القسم الأول : منهج الحسين بن الفضل في التفسير:
ويتضمن سبعة مباحث:
المبحث الأول: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
المبحث الثاني: منهجه في تفسير القرآن بالسنة.
المبحث الثالث: منهجه في تفسير القرآن باللغة.
المبحث الرابع: منهجه في بيان المشكل.
المبحث الخامس: منهجه في الاختيار والاستدلال.
المبحث السادس: منهجه في الاستنباط.
المبحث السابع: موازنة بين منهجه ومنهج الفراء.
القسم الثاني : أقوال الحسين بن الفضل ودراستها:
... أقواله في التفسير، ويتضمن جمع أقواله في التفسير من مظانها المختلفة ودراستها، وذلك من أول القرآن إلى آخره.
وسيكون المنهج فيه على النحو الآتي:
١- أذكر الآية أو الآيات التي نُقل عنه فيها شيءٌ من أقواله في أول الصفحة على وفق ترتيب المصحف الشريف.
٢- أنقل كلام الحسين بن الفضل بنصِّه، وأجعله أعلى الصفحة، ثمَّ أعلِّق عليه تحت عنوان (الدِّراسة)، ثم أضع حاشية على تعليقي.
٣- أعزو نصَّ قول الحسين بن الفضل إلى موضعه في كتاب الكشف والبيان المحقق في جامعة أم القرى، وما لم أقدر على التوصل إليه عزوته إلى كتاب الكشف والبيان بتحقيق أبي محمد بن عاشور(١)، وبينت ذلك في الحاشية مع العلم بأنِّي اعتمدتُّ الكشف والبيان كأول مصدر أنقل عنه أقوال الحسين ما لم أجد فيه بُغيتي فعندئذ أعمد إلى غيره ممن كانوا ينقلون عن الكشف والبيان.
٤-
عندما نقلت متن قول الحسين اكتفيت بعبارة: ( قال الحسين بن الفضل) وأهملت ما قبل كلمة: ( قال ) من حروف العطف، مع العلم بأنَّ اسم (الحسين) قد يرد في بعض المراجع مصحَّفاً إلى الحسن فالتزمت في كتابتي بـ ( الحسين ).

(١) في هذه المطبوعة سقط وتحريف كثير، لذا تركت العزو إليها، إلا عند عدم وجود الرسائل المحققة في جامعة أم القرى بين يديَّ، وقد حرصت على الرجوع إلى بعضها لكن لم يتيسَّر لي. ينظر على سبيل المثال ص ١٧٣ في نفس الرسالة.

والمتوكِّل (١)
والمنتصر بالله(٢) إلى أن توفي في خلافة المعتضد(٣).
... وقد بلغت الدولة العبَّاسية أوجها أيام الرَّشيد، ووصلت إلى غاية قوَّتها فاستتبَّ الأمن، ولم يحدث الصراع على الحكم إذ كانت الدولة في مرحلة الشباب و كان الشعور المشترك بالتعاضد والجهاد والمعاناة التي بذلوها في سبيل الوصول إلى السلطة ومآلها من أيدي الأمويين، لا يزال قائماً في النفوس.
(١) المتوكل على الله : جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارون العباسي، أبو الفضل، عاشر خلفاء الدولة العباسية، بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه الواثق ( سنة ٢٣٢ هـ ) توفي مقتولاً سنة ( ٢٤٧ هـ )، ينظر : تاريخ الخلفاء ( ص : ٣٩١ )، الأعلام ( ٢/١٢٧).
(٢) المنتصر بالله : محمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارون العباسي، أبو جعفر، بويع بالخلافة بعد أن قتل أباه ( سنة ٢٤٧ هـ )، مدة خلافته ستة أشهر وأيام، توفي ( سنة ٢٤٨ هـ )، ينظر : تاريخ الخلفاء ( ص : ٤٠٣ )، الأعلام (٦/٧٠ )
(٣) المعتضد بالله : أحمد بن طلحة بن جعفر بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد العباسي، أبو العباس، بويع بالخلافة بعد وفاة عمه المعتمد ( سنة ٢٧٩ هـ )، توفي سنة ( ٢٨٩ هـ )، ينظر : تاريخ الخلفاء (ص : ٤١٩ )، الأعلام ( ١/١٤٠ ).

قال الحسين بن الفضل: الهدى في القرآن على وجهين:
الوجه الأول: هدى دعاء وبيان، كقوله: ﴿ وَإِنَّكَ ü"د‰÷kyJs٩ إِلَى ٧ق¨uژإہ ٥Oٹة)tGَ،-B ﴾ [الشورى: ٥٢ ] وقوله: ﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ [الرعد: ٧ ] ﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ ِNكg"sY÷ƒy‰ygsù ﴾ [فصلت: ١٧]
والوجه الثاني : هدى توفيق وتسديد، كقوله تعالى :﴿ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النحل: ٩٣] وقوله :﴿ y٧¯Rخ) لَا "د‰÷ksE مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ [القصص: ٥٦].
ويتضح من هذا المثال كيف استفاد الحسين من القرآن كمصدر للتَّفسير حيث إنه استخدم علم الوجوه والنظائر في بيان معنى الهداية في القرآن.
فالوجه الأول : الهداية بمعنى البيان، وقد ذكر من النظائر القرآنية ثلاث آيات جاء فيها معنى الهداية بالبيان.
والوجه الثاني: الهداية بمعنى التوفيق، وذكر من النظائر القرآنية آيتين.
٣- جمع الموضوع القرآني :
وذلك في قوله تعالى :﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا uچح !$t٦ں٢ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ Nà٦ù=½zô‰çRur Wxyzô‰-B $VJƒحچx. ؟؟ ﴾ [ النساء: ٣١ ]
قال الحسين بن الفضل في تفسير الكبيرة، هي: (ما سمَّاه الله في القرآن كبيراً أو عظيماً نحو قوله ﴿ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا #[ژچخ٦x. ﴾ [ النساء : ٢ ] ﴿ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ $Z"ôـ½z #[ژچخ٦x. ﴾ [ الإسراء: ٣١ ]
﴿ إِن x٨ِژإe³٩$# لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: ١٣] ﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ [يوسف: ٢٨] ﴿ y٧sY"ysِ٦ك™ هَذَا ي`"tG÷kو٥ عَظِيمٌ ﴾ [ النور : ١٦ ] ﴿ إِنَّ ِNن٣د٩¨sŒ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ]
فكأن الحسين ـ رحمه الله ـ هنا حصر معنى الكبيرة في كل ما سُمِّي في القرآن كبيرٌ أو عظيم.
٤- الاستشهاد لتفسيرٍ من التفاسير :
ذكره في مثالين :
... وقيل: إنها مدينة مدنية وبه قال مجاهد(١) ونُسب إلى أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ (٢) والزهري(٣)، وعطاء بن يسار(٤).
قال ابن حجر في الفتح :" وأغرب بعضُ المتأخرين فنسب القول بذلك لأبي هريرة والزهري وعطاء بن يسار(٥).
ويقال: إنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة(٦).
وفيه قول رابع: أنها نزلت نصفين نصفها بمكة ونصفها بالمدينة(٧).
والصحيح ـ والله أعلم ـ أنها مكية للأسباب التالية:
١-١- أنها ركن من أركان الصلاة، والصلاة فُرضت بمكة، فلا يُتصوَّر صلاةٌ بدونها.
٢-٢- لامتنان الله بها على رسوله - ﷺ - بقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ y٧"sY÷ s؟#uن سَبْعًا مِنَ 'دT$sVyJّ٩$# وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (٨٧) ﴾ في سورة الحجر، وسورة الحجر نزلت في مكة؛ إذ يبعد أن يمتنَّ الله عليه بما لم ينزل بعد.
٣-٣- أنَّه قول الجمهور:
(١) رواه عنه أبو عبيد في فضائل القرآن٢/٢٠٢
(٢) ينظر : زاد المسير لابن الجوزي ١/١٠ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٨.
(٣) ينظر : تنزيل القرآن للزهري ١/٢٩ والمحرر الوجيز لابن عطية ١/٦٥، والزهري هو: محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه توفي سنة (١٢٥ هـ ). ينظر : تهذيب الكمال( ٦/٥٠٧ )، التقريب (٢٩٦٦)
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ١/٦٥، وزاد المسير ١/١٠، وتفسير القرآن العظيم ١/٨. وعطاء هو: عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد، مولى ميمونة زوج النبي - ﷺ - ثقة فاضل توفي سنة( ٩٤ هـ ). ينظر : تهذيب الكمال ( ٥/١٧٩ )، التقريب ( ٤٦٠٥)
(٥) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٨/٢٠١.
(٦) ينظر : الكشف والبيان ١/٤٢٤ بنفس التحقيق السابق الذي نقلت عنه قول الحسين، وتفسير القرآن العظيم ١/٨
(٧) ينظر : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/١٥٤.

... وقيل: إنها مدينة مدنية وبه قال مجاهد(١) ونُسب إلى أبى هريرة (٢) والزهري(٣)، وعطاء بن يسار(٤).
قال ابن حجر في الفتح :" وأغرب بعضُ المتأخرين فنسب القول بذلك لأبي هريرة والزهري وعطاء بن يسار(٥).
ويقال: إنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة(٦).
وفيه قول رابع: أنها نزلت نصفين نصفها بمكة ونصفها بالمدينة(٧).
والصحيح ـ والله أعلم ـ أنها مكية للأسباب التالية:
١-أنها ركن من أركان الصلاة، والصلاة فُرضت بمكة، فلا يُتصوَّر صلاةٌ بدونها.
٢- لامتنان الله بها على رسوله - ﷺ - بقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ y٧"sY÷ s؟#uن سَبْعًا مِنَ 'دT$sVyJّ٩$# وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (٨٧) ﴾ في سورة الحجر، وسورة الحجر نزلت في مكة؛ إذ يبعد أن يمتنَّ الله عليه بما لم ينزل بعد.
٣- أنَّه قول الجمهور:
(١) رواه عنه أبو عبيد في فضائل القرآن٢/٢٠٢
(٢) ينظر : زاد المسير لابن الجوزي ١/١٠ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٨.
(٣) ينظر : تنزيل القرآن للزهري ١/٢٩ والمحرر الوجيز لابن عطية ١/٦٥، والزهري هو: محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه توفي سنة (١٢٥ هـ ). ينظر : تهذيب الكمال( ٦/٥٠٧ )، التقريب (٢٩٦٦)
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ١/٦٥، وزاد المسير ١/١٠، وتفسير القرآن العظيم ١/٨. وعطاء هو: عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد، مولى ميمونة زوج النبي - ﷺ - ثقة فاضل توفي سنة( ٩٤ هـ ). ينظر : تهذيب الكمال ( ٥/١٧٩ )، التقريب ( ٤٦٠٥)
(٥) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٨/٢٠١.
(٦) ينظر : الكشف والبيان ١/٤٢٤ بنفس التحقيق السابق الذي نقلت عنه قول الحسين، وتفسير القرآن العظيم ١/٨
(٧) ينظر : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/١٥٤.

