
(٨) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢/٦ والمحرر الوجيز ٣/١٥٧ وزاد المسير ٦/٨٦ والبيان في غريب إعراب القرآن ٢/٩.
الكشف والبيان للثعلبي(١)ص ١٠١/١٠٢.(٢)
الدراسة
جمهور المفسرين على أن الفاتحة هي السبع المثاني، وقد روي ذلك عن الرسول - ﷺ - فيتعين المصير إليه.(٣)
روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال، قال : رسول الله - ﷺ - (أمُّ القرآن هي السَّبع المثاني والقرآن العظيم )(٤).
وفي رواية الترمذي ( الحمد لله أمُّ القرآن وأمُّ الكتاب والسبعُ المثاني ).(٥)
والمثاني جمع ُمثْنَاة، والمَثْنَى كل شيء يُثَنَّى، أي : يجعل اثنين من قولك ثَنَيْتُ الشيء ثَنْياً، أي : عطفته وضممتُ إليه آخر، ومنه يقال لركبتي الدابة ومرفقيه مثاني ؛ لأنه يُثْنَى بالفخذ والعضد، ومثاني الوادي معاطِفُه، فتقول : سبعاً من المثاني مفهوم سبعة أشياء من جنس الأشياء التي تُثَنِّى، وهذا مجمل لا سبيل إلى تعيينه إلا بدليل منفصل(٦).
قال أبو عبيدة في ﴿ وَلَقَدْ y٧"sY÷ s؟#uن سَبْعًا مِنَ 'دT$sVyJّ٩$# وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ ﴾ :"مجازها سبع آيات من المثاني، والمثاني هي الآيات فكأنّ مجازها : ولقد آتيناك سبع آيات من آيات القرآن، والمعنى وقع على أم الكتاب وهي سبع آيات.. "(٧)
واختلف في الفاتحة، لِمَ سُمِّيت مثاني ؟
قال الحسن وقتادة : سميت مثاني ؛ لأنهن يُثَنَّيْنَ في كل ركعة من الصلاة.(٨)
(٢). ت : قارى بن خوشي محمد، ج : أم القرى.
(٣) ينظر : فتح القدير ٢/١٧٦.
(٤) كتاب التفسير باب قوله ﴿ وَلَقَدْ y٧"sY÷ s؟#uن سَبْعًا مِنَ 'دT$sVyJّ٩$# وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ ﴾، ح: ٧٠٤، ص : ٨١٢.
(٥) سبق تخريجه في سورة الفاتحة.
(٦) البحر المحيط ٥/٤٥٢.
(٧) مجاز القرآن ١/٣٥٤.
(٨) رواه عنهما ابن جرير في تفسيره ١٤/٦٩.
وقال الزَّمخشري :" أي الإحسان والإساءة : كلاهما مختص بأنفسكم، لا يتعدَّى النفع والضرر إلى غيركم".(١)
قال السمين الحلبي :" وهذه اللام يجوز أن تتعلق بفعل مقدر كما تقدم في قول الطبري(٢)، وإما بمحذوف على أنها خبر لمبتدأ محذوف، تقديره : فلها الإساءة لا لغيرها ".(٣)
الثالث : بمعنى على، أي: ( فعليها )(٤)كقوله تعالى ﴿ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾(٥)[ البقرة : ٢٨٦]
ونحو سلام لك أي سلام عليك.(٦)
قال ابن كثير :" أي فعليها ؛ كما قال : تعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ $[sد="|¹ ¾دmإ، ّےuZد=sù وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [ فصلت : ٤٦ ](٧)
وقال الشِّنقيطي ـ رحمه الله ـ :" بمعنى على، أي فعليها، بدليل قوله ﴿ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ ومن إتيان اللام بمعنى على قوله تعالى ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ.. ﴾ [الإسراء : ١٠٩ ] الآية أي عليها. وقوله :( ﴿ فَسَلَامٌ لَكَ ﴾ [ الواقعة : ٩١ ] الآية أي سلام عليك... والتعبير بهذه اللام في هذه الآية للمشاكلة كما قدمنا في نحو ﴿ (#نt¨u"y_ur سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ ﴾ [الشورى : ٤٠ ].
( ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ] الآية(٨).
وتقدير جمهور العلماء - مع اختلافهم فيه - مخالف لما ذهب إليه الحسين، وتبعه عليه السمرقندي فقال :" وإن أسأتم أي : أشركتم بالله فلها رب يغفر لها "(٩).
(٢) تقدير الكلام عند الطبري :( فإليها ترجع الإساءة ).
(٣) الدر المصون ٤/٣٧٣.
(٤) ينظر : تفسير البغوي ٢/٦٧٠ وتفسير السمعاني ٣/٢٢٠ وزاد المسير ٥/١٠ و تفسير القرطبي ١٠/١٩٢ والتبيان في إعراب القرآن ٢/٨١٣ والبحر المحيط ٦/١٠ والدر المصون ٤/٣٧٢.
(٥) ينظر: التبيان في إعراب القرآن ٢/٨١٣.
(٦) تفسير القرطبي ١/١٩٢.
(٧) تفسيره ٣/٢٥.
(٨) أضواء البيان ٣/٣٦٩.
(٩) تفسيره ٢/٣٠٢.
وقيل المراد به : الشريك في الاسم وذلك هو الظاهر من لغة العرب، (١) يقال فلان سمي فلان إذا شاركه في اللفظة نفسه، والسمي : من توافق في الاسم تقول : هذا سَمِيُّك يعني اسمه مثل اسمك فالمعنى : أنه لم يُسَمَّ بلفظ الله شيء قط (٢) ١- فقد روى إسرائيل عن سماك (٣) عن عكرمة عن ابن عباس قال :( هل تعلم أحداً سُمِّي الرَّحمن سواه ) (٤).
قال النحاس " وهذا أجلُّ إسناد علمته روي في هذا الحرف، وهو قول صحيح لا يقال الرحمن إلا لله وقد يقال لغير الله رحيم" (٥).
٢- وقال الكلبي : هل تعلم أحداً يسمَّى ( الله ) غيره ؟ (٦).
قال الزمخشري :" أي : لم يسم شيء الله قط، وكانوا يقولون لأصنامهم آلهة، والعزى إله وأما الذي عوض فيه الألف واللام من الهمزة، فمخصوص به المعبود الحق غير مشارك فيه" (٧).
٣-وقال الزجاج :" وتأويله والله أعلم هل تعلم له سمياً يستحق أن يقال له خالق وقادر وعالم بما كان وبما يكون، فذلك ليس إلا من صفة الله تعالى " (٨).
(٢) ينظر : البحر المحيط ٦/١٩٣/١٩٤
(٣) سماك بن حرب : بن أوس بن خالد الذهلي البكري، الكوفي، أبو المغيرة، من التابعين، توفي سنة (١٢٣ هـ )، ينظر : السير( ٥/٢٤٥ )، التقريب (٢٦٢٤).
(٤) ذكر هذا السند النحاس في معاني القرآن ٤/٣٤٥ ورواه عن ابن عباس ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/٢٤١٤، وينظر : تفسير ابن كثير ٣/١٣١.
(٥) معاني القرآن ٤/٣٤٥.
(٦) تفسير البغوي ٣/٩٩، وينظر : تفسير القرطبي ١١/١٢٠ ونسبه ابن الجوزي ٥/٥١ في زاد المسير إلى عطاء عن ابن عباس، ولم ينسبه النحاس في معاني القرآن ٤/٣٤٥ والسمعاني في تفسيره ٣/٣٠٥ وابن عطيه في المحرر الوجيز ٤/٢٥
(٧) الكشاف ٣/٣٠.
(٨) معاني القرآن وإعرابه ٣/٣٣٨.
والمراد به عند الحسين معناه العام : الطريقة التي سلكها القرآن، وتكاد كلمة (مجازُه كذا ) ترادف (معناه كذا) أو (تفسيره كذا ) أو (تأويله كذا ) وهكذا، وكثيراً ما تجد لفظة (مجاز ) على المعنى العام عند أبى عبيدة في كتابه ( مجاز القرآن ) وهذا المعنى العام أعمُّ مما يُعرف عند البلاغين فيما بعد (بالمجاز)(١)الذي هو ضدُّ الحقيقة، وهذا فصل مهم في علم البيان قال ابن الأثير " بل هو علم البيان بأجمعه" (٢).
المسالة الثانية : وتحتها ثلاثة أغراض :
الغرض الأول : قال تعالى ﴿ مَا $uZّ٩u"Rr& عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى ﴾ [ طه : ٢ ] ما معنى الشقاء ؟.
أصل الشقاء في اللغة : العناء والتعب (٣) وهو الشدة والعسر (٤) والشقاء والشقاوة بالفتح ضد السعادة (٥).
(٢) المثل السائر ١/٧٤
(٣) ينظر: الكشف والبيان ٢/٢٧ بالتحقيق السابق الذي نقلت عنه قول الحسين وتفسير القرطبي ١١/١٥٣.
(٤) ينظر: تهذيب اللغة ٢/١٩٠٨.
(٥) لسان العرب (شقا).
ذهب جمع من العلماء إلى أن المراد بالذكر ههنا ( القرآن الكريم )، وهو قول قتادة(١)والطبري(٢)والزمخشري(٣)والرازي(٤)وابن جُزي الكلبي(٥)وابن كثير(٦)والشوكاني(٧)وابن عاشور(٨)
والشنقيطي (٩) وغيرهم (١٠) و نسبه ابن الجوزي إلى ابن عباس(١١).
وقيل : إن الذكر هنا هو ما ذكره النبي - ﷺ - وبينه من السنن والمواعظ وليس بالقرآن (١٢).
(٢) ينظر : تفسيره ١٧/٥.
(٣) ينظر الكشاف ٣/١٠١.
(٤) ينظر : تفسيره ٢٢/١٢١.
(٥) ينظر : التسهيل لعلوم التنزيل ٣/٢٢ و ابن جزي الكلبي هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيي الغرناطي، أبو القاسم بن جزي الكلبي، مشارك في فنون منها العربية والأصول والقراءات والحديث والأدب، له عناية بالتفسير، من مؤلفاته : التسهيل لعلوم التنزيل، تقريب الوصول إلى علم الأصول، توفي سنة ( ٧٤١هـ )، ينظر : الدرر الكامنة (٣/٣٥٦)، الديباج المذهب لابن فرحون (٢/٢٧٤ ).
(٦) ينظر : تفسيره ٣/١٧٣.
(٧) ينظر : فتح القدير ٣/٤٩٤.
(٨) ١٠) ينظر : التحرير والتنوير ١٧/١٠
(٩) ينظر : أضواء البيان ٤/٥٤٤.
(١٠) كالواحدي في الوجيز ٢/٧١٠ والنسفي في تفسيره ٣/٧٤ والبيضاوي وشيخ زاده في حاشيته على تفسير البيضاوي ٦/٤ وأبي السعود في تفسيره ٦/٥٤والثعالبي في تفسيره ٣/٤٨، والألوسي في روح المعاني ١٧/٧
(١١) ينظر : زاد المسير ٥/٣٣٩.
(١٢) ينظر : تفسير البغوي ٣/١٥١ والمحرر الوجيز ٤/٧٣ وتفسير القرطبي ١١/٢٣٧ والبحر المحيط ٦/٢٧٥ ونسبه ابن الجوزي في زاد المسير ٥/٣٣٩ والسمعاني في تفسيره ٣/٣٦٧ إلى النقاش.
قال ابن قتيبة :" يعني سقف البيت، وكل شيء علاك وأظلك فهو سماء "(١). ﴿ ثُمَّ لِيَقْطَعْ ﴾ ليختنق بالحبل، فيشده في عنقه ويتدلّى مع الحبل المعلق في السقف حتى يموت، وإنما أطلق القطع على الاختناق ؛ لأن الاختناق يقطع النفس بسبب حبس مجاريه، فلينظر إذا اختنق ﴿ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ﴾ أي : هل يذهب فعله ذلك ما يغيظه من نصر الله نبيه محمد - ﷺ - في الدنيا أو في الآخرة.
والمعنى : لا يذهب ذلك الذي فعله ذلك الكافر الحاسد ما يغيظه ويغضبه من نصر الله لنبيه محمد - ﷺ -.(٢)
قال الزمخشري :" وسمي فعله كيداً، لأنه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره، أو على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكد به محسوده، إنما كاد به نفسه، والمراد : ليس في يده إلا ما ليس مذهب لما يغيظه ".(٣)
وحاصل القول : إن الله تعالى يقول لحاسديه - ﷺ -، الذين يتربصون به الدوائر، ويظنون أن ربه لن ينصره : موتوا بغيظكم، فهو ناصره لا محالة رغم أنوفكم، وممن قال بهذا : مجاهد وقتادة وعكرمة وعطاء(٤). كما نقله ابن كثير، وذكر أن هذا القول هو الأظهر والأبلغ في التهكم(٥).
وقال الشنقيطي :" وهو أظهرها عندي "(٦).
وفسر هذا التفسير الحسين بقوله ( كما يقول في الكلام للحاسد أو المعاند إن لم ترض هذا فاختنق )
(٢) ينظر في بيان المعنى : أضواء البيان ٥/٥٠ ويراجع تفسير البغوي ٣/٢٠٥، وتفسير النسفي ٣/٩٨ وتفسير الجلالين ١/٤٣٥.
(٣) الكشاف ٣/١٤٧ /١٤٨.
(٤) ينظر : أضواء البيان ٥/٥٠.
(٥) ينظر : تفسيره ٣/٢١٠.
(٦) أضواء البيان ٥/٥٠.
وذُكر أن قوله تعالى ﴿ وَلَا (#qèdحچُ٣è؟ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB لِتَبْتَغُوا uعuچtم دo٤quٹutù:$# الدُّنْيَا وَمَنْ £`'gdحچُ٣مƒ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ £`خgدd¨uچّ. خ) غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [ النور : ٣٣ ] أنزلت في عبد الله بن أبي بن سلول حين أكره أمته على الزنا، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر، قال :( كان عبد الله بن أبي بن سلول يقول لجارية له اذهبي فابغينا شيئاً، فأنزل الله عز وجل ﴿ وَلَا (#qèdحچُ٣è؟ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB لِتَبْتَغُوا uعuچtم دo٤quٹutù:$# الدُّنْيَا وَمَنْ £`'gdحچُ٣مƒ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ £`خgدd¨uچّ. خ) ض ﴾ (لهنَّ ) وهكذا جاء في الحديث ﴿ 'qàےxî رَحِيمٌ ﴾(١)
والشاهد هو قوله :﴿ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB ﴾ والتحصن هو التعفف.
قال الجوهري : أحْصَنَت المرأة : عَفَّت.(٢)
قال قتادة :﴿ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB ﴾ أي عفة وأخلاقاً.(٣)
وينظر : مسند أبي يعلى ٤/١٩٩ وتفسير ابن جرير ١٨/١٥٩/١٦٠، وتفسيرابن أبى حاتم ٨/٢٥٨٩ /٢٥٩٠، وتفسير ابن كثير٣/٢٨٨/٢٨٩.
(٢) الصحاح ( حصن ).
(٣) رواه عنه ابن أبى حاتم في تفسيره ٨/٢٥٩٠.
وعلى هذا فالاستثناء متصل، ونسب ابن الجوزيِّ كونه استثناء من الجنس إلى ابن زيد(١)، ثم إن الكلبي وافق الحسين بن الفضل في تقديره، ولا يخفى ما في هذا التقدير خصوصاً بعد ما ذُكر في الأقوال السابقة، ولأنه ينبغي تجنب الأعاريب التي هي خلاف الظاهر والمنافية لنظم الكلام، والظاهر - والله أعلم - إقرار الاستثناء في موضعه.
وأعجبني قول الطبري :" نصباً على الاستثناء.. ومعنى الكلام : أفرأيتم كل معبود لكم ولآبائكم، فإني منه بريءٌ لا أعبده، إلا ربَّ العالمين.(٢)
سورة الشعراء
قال تعالى ﴿ إِلَّا مَنْ 'sAr& اللَّهَ بِقَلْبٍ ٥Oٹد=y™ (٨٩) ﴾ [ الشعراء : ٨٩ ]
[ ٦١ ] وقال الحسين بن الفضل :( سليم من آفة المال والبنين )
الكشف والبيان للثعلبي (٣) ٢/٧٥٩. (٤)
الدراسة
ما هو القلب السليم ؟
قال ابن عباس : القلب السليم ( أن يشهد أن لا إله إلا الله ). (٥)
وقال ابن سيرين (٦) : القلب السليم أن يعلم أنَّ الله حقٌّ، وأنَّ الساعة قائمة، وأنَّ الله يبعث من في القبور. (٧)
(٢) تفسير ١٩/٩٩.
(٣) وافقه ابن الجوزي في زاد المسير ٦/١٣١.
(٤) ت : ناصر بن محمد الصائغ، ج : أم القرى.
(٥) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/٢٧٨٣، قوله :( شهادة أن لا إله إلا الله )، ورواه الطبراني في الدعاء ١/٤٥٧، وينظر : تفسير ابن كثير ٣/٣٣٩.
(٦) ابن سيرين : محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، من مشاهير التابعين، توفي سنة ( ١١٠ هـ )، ينظر : السير ( ٤/٦٠٦ )، التقريب (٥٩٤٧)
(٧) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٩/١٠٢، وابن أبى حاتم في تفسيره ٨/٢٧٨٣، وينظر : تفسير ابن كثير ٣/٣٣٩
وقال مجاهد : أمر بالعرش فصير ما أحمر جعل أخضر، وما كان أخضر صير أحمر، غُيِّر كلٌّ من حاله(١). وقيل غير ذلك(٢).
﴿ نَنْظُرْ ü"د‰tG÷ksEr& أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا tbrك‰tG÷ku‰ ﴾
قال ابن عباس : قال لننظر إلى عقلها، فوجدت ثابتة العقل(٣).
وقال مجاهد : أتعرفه(٤)وقال سعيد بن جبير : أم تكون من الذين لا يعرفون(٥).
﴿ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾
قال مجاهد: فلما جاءت ﴿ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ ﴾ فلم تدر ﴿ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾(٦)
وقال قتادة : قالت كأنه هو شبهته، وقد كانت تركته خلفها(٧)وقال ابن زيد : شكَّت(٨).
وقال السدي : فلما دخلت وقد غُيِّرَ عرشُها فجعل كل شيء من حليته أو فرشه في غير موضعه ليلبسوا عليها، فلما دخلت ﴿ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ ﴾ فرهبت أن تقول نعم هو، فيقولون ما هكذا كان حليته وكسوته هكذا، ورهبت أن تقول ليس هو فيقال لها بل هو هو، ولكنا غيرناه فقالت ﴿ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾.(٩)
(٢) ينظر : تفسير ابن أبي حاتم ٩/٢٨٩٠، وزاد المسير ٦/١٧٧.
(٣) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٩/١٩٠ وابن أبي حاتم في تفسيره ٩/٢٨٩٠.
(٤) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٩/١٩٠، وينظر تفسير ابن أبي حاتم ٩/٢٨٩١.
(٥) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/٢٨٩١.
(٦) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/٢٨٩١.
(٧) رواه عنه عبد الرازق في تفسيره ٣/٨٢، وابن جرير في تفسيره ١٩/١٩١، وابن أبي حاتم في تفسيره ٩/٢٨٩٢.
(٨) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٩/١٩١.
(٩) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/٢٨٩٢.
قال الحسن: أفضل الجهاد مخالفة الهوى(١)".
وقد أطلق لفظ المجاهدة بدون تقييدها بمفعول، وذلك ليتناول كل ما يجب مجاهدته من النفس الأمارة بالسوء والشيطان، وأعداء الدين(٢). فهي تعم مجاهدة الأعادي الظاهرة والباطنة بأنواعها.(٣)
فذكر سبحانه أنَّ الذين جاهدوا فيه أنَّه يهديهم إلى سبيل الخير والرشاد وأقسم على ذلك باللام.
وذكر السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ أن المفرد المضاف يفيد العموم، كما يفيد ذلك اسم الجمع.(٤)
فالسبل هنا تعم جميع سبل الخير الموصلة إلى مرضاة الله والجنة. والله أعلم.
قال الربيع في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ِNهk¨]tƒد‰÷ks]s٩ سُبُلَنَا ﴾
ليس على الأرض عبد أطاع ربه ودعا إليه ونهى عنه، إلا وأنه قد جاهد في الله(٥).
قال ابن القيم :" قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ِNهk¨]tƒد‰÷ks]s٩ سُبُلَنَا ﴾ علّق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكملُ الناس هداية ً أعظمُهم جهاداً.
وأفرض الجهاد : جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا.
فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد، فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد ".(٦)
وهكذا تبين المراد من الآية الكريمة
ثم إنه قد مرَّ مراراً الحديث عن أسلوب التقديم والتأخير، ما دافع الحسين للقول السابق في هذه الآية الكريمة الواضحة الجلية ؟
فإن كان من ناحية اللغة : فقد علق الهداية بالجهاد، فالجهاد أولاً ثم الوعد بالهداية.
(٢) ينظر في إطلاق المجاهدة وما بعدها : الكشاف ٣/٤٦٥، والبحر المحيط ٧/١٥٥.
(٣) روح المعاني ٢١/١٤، وينظر : تفسير أبي السعود ٧/٤٨.
(٤) القواعد الحسان ص : ٢٣.
(٥) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/٣٠٨٤.
(٦) الفوائد ص : ٩١.
لنفسه ﴿ جَهُولًا ﴾ بعاقبة ما تقلَّد لربه.(١)
وقال ابن تيمية :"والإنسان خلق ظلوماً جهولاً، فالأصل فيه عدم العلم وميله إلى ما يهواه من الشر، فيحتاج دائماً إلى علم مفصل يزول به جهله، وعدل في محبته وبغضه ورضاه وغضبه وفعله وتركه وإعطائه ومنعه وأكله وشربه ونومه ويقظته، فكل ما يقوله ويعلمه يحتاج فيه إلى علم ينافي جهله، وعدل ينافي ظلمه، فإن لم يمنَّ الله عليه بالعلم المفصل والعدل المفصل، وإلا كان فيه من الجهل والظلم ما يخرج به عن الصراط المستقيم... "(٢)
ثم إنَّ الرازي ذكر وجوهاً في معنى قوله ﴿ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ فقال :" رابعها، إنه كان ظلوماً جهولاً في ظنِّ الملائكة حيث قالوا ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] وبيَّن علمه عندهم حيث قال ﴿ فَقَالَ 'دTqن"خ٦/Rr& بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ ﴾ [ البقرة : ٣١ ] "(٣)وقد تكون هذه هي العلة الخفية خلف قول الحسين ـ رحمه الله ـ، والحقيقة أن قول الحسين ـ رحمه الله ـ هذا فيه غرابة فآيات البقرة صريحات واضحات في بسط المعنى في قصة آدم ـ عليه السلام ـ واستخلافه في الأرض، وهنا في آية الأحزاب المعنى واضح في عظمة الأمانة وإشفاق السموات والأرض والجبال من حملها فحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً فكيف يتفق هذا مع تكريم الله تعالى لآدم بالعلم عندما قال للملائكة ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ إلى أن قال ﴿ وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ 'دTqن"خ٦/Rr& بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة : ٣١ ]
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٤/٣٨.
(٣) تفسيره ٢٥/٢٠٣.
قال الطبري :" يقول تعالى ذكره : أفمن حسَّن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر به، وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان، فرآه حسناً، فحسب سيئ ذلك حسناً، وظن أن قُبحه جميل لتزيين الشيطان ذلك له، ذهبت نفسك عليهم حسرات، وحذف من الكلام : ذهبت نفسك عليهم حسرات، اكتفاء بدلالة قوله :﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ ِNخkِژn=tم رضي الله عنN¨uژy£xm ﴾ منه ".(١)
ثانيها : كمن هداه الله فحذف، لدلالة قوله تعالى :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ "د‰÷ku‰ur مَنْ يَشَاءُ ﴾(٢).