والتعبير بالإتيان هنا إشعار بأنه تنويل من الله من غير قوة وغلبة ولا مطاولة فيه(١)، وأما كلمة النزع ففيها ما ينبئ عنه من البطش والقوة ما يناسب معنى الإيتاء(٢)
قال الزمخشري :" تعطي من تشاء النصيب الذي قسمت له واقتضته حكمتك من الملك.
﴿ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾ النصيب الذي أعطيته منه، فالملك الأول عام شامل والملكان الآخران بعضان من الكل "(٣).
قال مجاهد : الملك هنا " النبوة "(٤)
وقال الكلبي :﴿ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾ محمد وأصحابه.
﴿ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾ أبي جهل وصناديد قريش.(٥)
وقال الزجاج :" فيه قولان تؤتي الملك الذي هو المال والعبيد والحضرة(٦)، من تشاء وتنزعه ممن تشاء.
وقيل : تؤتي الملك من تشاء من جهة الغلبة والدين والطاعة. ".(٧).
وقيل: ﴿ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ ﴾ هم العرب ﴿ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ ﴾ هم فارس والروم(٨)
وقيل: المعنى تؤتي الملك في الجنة من تشاء، وتنزع الملك من ملوك الدنيا في الآخرة ممن تشاء(٩)، وقيل غير ذلك(١٠).
(١) ينظر : نظم الدرر ٢/٠٥٢
(٢) المصدر السابق ٢/٥٣/٥٤.
(٣) الكشاف ١/٣٤٩/٣٥٠.
(٤) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٣/٢٦٠، وروا ه عنه ابن المنذر في تفسيره ص: ١٥٨/١٥٩. وينظر : تفسير ابن أبى حاتم ٢/١٧١ ت : حكمت بشير ياسين، و تفسير البغوي ١/٣٣٧ وتفسير ابن كثير ١/٣٥٦.
(٦)... الوجيز للواحدي ١/٢٠٥ وينظر: تفسير البغوي ١/٣٣٧.
(٣)... التحضر والثراء
(٧) معاني القرآن وإعرابه ١/٣٩٢.
(٨) تفسير البغوي ١/٣٣٧ وينظر : نظم الدرر ٢/٥٤.
(٩) تفسير البحر المحيط ٢/٣٣٧.
(١٠) ينظر : تفسير البغوي ٣٣٧/٣٣٨ والبحر المحيط ٢/٤٣٧، وتفسير النسفي ١/١٤٨.

ومنهم إمام الحرمين أبو المعالي الجويني (١) فقال :" المرضيُّ عندنا أنَّ كل ذنب كبيرة، إذ لا تراعى أقدار الذنوب حتى تضاف إلى المعصيِّ بها ؛ فرب شيء يعد صغيرة بالإضافة إلى الأقران، ولو صور في حق ملك لكان كبيرة يضرب بها الرقاب. والرب تعالى أعظم من عُصي، وأحق من قُصد بالعبادة، وكل ذنب بالإضافة إلى مخالفة الباري عظيم، ولكن الذنوب وإن عظمت بما ذكرناه فهي متفاوتة على رتبها، فبعضها أعظم من بعض " (٢).
ومنهم القشيري عبد الرحيم (٣)، قال :" والصحيح أنها كبائر ولكن بعضها أعظم من بعض، والحكمة في عدم التمييز أن يجتنب العبد جميع المعاصي " (٤)
ومرتكبه في المشيئة غير الكفر، وذلك قوله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ y٧د٩¨sŒ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [ سورة النساء : ٤٨ ] (٥).
(١) أبو المعالي الجويني : عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، ثم النيسابوري، أبو المعالي الشافعي، المعروف بإمام الحرمين، الفقيه الأصولي المتكلم، له : الرسالة النظامية، نهاية المطلب، الإرشاد في أصول الدين، توفي سنة (٤٧٨ هـ )، ينظر : السير ( ١٨/٤٦٨ )، طبقات الشافعية للسبكي (٥/١٦٥ ).
(٢) الإرشاد ص : ٣٩١.
(٣) عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن، أبو نصر القُشيري النيسابوري، بحر العلوم، كان ذا ذكاء وفطنة، لازم إمام الحرمين حتى أحكم عليه المذهب والخلاف والأصول، توفي سنة (٥١٤ هـ )، ينظر : البداية والنهاية ( ١٦/٢٤٩ )، طبقات المفسرين للسيوطي ( ص : ٥٥ ).
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٥/١٥٢.
(٥) ينظر: المصدر السابق وفتح الباري ١٠/٥٠١-٥٠٢، وينظر إلى ما احتجوا به أيضا الجواب الكافي ص : ١٨٩، ١٩٠.

وقال البغوي :" بالله الذي يجب الإيمان له "(١)
وقال عبد الرحمن السعدي" : أي ومن كفر بالله تعالى، وما يجب الإيمان به من كتبه ورسله أو شي من الشرائع "(٢)
وعلى هذا يكون تخريج الحسين ـ رحمه الله ـ لقول ابن عباس بعيد إلا على تأويل أن الإيمان عمل والعمل صفة للإنسان والإنسان وصفاته مربوب ٌ لله تعالى
قال أبو حيان ( أنه تعالى رب الإيمان وخالقه ).(٣)
سورة المائدة
قال تعالى: ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ "ح'¨uqمƒ سَوْأَةَ دm‹½zr& قَالَ يَا وَيْلَتَا N÷"yftمr& أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ y"ح'¨uré'sù سَوْأَةَ ستپr& فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ [المائدة : ٣١ ].
دعا عبد الله بن طاهر والي خراسان الحسين بن الفضل،
قال : أشكلت عليَّ ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي، قال : وما هنَّ أيها الأمير ؟ قال : قوله تعالى في وصف ابني آدم ﴿ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ وصحَّ الخبر بأن :( الندم توبة )..(٤)
(١) تفسيره ٢/٦٤٢.
(٢) تفسيره ص : ٢٢٢.
(٣) البحر المحيط ٣/ ٤٤٨.
(٤) رواه ابن ماجه في سننه ( كتاب الزهد ) باب المداومة على العمل ح : ٤٢٥٢ ص: ٦١٩ و الإمام أحمد في مسنده ح : ٣٥٦٨ ص ٣٠٧ وينظر : ٤٠١٢، ٤٠١٤. والحاكم في المستدرك ح : ٧٦١٣، ٤/٢٧١ وكلهم رووه عن ابن مسعود. قال الحاكم حديث صحيح ولم يخرجاه بهذه اللفظة إنما اتفقا على حديث الإفك وقول رسول الله - ﷺ - لعائشة وإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنتِ ألممت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه، ورواه الحاكم أيضاً عن أنس - رضي الله عنه - ح : ٧٦١٤، ٤/٢٧٢ وقال وهذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

قال الأزهري : معناه وهو يطعم ولا يستطعم(١)وحكى أطعمت بمعنى استطعمت(٢).
وقيل معناه : وهو يطعم يعني الله ولا يطعم يعني هو الولي(٣).
ويجوز أن يكون معناه أنه هو القادر على الإطعام وترك الإطعام كقوله تعالى :
﴿ يَبْسُطُ s-ّ-حhچ٩$# لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾ فهو الحكيم العليم يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويضيق على من يشاء.
وقال الزمخشري :" ويجوز أن يكون المعنى وهو يطعم تارة ولا يطعم أخرى على حسب المصالح كقولك، وهو يعطي ويمنع ويبسط ويغني ويفقر"(٤)، وكذلك قال الرازي(٥).
وقال البيضاوي :" وببنائها للفاعل على أن الثاني من أطعم بمعنى استطعم أو على معنى أنه يطعم تارةً ولا يطعم أخرى كقوله ﴿ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ﴾ " [ البقرة : ٢٤٥ ](٦)
سورة الأنعام
قال تعالى: ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ ِNخkحh٥u' وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٢٧]
[ ٢٩] قال الحسين بن الفضل :( يعني يتولاهم في الدنيا بالتوفيق وفي الآخرة بالجزاء ).
الكشف والبيان للثعلبي(٧)٤/١٩٠.(٨)
الدراسة
(١) رواه عنه الثعلبي في الكشف والبيان ٤/١٣٨، وينظر الكشاف ٢/ ٩ وتفسير الرازي ١٢/١٤٠، والبحر المحيط ٤/٩٠، ولم ينسبوه.
(٢) ينظر الكشف والبيان ٤/١٣٨ والكشاف ٢/٩، وتفسير الرازي ١٢/١٤٠ والبحر المحيط ٤/٩٠.
(٣) ينظر الكشف والبيان ٤/١٣٨ ونهاية البيان في تفسير القرآن ص ٧١ لأبي المعافى الموصلي والبحر المحيط ٤/٩٠ والدر المصون ٣/٢١.
(٤) الكشاف ٢/ ١٠.
(٥) تفسيره ١٢/١٤٠.
(٦) متن حاشية شيخ زاده ٤/٢٠.
(٧) وافقه البغوي في تفسيره ٢/٦٤.
(٨) ت : ابن عاشور.

قال تعالى ﴿ $sYِ;tFں٢ur لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [ الأعراف : ١٤٥]
[ ٣١ ] قال الحسين بن الفضل :( معنى قوله ( أحسنها ) أن يكون للكلمة معنيان أو ثلاثة فيصرف إلى الأشبه بالحق ).
نهاية البيان ص : ٢٧٠(١).
الدراسة
قوله ﴿ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ﴾
يقتضي أن يكون فيه ما ليس بأحسن وأنه لا يجوز الأخذ به وهو متناقض(٢)وأجيب عليه بجوابين :
الجواب الأول : أن أحسن هنا ليست أفعل التفضيل بل المعنى بحسنها.(٣)
قاله قطرب ﴿ بِأَحْسَنِهَا ﴾ أي ( بحسنها )(٤)كقوله تعالى :﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ مژy٩ٍ٢r& ﴾(٥)[ العنكبوت : ٤٥ ].
قال النحاس :" وكلها حسنة ".(٦)
والجواب الثاني: أن بعض ما فيها أحسن من بعض ثم قيل في ذلك أقوال منها:
(١) نقلته من نهاية البيان لركاكة المثبت في الكشف والبيان ت : ابن عاشور.
(٢) ينظر : حاشية شيخ زاده ٤/٢٩٤ وهذه المسألة لها علاقة بتفاضل كلام الله تعالى، وأن بعضه أفضل من بعض، وهذا هو معتقد أهل السنة ولا يقتضي ذلك نقصاً، والإيراد المذكور هو من كلام أهل الكلام والبدع وينظر للتوسع : تفسير سورة الإخلاص لابن تيمية.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤/٣٨٧.
(٤) ينظر : تفسير البغوي ٢/١٥٢، والمحرر الوجيز ٢/٤٥٣ ولم ينسبه وزاد المسير ٣/٢٥٩، وتفسير الرازي ١٤/١٩٣، والبحر المحيط ٤/٣٨٧.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢/٤٥٣، وتفسير الرازي ١٤/١٩٣.
(٦) معاني القرآن ٣/٧٧.