قال الزجاج :" الجواب ههنا على ضربين، أحدهما يدل عليه ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) ويكون المعنى: أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة، ويكون ( فلا تذهب نفسك ) يدل عليه، ويجوز أن يكون الجواب محذوفاً ويكون المعنى أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله، ويكون دليله ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ "د‰÷ku‰ur مَنْ يَشَاءُ ﴾.(٣)
وقال ابن عطية :" وجوابه محذوف تقديره عند الكسائي ( تذهب نفسك حسرات عليهم ) ويمكن أن يتقدر كمن اهتدى، ونحو هذا من التقدير، وأحسنها ما دل اللفظ بعد عليه ".(٤)
(٢) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٥/٤٣٨ والبرهان في علوم القرآن ٣/١١٣ وتفسير السمعاني ٤/٣٤٧. وتفسير البغوي ٣/٦١٧ والمحرر الوجيز ٤/٤٣٠ وزاد المسير ٦/٤٧٥ وتفسير القرطبي ١٤/٢٨٤ وتفسير الجلالين ١/٥٧٢،
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٤/٢٦٤.
(٤) المحرر الوجيز ٤/٤٣٠.
وقرأ الباقون : بفتح التاء ( بل عجبتَ )(١).
وحجة من فتح التاء أنه جعله مخاطبة للنبي - ﷺ - فالعجب مضاف إليه، والمعنى بل عجبت أنت يا محمد(٢).
قال قتادة : عجب محمد - عليه الصلاة والسلام - من هذا القرآن حين أُعطيه وسخر منه أهل الضلالة(٣).
وعلى قراءة الضم :
فقال الزجاج :" ومن قرأ عجبتُ فهو إخبار من الله، وقد أنكر قوم ٌ هذه القراءة
وقالوا : الله - عز وجل - لا يعجب. وإنكارهم هذا غلط، لأن القراءة والرواية كثيرة والعجب من الله - عز وجل - خلافُه من الآدميين : كما قال: ﴿ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ﴾ [ الأنفال : ٣٠ ] ﴿ uچد‚y™ اللَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [ التوبة : ٧٩ ] ﴿ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ [ النساء : ١٤٢ ]... ، وأصل العجب في اللغة : أن الإنسان إذا رأى ما ينكره ويقل مثله، قال : عجبت من كذا وكذا، وكذا إذا فعل الآدميون ما ينكره الله جاز أن يقول فيه عجبتُ. والله قد علم الشيء قبل كونه، ولكن الإنكار إنما يقع والعجب الذي يلزم به الحجة عند وقوع الشيء ".(٤)
وقال الفراء :" قرأها الناس بنصب التاء ورفعها، والرفع أحبُّ إلى َّ ؛ لأنها قراءة عليٍّ وابن مسعود(٥)وعبد الله بن عباس.
والعجب إن أسند إلى الله فليس معناه من الله كمعناه من العباد ألا ترى أنه قال :
(٢) ينظر : الحجة لابن خالويه ص : ٣٠١، والكشف عن وجوه القراءات السبع ٢/٢٢٣، والحجة لابن زنجلة ص : ٦٠٦.
(٣) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٢٣/٥٣، وابن أبي حاتم في تفسيره ١٠/٣٢٠٧.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٤/٣٠٠.
(٥) رواه عن ابن مسعود البخاري ( كتاب التفسير ) باب قوله ( وراودته التي هي في بيتها. ) ح : ٤٦٩٢ ص : ٨٠٩.
ذكر بعض المفسرين في قصة داود - عليه السلام - أخباراً تقشعر منها الأبدان ولا توافق عقلاً ولا نقلاً، ثم إنهم جعلوها تفسيراً لهذه الآيات من سورة ص(١)﴿ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا z>#uچَsدJّ٩$# (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ tيح"xےsù مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ $uZsY÷ t/ بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ إق¨uژإ_ا٩$# (٢٢) إِنَّ هَذَا ستپr& لَهُ سىَ، د@ tbqمèَ، د@ur نَعْجَةً z'ح
(٢) يراجع : الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للدكتور محمد أبو شهبة ص: ٢٦٤ -٢٦٨، وقد ذكر الرازي في تفسيره ٢٦/١٦٥/١٦٦ أدلة في بطلان ما حُكي عن داود - عليه السلام -، فمن أراد الاستزادة فليراجعها.
ويجوز أن يكون المعنى كما ذكره بعضهم بأن قولهم هذا على وجه الجحود كقوله جلت عظمته ﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ $sYخn/u' مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [ الأنعام: ٢٣ ](١)وإلى هذا ذهب ابن كثير(٢)، فهؤلاء كذبوا وأنكروا أنهم عبدوا غير الله.
قال ابن عطية :" ثم تضطرب أقوالهم ويفزعون إلى الكذب فيقولون بل لم نكن ندعو من قبل شيئاً، وهذا من أشد الاختلاط وأبين الفساد في الدهر والنظر.. "(٣)
ولقد ذهب الحسين إلى معنى صحيح في الآية والله أعلم، وجائر محتمل ما ذهب إليه بعض المفسرين من المعنى الآخر
قال السعدي ـ رحمه الله ـ :" يحتمل أن مرادهم بذلك الإنكار وظنوا أنه ينفعهم ويفيدهم، ويحتمل وهو ـ الأظهر ـ أن مرادهم بذلك الإقرار على بطلان إلهية ما كانوا يعبدون، وأنه ليس لله شريك في الحقيقة، وإنما هم ضالون مخطئون بعبادة معدوم الإلهية. "(٤)
(٢) ينظر : تفسيره ٤/٨٨.
(٣) المحرر الوجيز ٤/٥٦٩ وينظر : البحر المحيط ٧/٤٥٥.
(٤) تفسيره ص : ٧٤٢.
وقيل : لأن أهل التأويل لم يختلفوا في ﴿ كهيعص ﴾ وأخواتها أنها حروف التهجي لا غير، واختلفوا في ($Om ) فأخرجها بعضهم من حيز الحروف وجعلها فعلاً وقال : معناها حُمَّ، أي قُضي ما هو كائن(١)
وقال أبو حيان " وذكر المفسرون في ﴿ حم (١) عسق ﴾ أقوالاً مضطربة لا يصح منها شيء كعادتهم في هذه الفواتح ضربنا عن ذكرها صفحاً(٢).
قال الرازي :" اعلم أن الكلام في أمثال هذه الفواتح معلوم إلا أن في هذا الموضع سؤالين زائدين:
الأول: أن يقال إن هذه السور السبعة مُصدَّرةٌ بقوله ( حم ) فما السبب في اختصاص هذه السور بمزيد (،û، ےم).
الثاني : أنهم أجمعوا على أنه لا يفصل بين ( كهيعص ) وههنا يُفصل بين (حم ) وبين (،û، ےم) فما السبب فيه :
اعلم أن الكلام في أمثال هذه الفواتح يضيق ويفتح باب المجازفات مما لا سبيل إليه فالأولى أن يفوض علمها إلى الله.(٣)
وهذا الذي أميل إليه في هذه المسألة وتطمئن إليه نفسي ـ والله أعلم ـ
سورة الشورى
قال تعالى: ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ ¾دnدٹ$t٧دèخ/ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [ الشورى : ١٩ ]
[ ٧٤ ] قال الحسين بن الفضل :( في القرآن وتيسيره )
الكشف والبيان للثعلبي(٤)٨/٣٠٨(٥)
الدراسة
(٢) البحر المحيط ٧/٤٨٦، وقد ساق ابن جرير في تفسيره ٢٥/١١ أثراً عن حذيفه بن اليمان في تفسير قوله ﴿ حم (١) عسق ﴾ قال عنه ابن كثير في تفسيره ٤/١٠٥ " أثراً غريباً عجيباً منكراً.. " وينظر : أضواء البيان ٧/٤١٨/٤١٩.
(٣) تفسيره ٢٧/١٢٢.
(٤) وافقه القرطبي في تفسيره ١٦/١٧ بقوله ( وقال الحسين بن الفضل : لطيف بهم في القرآن وتفصيله وتفسيره )
(٥) ت : ابن عاشور.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى ( آسفونا ) أسخطونا(١)وروي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم(٢)﴿ فَلَمَّا آَسَفُونَا ﴾ أغضبونا. والتفسيران متقاربان، وقد ذهب إلى هذا المعنى في ﴿ لِلَّهِ آَسَفُونَا ﴾ جمع من المفسرين كأبي عبيدة(٣)والفراء(٤)والنحاس(٥)والزجاج(٦)والبغوي(٧)وابن كثير(٨)والشنقيطي(٩)والسعدي(١٠).
(٢) رواه عنهم ابن جرير في تفسير ٢٥/٩٩/١٠٠ ورواه ابن أبى حاتم عن ابن عباس في تفسيره ١٠/٣٢٨٤.
(٣) ينظر : مجاز القرآن ٢/٢٠٥.
(٤) ينظر : معاني القرآن ٣/٣٥.
(٥) ينظر : إعراب القرآن ٤/٧٦.
(٦) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٤/٤١٦.
(٧) ينظر : تفسيره ٤/١٠٣.
(٨) ينظر : تفسيره ٤/١٣٠.
(٩) ينظر : أضواء البيان ٧/٢٥٦.
(١٠) ينظر : تفسيره ص : ٧٦٨ وعلى هذا فالآية تدل على صفتين من صفات الله وهما الغضب والسخط، وأهل السنة يثبتون ما أثبته الله لنفسه على وجه يليق بجلاله وكماله، والقول في بعض الصفات كالقول في الكل، وقد تقدم في سورة الأعراف آية (٢٠٦) صفة الاستواء وفي الصافات آية (١٢) صفة العجب، وتحدثنا عنهما بما يفي ـ بإذن الله ـ وهنا صفة الغضب وصفة السخط، وهما صفتان حقيقيتان متعلقتان بمشيئته وهما من الصفات الفعلية. ووصفه سبحانه بهاتين الصفتين ثابت بالدليل السمعي، كما سبق في الآية وغيرها وقد أجمع السلف على ثبوت هاتين الصفتين لله تعالى، فيجب إثباتهما من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وفي هذه الآية رد على من فسر الغضب بالانتقام، لأن الله تعالى غاير بين الغضب والانتقام في قوله ﴿ فَلَمَّا آَسَفُونَا $sYôJs)tGR$# مِنْهُمْ ﴾ ويراجع في هذه المسألة وهي الرد على المعطلة : شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ١/٢٧٠
وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية(١)أن الواجب الذي يلزم العمل به، هو أن تكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمر به معبوده جلَّ وعلا، فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه، فقد صرف ما يستحقه عليه خالقه من العبادة والطاعة إلى هواه، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح(٢).
وإذا عُلم هذا المعنى الذي دلَّت عليه الآية الكريمة و قد بينه في غير هذا الموضع في قوله تعالى ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [ الفرقان : ٤٣]
وقال تعالى ذكره ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ âنûqك™ ¾د&ح#uHxه çn#uنuچsù $YZ|،xm فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [ فاطر : ٨ ] فلا يلزم القول بما ذهب إليه الحسين بن الفضل وقد تقدم مراراً الحديث عن أسلوب التقديم والتأخير مما يغني عن إعادته، إلا أن الزركشي ذكر أن هذه الآية داخلة فيما قَُدم والنية به التأخير، وقال :" وأصل الكلام ( هواه إلاهه ) كما تقول اتخذ الصنم معبوداً، لكن قدَّم المفعول الثاني على الأول للعناية، كما تقول : علمت منطلقاً زيداً، لفضل عنايتك بانطلاقه "(٣)
وكذلك ذكر أن في هذه الآية قلب إسناد(٤).
وقيل : قوله ﴿ |M÷ƒuنuچsùr& مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ بدلاً من (هواه إلهه ) فإنه جعل المفعول الأول ثانياً والثاني أولاً، للتنبيه على أن الهوى أقوى وأوثق عنده من إلهه.(٥)ولذا فإن القول في هذه الآية في التقديم والتأخير لا يؤثر على معنى الآية.
(٢) أضواء البيان ٦/٣٣٠.
(٣) البرهان ٣/٢٧٧.
(٤) المصدر السابق ٣/٢٩٠ وقلب الإسناد هو أحد أنواع القلب، وهو أن يشمل الإسناد إلى شيء والمراد غيره. ينظر : المصدر السابق ٣/٢٨٨.
(٥) ينظر : المصدر السابق ٣/٤٢٨.
كما روى ذلك عن ابن عباس وبه قال مجاهد وقتادة(١)وعطاء الخرساني(٢)واختاره الزجاج(٣).
قال البغوي :" قلتُ : ذكرهم الله على التخصيص في قوله ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ y٧ZدBur وَمِنْ نُوحٍ tLىدd¨uچِ/خ)ur وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﴾ [ الأحزاب : ٧ ] وفي قوله تعالى ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي !$uZّٹxm÷rr& إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ tLىدd¨uچِ/خ) وَمُوسَى وَعِيسَى ﴾ [ الشورى : ١٣]"(٤)
قال الشنقيطي: " وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة.. هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وعلى هذا القول فالرسل الذين أمر رسول الله - ﷺ - أن يصبر كما صبروا أربعة فصار هو - ﷺ - خامسهم"(٥)
وعلى هذا تكون ( مِن ) في قوله :﴿ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ تبعيضية(٦)وهذا ما يدل عليه قول الحسين، وعليه فالرسل أولو عزم وغير أولي عزم(٧).
قال ابن عطية :" وقوله ﴿ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ من للتبعيض، والمراد من حُفظت له مع قومه شدة ومجاهدة كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم صلى الله عليهم هذا قول عطاء الخرساني وغيره.. "(٨)
(٢) عطاء الخراساني : عطاء بن أبي مسلم، أبو عثمان الخراساني، نزيل الشام المحدث الواعظ، من طبقة صغار التابعين، توفي سنة ( ١٣٥ هـ ) ينظر : السير( ٦/١٤٠ )، التقريب (٤٦٠٠ ).
(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٤/٤٤٧.
(٤) ٤/١٥٠ وينظر : تفسير ابن كثير ٤/١٧٢.
(٥) أضواء البيان ٧/٤٠٨.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ٢٨/٣٠ والبحر المحيط ٨/٦٨ والدر المصون ٦/١٤٥.
(٧) ينظر : الدر المصون ٦/١٤٥.
(٨) المحرر الوجيز ٥/١٠٧.
وقال النحاس :" وقيل : فاعلم علماً زائداً على علمك لأن الإنسان قد يعلم الشيء من جهات "(١).
وقد يكون سبب قول الحسين بهذا القول، هو أنه قد طُلِبَ ممن يعلم أن يعلم، فكان المراد غير العلم الابتدائي، فذهب الحسين إلى أن المراد بالعلم هنا الزيادة من العلم والله أعلم.
وطلب الشيء ممن هو متحقق فيه يدل على قدر زائد عن أصله كما يطلب المؤمنون الهداية في قوله :﴿ اهْدِنَا xق¨uژإ_ا٩$# zO‹ة)tGَ، كJّ٩$# ﴾، وكما يطلب الله من المؤمنين الإيمان في مثل قوله :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمYtB#uن آَمِنُوا بِاللَّهِ ¾د&د!qك™u'ur وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى ¾د&د!qك™u' وَالْكِتَابِ الَّذِي tAu"Rr& مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ ¾د&ح#ك™â'ur وَالْيَوْمِ حچ½zFy$# فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [ النساء : ١٣٦ ] وهذا يدل على أنه أسلوب قرآني متكرر في أكثر من معنى، وقد جاء في طلب العلم ها هنا.
وهذا الذي ذهب إليه الحسين بن الفضل ـ رحمه الله ـ له حظه من النظر ولعله اقتبسه من قوله تعالى ﴿ وَقُلْ رَبِّ 'دTôٹخ- عِلْمًا ﴾ [ طه : ١١٤ ]، وأراه قريباً من قولهم :"فاثبت على علمك" إلا أنه أضاف الزيادة، والزيادة لا تكون إلا إذا ثبت.
فقال الزجاج :" يخرج على وجهين : أحدهما لتدخُلُنَّ إن أمركم الله، ويجوز وهو حسن أن يكون ( إن شاء الله ) جرى على ما أمر الله به في كل ما يُفعلُ مُتَوَقَّعاً فقال ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ 'دoTخ) فَاعِلٌ y٧د٩¨sŒ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [ الكهف : ٢٣-٢٤]
وقال أبوعبيدة: إن بمعنى إذ(١)وقال عنه النحاس :" وهذا قول لا يُعرَّجُ عليه ولا يعرف أحدٌ من النحويين (إن ) بمعنى( إذ )، وإنما تلك ( أن ) فغلط وبينهما فصل في اللغة والأحكام "(٢).
وحسَّن هذا القول لأبي عبيدة ابن عطية، ولكنه أفاد أن ( إن ) بمعنى ( إذ ) غير موجود في لسان العرب(٣)واستبعد قول أبى عبيدة كذلك القرطبي(٤)
وقيل: هو استثناء من الملك المخبر للنَّبيِّ عليه السلام في نومه فذكر الله تعالى مقالته كما وقعت(٥)فهو حكاية لما قيل للنبي - ﷺ -.(٦)
وقيل: الاستثناء واقع على الأمن(٧).
وقال ابن عطية :" وقال بعض العلماء إنما استثنى من حيث كل واحد من الناس متى رد هذا الوعد إلى نفسه أمكن أن يتم الوعد فيه وأن لا يتم، إذ قد يموت الإنسان أو يمرض أو يغيب وكل واحد في ذاته محتاج إلى الاستثناء، فلذلك استثنى عَزّ وجلّ في الجملة إذ فيهم ولا بد من يموت أو يمرض "(٨).
(٢) إعرا ب القرآن ٤/١٣٦.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥/١٣٩.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ١٦/٢٤٦.
(٥) المحرر الوجيز ٥/١٣٩ وينظر : تفسير السمرقندي ٣/٣٠٤ والكشاف ٤/٣٤٥ والبحر المحيط ٨/١٠٠.
(٦) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٦/٥١٢ وزاد المسير ٧/٤٤٣ وتفسير القرطبي ١٦/٢٤٦.
(٧) ينظر : إعراب القرآن للنحاس ٤/١٣٥ وتفسير القرطبي ١٦/٢٤٦ وتفسير البغوي ٤/١٩٠.
(٨) المحرر الوجيز ٥/١٣٩.
وذكر المفسرون معاني كلها تدور حول ما ذُكر(١).
ولم يذكر هنا تعالى ذكره الذي منه الهروب. ليكون ـ والعلم عند الله ـ عاماً كأنه يقول: كلُّ ما عدا اللهَ عدوُّكم، ففروا إلى الله من كل ما عداه(٢).
ومعلوم أن الفرار من الله لا يكون إلا إليه، وكل من خفته فررت منه إلا الله سبحانه وتعالى فإذا خفته فررت إليه.
قال ابن كثير في قوله :﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾ أي الجؤوا إليه واعتمدوا في أموركم عليه(٣).
وإذا تقرر ما سبق في معنى الآية يتبين بُعد ما ذكره الحسين في تفسيرها، والله أعلم.
إلا إذا حمل الكلام على أن العبد يحترز من عبادة كل أحد سوى الله فيكون على هذه هرب وفرّ من الشرك إلى التوحيد وهذا معنى صحيح في الآية.
ثم إنه ذكر في معنى ( فرُّوا ) ( احترزوا ) وهذا ليس معنىً صحيحاً في معنى ( فرّ) وقد ذكرت في أول هذه الدراسة الأصل لهذه الكلمة لأجل أن يتبين أن الحسين ـ رحمه الله ـ لم يتبين في أصل الكلمة ما ذكره.
وفرَّ : هرب إلا إذا لم يكن يقصد المعنى المباشر وأتى بالذي يترتب على الفرار وهو الاحتراز من كل من هو غير الله.
وجاء الأمر هنا بلفظ الفرار لينبّه على أن وراء الناس عقاباً وعذاباً، وأمراً حقه أن يفر عنه، فجمعت لفظة ( ففروا ) بين التحذير والاستدعاء وينظر إلى هذا المعنى
قول النبي - ﷺ - :( لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك )(٤).
(٢) ينظر : تفسير الرازي ٢٨/١٩٥.
(٣) تفسيره ٤/٢٣٧.
(٤) جزء من حديث رواه البخاري في كتاب ( الدعوات ) باب النوم على الشق الأيمن، ح : ٦٣١٥ ص : ١٠٩٨ ج ومسلم في كتاب ( الذكر والدعاء ) ح : ٦٨٨٤ ص : ١١٧٨ كلاهما من طريق البراء بن عازب..
وقال ابن عطية :" قال تعالى ﴿ الثَّالِثَةَ #"uچ÷zW{$# ﴾ فأكدها بهاتين الصفتين كما تقول رأيت فلاناً وفلاناً ثم تذكر ثالثاً أجلَّ منهما، فتقول وفلاناً الآخر الذي من أمره وشأنه، ولفظة آخر وأخرى يوصف به الثالث من المعدودات وذلك نص في الآية.. "(١)
وقيل : لأنها كانت مرتبة عند المشركين في التعظيم بعد اللات والعزى فالكلام على نسقه.(٢)
وذكر ابن عاشور أن الأحسن في قوله ﴿ الثَّالِثَةَ #"uچ÷zW{$# ﴾ أنه جرى على أسلوب العرب فإنهم إذا أخبروا عن متعدد وكان فيه من يظنّ أنه غير داخل في الخبر لعظمة أو تباعد عن التلبس بمثل ما تلبس به نظراؤه أن يختموا الخبر فيقولوا :( وفلان هو الآخر ) ووجهه هنا أن عُبَّاد مناة كثيرون في قبائل العرب فنبه على أن كثرة عبدتها لا يزيدها قوة على بقية الأصنام في مقام إبطال إلهيتها وكل ذلك جارٍ مجرى التهكم والتسفيه(٣).
وأما من ناحية قول الحسين فهو من شقين :
الأول : وفيه التقديم والتأخير
والثاني : ما ذكره في معنى الآية وهذا لا إشكال في صحته(٤).
والإشكال يكمن في تخريجه لمناة الثالثة الأخرى وجعل الكلام على التقديم والتأخير وقد تكرر هذا الأسلوب وتبين ما فيه.
وأكتفي بعدم الحاجة إلى مثل هذا القول بقول السمين الحلبي :" وقال الحسين بن الفضل : فيه تقديم وتأخير. أي : العزى الأخرى ومناة الثالثة، ولا حاجة إلى ذلك؛ لأن الأصل عدمه "(٥).
سورة النجم
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ١٧/٩١.
(٣) ينظر : التحرير والتنوير ٢٧/١١١.
(٤) ينظر في هذا المعنى : تفسير البغوي ٤/٢٥٧.
(٥) الدر المصون ٦/٢٠٨.
قال السمرقندي :" أُنزل الميزان للخلق يوزن به، وإنما أُنزل في زمان نوح ولم يكن قبل ذلك ميزان ﴿ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾ لكي لا تظلموا.
ويقال ( وضع الميزان ) يعني أنزل العدل في الأرض ﴿ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾ يعني لكيلا تميلوا عن العدل "(١).
والميزان المعروف جزء من الميزان الذي يعبر به عن العدل بين العباد، فالله تعالى قد وضع الميزان، أي : العدل بين الناس في الأقوال والأفعال ويدخل فيه الميزان المعروف والمكيال والمقادير وغيرها
ولا إشكال عندي في هذا، وقد رجح الشنقيطي كون الميزان في هذه الآية الآلة المعروفة، ودلّل عليه بالتعبير بالوضع لا الإنزال كما في قوله تعالى ﴿ اللَّهُ الَّذِي tAu"Rr& الْكِتَابَ بd،utù:$$خ/ وَالْمِيزَانَ ﴾ [ الشورى : ١٧ ] ﴿ $uZّ٩u"Rr&ur مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ﴾ [ الحديد ٢٥ ](٢)
وذكر ابن الجوزي في الآية ثلاثة أقوال، وجعل ثالثها هو قول الحسين بن الفضل(٣)ولو تُتَدَبَّر الآيات لوجدت أنه تعالى ( بدأ أولاً بالعلم فذكر فيه أشرف أنواع العلوم، وهو القرآن ثم ذكر ما به التعديل في الأمور وهو الميزان كقوله تعالى ﴿ $uZّ٩u"Rr&ur مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ﴾ ) [ الحديد : ٢٥ ].(٤)ولعل هذا مما يؤيد القولين السابقين.
قال القرطبي :" أي وضع في الأرض العدل الذي أمر به، يقال : وضع الله الشريعة، ووضع فلان كذا أي ألقاه، وقيل : على هذا الميزان : القرآن، لأن فيه بيان ما يحتاج، وهو قول الحسين بن الفضل(٥)
ولا منافاة بين العدل والقرآن ؛ لأن الثاني متضمن للأول بلا ريب، لكن كونه المقصود والمراد بالآية ففيه نظر، لأمور :
(٢) ينظر : الأضواء ٧/١٨٤
(٣) ينظر : زاد المسير ٨/١٠٧.