قال الزركشي في أقسام النسخ :" ما أمر به لسبب ثم يزول السبب، كالأمر حين الضعف والقلة بالصبر وبالمغفرة للذين يرجون لقاء الله، ونحوه من عدم إيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، ونحوها، ثم نسخه إيجاب ذلك. وهو ليس بنسخ في الحقيقة، وإنما هو نَسْء، كما قال تعالى :( أو ننسئها ) (١) [ البقرة : ١٠٦] فالمُنْسَأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون، وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى.
وبهذا التحقيق تبيّن ضعفُ ما لهج به كثير من المفسرين في الآيات الآمرة بالتخفيف أنها منسوخة بآية السيف، وليس كذلك بل هي من المنسَأ، بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعله توجب ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقال تلك العله إلى حكم آخر وليس بنسخ، إنما النسخ الإزالة حتى لا يجوز امتثاله أبداً..." (٢).
وخصّ بعضهم فقال هي ناسخة لقوله تعالى :﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾ [ محمد : ٤ ] وهذا مروي عن ابن عباس والسدي وقتادة وغيرهم(٣) وبه قالت الحنفية (٤).
والصحيح ـ والله أعلم ـ ما قاله أكثر أهل العلم وهو أن الآية محكمة فالإمام مخير وله أن يفعل ما يراه مصلحة للمسلمين مِنْ مَنٍّ أو فداء وقتل واسترقاق (٥)، وهذا مروي عن الحسن وعطاء وغيرهم (٦).
(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح النون والسين وهمزة ساكنة بين السين والهاء، وقرأ الباقون( ننسها ) بضم النون وكسر السين من غير همزة، النشر ٢/٤١٤
(٢) البرهان ٢/٤٢، وينظر : الإتقان ٣/٦١.
(٣) ينظر في الروايات : تفسير الطبري ٢٦/٤٩/٥٠، وينظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص : ٤٩٤، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص : ١٧٣.
(٤) ينظر: أحكام القرآن للجصاص : ٥/٢٧١.
(٥) ينظر إلى قول الأكثرين : أضواء البيان ٧/٤١٩.
(٦) ينظر في الروايات : تفسير الطبري ٢٦/٥٠.

وكذلك قوله تعالى ﴿ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾، أي وإذا لم يهتدوا بالقرآن (١) فسيقولون هذا القرآن الذي جاء به محمد - ﷺ - أكاذيب من أخبار الأولين قديمة، كما قال- جلَّ ثناؤه -مخبراً عنهم ﴿ (#ûqن٩$s%ur مژچدـ"y™r& الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ Zouچٍ٦ç/ وَأَصِيلًا ﴾ (٢) [ الفرقان : ٥ ] فالكفار لمَّا لم يهتدوا بهذا القرآن، وفاتهم أعظم المواهب، وأجل الرغائب، قدحوا فيه بأنه كذب، وهو الحق الذي لاشك فيه، ولا امتراء يعتريه، الذي قد وافق الكتب السماوية خصوصاً أكملها وأفضلها بعد القرآن وهي التوراة التي أنزلها الله على موسى - عليه السلام -.(٣)
وهكذا توافقت الآيتان في إثبات كفرهم بالقرآن بسبب جهلهم به، فلمَّا فقدوا العلم كفروا بأعظم مُنْزَل وهو القرآن الكريم، فهل يجرُّ الجهل على صاحبه أعظم من هذا، فمن باب أولى تكذيب ما دونه بسب الجهل، فطالما أنَّ المرء على الجهل فهو عدوٌّ لكل ما يجهله ( والناس أعداء ما جهلوا ولو تدبَّروا لعرفوا). وعلى هذا فيكون كلام الحسين ـ رحمه الله ـ مستنبطاً استنباطاً صحيحاً وفيه دلالة واضحة على إيمان الحسين بأن هناك آيات توافق معنى بعض الأمثال العربية.
سورة يونس
قال تعالى ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ ¾دmدFuH÷quچخ/ur y٧د٩¨x‹خ٧sù (#qمmuچّےu‹ù=sù هُوَ ضژِچyz مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [ يونس : ٥٨]
[ ٤٣ ] قال الحسين بن الفضل :( فضل الله : الإيمان، ورحمته : الجنة )
الكشف والبيان للثعلبي(٤)ص : ٥٧٤.(٥)
الدراسة
(١) ينظر: تفسير البغوي ٤/١٣٦ وتفسير القرطبي ١٦/١٦٤ والبحر المحيط ٨/٥٩، و تفسير ابن كثير ٤/١٥٦والتحرير والتنوير ٢٦/٢٠
(٢) تفسير الطبري ٢٦/١٨
(٣) ينظر: تفسير السعدي ص : ٧٨٠.
(٤) وافقه أبو حيان في البحر المحيط ٥/١٦٩.
(٥) ت : جمال ربعين، ج : أم القرى.

وقالت فرقة : هو القرآن (١)، وقالت أخرى : هو إعجاز القرآن. (٢).
والذي يفهم من اختيار الحسين بن الفضل جمعه بين القولين الأخيرين، ومن الواضح أن الأول متضمن للثاني وأن الثاني داخل في الأول، ويعتبر النظم جزءاً من الإعجاز، والإعجاز كائن في القرآن، والقرآن معجزُ لا محالة.
وممَّا جعل كلام الله تعالى يرتقي أعلى درجات البلاغة فيعتلي عرشها، تضمنه المعنى الكثير الذي يزيد على لفظه من غير حذف، وهذا ما يسميه البلاغيون " إيجاز القصر " (٣).
قال ابن الأثير(٤): "وهذا الذي لا يمكن التعبير عن ألفاظه بألفاظ أخرى مثلها وفي عدتها وهو أعلى طبقات الإيجاز مكاناً، وأعوزها إمكاناً وإذا وُجد في كلام بعض البلغاء، فإنما يوجد شاذاً نادراً فمن ذلك ما ورد في القرآن الكريم.. "(٥)
بيان المراد من الشاهد وجه مقبول
قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن :" ويقال : الشاهد " القرآن " " يتلوه " يكون بعده تالياً شاهداً له.
(١) ينظر: معاني القرآن للنحاس ٣/٣٣٧، والمحرر الوجيز ٣/١٥٧، وتفسير القرآن العظيم للعز بن عبد السلام ١/١٠٤، ت عبد الفتاح با فرج : ج : أم القرى، والتسهيل لعلوم التنزيل ٢/١٠٣.
(٢) ينظر: المحرر الوجيز ٣/١٥٧، وتفسير القرآن العظيم للعزِّ بن عبد السلام ١/١٠٤.
(٣) ينظر: في هذا القسم من الإيجاز : الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني ١٨٤-١٨٧، والمثل السائر لابن الأثير ٢/١١٥- ١١٨، البلاغة فنونها وأفنانها للدكتور فضل عباس ص : ٤٧٠-٤٧٧.
(٤) ابن الأثير هو : نصر الله بن محمد بن محمد الشيباني الجزري، أبو الفتح بن الأثير، الأديب اللغوي، له : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، المعاني المخترعة، توفي سنة ( ٦٣٧هـ )، ينظر : السير ( ٢٣/٧٢ )، بغية الوعاة ( ٢/ ٣١٥ ).
(٥) المثل السائر ٢/١١٥.

قال أبو العالية : وإنما سميت مثاني لأنه يُثَنَّى بها كلما قرأ القرآن قرأها.(١)
قال ابن عباس : أم الكتاب لقد أخرجها الله لكم، فما أخرجها لأحد من قبلكم(٢)، فسميت مثاني ؛ لأنّ الله استَثْناها وادخرها لهذه الأمة "(٣)، فتكون المثاني من الاستثناء.
وقيل: لأنها ما أُثني به على الله تعالى ؛ لأن فيها حمد الله وتوحيده(٤)ذكره الزجاج(٥)فتكون المثاني من الثناء.
قال الزمخشري :" والمثاني، من التثنية وهي التكرير ؛ لأنّ الفاتحة مما تكرر قراءتها في الصلاة وغيرها، أو من الثناء لاشتمالها على ما هو ثناء على الله، الواحدة مثناة أو مثنية صفة للآية "(٦).
وقيل : لأنها مقسومة بين الله وبين العبد نصفين، نصفها ثناء ونصفها دعاء، كما رُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ -، قال : يقول الله عزّ وجلّ :( قسمتٌ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين )(٧)فتكون المثاني من جعل الشيء الواحد اثنين وذُكر غير ذلك.(٨)
(١) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٤/٦٨ وابن أبي حاتم في تفسيره ٧/٢٢٧٢.
(٢) رواه عنه أبو عبيد في فضائل القرآن ٢/٢٥٠، وعبد الرزاق في تفسيره ٢/٣٥٠ وابن جرير في تفسيره ١٤/٦٧ وروي نحوه عن ابن أبي مليكة ١٤/٦٩.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ٢/٥٩٥، ونسبه إلى مجاهد.
(٤) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٤/٤٠ وتفسير السمرقندي ٢/٢٦١، وزاد المسير ٤/٤١٣.
(٥) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٣/١٨٥.
وأورد هذا القول البغوي في تفسيره ٢/٥٩٥، وينظر : زاد المسير ٤/٤١٣.
(٦) الكشاف ٢/٥٨٧.
(٧) جزء من حديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، ح : ٨٧٨ ص : ١٦٧. وأورد هذا القول البغوي في تفسيره ٢/٥٩٥، وينظر : زاد المسير ٤/٤١٣.
(٨) ينظر : تفسير السمعاني ٣/١٤٩ وزاد المسير ٤/٤١٣.

وقول الحسين ـ رحمه الله ـ يخالف سياق الآية، فلو تُدُبِّر لوُجِدَ أنه لا يدل على تقدير الحسين وذلك ؛ لأن السياق سياق تهديد لا ترغيب فنذهب به إلى ما ذهب به الحسين، ومن المعلوم أن حذف جواب الشرط يدل على تعظيم الأمر وشدته في مقامات الوعيد، فحذف الجواب في مثل هذا أولى من ذكره، ليدل على عظمة المقام أنه لهوله وفظاعته لا يُعبَّر عنه(١)
سورة الإسراء
قال تعالى ﴿ وَقُلِ ك‰ôJutù:$# لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ çnِژةi٩x.ur تَكْبِيرًا ﴾ [ الإسراء : ١١١ ]
[ ٥١] قال الحسين بن الفضل :( يعني الذي عرَّفَني أنه ( لم يتخذ ولداً ).
الكشف والبيان للثعلبي(٢)ص٤٥١(٣).
الدراسة
لما أثبت سبحانه وتعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى نزه نفسه ـ سبحانه وتعالى ـ عن النقائص فقال :﴿ وَقُلِ ك‰ôJutù:$# لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ﴾(٤)فأمر الله نبيه محمد - ﷺ - بأن يحمده مع وحدانيته، ومعنى الحمد لله هو : الثناء عليه سبحانه بما هو أهله، ورب الأرباب لا ينبغي له أن يتخذ ولداً، قال تعالى ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ î‰xmr& (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ ô$ح#tƒ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ #³qàےà٢ ٧‰xmr& ﴾ (٣)(٥)
قال ابن تيمية :" وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمَّى به نفسه بين النفي والإثبات "(٦).
(١) ينظر في هذه القاعدة المذكورة : القواعد الحسان ص: ٤٦/٤٧
(٢) وافقه البغوي ٢/٧٢٥
(٣) ت : قارى خوشي محمد، ج : أم القرى.
(٤) ينظر : تفسير ابن كثير ٣/٦٩
(٥) ينظر : تفسير البغوي ٢/٧٢٥.
(٦) متن العقيدة الواسطية وشرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ١/١٤٥.