(٤) ينظر : بين القوسين : تفسير الرازي ٢٩/٨٠ والبحر المحيط ٨/١٨٨.
(٥) تفسيره ٤/١٣٥.
مطهرين من الأحداث، وهذا الذي عليه الجمهور، وظاهر الآية نفي ومعناها نهي(١)
قال الكلبي : من الشرك(٢)، وهذا القول متناسب مع قول الحسين السابق.
وقال الربيع بن أنس : من الذنوب والخطايا.(٣)
وقال الفراء : لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به.(٤)
وقريب ٌ من قول الفراء هذا قول الحسين السابق، ولعل الأولى ـ والله أعلم ـ جواز كل ما ذُكر في معنى الآية.
وقد أخبر جَلَّ ثناؤه ـ أنه لا يمس الكتاب المكنون إلا المطهرون فعم بخبره المطهرين، ولم يخصص بعضاَ دون بعض فالملائكة من المطهرين والرسل والأنبياء من المطهرين وكل من كان مطهراً من الذنوب فهو مما استثني دخل في قوله ﴿ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾(٥)وظاهر الآية متعلق بالمسِّ الحسي فنبهت على أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر.
مع العلم أن تفسير الحسين رحمه الله السابق يدخل في باب الإشارة والقياس، وهذا ما ذهب إليه ابن القيم، فقال :" ودلَّت الآية بإشارتها وإيمائها على أنه لا يدرك معانيه ولا يفهمه إلا القلوب الطاهرة وحرام على القلب المتلوث بنجاسة البدع والمخالفات أن ينال معانيه وأن يفهمه كما ينبغي.. "(٦)
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ١٧/١٩٤.
(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥/١١٦ ولم ينسبه، وزاد المسير ٨/١٥٢ وتفسير القرطبي ١٧/١٩٤.
(٤) ينظر : معاني القرآن ٣/١٣٠.
(٥) ينظر : تفسير الطبري ٢٧/٢٤١.
(٦) التبيان في أقسام القرآن ص : ١٤٤.
وقال الزجاج :( الأول ) وهو موضوع التقدم والسبق. ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أوّل : هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وُجدت بعده، وقد سبقها كلَّها، وكان رسول الله - ﷺ - يقول في دعائه ( أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ) والآخر هو المتأخر عن الأشياء كلها ويبقى بعدها، والظاهر هو الذي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته هذا إن أخذته من الظهور، وإن أخذته من قول العرب ظهر فلان فوق السطح إذا علا(١).. إلى أن قال : الباطن هو العالم ببطانة الشيء، يقال : بَطنْتُ فلاناً وخبرتُه : إذا عرفت باطنه وظاهره، والله تعالى عارف ٌ ببواطن الأمور وظواهرها، فهو ذو الظاهر وذو الباطن "(٢)
وقال الخطابي :" الأول هو السابق للأشياء كلها... الآخر هو الباقي بعد فناء الخلق، وليس معنى الآخر ماله الانتهاء، كما ليس معنى الأول ماله الابتداء، فهو الأول والآخر وليس لكونه أولُ ولا آخرُ.( الظاهر) هو الظاهر بحججه الباهرة وبراهينه النيرة وبشواهد أعلامه الدالة على ثبوت ربو بيته وصحة وحدانيته ويكون الظاهر فوق كل شيء بقدرته، وقد يكون الظهور بمعنى العلو، ويكون بمعنى الغلبة.. (الباطن) هو المحتجب عن أبصار الخلق وهو الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية، وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين وتجليه لبصائر المتفكرين ويكون معناه : العَالم بما ظهر من الأمور والمطلع على ما بطن من الغيوب "(٣)
(٢) تفسير أسماء الله الحسنى ص : ٦١.
(٣) شأن الدعاء ص : ٨٧-٨٨.
وقال جماعة : معنى الآية : إن الله خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا ؛ لأن الله تعالى ذكر الخلق وتمَّ الكلام، ثم وصفهم بفعلهم، فقال :﴿ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ ض`دB÷s-B ﴾ كما قال الله عزَّ وجلَّ ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ﴾ [ النور : ٤٥ ] والله خلقهم والمشي ُ فِعلهم، ثم اختلفوا في تأويلها :
ذكر عبد الله ابن عباس فمنكم كافر يؤمن ومنكم مؤمن يكفر.
وقال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : فمنكم كافر في حياته مؤمن في العاقبة ومنكم مؤمن في حياته كافر في العاقبة(١)
قال الزجاج: "وجائزٌ أن يكون: ﴿ خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ ض`دB÷s-B ﴾ أي مؤمن بأن الله خلقه وكافر بأن الله خلقه(٢). ودليل ذلك قوله سبحانه ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا ¼çnuچxےّ.r& ﴾ [عبس: ١٧] وقال ﴿ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ ٥>#uچè؟ ثُمَّ مِنْ ٧pxےôـœR ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴾ [ الكهف : ٣٧ ](٣)
وجملة القول فيه : أن الله خلق الكافر، وكفرُه فعلٌ له وكسبٌ، وخلق المؤمن، وإيمانه فعلٌ له وكسبٌ، فلكل واحد من الفريقين كسب واختيار، وكسبه واختياره بتقدير الله ومشيئته، فالمؤمن من بعد خلق الله إياه يختار الإيمان ؛ لأن الله تعالى أراد ذلك منه وقدَّره عليه وعلمه منه، والكافر بعد خلق الله تعالى إيَّاه يختار الكفر؛ لأن الله تعالى أراد ذلك منه وقدَّره عليه وعلمه منه، وهذا طريق أهل السنة والجماعة، من سلكه أصاب الحق وسَلِم من الجبر والقدر. قاله البغوي(٤).
(٢) الكفر بالخلق هو مذهب الدهرية وأهل الطبائع.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٥/١٧٩.
(٤) تفسيره ٤/٤٠٨.
وقال أبو العالية : مخرجاً من كل شدة(١). وقيل غير ذلك.(٢)
وقال الزجاج." معناه يجعل له مخرجاً من الحرام إلى الحلال، وقيل من النار إلى الجنة، ويرزقه من حيث لا يحتسب معناه ـ والله أعلم ـ أنه إذا اتقى الله وآثر الحلال والصبر على أهله إن كان ذا ضيقةٍ فتح الله عليه ورزقه من حيث لا يحتسب، وجائز أن يكون إذا اتقى الله في طلاقه، وآثرما عند الله وجرى في ذلك على السنة رزقه الله أهلاً بدل أهله ".(٣)
والظاهر والله أعلم في الآية أنها على العموم ولا وجه للتخصيص بنوع خاص ويدخل ما فيه السياق دخولاً أولياً(٤)، ولذا فإن الآية تشمل قول الحسين وغيره. ـ والله أعلم ـ
(٢) ينظر : تفسير الطبري ٢٨/١٥٥ وتفسير ابن أبي حاتم ١٠/٣٢٥٩/٣٢٦٠ وتفسير القرطبي ١٨/١٤٣ وتفسير ابن كثير ٤/٣٨٠.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٥/١٨٤.
(٤) ينظر : فتح القدير ٥/٣٠٠.
وفي الآية أطلق وصف الثقيل ولم يقيِّده بنوع من الثقل، وما ذكره المفسرون فإنه نوع من أنواعه يحتمله وصف " ثقيلاً " فجائز أن يكون ثقيلاً في الميزان، لمن عمل به، وجائز أن يكون ثقيلاً في التكاليف، وجائز أن يكون ثقيلاً حال نزوله على النبي - ﷺ -، والله أعلم(١).
وكل ذلك ثابت في القرآن الكريم، وقد بين تعالى أن هذا الثقل يخففه الله على المؤمنين كما قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ $tRِژœ£o" الْقُرْآَنَ حچّ. دe%#د٩ فَهَلْ مِنْ ٩چد.£‰-B ﴾ [ القمر : ١٧ ](٢)
وعلى هذا فقول الحسين داخلٌ في معنى الآية. وقد أشار في قوله ( ثقيلاً في الميزان ) إلى العمل به.
قال - ﷺ - :( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنه والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ﴿ الم ﴾ حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف )(٣)
قال الزجاج :" و يجوز على مذهب أهل اللغة أن يكون معناه أنه قول له وَزْنٌ في صحته وبيانه ونفعه "(٤).
(٢) يراجع : أضواء البيان ٨/٦١٢/٦١٣.
(٣) رواه الترمذي في كتاب ( الفضائل ) باب ما جاء في من قرأ حرفاً من القرآن ماله من الأجر ح : ٢٩١٠ ص : ٦٥٤.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٥/٢٤٠.
والثاني : عبارة من الرَّذائل كالجهل والجبن والبخل والنفاق، وغيرها من الرذائل الخلقية(١).
وتفسير المرض عند أهل الوجوه والنظائر على أربعة أوجه: وهي الشك، والفجور والجراح، والمرض بعينه.(٢)
والمراد بالمرض هنا ـ والعلم عند الله ـ النفاق.
قال الزمخشري: " فإن قلت : كيف ذكر الذين في قلوبهم مرض وهم المنافقون، والسورة مكية ولم يكن بمكة نفاق، وإنما نجم بالمدينة ؟ قلتُ : معناه وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بالمدينة بعد الهجرة "(٣).
وقد فهم الحسين أنه مجرد الشك، فالمرض في هذه الآية الخلاف وهو الاضطراب وضعف الإيمان، كما ذكره ابن عطية وغيره.
قال ابن عاشور :" والمرض في القلوب : هو سوء النية في القرآن والرسول - ﷺ -، وهؤلاء هم الذين لم يزالوا في تردد بين أن يسلموا وأن يبقوا على الشرك.. وليس المراد بالذين في قلوبهم مرض المنافقون؛ لأن المنافقين ما ظهروا إلا في المدينة بعد الهجرة والآية مكية ".(٤)
والذي فهمه السلف من قوله ﴿ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي Nخkح٥qè=è% مَرَضٌ ﴾ أنه النفاق كالطبري(٥)والسمرقندي(٦)والبغوي(٧)وابن كثير(٨)وغيرهم.
وهذا الفهم منهم هو أخص من مجرد الشك، وهذا الذي أميل إليه في تفسير الآية وعليه ففهم الحسين للآية فهمٌ خاصٌّ به.
(٢) ينظر : الأشباه والنظائر ص : ١٠١ /١٠٢ وإصلاح الوجوه والنظائر ٤٣٢/٤٣٣.
(٣) الكشاف ٤/٦٥٢ وينظر : تفسير القرطبي ١٩/٨٠ والبحر المحيط ٨/٣٦٩ وتفسير أبي السعود ٩/٦٠ وروح المعاني ٢٩/١٢٧.
(٤) التحرير والتنوير ٢٩/٢٩٥.
(٥) ينظر : تفسيره ٢٩/١٩٢.
(٦) ينظر : تفسيره ٣/٤٩٤.
(٧) ينظر : تفسيره ٤/٥٠٦.
(٨) ينظر : تفسيره ٤/٤٤٤.
وإذا كان الأظهر عود الضمير على الطعام وهو قول الجمهور(١)وقد دلَّ عليه قوله تعالى: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى ِNخkإ¦àےRr& وَلَوْ كَانَ ِNخkح٥ خَصَاصَةٌ ﴾ [ الحشر : ٩ ] ثم إن الآية التي بعدها مباشرة وهي قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا ك‰ƒحچçR مِنْكُمْ [ن!#u"y_ وَلَا شُكُورًا ﴾ [ الإنسان : ٩ ] في معنى حب الله مما يجعل الأولى للطعام، وهذه لله، والتأسيس أولى من التوكيد ـ والله أعلم ـ(٢)
والواقع أن قول الحسين يدل على أن الضمير عائد على الطعام وهو الراجح، إلا أنه جعله على تقدير مضاف (إطعام الطعام )، وقد يكون ـ والله أعلم ـ أن هذا داخلٌ في معنى الآية فهم آثروا الطعام على حاجتهم إليه وحبهم له وهم في نفس الأمر محبون لهذا العمل الجليل الذي يدخل الجنة وهو إطعام الطعام.
(٢) يراجع أضواء البيان ٨/٦٧٥.
وروى ابن جرير عن الحسن قوله : يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون كل يوم غُدْوة وعشية، أو كلاماً هذا معناه.
وقد روي عن قتادة : هو لا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم.(١)
وقال ابن جرير :" فالصواب أن يقال :" هم محجوبون عن رؤيته، وعن كرامته، إذا كان الخبر عاماً لا دلالة على خصوصه "(٢)
وقال النحاس في تقديرهم عن كرامة ربّهم :" وهذا خطأ على مذهب النحويين منهم الخليل(٣)وسيبويه، ولا يجوز عندهما ولا عند غيرهما من النحويين : جاءني زيدٌ، بمعنى جاءني غلامه وجاءتني كرامته ".(٤)
وحاصل القول أن قول الحسين ـ رحمه الله ـ هو قولٌ صحيح وهو على مذهب أهل السنة في إثبات الرؤية لأن الله تعالى إذا حجب الكل لم يكن هذا عذاباً لهم ولكن مفهوم قوله ﴿ كَلَّا ِNهk®Xخ) عَنْ ِNخkحh٥
' يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾
أن المؤمنين غير محجوبين عن رؤيته فسيرونه حقاً ـ نسأل الله من فضله ـقال الزجاج :" وفي هذه الآية دليل على أن الله يُرى في الآخرة لولا ذلك لما كان في هذه الآية فائدة، ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون عن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ.
وقال تعالى في المؤمنين ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا ×ouچدك$tR ﴾ فأعلم الله عزَّ وجلَّ أن المؤمنين : ينظرون إلى الله، وأن الكفار يحجبون عنه" (٥)
وسبب حجبهم هذا عن رؤية ربهم أنهم حجبوا أنفسهم في الدنيا عن توحيده واتباع أنبيائه ولذا حجبوا عن رؤيته في الآخرة.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الخليل بن أحمد : الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي، أبو عبد الرحمن البصري، اللغوي النحوي، صاحب العروض، توفي بعد ( ١٦٠ هـ )، وقيل بعدها، ينظر : السير(٧/٤٢٩)، بغية الوعاة ( ١/٥٥٧).
(٤) إعراب القرآن ٥/١١١.
(٥) معاني القرآن وإعرابه ٥/٢٩٩
" والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال: إن الله أقسم بشاهد شَهد، ومشهود شُهد، ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أيَّ شاهد وأيّ مشهود أراد، وكل الذي ذكرنا أن العلماء قالوا: هو المعنىّ ممّا يستحقّ أن يقال له " شاهد ومشهود "(١).
والظاهر ـ والله أعلم ـ أن الآية على العموم فشاهد ومشهود نكرتان تشملان كل ما ذُكر ويدخل في معنى الآية كذلك ما قاله الحسين بن الفضل.
فقد قال تعالى :﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ ¤p¨Bé& بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ #Y‰‹خky ﴾ [ النساء : ٤١ ].
وقال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا y٧"sYù=y™ِ'r& شَاهِدًا #[ژإe³t٦مBur #Xچƒة‹tRur ﴾ [ الأحزاب : ٤٥ ]
وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ ِNخkِژn=tم أَلْسِنَتُهُمْ ِNخk‰د‰÷ƒr&ur وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ النور : ٢٤ ].
وحتى إنه ورد عن النبي - ﷺ - قال فيما رواه البخاري ومسلم ( وإنَّ هذا المال خضرة حلوة، فنِعم صاحب المسلم ما أعطي منه المسكين واليتيم وابن السبيل ) أو كما قال النبي - ﷺ - ( وإنه من يأخذه بغير حقه كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون شهيداً عليه يوم القيامة ).(٢)
وهناك من الشهادات ما يدخل في المعنى أيضاً كشهادة الشجر والحجر وغيرهما للمؤذن ممَّا يسمعه وشهادة الأرض على الإنسان بما عمل المشار إليه في قوله تعالى ﴿ يَوْمَئِذٍ ك^دd‰utéB أَخْبَارَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٤ ] وشهادة القرآن لصاحبه وغير ذلك مما يدخل في المعنى وكله واقعٌ بالفعل.
(٢) كتاب ( الزكاة ) باب الصدقة على اليتامى، ح : ١٤٦٥، ص : ٢٣٧/٢٣٨ ومسلم كتاب ( الزكاة ) ح : ٢٤٢٣، ص : ٤٢٣.
ففي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب عن النبي - ﷺ - قال :" ما منكم من أحد يتوضأ فيُبلغ ـ أو فيُسبغُ ـ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء ".(١)
وقال تعالى :﴿ لَهَا سَبْعَةُ ٥>¨uqِ/r& ﴾ [ الحجر : ٤٤ ]، و هكذا فعدد أبواب الجنة ثمانية ثابت في السنة وعدد أبواب النار سبعة ثابت في النص القرآني الكريم.
وأما عن الدرجات فالمعلوم بالنص أنها مائة درجة فقد روى البخاري في صحيحه عن النبي - ﷺ - قال :" إن في الجنة مائة درجة أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنَّه أوسط الجنة، وأعلى الجنة وفوقه عرش الرَّحمن ومنه تفجَّرُ أنهار الجنة "(٢)
وروي أن رسول الله - ﷺ - قال: " في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام"(٣).
فلا أعلم أن درجات الجنة ثمانية أو أبواب النار سبعة ولذ قلت لعل الصحيح ما نقله عنه ابن عطية، وأقول : إن كان مقصده هو أبواب الجنة وأبواب النار فكأنه أقسم بالجنة والنار فمقالته تلك قد تدخل في معنى الآية، خصوصاً وأن القسم بالشفع والوتر مطلق لم يحدَّد بنوع من الشفع أو الوتر يصدق عليه أنه شفع أو وتر فهو داخل في عموم هذين اللفظين. وعلى هذا يكون قول الحسين في الآية قولاً صحيحاً ـ والله أعلم ـ.
(٢) الجهاد ) باب : درجات المجاهدين في سبيل الله، ج : ٢٧٩٠ ص : ٤٦٢.
(٣) رواه الترمذي في ( صفة الجنة ) باب : ما جاء في صفة درجات الجنة ح ٢٥٢٩٠ ص : ٥٧٤ وقال عنه حديث حسن غريب.
هي كقوله :﴿ uچدےَّu‹دj٩ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ y٧خ٧/RsŒ وَمَا uچ¨zr's؟ ﴾ [ الفتح : ٢ ]
قال أبو حيان في قوله :﴿ وَوَضَعْنَا y٧Ztم وِزْرَكَ (٢) ﴾ :"كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس "(١).
وذهب قوم إلى أن هذا تخفيف أعباء النبوة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها، سهل الله ذلك عليه حتى تيسرت له(٢).
وأجاب الحسين بأنه الخطأ والسهو(٣)، ولعل مقالته تلك صدرت بسبب المبالغة في تنزيهه - ﷺ - ـ والله أعلم ـ.
وهذه مسألة لها تعلق بمسألة عصمة الأنبياء، والمعروف عن أهل السنة والجماعة أنهم يقولون بعصمة الأنبياء من كل ما ينافي الرسالة كالكذب، والخيانة، والشرك.. وأما الذنوب فإنها يجوز وقوعها ولكن لا يُقَرُّون عليها بل يُوفَّقون للتوبة، ويكون حالهم بعد التوبة أكمل من حالهم قبلها، وكأن الحسين لا يرى ذلك، فالأصل أن الوزر هو الذنب والإثم وحمله هو على الخطأ والنسيان، وهذا لا إثم فيه ولا وزر، وهذا ليس بصريح من كلام الحسين بن الفضل.
والآية واضحة الدلالة في أن الله تعالى غفر للنبي - ﷺ - وزره وخطيئته حتى بقي مغفوراً له، فمغفرة الذنوب المتقدمة والمتأخرة ثابتة بهذا النص وغيره قال تعالى :﴿ uچدےَّu‹دj٩ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ y٧خ٧/RsŒ وَمَا uچ¨zr's؟ ﴾ [ الفتح : ٢ ] وهذا من خصائص الرسول - ﷺ - فلا أحد من الناس يغفر له ما تقدم وما تأخر إلا رسول الله محمد - ﷺ -.
(٢) ينظر: تفسير البغوي ٤/٦٣٩ وفتح القدير ٥/٥٨٤.
(٣) ينظر في عصمته من السهو : الشفا ص : ٣٠٨.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله - ﷺ - ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال :( ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ) قالا : الجوع، يا رسول الله قال :( وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا ) فقاموا معه، فأتى رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة، قالت : مرحباً وأهلاً ؛ فقال لها رسول الله - ﷺ - : أين فلان قالت : ذهب يستعذبُ لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله - ﷺ - وصاحبيه ثم قال : الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافاً منِّي، فانطلق فجاءهم بعذق، فيه بسر وتمر ورطب، فقال : كلوا من هذه وأخذ المُدْية، فقال له رسول الله - ﷺ - :( إياك والحلوب ).
فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربُوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله - ﷺ - لأبي بكر وعمر :( والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم )(١)
٥/ كل شيءٍ من لذة الدنيا وهو قول مجاهد. ولعل هذا الأخير هو أشملها.
ثم ذكر الطبري أن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم دون تخصيص في خبره نوع من النعيم دون نوع، بل عمَّ الخبر في ذلك عن الجميع فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم، لا عن بعض دون بعض.(٢)
وقال النحاس :" وظاهر الكلام يدل على أنه عام، وأن الإنسان مسؤول عن كل نعيم تنعَّم به في الدنيا من أين اكتسبه ؟ وما قصد به ؟ وهل فَعَلَ ما غيره أولى منه ؟.. "(٣)
(٢) ينظر : تفسيره ٣٠/٣٥٠.
(٣) إعراب القرآن ٥/١٧٨
وقيل لسعيد بن جبير فإن الناس يزعمون أنه نهرٌ في الجنة؟ فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.(١)
وعلى هذا فالكوثر وصفٌ، وهو الخير الكثير، ومن جملته النهر الذي أعطيه النبي - ﷺ -.
قال عكرمة : الخير الذي أعطاه الله : النبوة والإسلام وروى عنه قوله في الكوثر : ما أعطي النبي من الخير : النبوة والقرآن(٢).
وقال الحسن هو القرآن(٣)، وقيلت أقوالٌ كثيرة غير ذلك.(٤)
قال الخليل بن أحمد :" والكوثر نهر في الجنة يتشعبُ منه أكثر أنهار الجنة ".. ويقال : بل الكوثر : الخير الكثير الذي أعطاه الله النبي - ﷺ - "(٥)
وقال الزجاج:" وقال أهل اللغة: الكوثر فوعل من الكثرة، ومعناه الخير الكثير، وجميع ما جاء في تفسير هذا قد أعطيه النَّبيُّ عليه السلام، قد أعطي الإسلام والنبوة وإظهار الدين الذي أتى به على كلِّ دين، والنصر على عدوه والشفاعة ومالا يحصى ممّا أعطيه، وقد أعطي الجنة على قدر فضله على أهل الجنة "(٦)
ورجح الطبري أنه اسم النهر الذي أعطيه رسول الله - ﷺ - في الجنة، وصفه الله بالكثرة، لعظم قدره، ودلَّل على ذلك(٧).
وقال البغوي :" والمعروف أنه نهر في الجنة أعطاه الله رسوله - ﷺ - كما جاء في الحديث ".(٨)
(٢) رواه عنه الطبري في تفسيره ٣٠/٣٩٣. وينظر في الأقوال السابقة ومن قال بها : نفس المصدر. ٣٠/٣٩٠-٣٩٣.
(٣) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ١٠/٣٤٧٠ وينظر : معاني القرآن للنحاس ٥/١٨٨ وتفسير البغوي ٥/٦٩٩.
(٤) ينظر : زاد المسير ٩/٢٤٩ والبحر المحيط ٨/٥٢١، وتفسير القرطبي ٢٠/١٩٩.
(٥) العين ٤/١٢.
(٦) معاني القرآن وإعرابه ٥/٣٦٩.
(٧) ينظر : تفسيره ٣٠/٣٩٣.
(٨) تفسيره ٤/٧٠٠.