وقيل : هل تعلم من سُمِّي باسمه على الحق دون الباطل ؛ لأن التسمية على الباطل في كونها غير معتدٍّ بها كلا تسمية. (١)
وعندما ذكر الرازي هذا القول الأخير وذكر قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لا يسمى بالرحمن غيره، صوب قول ابن عباس بقوله:"هو الصواب ـ والله أعلم ـ"(٢).
أقولُ: والعلم عند الله ـ إن الأقوال ـ وفيها قول الحسين رحمه الله ـ متقاربة مع أن قول الحسين ـ رحمه الله ـ يقرب من قول الكلبي والزجاج إلا أن الحسين ـ رحمه الله ـ لم يخصص اسماً معيناً بل أخبرنا بأنه لا أحد يستحق بحق أن يسمى بأيٍٍّ من أسمائه تعالى. وقد وافق النحاس الحسين فقال :" وإنما المعنى هل تعلم أحدا يقال له هذا على استحقاق إلا الله لأنه الذي وسعت رحمته كل شيء وهو القادر والرازق " (٣). لأنه الرب وحده لا شريك له وكل من سواه مربوب له، وهو الخالق وغيره مخلوق وهو الغني وغيره الفقير.. فله سبحانه الكمال المطلق، وهو وحده المستحق للعبادة، وكل معبود سواه باطل وكل عبادة لغيره باطلة، فهل تعلم له مسامياً أو شبيهاً يستحق مثل اسمه ؟ فلا مثيل له سبحانه وتعالى، ولا يستحق أحد أن يسمى الله أو الرحمن سواه. ﴿ قُلِ (#qممôٹ$# اللَّهَ أَوِ (#qممôٹ$# الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ ٤سo_َ،çtù:$# ﴾ [الإسراء : ١١٠ ]. وهنا تجد السر في أن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن.
(١) الكشاف ٣/٣١ وينظر : تفسير الرازي ٢١/٢٠٥.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ٢١/٢٠٥.
(٣) معاني القرآن ٤/٣٤٦.

الغرض الثاني : موقع اللام في ( لتشقى ) : قال بعض النحويين أن هذه لام النفي وقال بعضهم هي لام الجحود (١). وقال النحاس، سمعت أبا الحسن بن كيسان (٢) يقول في مثلها : إنها لام الخفض والمعنى عنده : ما أنزلنا عليك القرآن للشقاء (٣).
الغرض الثالث : الأقوال التي قيلت في قوله ﴿ مَا $uZّ٩u"Rr& عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى ﴾ قال مجاهد : هي مثل قوله :﴿ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] فكانوا يعلقون الحبال في صدروهم في الصلاة (٤).
وعن قتادة : لا والله ما جعله الله شقياً، ولكن جعله رحمة ونوراً، ودليلاً إلى الجنة (٥).
وقال الضحاك : لما نزل القرآن على النبي - ﷺ - قام هو وأصحابه فصلوا، فقال كفار قريش : ما أنزل الله تعالى هذا القرآن على محمد - ﷺ - إلا ليشقى به(٦).
(١) ينظر: إعراب القرآن للنحاس ٣/٢٢ وتفسير القرطبي ١١/١٥٣.
(٢) أبوالحسن بن كيسان : محمد بن أحمد بن إبراهيم كيسان الحربي، أبو الحسن النحوي، له المهذب في النحو، معاني القرآن، توفي سنة ( ٢٩٩ هـ )، ينظر : السير ( ١٦/٣٢٩ )، بغية الوعاء (١/١٨).
(٣) إعراب القرآن ٣/٢٢.
(٤) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٦/١٥٩ وابن أبي حاتم في تفسيره ٧/٢٤١٥، وينظر : تفسير ابن كثير ٣/١٤١
(٥) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٦ /١٥٩ وابن أبي حاتم في تفسيره ٧/٢٤١٥، وينظر : تفسير ابن كثير ٣/١٤١
(٦) رواه عنه الواحدي في أسباب النزول ص : ٢٥٠، وينظر : تفسير ابن كثير ٣/١٤١ وزاد المسير ٥/٢٦٨.

وذهب الحسين ـ رحمه الله ـ إلى أن المراد بالذكر هنا هو محمدٌ - ﷺ -. وكون محمد - ﷺ - ذكراً لا إشكال فيه (١) لكن الإشكال فيما ذهب إليه الحسين من أن المراد بالذكر هنا هو محمدٌ ؛ لأن هذا من مسائل الاعتقاد، ويغلب على الظن أن الحسين فسَّر المحدث بالمخلوق ولذلك جعل الذكر هنا: محمد - ﷺ - والصواب أنه القرآن لقوله ﴿ مِنْ رَبِّهِمْ رضي الله عن ﴾ ومعنى محدث : أي محدث إنزاله والتكلم به من الله جل ّّ وعلاَّ، و الأدلة قامت على أن المراد بالذكر هنا هو القرآن ومنها :
دلالة قوله ﴿ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ ﴾ على أن المراد هو القرآن، ولو كان المراد محمداً - ﷺ - فعلى تأويل ﴿ اسْتَمَعُوهُ ﴾ استمعوا له (٢). وهذا بعيد.
١- وقرينة ﴿ اسْتَمَعُوهُ ﴾ ملاصقة لهذه الجملة وهي أقرب من القرينة التي استدل بها الحسين ﴿ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [ الأنبياء : ٣ ] وفي هذا محافظة على رونق المعنى
٢- القول بأن الذكر هو القرآن : تؤيده آيات قرآنية، وهو الأغلب من معاني الذكر في القرآن ولذا يقدم على غيره.
(١) ذكر الفقيه الدامغاني في كتابه ( إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم ص : ١٨٠-١٨٣ ثمانية عشر وجهاً للذكر، ومنها محمد - ﷺ -.
(٢) ينظر في أن المعنى عند من قال أن المراد هو النبيُّ - ﷺ - ( استمعوا له ) : المحرر الوجيز ٤/٧٣.

والمعنى : هل يذهبنَّ كيده وحيلته، وبيانه : فليختنق غيظاً حتى يموت، وليس هذا على سبيل الحتم، أي : أن يفعله ؛ لأنه لا يمكنه القطع والنظر بعد الاختناق والموت وهذا كما يقال للحاسد لم ترض هذا فاختنق ومت غيظاً.(١)
وقال السمرقندي في تفسيره :".. ولكن كلام العرب على وجه الاختصار يعني إن لم تثق بما أقول لك فاذهب فاختنق أو اجتهد جهدك "(٢)
وقال أبو حيان :".. قال هذا المعنى قتادة، وهذا على جهة المثل السائر قولهم ( دونك الحبل فاختنق ) يقال ذلك للذي يريد من الأمر مالا يمكنه "(٣).
وكأنَّ المثل يصوِّر الضيق الذي يصيب الحاسد المغتاظ الذي لا يرضه حال المحسود ولا يستطيع سلب ما هو فيه بالاختناق لأنه الضيق في اللغة.
وهذا المثل على المعنى الصحيح ؛ فذلك الذي لا يريد نصرة النبي - ﷺ - والقرآن واستفرغ فيه جهده وجاوز فيه كل حد، فقصارى أمره وعاقبة مكره أن يختنق حنقاً مما يرى من ضلال مساعيه وعدم إنتاج مقدماته ومباديه، كالحاسد الذي لم يرض بما أعطى الله المحسود واستنفذ وسعه وطاقته في سلب ذلك من المحسود لكن لاجدوى إذن : فليختنق ضيقاً حتى يموتَ كمداً.
وقبل ختم هذه الدراسة يُلحظ ملحظاً مهماً في هذا القول وهو ركاكة الأسلوب، فهل هذا النقل دقيق وهو عين قول الحسين فإن كان كذلك فلعله شابه شيء من تأثر اللغة في ذلك العصر(٤)وهذا مما لا يستطاع الجزم به لعدم التثبت من دقة النقل، والكلام يقع على الألفاظ المنظومة وعلى المعاني التي تحتها مجموعة. فهل قوله:( هذا كما يقول... ) متناسق؟ هذا فيه نظر.
(١) ينظر : تفسير البغوي ٣/٢٠٥.
(٢) ٢/٤٥٢ وينظر : معاني القرآن للنحاس ٤/٣٨٨.
(٣) البحر المحيط ٦/٣٣٢.
(٤) يراجع كتاب تاريخ الأدب العربي لأحمد الزيات ٢١٠-٢١٤.

وقال مقاتل بن حيان.(١): يستعففن عن الزنا(٢)
وهذا الشرط راجع إلى إكراه الفتيات على الزِّنا إذ إنه لا يتصور إكراههن إلا إذا
أردن التحصن (٣)، فآمر المطيعة للبغاء لا يسمى مكرهاً ولا أمره إكراهاً (٤).
فخرج على الغالب، وهذا هو اختيار النووي (٥)، وابن كثير (٦) وغيرهم.
وقال ابن العربي :" وإنما ذكر الله إرادة التحصن من المرأة ؛ لأن ذلك هو الذي يُصور الإكراه، فأما إذا كانت راغبة في الزنا لم يُتصور إكراه فحصَّلوه إن شاء الله"(٧)
قال ابن حجر :" لا مفهوم له بل خرج مخرج الغالب، ويحتمل أن يقال لا يتصور الإكراه إذا لم يردن التعفف لأنهن حينئذ في مقام الاختيار ". (٨)
وقال الشوكاني : وقيل إن هذا الشرط خرج مخرج الغالب لأن الغالب أن الإكراه لا يكون إلا عند إرادة التحصن، فلا يلزم منه جواز الإكراه عند عدم إرادة التحصن، وهذا الوجه أقوى الوجوه " (٩).
قال ابن عاشور :" وذكر ﴿ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB ﴾ لحالة الإكراه إذا إكراههم إياهن لا يتصور إلا وهن يأبين، وغالب الإباء أن يكون عن إرادة التحصن ". (١٠)
وقيل: وتوجيه قوله تعالى :﴿ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB ﴾ غير ذلك مما يضعف (١١) ـ والله أعلم بالصواب ــ.
(١) مقاتل بن حيان : النبطي، أبو بسطام البلخي، الخراز، مات قبيل (١٥٠ هـ ) بأرض الهند، ينظر السير (٦/٣٤٠ )، التقريب (٦٨٦٧ ).
(٢) رواه عنه ابن أبى حاتم في تفسيره ٨/٢٥٩٠.
(٣) ينظر : التسهيل لعلوم التنزيل ٣/٦٧.
(٤) تفسير النسفي ٣/١٤٦.
(٥) ينظر : شرح النووي ١٨/١٢٧.
(٦) ينظر : تفسيره ٣/٢٨٩.
(٧) أحكام القرآن ٣/٤٠٢، وينظر : تفسير القرطبي ١٢/٢٣٢.
(٨) فتح الباري ٤/٥٨١.
(٩) فتح القدير ٤/٣٧.
(١٠) التحرير والتنوير ١٨/١٨١.
(١١) ينظر : المحرر الوجيز ٤/١٨٢ وتفسير القرطبي ١٢/٢٣٢.

وقال مجاهد : ليس فيه شكٌّ في الحق. (١)
وقال مجاهد والحسن وقتادة وابن زيد: سليمٌ من الشرك، وزاد عبدا لرحمن بن زيد، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد(٢). وقول ابن زيد هذا هو الذي عليه أكثر المفسرين. (٣)
وقال الضحاك : المخلص(٤).
وقال القرطبي :" وهذا القول يجمع شتات الأقوال بعمومه وهو حسن، أي الخالص من الأوصاف الذميمة، والمتصف بالأوصاف الجميلة - والله أعلم -(٥)
وقال سعيد بن المسيب : القلب السليم هو القلب الصحيح وهو قلب المؤمن لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال تعالى :﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ [ البقرة : ١٠ ](٦)
(١) رواه عنه الثوري في تفسيره ١/٢٢٩، ولم يذكر ( في الحق )، وابن جرير في تفسيره ١٩/١٠٢ وابن أبي حاتم في تفسيره ٨/٢٧٨٣.
(٢) رواه ابن جرير في تفسيره ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن مجاهد والحسن ورواه الطبراني عن الحسن في الدعاء ١/٤٥٨
(٣) ينظر : تفسير السمعاني ٤/٥٥ وتفسير البغوي ٣/٣٦٣، وتفسير القرطبي ١٣/١٠٧، وفتح القدير ٤/١٣٣
(٤) رواه ابن جرير في تفسيره ١٩/١٠٢ وابن أبي حاتم ٨/٢٨٧٣ ورواه عنه الطبراني في الدعاء ١/٤٥٧.
(٥) تفسيرة ١٣/١٠٧.
(٦) ينظر : تفسير البغوي ٣/٣٦٣ وزاد المسير ٦/١٣١ وتفسير القرطبي ١٣/١٠٧ وتفسير ابن كثير ٣/٢٣٩ يراجع في تخصيص القلب بالذكر دون سائر الأعضاء : أحكام القرآن للجصاص ٥/٢١٤، وتفسير القرطبي ١٣/١٠٧

وقال مقاتل : عرفته ولكنها شبهت عليهم كما شبهوا عليها، فلو أنهم قالوا هذا عرشك لقالت نعم(١).
وهذا القول هو اختيار الحسين بن الفضل، وفي هذا دقة نظر الحسين بطرائق الكلام وتصرفاته.
ومسألة التشبيه لا إشكال فيها، لأن سليمان ـ - عليه السلام - ـ يريد أن ينظر إلى عقلها وكان فيها ثبات وعقل، ولها لب ودهاء وحزم، فلم تُقْدم على أنه هو لبعد مسافته عنها، ولا أنه غيره لما رأت من آثاره وصفاته وإن غير وبدل ونكر، فقالت ( كأنه هو ) أي يشبهه ويقاربه وهذه الإجابة منها في غاية الذكاء والحزم(٢)، ويدل على فطنتها وغزارة فهمها ؛ لأنها استبعدت أن يكون عرشها، فقد خلفته وراءها بأرض اليمن، ولم تكن تعلم أن أحداً يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب(٣).
قال الرازي :" أما قوله (أهكذا عرشك) فاعلم أنَّ "هكذا" ثلاث كلمات، حرف التنبيه، وكاف التشبيه، واسم الإشارة، ولم يقل أهذا عرشك، ولكن أمثل هذا عرشك لئلا يكون تلقيناً. فقالت : كأنه هو، ولم تقل هو هو ولا ليس به، وذلك من كمال عقلها حيث توقفت في محل التوقف ".(٤)
ويبقى قوله :( ولو قالوا لها هذا عرشك، لقالت : نعم )
فيُتوقف فيه لأن هذا يخالف روايتي مجاهد وابن زيد السابقتين، وصرح مقاتل والحسين بن الفضل بأنها عرفته فستجيب بنعم، وهذا يخالف القول الآخر في الآية وهو اشتباه الأمر عليها مع أنها لو قالت ( لا ) لكانت صادقة، لأنه نُكِّر، وقولها كأنه هو تجوز فصيح.(٥)
(١) زاد المسير ٦/١٧٧، وينظر : تفسير السمرقندي ٢/٥٨٤، وتفسير السمعاني ٤/١٠٠، وتفسير البغوي ٣/٤٠٤.
(٢) ينظر : تفسير ابن كثير ٣/٣٦٥.
(٣) ينظر : البداية والنهاية ٢/٣٣٦.
(٤) تفسيره ٢٤/١٧١.
(٥) ينظر في ( لو قالت لا، وما بعدها ) المحرر الوجيز ٤/٢٦١.

وهدى التوحيد شرط المجاهدة وهي متقدمة عليها، وهذا الهدى نور يقذفه الله تعالى في القلب بعد المجاهدة يستقر فيه.(١)
وإن كان من ناحية الإعراب، فما أيسر أن يقال :( الذين ) مبتدأ، خبره القسم المحذوف، وجوابه هو ( لنهدينهم ).(٢)
وإن كان من ناحية النظم : فإنه من روعته وانسجامه لا يملك القارئ إلا أن يقول: تنزيلٌ من حكيم حميد.
وإن كان من ناحية المعنى فقد تقدم
(١) ينظر : في هدى التوحيد وما بعدها : نوادر الأصول في أحاديث الرسول للحكيم الترمذي ١/١٤٥.
(٢) ينظر في هذا الإعراب : البحر المحيط ٧/١٥٥.

ولكن قد يكون لتضلُّع الحسين في علم المعاني وتعمقه فيه، دورٌ بارزٌ في مثل هذه الأقوال، وهذه هي الحال المتوقعة من تحكيم العربية دون الرجوع إلى القواعد السليمة التي لا بد للمفسر من السير وفقها، وكذلك الإلمام الواعي بالعلوم الأخرى المتعلقة بعلم التفسير.
وغير مستبعد أن يكون السبب الذي ألجأ الحسين إلى هذا القول هو المبالغة في تنزيه آدم ـ عليه السلام ـ والله تعالى أعلم ـ.
ويبقى أن فهم الآية لا يحتاج إلى تكلف أو تحميلها مالا تطيقه، لأنها جاءت على اللسان العربي المبين، ونحو هذا الكلام كثير في لسان العرب، وما جاء القرآن إلا على طرقهم وأساليبهم حتى قال بعضهم : الظلم كمين في النفس، العجز يخفيه، والقدرة تبديه، أو القوة تظهره والعجز يخفيه.(١)
(١) ينظر في هذا القول الأخير : كشف الخفاء ٢/٦٥.

ثالثها : كمن لم يزين له سوء عمله، والمعنى: ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ âنûqك™ ¾د&ح#uHxه çn#uنuچsù $YZ|،xm ﴾ من الفريقين اللذين تقدم ذكرهما، كمن لم يزين له، ثم كأن النبي - ﷺ - لما قيل له ذلك، قال : لا، فقيل :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ "د‰÷ku‰ur مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ ِNخkِژn=tم رضي الله عنN¨uژy£xm ﴾(١)
قال الشوكاني :" وهذا أولى لموافقته لفظاً ومعنى".(٢)
قال ابن تيمية :" قلت : نظير هذه الآية من المحذوف :﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ âنûqك™ ¾د&ح#uHxه çn#uنuچsù $YZ|،xm ﴾ كمن ليس كذلك إلى أن قال :" وقد قيل في هذه الآية أن المحذوف: ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ âنûqك™ ¾د&ح#uHxه ﴾ فرأى الباطل حقاً ؟ والقبيح حسناً كمن هداه الله فرأى الحق حقاً والباطل باطلاً والقبيح قبيحاً والحسن حسناً، وقيل : جوابه تحت قوله: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ ِNخkِژn=tم رضي الله عنN¨uژy£xm ﴾ : لكن يرد عليه أن يقال : الاستفهام ما معناه إلا أن تقدر. أي : هذا تقدر أن تهديه أو ربك، أو تقدر أن تجزيه كما قال ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [ الفرقان : ٤٣ ] ولهذا قال: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ "د‰÷ku‰ur مَنْ يَشَاءُ ﴾(٣).
... وبعد إمكانية هذه التقديرات، ولأدلةٍ دلت عليها، يستغنى عن قول الحسين بتقديم ما حقه التأخير أو تأخير ما حقه التقديم.
... وطالما أنَّ الآية واضحة المعنى، مفهومة المراد، من غير تقديم أو تأخير فلا داعي له. لبقائها على الأصل، وقد ناقشتُ القول في هذا الأسلوب فأرجو أن يكون الصواب فيما ذكرت.
... ولعل الدَّاعي لقول الحسين هو النظرة العربية البحتة ــ والله أعلم ــ.
(١) البرهان في علوم القرآن ٣/١١٢-١٣، وينظر: تفسير النسفي ٣/٣٣٦ وروح المعاني ٢٢/١٧٠.
(٢) فتح القدير ٤/٤٢٠.
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٥/٧٩.

فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ uچد‚y™ اللَّهُ مِنْهُمْ } [ التوبة : ٧٩ ]، وليس السُّخْرية من الله كمعناه من العباد وكذلك قوله ﴿ اللَّهُ ن-ح"÷kyJَ،o" ِNخkح٥ ﴾ [ البقرة : ١٥ ] ليس ذلك من الله كمعناه من العباد ففي ذلك بيان لكسر قول شريح(١)، وإن كان جائزاً، لأن المفسرين قالوا :" بل عجب يا محمد ويسخرون هم، فهذا وجه النصب "(٢).
والصحيح أنهما قراءتان مشهورتان بأيهما قرأ القارئ فمصيب مع اختلاف معنييهما، فقد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجب ربنا من عظم ما قاله المشركون في الله وسخر المشركون بما قالوه، والمعنى بالضم : بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكاً، وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون(٣)
(١) روى الفراء عن الأعمش قال : قرأتُ عند شُريح ( بل عجبتُ ويسخرون ) فقال : إن الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم. قال : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال : إن شُريحاً شاعر يعجبٌه علمه، وعبد الله أعلم بذلك منه. قرأها ( بل عجبتُ ويسخرون ) معاني القرآن ٢/٢٨٤، وروى عنه نحوه عبد الرازق في تفسيره ٣/١٤٨ وابن أبي حاتم في تفسيره ١٠/٣٢٠٦ /٣٢٠٧، والحاكم وصححه ٢/٤٦٦، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١٢/٤٩٢ :" وكان القاضي شُريح ينكر قراءة من قرأ ( بل عجبتُ ) ويقول : إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال : إنما شريح شاعر يعجبه علمه، كان عبد الله أفقه منه، فكان يقول :( بل عجبت ُ ) فهذا قد أنكر قراءة ثابته، وأنكر صفة دلَّ عليها الكتاب والسنة واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة."
(٢) معاني القرآن ٢/٣٨٤.
(٣) تفسير الطبري ٢٣/٥٣، بتصرف، وهنا تتجلى قاعدة : تنوع القراءات بمنزلة تعدد الآيات، ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٣/٣٩١/٣٩٢، وأضواء البيان ٢/٨ وقواعد التفسير ١/٨٨.