قال ابن عباس : في قوله ( الصمد ) السيد الذي قد كمُل سُؤدَده، والشريف الذي قد كمُل في شرفه، والعظيم الذي قد عظُم في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله سبحانه هذه صفته، لا تنبغي إلا له(١)
وقال الحسن وقتادة : الباقي بعد خلقه. وروي عن قتادة : الدائم.(٢)
وذهب الطبري إلى انه السيد الذي يُصْمَدُ إليه، الذي لا أحد فوقه.(٣)
وقال الزجاج " وتفسير السيد الذي ينتهي إليه السؤدد.. وقيل الصمد الذي لا جوف له، وقيل الصمد الذي صَمَدَ له كلُّ شيء والذي خلق الأشياء كلها، لا يستغني عنه شيء وكلُّها تدل على وحدانيته وهذه الصفات كلها يجوز أن تكون لله عز وجل "(٤).
وقال في ( تفسير الأسماء ) :" قد مرَّ في كتاب التفسير جميع ما فيه مما جاء به الأثر وأصحُّه أنه السيد المصمود إليه في الحوائج ".(٥)
وقال الخطابي :" الصمد هو السيِّد، الذي يُصمد إليه في الأمور، ويقصد في الحوائج والنوازل، وأصل الصمد : القصد، يقال للرجل اصمد صَمْد فلان، أي : اقصد قَصْده، وجاء في التفسير : أن( الصمد) الذي قد انتهى سؤدده، وقيل الصمد : الدائم، وقيل :" الباقي بعد فناء الخلق، وأصح هذه الوجوه ما شهد له معنى الاشتقاق ـ والله أعلم ـ "(٦).
(٢) روى الأقوال السابقة عن قائليها الطبري في تفسيره ٣٠/٤٢٠- ٤٢٣.
(٣) المصدر السابق ٣٠/٤٢٣.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٥/٣٧٧/٣٧٨.
(٥) تفسير أسماء الله للزجاج ص : ٥٨.
(٦) شأن الدعاء ص : ٨٥.
قال الشوكاني: " ذكر الله سبحانه في هذه السورة إرشاد رسوله - ﷺ - إلى الاستعاذة من شر كل مخلوقاته على العموم، ثم ذكر بعض الشرور على الخصوص مع اندراجه تحت العموم لزيادة شره ومزيد ضره، وهو الفاسق والنفاثات والحاسد، فكان هؤلاء لما فيهم من مزيد الشر حقيقون بإفراد كل واحد منهم بالذكر "(١).
والحسد هو شرٌ مذموم، وهو من أقبح الصفات وأول ذنب عصي الله به، قال القرطبيُّ :" والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عُصىَ به في الأرض، فحسد إبليسُ آدمَ وحسد قابيلُ هابيلَ، و الحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون ".(٢)
وتأمل ما الذى جرّه الحسد على إبليس.
وأخيراً : أذكرُ أن قول الحسين في هذه السورة قول طيب واستنباط رائق، وقد أصاب وأجاد فيما ذكره ـ والله تعالى أعلى وأعلم ـ.
(٢) تفسيره ٢٠/٢٤٠ وقد ذكر ابن القيم فوائد تتعلق بالحسد ينظر : التفسير القيِّم ص: ٥٧٣/٥٩٤ فلتراجع.
؟ وُجد عنده فيما وصلنا شيء من التفسير بالمأثور، ولو أنه ذكر حديثاً قد يكون لا يصح عن المصطفى - ﷺ - وآخر لم يثبت رفعه إليه عليه الصلاة والسلام.
؟ لا يخفى على المطلع على أقواله ندرة استشهاده بأقوال الصحابة والتابعين.
؟ على حسب اطلاعي رأيت أن أول ناقل عنه هو الثعلبي وكأنه ينقل عن كتبه.
؟ أكثر بعضُ المفسرين كالثعلبي والبغوي والقرطبي وغيرهم من نقل أقواله في كتبهم إلا أنني لم أجد تلك العناية اللائقة بخدمة تفسيرات الحسين من قبَل كثير من العلماء.
؟ أستطيع أن أجزم بأنَّ أهم ما في هذه الدراسة هو جمع مادة ذات محتوى مستقل تشمل أقوال الحسين بن الفضل لتكون بمثابة التفسير فيما وصلنا عنه.
؟ وكذلك من الأهمية بمكان التعريف بمكانة هذا العَلَم ( الحسين بن الفضل) لاسيما وهو مغمور لا يعرفه الكثير.
؟ قبل أن أختم أحبُّ أن أنوِّه إلى أنَّ الاتجاه لجمع أقوال مفسر ٍ ما أمر ذو أهمية كبيرة، وذلك من ناحيتين:
١- جمع ولمُّ شتات تفسيره في محتوى مستقل يشمل تفسيراته المنسوبة إليه.
٢- التعريف بمكانة هذا المفسر لاسيما إن كان غير مشهور بين الكثير.
؟ ودراسة تلك الأقوال مفيدة من ناحيتين كذلك:
١- صقل الباحث وذلك باستفادته من دراسة تلك التفسيرات لآيات الكتاب الحكيم مما يعود على الباحث بالنفع العميم.
٢- إثراء المكتبة الإسلامية بمزيد من المعلومات القيمة، لاسيما إن كان المفسر العالم من ذوي الاعتقاد السليم.
؟ وأخيراً أقول: لعلِّي وقد عشتُ مع هذا الموضوع مدة من الزمن أوصي الجامعة
ألا تترك الباب مفتوحاً لكل موضوع يجمع فيه أقوال مفسر، إلا ما كان جمعه لغرض خاص كتميز أقوال هذا المفسر تميُّزاً يستدعي جعله موضوعاً لرسالة علمية يمضي فيها الباحث سنوات عديدة ينال بموجبها درجة علمية معتبرة.
؟ والله أسأل أن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم.
؟ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
٢١... الأنبياء... ٢... ١٧/٣٧/٢٥٩/٢٦١
=... ٣... /٢٥٩/٢٦٠
=... ٤
=... ٧
=... ١٠
=... ٢٣... ٣٥١
=... ٢٤... ٢٦١
=... ٢٦/٢٧
=... ٣٠
الأنبياء... ٣٤
=... ٤٨
=... ٥٠
=... ٩٨... /٣٧/٢٦٣/٢٦٤/٢٦٥
=... ١٠٥
=... ١٠٧
٢٢... الحج
=... ٤٨
=... ٧٨... /٢٤٨
٢٣... المؤمنون
٢٤... النور
=... ٢٣
=... ٢٤
=... ٣٢/٣٣... /٢٧٣/٢٧٤/٢٧٦
النور... ٤٥... /٣٨٦
٢٥... الفرقان
=... ٤٣... /٣٣٠
=... ٥٧... ٣١٢
=... ٦٨... ١٤٧
٢٦... الشعراء
=... ٩
=... ٦٣
الشعراء... ٧٥
=... ٧٧... /٢٧٧
=... ٨٩
=... ٩٧/٩٨
=... ١٠٩
٢٧... النمل... /٣٩/٤٠/٤١
٢٨... القصص... /٦٧/٦٨
٢٩... العنكبوت
=... ٦٩... /٢٨٥/٢٨٦
٣٠... الروم
=... ٤٧
٣١... لقمان... /١٣٩/١٤٧
٣٢... السجدة... /٢
=... ٤
السجدة... ٩
=... ١٣
٣٣... الأحزاب
=... ٧... ٣٣٧
=... ٥٣... ٢٧/١٣٩/١٤٨
=... ٤٣
=... ٤٥
=... ٧٢
٣٤... سبا
سبأ... ١٣
=... ٤٧... /٣١٤
٣٥... فاطر... /٢٩١/٢٩٢/٣٣٠
=... ١٠
=... ١٨... ٣٦٠
٣٦... يس... ٢٠/٢١... ٣١٢
٣٧... الصافات... ١٢... ١٨/٢٩/٢٩٤
=... ١٠٧... /٣٠٠
٣٨... ص
=... ١٦
=... ٢٣... /٣٠٢
=... ٢١/٢٢/٢٣/٢٤/٢٥
=... ٢٤... /٣٠٣/٣٠٧
ص... ٧٧
=... ٨٦... ٣١٢/٣١٣/٣١٤
٣٩... الزمر... ٩... ٢٧/٣٤/٨٨/٩٥/٩٩
=... ٢٨
٤٠... غافر
=... ٧٤
٤١... فصلت... /٦٧
٣٦٤
٤٢... الشورى... /٢
=... ١٣
الشورى... ١٧... ٣٦٧
=... ١٩... ٣٢٠/٣٢١
=... ٢٣
=... ٤٠
=... ٥٢... /٦٧/٦٨/٣٢٤
٤٣... الزخرف... /٤٠٩
=... ٥١
=... ٥٥... ٣٢٧
=... ٥٨... ٢٦٧
=... ٨١
٤٤... الجاثية... /٣٢٩
=... ٢٤... /٣٣٢/٣٣٣
٤٥... الأحقاف... /٢٠٦
=... ٣٥... /٣٣٦
٤٦... محمد... /١٨٥
=... ١١
=... ١٩... /٣٤٠
٤٧... الفتح
=... ٢... /٤٠٦
=... ٢٧
٤٨... ق
٤٩... الذاريات... /٣٤٥
=... ٥٦... /٣٤٩
=... ٥٧
٥٠... الطور... ٢١
=... ٤٠... /٣١٤
٥١... النجم... ١٩/٢٠
=... ٣٢... /١٤٢/٣٥٦
=... ٣٧... /٣٥٨
=... ٣٨
=... ٣٩... /٣٦٢
٥٢... الرحمن... /٤
=... ٧... ٣٦٦
=... ٨... ٣٦٧
=... ١٣... ٣٦٩/٣٧١
=... ٢٩... ١٨/٣٥/٣٧٣
٥٣... الواقعة
=... ٧٩
=... ٨٦
=... ٩١
٥٤... الحديد
=... ٢٣
=... ٢٥
٥٥... الحشر
=... ٩
٥٦... التغابن... /٣٨٥
٥٧... الطلاق... ١... ٣٣٩
=... ٢/٣... ٣٨٨
الطلاق... ٣... ٣٢١
=... ١٢
٥٨... التحريم... ٤
٥٩... الملك... ١٦/١٧
٦٠... القلم
=... ٥١/٥٢... /٢٥٩/٢٦٢
٦١... المعارج
٦٢... نوح
٦٣... المزمل... /٣٩٠
٦٤... المدثر... /٥٤/٥٥/٢٣٣
=... ٣١... /٣٩٢
٦٥... القيامة... /٢٣... /٣٩٨
٦٦... الإنسان
=... ٨... /٣٩٤
=... ٩
=... ٢٠... /٧٨/١١٤
=... ١٧/١٨/١٩
٦٧... النازعات
٦٨... عبس
=... ١٧
٦٩... الانفطار... /١٠
٧٠... المطففين... /٤٠/٣٩٦/٣٩٧
٧١... البروج... /٤٧/٣٩٩
٧٢... الفجر
٧٣... الشمس
٧٤... الضحى
٧٥... الشرح... /٤٠٤/٤٠٥
٧٦... العلق... /٢٣٣
ـ (أي عم قُلْ: لا إله إلا الله، أحاجُّ بها...)................................................ ١٩٩
ـ ( أين الله ؟) قالت: في السماء، قال: (من أنا ؟)... )............................... ١٨٠
ـ (بطن سبحانه بعلمه فلا يحجبه شيء).................................................... ٣٨٢
ـ (... بلى، أفأخبرك أنك تأتيه عامك هذا؟...)............................................. ٣٤١
ـ (... بل فيما جفَّت به الأقلام وجرت به المقادير )....................................... ٣٧٥
ـ (بينما جبريل قاعدٌ عند النبي - ﷺ -، سمع نقيضاً...)................................... ٢٠٤
ـ (ثمَّ أرسلني فقال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾...)........................................ ٥٥
ـ (جفَّ القلم بما أنت لاقٍ)...................................................................... ٣٧٥
ـ (الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني).......................................... ٥١
ـ (عجب ربُّكم من ألّكم وقنوطكم)................................................... ١٨ /٢٩
ـ (عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل)...................................... ٢٩٧
ـ (فإنَّك آتيه ومطوف به)........................................................................ ٣٤١
ـ (فيهلك الله في زمانه الملل كلَّها إلا الإسلام)............................................ ١٩٢
ـ (في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام...).................................. ٤٠٢
ـ (قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم،... )................................................ ٣٣٢
ـ (قد عجب الله من صنيعكما بضيْفِكُما الليلة).......................................... ٢٩٧
١٤... فيه إضمار واختصار معناه : ؟(#ûqن٩$s% أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ uن!$tBدe$!$#أم تجعل فيها من لا يفسد فيها ولا يسفك الدماء كقوله عزَّ وجلَّ :﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ ﴾.... ٨٨
١٥... :﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ دo٤qn=¢ء٩$#ur $pk®Xخ)ur لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى tûüدèد±"sƒù:$# ﴾ ردّ الكناية إلى الاستعانة.... ١٠٠
١٦... ﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ $pkإص÷èt٧خ/... ﴾ بلسانها، وهذا أولى الأقاويل؛ لأن المراد كان من إحياء القتيل كلامُه واللسان آلته... ١٠٣
١٧... ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ﴾ هو مختصَرٌ مضمر، تقديره (واتبعوا ما كانت تتلو الشياطين)، أي تقرؤه.... ١٠٦
١٨... ﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي دouچ½zFy$# لَمِنَ tûüإsد="¢ء٩$# ﴾... ١٠٨
فيه تقديم وتأخير تقديره : ولقد اصطفيناه في الدنيا والآخرة وإنه لمن الصالحين
١٩... ﴿ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ ﴾ يعني ملك الجنة كما آتى المؤمنين قال الله تعالى: ﴿ وَمُلْكًا #¶ژچخ٧x. ﴾. ﴿ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾ من الكفار وأهل النار.... ١١١
٢٠... -"دèè؟ur ﴿ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ﴾ تعز من تشاء بالجنة والرؤية، وتذل من تشاء بالحجاب والنار.... ١١٦
٢١... ﴿ çmّ؟yٹ$sYsù الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ ضNح !$s% يُصَلِّي فِي ة>#uچَsدJّ٩$# أَنَّ اللَّهَ x٨مژإe³u; مƒ بِيَحْيَى ﴾ لأنَّ الله تعالى أحيا قلبه بالطاعة حتى لم يعص ولم يهُمَّ بمعصية.... ١١٨
٢٢... ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ﴾ (إنما قاله زكريا لله ـ عزَّ وجلَّ ـ يا رب لا لجبريل.... ١٢٤
٢٣... ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى 'دoTخ) y٧‹دjùuqtGمB وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ قيل له: هل تجد نزول عيسى - عليه السلام - من السماء في القرآن، فقال : نعم. قوله: ﴿ وَكَهْلاً ﴾ وهو لم يكتهل في الدنيا، وإنما معناه ﴿ وَكَهْلاً ﴾ بعد نزوله من السماء.... ١٢٦
٢٨... القلب السليم ( أن يشهد أن لا إله إلا الله)... ابن عباس
٢٩... كانت براءة من آخر القرآن نزولاً... عثمان
٣٠... كان عبد الله بن أبي بن سلول يقول: ؟؟؟... جابر
٣١... الكبائر كل ذنب ختمه الله تعالى بنارٍ أو غضبٍ أو لعنةٍ أو...... ابن عباس
٣٢... ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ ؟يغفر ذنباً ويكشف كرباً...... أبو الدرداء
٣٣... كنَّا نعد ورسول الله حيٌّ وأصحابه متوافرون: أبو بكر... ابن عمر
٣٤... لما افتتح رسول الله - ﷺ - مكة ووعد أمته ملك فارس و..... أنس
٣٥... (لما نزلت ﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ـ=|ءxm... ﴾ الآيةz.... ابن عباس
٣٦... اللمم هو دون حدّ الدنيا وحدّ الآخرة... ابن عباس
٣٧... ليظهر الله نبيه على أمر الدين كله، فيعطيه إياه كله،...... ابن عباس
٣٨... ليس أحد إلا يحزن ويفرح، ولكن من أصابته...... ابن عباس
٣٩... ما نهى الله تعالى عنه في هذه السورة... فهو كبيرة... ابن مسعود
٤٠... مكث يحمل أخاه في جراب على رقبته سنةً، حتى...... ابن عباس
٤١... هل تعلم أحداً سمي الرحمن سواه... ابن عباس
٤٢... هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر أي...... ابن عباس... /٥٨/٥٩
٤٣... هو صغار الذنوب كالنظرة والغمزة والقبلة وما كان
٤٤... ﴿ çm"sY÷ƒy‰sùur بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) ﴾ لأنه رعى في الجنة أربعين خريفاً... ابن عباس
٤٥... وفَّى بما رأى في المنام من ذبح ابنه... ابن عباس
٤٦... ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ ﴾ أي ومن يكفر بالله............ ابن عباس
٤٧... ﴿ ِNèdur ڑcqكJn=÷ètƒ ﴾ أن الإصرار ضار، وأنَّ تركه...... ابن عباس
٤٨... نجاته من كل كرب في الدنيا والآخرة... ابن عباس
٤٩... يعلم أنه من عند الله، وأن الله هو الذي يعطي ويمنع... ابن مسعود
***
٧٦، ٨١، ٢٤٢، ٢٥٩، ٢٧٤، ٣٠١، ٣٠٨، ٣٥٣، ٣٩٣.
ابن عباس:
٢٨، ٣٥، ٤٨، ٥٨، ٥٩، ٦٣، ٦٦، ٧٣، ٧٦، ٧٧، ٨٢، ٨٧ ١٠١، ١١٨، ١١٩، ١٢١، ١٢٢، ١٢٩، ١٣٤، ١٤٣، ١٤٤، ١٥٠، ١٥٢، ١٥٣، ١٥٤، ١٥٧، ١٦٤، ١٧٠، ١٧٣، ١٧٤، ١٧٥، ١٨٥، ١٨٩، ١٩١، ٢٠٣، ٢٠٤، ٢١٠، ٢١٥، ٢١٩، ٢٢٢، ٢٢٤، ٢٢٥، ٢٣١، ٢٤٢، ٢٤٣، ٢٤٤، ٢٥٦، ٢٦٠، ٢٦٢، ٢٧٩، ٢٨٢، ٢٨٣، ٢٨٨، ٢٩٥، ٣٠٠، ٣١٣، ٣٢١، ٣٢٧، ٣٢٩، ٣٣٧، ٣٥٥، ٣٥٦، ٣٥٧، ٣٥٨، ٣٧٧، ٣٨٣، ٣٨٥، ٣٨٦، ٣٨٨، ٣٩٩، ٤٠٧، ٤١١، ٤١٢، ٤١٤، ٤١٥، ٤١٧.
ابن عبدالوهاب:
١٧٥.
ابن عثيمين:
٢٠٢.
ابن عطية:
٣، ٧٦، ٩٣، ٩٧، ١١٤، ١٦٣، ١٧٥، ١٩٣، ٢١٤، ٢٢٣، ٢٢٧، ٢٤٢، ٢٤٩، ٢٦٥، ٢٧٥، ٢٧٧، ٢٩٢، ٣١١، ٣١٧، ٣٣٧، ٣٤٢، ٣٤٣، ٣٤٦، ٣٥٠، ٣٥٣، ٣٦٤، ٣٧٤، ٣٧٥، ٣٩٣، ٣٩٤، ٤٠٢، ٤٠٣، ٤١٦.
ابن فارس:
٣٠، ٢٦٨.
ابن قتيبة:
٢١٣، ٢٢٠، ٢٦٤، ٢٧٠، ٢٨٨، ٣٢٥، ٣٦٩.
ابن القيم:
٨١، ١٠٩، ١٤٢، ١٧٠، ١٧٦، ١٨٣، ٢٤٤، ٢٨٠، ٢٨٦، ٣٢٠، ٣٥٦، ٣٧٧، ٣٧٨، ٣٨١.
ابن كثير الدمشقي:
٥، ٥٠، ٥٢، ٨١، ٨٧، ٩٢، ١٠٤، ١٢٣، ١٤٨، ١٧٤، ١٧٦، ١٩٠، ١٩٨، ٢٠٤، ٢١٧، ٢٢٨، ٢٣٦، ٢٤٠، ٢٥٩، ٢٦١، ٢٦٦، ٢٦٩، ٢٧٤، ٣٠٣، ٣٠٩، ٣١٠، ٣١٧، ٣٢٥، ٣٢٨، ٣٢٩، ٣٣٤، ٣٤٠، ٣٤١، ٣٤٣، ٣٤٥، ٣٩٣، ٣٩٤، ٣٩٧، ٤٠٥، ٤١٦.
ابن كثير المكي:
١٩٧.
ابن مسعود:
٦٦، ٧٥، ٧٦، ٧٧، ١٤١، ١٤٣، ١٤٤، ١٤٧، ١٥٠، ٢٢٦، ٢٢٨، ٢٩٥، ٣٥٦، ٣٨٨.
أبو إسحاق الإسفراييني:
١٤٠
أبو إسحاق القرشي:
٢١
أبو البقاء العكبري:
٩١، ١٠٢، ٢٢٤، ٢٣٦، ٢٥٠، ٣٥٣
أبو البقاء الكفوي:
٢٥٤
أبو بكر الباقلاني:
٥٤.
أبو بكر بن العربي:
١٧٦، ١٨٩، ٢٧٤، ٣٠٨.
أبو بكر البزار:
١٢٢، ١٢٣.
أبو بكر بن خزيمة:
٢٠، ٣٢٥.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
١٣٣، ١٣٧، ١٩٤، ١٩٥، ١٩٦، ٤٠٨.
أبو بكر بن عبدوس:
٣٤، ١٠٦.
أبوبكر المؤمن:
٣١٨.
أبوجهل:
١١٣، ١٩٩.
أبو حامد الغزالي:
١٤٢، ١٤٤.
أبو الحسن بن كيسان:
٢٤٧.
أبو حنيفة:
١٣، ٢٩٧.
أبو حيان:
١١- الإحكام في أصول الأحكام : علي بن محمد الآمدي، تحقيق : د. سيد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط الأولى – ١٤٠٤ هـ.
١٢- أحكام القرآن : أحمد بن علي الجصاص، تحقيق : محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث. بيروت، ١٤٠٥ هـ.
١٣- أحكام القرآن: محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: عبد الغني عبدا لخالق، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٠ هـ.
١٤- أحكام القرآن : محمد بن عبد الله بن العربي، تحقيق : محمد عبد القادر عطا، دار الفكر للطباعة، لبنان.
١٥- اختيارات الإمام الشوكاني في التفسير من خلال كتابه ( فتح القدير ) من أول الكتاب إلى آخر سورة الإسراء، عرض ودراسة، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه أعدها الطالب : علي بن حميد السناني، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كلية القرآن الكريم، قسم التفسير، ١٤١٨ هـ -١٤١٩ هـ.
١٦- الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد : أبو المعالي الجويني، تحقيق: د. محمد يوسف موسى وعلي بن عبد المنعم عبد الحميد، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط الثالثة – ١٤٢٢ هـ.
١٧- أساس البلاغة: أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري، تحقيق : محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط الأولى - ١٤١٩ هـ.
١٨- أسباب النزول : أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، تحقيق: د. السيد الجميلي، دار الكتاب العربي، ط السابعة - ١٤١٩ هـ.
١٩- الاستقامة: أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد السلام، تحقيق : د. محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط الأولى -١٤٠٣ هـ.
٢٠- الاستذكار: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي، تحقيق : سالم محمد عطا، ومحمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط الأولى -١٤٢٢ هـ.
عقيدته:................................................................................................... ١٦
مكانته العلمية:.......................................................................................... ١٩
وفاته وآثاره :........................................................................................... ٢٣
القسم الأول : منهج الحسين بن الفضل في التفسير :.................................... ٢٤
المبحث الأول:
تفسير القرآن بالقرآن:............................................................................. ٢٤
تفسير آية بآية:........................................................................................... ٢٥
جمع النظائر القرآنية:................................................................................ ٢٦
٣ـ جمع الموضوع القرآني :........................................................................ ٢٦
٤-الاستشهاد لتفسيرٍمن التفاسير :......................................................... ٢٧
المبحث الثاني:
منهجه في تفسير القرآن بالسنة:.................................................................. ٢٨
المبحث الثالث:
منهجه في تفسير القرآن باللغة:................................................................... ٣٠
أولاً : بيان معاني المفردات:...................................................................... ٣٠
ثانياً : بيان أساليب اللغة الواردة في الآيات:................................................. ٣١
١ـ أسلوب الخطاب العربي في ( ما ):........................................................... ٣١
٢ـ أسلوب الكناية:.................................................................................... ٣٢