قال القاضي عياض :" وأما قصة داود - عليه السلام - فلا يجب أن يُلتفت إلى ما سطره فيه الأخباريون عن أهل الكتاب الذين بدَّلوا وغيَّروا، ونقله بعض المفسرين ولم ينصَّ الله على شيء من ذلك ولا ورَدَ في حديث صحيح، والذي نص الله عليه قوله `sكur ﴿ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ﴾ [ ص : ٢٤ ] إلى قوله :﴿ وَحُسْنَ مَآَبٍ ﴾ [ ص: ٢٥](١)
وقال ابن كثير في تفسيره :" قد ذكر المفسرون ههنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه... "(٢)
وقال في البداية والنهاية :" وقد ذكر كثير من المفسرين، من السَّلف والخلف، ههنا قصصاً وأخباراً أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوب لا محالة ".(٣)
وقال الشنقيطي :" واعلم أن ما يذكره كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة، مما لا يليق بمنصب داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به، ولا معوّل عليه، وما جاء منه مرفوعاً إلى النبي - ﷺ - لا يصح منه شيء ".(٤)
ولكي يستقيم التفسير على ضوء ما أوردوه، ذكروا أن المقصود بالنعجة هنا المرأة ودلَّلوا على ذلك من اللغة.(٥)
وإلى نفي ما أضيف في الأخبار إلى داود ذهب جمع من المحققين، وقيل إن الخصمين اللذين اختصما إليه رجلان في نتاج غنم على ظاهر الآية.(٦)
(١) الشفا ص : ٣٢٤.
(٢) ٤/٣١ ويراجع : كلام النحاس في معانيه ٦/٩٨.
(٣) ٢/٣٠٩.
(٤) أضواء البيان ٧/٢٤.
(٥) ينظر : مجاز القرآن ٢/١٨١ ومعاني القرآن وإعرابه ٤/٣٢٦، والدر المصون ٥/٥٣١. و يراجع معاني القرآن للفراء ٢/٤٠٣ ــ ٤٠٤، وتفسير الطبري ٢٣/١٦٩.
(٦) ينظر : الشفا ص : ٣٢٥.

يقال لَطَف به وله بالفتح يَلْطفُ لُطفاً إذ ارفق به(١)، واللطف : البر والتكرمة وأم لطيفة بولدها تُلْطف إلطافاً... وأنا لطيف بهذا الأمر، أي رفيق بمداراته(٢)ولَطُف الشيء يلْطُفُ لطَافة : أي صغُر فهو لطيف(٣).
وأصل اللطف في الكلام خفاء المسلك ودقة المذهب(٤)واللطيف من الكلام ما غمض معناه وخفي(٥)
واللطيف اسم فاعل من لطف، وهو من أسماء الله عزَّ وجلَّ وقد ورد في القرآن الكريم سبع مرات(٦)
قال ابن القيم في نونيته :
وَهْوَ اللَّطيفُ بعَبْدهِ وَلعبْدِهِ واللُّطْفُ في أوْصَافه نَوْعَانِ
إِدْرَاكُ أسْرَارِ الأُمُورِ بِخِبْرَةٍ َواللُّطْفُ عِنْدَ َمَواقعِ الِإحْسَانِ
فَيُرِيكَ ِعزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ وَالْعَبْدُ في الْغَفَلاَتِ عنْ َذا الشَّانِ(٧)
قال الخطابي :" ( اللطيف ) هو البَرُّ بعباده، الذي يلطف لهم من حيث لا يعلمون، ويسبِّب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون كقوله سبحانه ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ ¾دnدٹ$t٧دèخ/ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [ الشورى : ١٩ ](٨)
(١) لسان العرب ( لطف ).
(٢) العين ٤/٨٦.
(٣) الصحاح ( لطف ) وينظر : لسان العرب ( لطف ).
(٤) تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص : ٤٤.
(٥) لسان العرب ( لطف ).
(٦) هي( الأنعام : ١٠٣ ) ( يوسف : ١٠٠ ) ( الحج ٦٣ ) ( لقمان : ١٦ ) ( الأحزاب : ٣٤ ) ( الشورى : ١٩ ) ( الملك : ١٤ ) ويراجع في أركان الإيمان بأسماء الله القواعد الحسان ص : ٨٢.
(٧) ينظر في هذه الآبيات وشرحها القصيدة النونية للشيخ خليل هرَّاس ٢/١٠٠/١٠١، ويراجع في معنى اللطف وأثر الإيمان به : النهج الأسنى للنجدي ١/٢٥٩ -٢٦٥.
(٨) شأن الدعاء ص : ٦٢.

وقال العيني :" وفسر آسفونا بقوله أسخطونا، كذا فسره ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.. وقيل معناه أغضبونا وقيل خالفونا والكل متقارب "(١).
وما ذهب إليه الحسين من تفسير " " آسفونا " بـ " خالفونا " هو من باب بيان سبب الأسف والغضب، فلما كانوا خالفوا حدث الغضب والآسف عليهم.
(١) عمدة القاري ١٩/١٥٨.

قال الزمخشري: " أي : هو مطواع لهوى النفس يتبع ما تدعوه إليه فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه(١)، وأضاف أبو حيان:" ولهذا يقال: الهوى إله معبود "(٢).
سورة الجاثية
قال تعالى ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا $uZè؟$uٹxm الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا !$uZن٣د=÷kç‰ إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ y٧د٩¨x‹خ/ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [ الجاثية : ٢٤ ].
عن أبى هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - ﷺ - :(لا تسبُّوا الدَّهر فإنَّ الله هو الدهر )(٣)...
[ ٧٨ ] وقال الحسين بن الفضل :( مجازه : فإن الله هو مدهر الدهور )
الكشف والبيان ٨/٣٦٤(٤)
الدراسة
الدهر في الأصل اسم لمدة العام من مبدأ وجوده إلى انقضائه وعلى ذلك قوله تعالى :﴿ هَلْ ٤'sAr& عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ حچ÷d¤$!$# لَمْ يَكُنْ $Z"ّ‹x© مَذْكُورًا ﴾ [ الإنسان : ١ ] ثم يُعبرَّ به عن كل مُدَّة كثيرة، وهو خلاف الزمان، فإن الزمان يقع على المدة القليلة والكثيرة.(٥)
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - قوله - ﷺ - :( قال الله عزَّ وجلَّ: يؤذيني ابن آدم، يسبُّ الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلِّب الليل والنهار ).(٦)
(١) الكشاف ٤/٢٩١.
(٢) البحر المحيط ٨/٤٨.
(٣) رواه مسلم في صحيحه كتاب ( الألفاظ من الأدب وغيرها ) ح : ٥٨٦٦، ص : ٩٩٧. ورواه الثعلبي هنا بسنده.
(٤) ت : ابن عاشور.
(٥) المفردات ص : ١٧٩، وللاستزادة : يراجع : تهذيب اللغة ٢/١٢٤٠/١٢٤١.
(٦) رواه البخاري في صحيحه كتاب ( التفسير ) باب تفسير سورة حم الجاثية، ح : ٤٨٢٦، ص : ٨٥٤، ومسلم في الموضع السابق ح : ٥٨٦٣.

وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل فتكون ( من ) في قوله ﴿ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ لبيان الجنس والله أعلم.(١)
وقد قال ابن زيد : كل الرسل كانوا أولي عزم لم يتخذ الله رسولاً إلا كان ذا عزم، فاصبر كما صبروا.(٢)
ولا يخفى أنه على هذا القول يصح قول الحسين ـ رحمه الله ـ فكل الرسل أولو عزم، ثم يقال: إنَّ من هؤلاء من هو أخصُّ بهذه الصفة من غيرهم، وهم الخمسة، والله أعلم.
(١) تفسير ابن كثير ٤/١٧٢ وينظر : تفسير الرازي ٢٨/٣١ وتفسير القرطبي ١٦/١٨٨ والدر المصون ٦/١٤٥.
(٢) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٢٦/٤٥.

وقال النحاس :( وقيل الاستتثناء لمن مات منهم أو قتل )(١)
وهذا ما يتضمنه قول الحسين بن الفضل وجوَّز أن يكون الاستثناء من الدخول مع أن هناك من قال بل من الأمن، لأن الدخول لم يكن فيه شك(٢).
وأجاب ابن عطية بأنه لا فرق، لأن الله تعالى قد أخبر بهما ووقت الثقة بالأمرين فالاستثناء من أيهما كان فهو استثناء من واجب، ولا يخفى أن الحسين لم يجزم في قوله السابق ويقطع بأن الأستثناء من الدخول بل جوّزه، فكأنه علم بجواز غيره ـ والله أعلم ـ
قال الزمخشري: " وأن يريد: لتدخلن جميعا ًـ إن شاء الله ـ ولم يمت منكم أحد "(٣).
وقال الزركشي موافقاً لبعض قول الحسين: " وأما قوله ﴿ لَتَدْخُلُنَّ y‰إfَ،yJّ٩$# tP#uچysّ٩$# إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ ﴾ فالاستثناء مع تحقق الدخول تأدباً بأدب الله في المشيئة، والاستثناء من الداخلين، لا من الرؤيا، لأنه كان بين الرؤيا وتصديقها سنة، ومات بينهما خلق كثير، فكأنه قال : كلكم إن شاء الله ".(٤)
وقول الحسين في هذه الآية له وجهه وقوته، ولا يستبعد معناه في الاستثناء ـ والله أعلم -
ولقد ذكر ابن كثير في معنى قوله ﴿ لَتَدْخُلُنَّ y‰إfَ،yJّ٩$# tP#uچysّ٩$# إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ أن هذا لتحقيق الخبر وتوكيده وليس هذا من الاستثناء في شيء(٥)
ومعلوم أن اللغة تسوغ إباحة الاستثناء في الشيء المستقبل، وإن لم يشك في كونه لدلالة هذه الآية(٦)والاستثناء يكون في الواجبات التي لا بد من وقوعها.
(١) معاني القرآن ٦/٥١٢.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ٤/١٩٠.
(٣) الكشاف ٤/٢٧.
(٤) البرهان ٤/٢٢٠.
(٥) تفسيره ٤/٢٠١
(٦) ينظر : صحيح ابن حبان ٣/٣٢٢ والاستذكار ١/١٨٦ ولم يستدل بهذه الآية.

ذكر ذلك ابن عطية(١)وقال أبوحيان :" وهو تفسير حسن "(٢)والله تعالى أعلى وأعلم.
سورة الذاريات
قال تعالى ﴿ وَمَا خَلَقْتُ £`إgù:$# وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [ الذاريات : ٥٦]
[٨٣ ] قال الحسين بن الفضل :( هو الاستعباد الظاهر، وليس هذا على القدر؛ لأنه لو قدَّر عليهم عبادته لما عصوه ولما عبدوا غيره، وإنما هو كقوله تعالى :﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ uچ"|ءِ/F{$#ur وَالْأَفْئِدَةَ ِNن٣¯=yès٩ تَشْكُرُونَ ﴾ [ النحل : ٧٨ ] ثم قال :﴿ Wx‹د=s% مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [ السجدة : ٩ ] ﴿ ×@‹د=s%ur مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [ سبأ : ١٣ ] ووجه الآية في الجملة أن الله تعالى لم يخلقهم للعبادة خلق جبلَّة وإجبار، وإنما خلقهم خلق تكليف واختبار، فمن وفقه وسدَّده أقامه للعبادة التي خُلق لها، ومن خذله وطرده، حرمه إياها واستعمله لما خلقه له، كقوله - ﷺ - ( اعملوا فكلٌّ ميسرٌ لما خُلق له )(٣)والله أعلم ).
الكشف والبيان ١/٢٥١/٢٥٢(٤)
الدراسة
(١) المحرر الوجيز ٥/١٨١.
(٢) البحر المحيط ٨/١٤٠.
(٣) ت : فريدة بنت محمد الغامدي، ج : أم القرى.
(٤) رواه البخاري من طريق عمران بن الحصين بنحوه كتاب ( القدر )، باب : جفَّ القلم على علم الله ح : ٦٥٩٦ ص : ١١٤١ ومسلم عن علي - رضي الله عنه - بمثله مطولاً، كتاب ( القدر ) ح : ٦٧٣٣ ص : ١١٥٣.

قال تعالى ﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ |·دm¨uqxےّ٩$#ur إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ كىإ™¨ur دouچدےَّyJّ٩$# هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا (#ûq".u"è؟ أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [ النجم : ٣٢ ]
[ ٨٥] قال الحسين بن الفضل :( اللمم النظر من غير تعمُّد فهو مغفور، فإن أعاد النظر فليس بلمم وهو ذنب )
الكشف والبيان للثعلبي(١)٢/٣٥٩(٢)
الدراسة
الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر(٣)بنص القرآن والسنة وإجماع السلف.
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ |·دm¨uqxےّ٩$#ur إِلَّا اللَّمَمَ ﴾.
وأصل اللمم والإلمام : ما يعمله الإنسان الحين بعد الحين، ولا يكون إعادة، ولا إقامة(٤). وهي الصغائر التي لا يسلم منها إلا من عصمه الله.(٥)
(١) وافقه البغوي في تفسيره ٤/٢٦١ فيما ذكر، وابن الجوزي في زاد المسير ٨/٧٦ في قوله ( اللمم النظر من غير تعمد ) وابن القيم في مدارج السالكين ١/٣٢٤.
(٢) ت : فريدة الغامدي، ج : أم القرى.
(٣) يراجع دراسة قول الحسين بن الفضل في سورة النساء في هذا البحث.
(٤) تفسير البغوي ٤/٢٦٠.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ١٧/٩٤.

الأول : كونه غيرَ ظاهر اللفظ، فظاهر اللفظ يدل على أن الميزان الآلة التي يوزن بها.
الثاني : أن قوله بعدها ﴿ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾ لا يتناسب مع كونه القرآن.
الثالث : أن تفسيره بهذا فيه انفراد ؛ إذ لم يقل به غيره، والجمهور على خلافه. والله أعلم.
سورة الرحمن
قال تعالى ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [ الرحمن : ١٣ ]
[ ٩٠ ] قال الحسين بن الفضل: (التكرير لطرد الغفلة وتأكيد الحجة)
الكشف والبيان للثعلبي.(١)٢ /٤٧٨(٢)
الدراسة
فائدة التكرير توكيد التقرير بما لله تعالى من نعمة جمَّة على المخاطبين وتعريض بتوبيخهم على إشراكهم بالله أصناماً لا نعمة لها على أحد، وكلها دلائل على تفرد الإلهية.(٣)
قال ابن قتيبه :" وأما تكرار الكلام من جنس واحد وبعضُه يجزئ عن بعض، كتكراره في ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [ الكافرون : ١ ] وفي سورة الرحمن فقد أعلمتك أن القرآن نزل بلسان القوم، وعلى مذاهبهم، ومن مذاهبهم التكرار : إرادة التوكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار : إرادة التخفيف والإيجاز، لأن افتتان المتكلم والخطيب في الفنون، وخروجه عن شيء أي شيء ـ أحسن من اقتصاره في المقام على فن واحد وقد يقول القائل في كلامه : والله لا أفعله، ثم والله لا أفعله، إذا أراد التوكيد وحسْم الأطماع من أن يفعله. كما يقول : والله أفعله، بإضمار ( لا ) إذا أراد الاختصار "(٤).
(١) وافقه القرطبي ١٧/١٤٠ والشوكاني في فتح القدير ٥/١٦٦ وابن عاشور في التحرير والتنوير٢٧/٢٣٠.
(٢) فريدة الغامدي، ج : أم القرى.
(٣) ينظر : التحرير والتنوير ٢٧/٢٣٠.
(٤) تأويل مشكل القرآن ص : ١٤٩/١٥٠.

وقال البيهقي في ( الاعتقاد ) :" الأول هو الذي لا ابتداء لوجوده، الآخر هو الذي لا انتهاء لوجوده.. الباطن هو الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية وقد يكون الظاهر بمعنى العالم بما ظهر من الأمور، والباطن بمعنى المطلع على ما بطن من الغيوب وهما من صفات الذات "(١)
وفي نونية ابن القيم:
هُوَ أَوَّلٌ هُوَ آخرٌ قَادرٌ مُتَكَلِّمٌ هُوَ بَاطِنٌ هيَ أَرْبَعٌ بِوزَانِ
مَا قَبْلَهُ شَيْءٌ كَذَا مَا بَعْدَهُ شَيْءٌ تَعَالى الله ذُو السُّلْطَانِ
مَا فَوْقهُ شَيْءٌ كَذَا مَا دُونَهُ شَيْءٌ وَذَا تَفْسيُر ذي الْبُرْهَان
فَانْظُرْ إلَى تَفْسيرِه بِتَدَبُّرٍ وتَبَصُّرٍ وَتَعَقُّلٍ لمََعَانِ
فَانْظُرْ إلَى مَا فِيهِ مِنْ أنْوَاعِ مَعـ ــــــرِفَةٍ لِخَالقِنَا الْعَظِيمِ الشَّانِ(٢)
ــ
فهذه أربعة أسماء متقابلة في الزَّمان والمكان، تفيد إحاطة الله سبحانه وتعالى بكل شيء أولاً وآخراً، وكذلك في المكان، ففيه الإحاطة الزمانية والإحاطة المكانية.(٣)
وفي قول الحسين بن الفضل هو الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء فواضح.
فالأولية مطلقة، ولا نهاية لآخريته سبحانه وتعالى.
وأما قوله ( والظاهر بلا اقتراب ) فلعل المعنى أنه عالٍ على كل شيء ولكنه معنا بعلمه بلا اقتراب منا بذاته.
(والظهر خلاف البطن، والظاهر هو خلاف الباطن، والظهير : المعين، ومنه قوله تعالى ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ y٧د٩¨sŒ يژچخgsك ﴾ [ التحريم : ٤ ] وَظهَر الشيء بالفتح ظُهُوراً : تبيَّن. وظهرتُ على الرجل : غلبته، وظهرت البيت : علوته )(٤)
وقوله ( الباطن بلا احتجاب )
(١) ص : ٦٣-٦٤.
(٢) ينظر في الأبيات وشرحها : شرح العقيدة النونية للشيخ هرَّاس ٢/٧٢-٧٥
(٣) ينظر في هذا وفي فوائد تتعلق بالآية : شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ٢/١٨٠-١٨٣.
(٤) ينظر: الصحاح: ( ظهر ).

وذكر القرطبي أن هذا هو ما عليه الأئمة والجمهور من الأمة(١).
قال ابن تيمية :" وتؤمن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره.
والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين : الأولى : الإيمان بأن الله علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلاً، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق، فأول ما خلق الله القلم قال له : اكتب، قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، جفت الأقلام وطويت الصحف "(٢)
إلى أن قال :" فما مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه لا خالق غيره ولا رب سواه، ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسوله ونهاهم عن معصيتة. وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد والعباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي - ﷺ - مجوس هذه الأمة ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات حتى سلبوا العبد قدرته واختياره، ويُخرجون عن أفعال الله وأحكامه حِكَمها ومصالحها "(٣).
(١) ينظر : تفسيره ١٨/١٢٠.
(٢) متن التنبيهات السنية ص : ٢٤٧ /٢٤٨/٢٥٠.
(٣) المصدر السابق ص : ٢٥٦ - ٢٦٠.

قال الشيخ ابن عثيمين: " وذلك في يوم القيامة فإنهم يحجبون عن رؤية الله عزّ وجلّ كما حُجبوا عن رؤية شريعته وآياته، فرأوا أنها أساطير الأولين" (١).
(١) تفسير جزء عم ص : ١٠٠.

وأمَّا عمَّن يُسأل ـ والعلم عند الله ـ أن الكل يُسأل ( المؤمن والكافر) فسؤال الكافر سؤال توبيخ وسؤال المؤمن سؤال إكرام وتشريف(١)قال القرطبي :" قلتُ : هذا القول حسن "(٢)
والشاهد في هذه الآية هو ما قاله الحسين فإنه يدخل في النعيم نعمة التشريع والتخفيف عمَّا كان على الأمم الماضية، وفي مقدمة النعم نعمة الإسلام ومصدرها القرآن وتيسيره من أجلِّ النعم قال تعالى :﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ ٨luچxm ﴾ [ الحج: ٤٨ ] وقال تعالى :﴿ وَلَقَدْ $tRِژœ£o" الْقُرْآَنَ حچّ. دe%#د٩ فَهَلْ مِنْ ٩چد.£‰-B ﴾ [ القمر : ١٧ ] والقرآن من النعم التي سيسأل عنها العبد قال تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ t$ِqy™ur تُسْأَلُونَ ﴾ [ الزخرف : ٤٤ ].
والظاهر أنَّ النعيم عامٌّ، وما ذُكر من الأقوال فهي أمثلة لنوعٍ من النعيم، ومن ثَمَّ يكون قول الحسين مثالاً من أفراد هذا العموم.
وإذا كان الظاهر في الآية أنها على العموم فهي تتضمن قول الحسين، ولعل الأقوال المتقدمة أوضح في المعنى ـ والله تعالى أعلم ـ قال القرطبي :" والأقوال المتقدمة أظهر ـ والله أعلم ـ "(٣).
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٣٠/١٦٤ والبحر المحيط ٨/٥٠٦ وأضواء البيان ٩/٤٨٦ وجزء في تفسير جزء عَم َّ لابن عثيمين ص : ٣٠٦.
(٢) تفسيره ٢٠/١٦٥ وقد ناقش ذلك ابن القيم - رحمه الله - فليراجع التفسيرالقيِّم لابن القيِّم ص : ٥١٨-٥٢٠ من أراد إتمام الفائدة.
(٣) المصدر السابق ٢٠/١٦٦.

وقال القرطبي :" قلتُ : أصح هذه الأقوال الأول والثاني، لأنه ثابت عن النبي - ﷺ - نص في الكوثر، ... وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه رسول الله - ﷺ - زيادة على حوضه - ﷺ - تسليماً كثيراً "(١)
وقال أبو حيان :" وينبغي حمل هذه الأقوال على التمثيل لا أن الكوثر منحصر في واحد منها ".(٢)
قال ابن تيمية " وقوله تعالى ﴿ إِنَّا y٧"sYّ‹sـôمr& uچrOِqs٣ّ٩$# ﴾ تدل هذه الآية على عطية كثيرة صادرة عن معط كبير غني واسع " إلى أن قال :" وحذف موصوف الكوثر ليكون أبلغ في العموم، لما فيه من عدم التعيين، وأتى بالصفة أي أنه سبحانه وتعالى قال ﴿ إِنَّا y٧"sYّ‹sـôمr& uچrOِqs٣ّ٩$# ﴾ فوصفه بالكوثر، والكوثر المعروف إنما هو نهر في الجنة كما وردت به الأحاديث الصحيحة الصريحة، وقال ابن عباس : الكوثر إنما هو من الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه، وإذا كان أقل أهل الجنة من له فيها مثل الدنيا عشر مرات، فما الظن بما لرسول الله - ﷺ - مما أعده الله له فيها، فالكوثر علامة وأمارة على تعدد ما أعده الله له من الخيرات واتصالها وزيادتها أو سمو المنزلة وارتفاعها، وإن ذلك النهر وهو الكوثر أعظم أنهار الجنة وأطيبها ماء، وأعذبها، وأحلاها وأعلاها".(٣)
والذي تطمئن إليه النفس أن الكوثر، هو الخير الكثير ولا شكَّ في كون النهر والحوض من جملته بل إنهما من أولى ما يدخل فيه ـ والعلم عن الله تعالى ـ.
(١) تفسيره ٢٠/٢٠١.
(٢) البحر المحيط ٨/٥٢١.
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٦/٥٢٩/ ٥٣٠.

وذهب القرطبي(١)وابن عطية(٢)وغيرهما إلى أن الصحيح هو ما ذهب إليه الزجاج وغيره.
بل أطبق عليه أهل اللغة وجمهور أهل التفسير.(٣)
قال ابن تيمية في تفسير ( الصمد ) :" والاسم ( الصمد ) فيه للسلف أقوال متعددة قد يُظن أنها مختلفة وليس كذلك، بل كلها صواب. والمشهور منها قولان : أحدهما : أن الصمد هو الذي لا جوف له.
والثاني : أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج، والأول هو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين وطائفة من أهل اللغة، والثاني قول طائفة من السلف والخلف، وجمهور اللُّغويين، .. "(٤).
قال ابن كثير :" وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب ( السنة ) له بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصمد: وكلُّ هذه صحيحةٌ وهي صفات ربنا عز وجل هو الذي يصمد إليه في الحوائج وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه.."(٥)
وإن كان الأمر كذلك فقول الحسين الأول يقرب من قول قتادة ( الدائم ) والثاني صحيح في نفسه بلا شك وهو من لوازم معنى الصمَّد، لكن كونه تفسيراً للصمد فلعلَّ هذا لا يدل عليه معنى (الصمد ) لغة إلا أنه من صفات ذلك الإله الذي يُصْمَدُ إليه في الحوائج وهو متعلق بقول ابن عباس ( السيد الذي قد كمل في سُؤدده، والشريف.. ) ـ والله أعلم ـ.
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٥٣٦.
(٢) ينظر : تفسيره ٢٠/٢٢٦.
(٣) ينظر : فتح القدير ٥/٦٦١.
(٤) مجموع الفتاوى ١٧/٢١٤ وقد أطنب شيخ الإسلام في ذكر الأقوال، وذكر معنى هذا الاسم لغة، وتوسع في بحثه توسعاً طيباً ينظر : المصدر السابق ١٧/٢١٤ وما بعدها.
(٥) تفسيره ٤/٥٧٠.

=... ١/٢/٣... /٥٥/٦٥
=... ٥
٧٧... الزلزلة
=... ٥
٧٨... التكاثر... ٨
٧٩... الكوثر... ١/٢/٣... /٤١٢
٨٠... الكافرون... ١
=... ٢
٨١... الإخلاص... /٢/٣... /٤١٤
٨٢... الفلق
***
ـ (قسمتٌ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)............................................... ٢٣١
ـ ( كان النبي - ﷺ - يقرأ في الفجر في يوم الجمعة :)......................................... ٧٧
ـ ( كان أوَّل ما بُدئ به الرَّسول - ﷺ - الرُّؤيا الصّادقة...).................................... ٥٣
ـ (كان النبي - ﷺ - إذا صلى قام على رِجل ورفع الأخرى)............................ ٢٤٨
ـ (لا تسبُّوا الدَّهر فإنَّ الله هو الدهر)........................................................... ٣٢
ـ (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان...)............................. ١٣٩
ـ (لكنِّي أدري ما يوم الجمعة، لا يتطهر الرجل...)........................................ ٤٠
ـ (لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك)......................................................... ٣٤٦
ـ (لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات و...)......................................... ١٩٣
ـ (لا يقولنَّ أحدُكم يا خيبةَ الدَّهر،...)..................................................... ٣٣٢
ـ (لعن الله من غير منار الأرض)............................................................... ١٤٦
ـ (... ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة)................................................ ٤٠٨
ـ (ما أصر من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة).................................. ١٣٧
ـ (ما من أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ، أو...)............................................. ١٢١
ـ (مالم تغش كبيرة)................................................................................. ١٤٢
ـ (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة،... )....................................... ١٣٩
٢٤... ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ (#ûqكJn=sك أَنْفُسَهُمْ ﴾ وهم يعلمون أن لهم رباً يغفر الذنوب، وإنما اقتبس هذا من قول النبي - ﷺ - :"من أذنب ذنباً وعلم أن له رباً يغفر الذنوب غفر له وإن لم يستغفر".... ١٣٣
٢٥... ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا tچح !$t٦ں٢ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ ﴾... ما سمَّاه الله في القرآن كبيراً أو عظيماً نحو قوله ﴿ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا #[ژچخ٦x. ﴾ ﴿ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ $Z"ôـ½z #[ژچخ٦x. ﴾ ﴿ إِن x٨ِژإe³٩$# لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ ﴿ إِنْ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ ﴿ y٧sY"ysِ٦ك™ هَذَا ي`"tG÷kو٥ عَظِيمٌ ﴾ ﴿ إِنْ ِNن٣د٩¨sŒ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾... ١٣٩
٢٦... ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ ﴾ قال ابن عباس: "ومن يكفر بالله".... ١٥٢
قال الحسين بن الفضل : إن صحَّت هذه الرواية كان معناه (بربِّ الإيمان).
٢٧... ﴿ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ يجوز أن لا يكون ندمُ قابيل توبةً له، ويكون ندم هذه الأمة توبة لها؛ لأنَّ الله تعالى خصَّ هذه الأمة بخصائص لم يشركهم فيها غيرهم من الأمم، وفيه قول آخر وهو أنَّ ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل، وإنما كان ندَمُه على حمله.. ،، ... ١٥٥
٢٨... ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ $w‹د٩ur حچدغ$sù دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾ معناه هو القادر على الإطعام وترك الإطعام كقوله ﴿ يَبْسُطُ s-ّ-حhچ٩$# لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾.... ١٥٨
٢٩... :﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ ِNخkحh٥u' وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ يعني يتولاهم في الدنيا بالتوفيق وفي الآخرة بالجزاء... ١٦١
٣٠... ْüدJtم ﴿ ڑ ﴾ في البصائر يقال : رجل عمٍ عن الحق وأعمى في البصر. وقيل: العمي والأعمى واحد كالخضر والأخضر.... ١٦٣
٧٤، ٩٧، ١٠١، ١١٠، ١١٧، ١٢٩، ١٣٥، ١٥٤، ١٥٧، ١٦٤، ١٦٧، ١٧٦، ١٩١، ٢١١، ٢١٥، ٢٢٣، ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٥٥، ٢٧٠، ٢٧٥، ٣٠٣، ٣١٩، ٣٣١، ٣٤٦، ٣٥٣، ٣٦٤، ٣٩٤، ٤٠٥، ٤١٢.
أبو الدرداء:
٣٧٣.
أبو زكريا العنبري:
٢٠.
أبو زكريا يحيى بن زياد:
٤٣.
أبو سعيد الخدري:
٢٠٩، ٣٨٦.
أبو سعيد الدارمي:
١٨٢.
أبو سعيد الضرير:
٢٠.
أبوشهبة:
٣٠٤.
أبو صالح:
٥٩، ٢١٩.
أبو طالب:
٣٢، ٨٥، ١٩٩، ٢٠٠، ٢٠١، ٢٠٢.
أبو العالية:
٤٨، ٢٣٠، ٢٣٢، ٣١١، ٣٨٩، ٤١٥.
أبوعبيد القاسم بن سلام:
١٣، ٣٣٣، ٣٣٤.
أبو عبيدة:
٦٣، ٦٤، ٧٨، ٨٧، ٩٤، ١٠١، ١٢٠، ١٨٨، ٢٠٥، ٢٣٠، ٢٤٢، ٢٤٦، ٢٥١، ٣٠٥، ٣٢٨، ٣٤٢، ٤١٥.
أبوعثمان النيسابوري:
٢٨٠.
أبو علي الفارسي:
٢٤٩.
أبو القاسم بن حبيب:
٣٤، ١٠٦، ١١٩، ١٢١.
أبو محمد بن عاشور:
٦.
أبو المعالي الجويني:
١٤٠، ١٤٤، ١٤٥.
أبو ميسرة:
٥٢، ٥٤، ٢٣٣
أبو هريرة:
، ٤٩، ٥١، ٧٧، ١٢٢، ١٣٠، ١٣٦، ١٣٧، ١٣٩، ١٤٦، ١٨٠، ١٩٢، ٢٣٠، ٢٣١، ٢٣٢، ٢٩٧، ٣٣٢، ٣٣٣، ٣٥٥، ٣٥٦، ٣٦٣، ٣٧٥، ٣٧٩، ٣٩٩، ٤٠٨.
أبو يعلى الموصلي:
١٢٢.
أبيُّ بن كعب:
٢٢٦، ٢٢٨.
أحمد بن حنبل:
٨٧، ١٢٢، ١٣٩، ١٩٤.
أحمد بن شعيب:
١٦.
أحمد بن يحيى:
١٣١.
الأخفش:
٩٧، ٢٤٩.
الأزهري:
٨٤، ١٣١، ١٥٩، ١٦٣، ٣٣٤.
إسحاق بن راهوية:
٢٠.
إسرائيل بن إسحاق:
٥٤، ٢٤٣.
إسماعيل عليه السلام:
٣٥٩.
إسماعيل بن أبان:
١٥.
أشهب العقيلي:
١٥٨، ١٥٩.
الأصم:
١٢٨.
الأعمش:
١٥٩
الألباني:
١٢٣، ١٣١.
الآلوسي:
٧٥، ١٠١، ١١٧، ١٢٥، ٢٠١، ٢٧٦، ٢٩٣.
أنس بن مالك:
١٣١، ١٥١، ٣٨٥، ٤١٠.
الأوزاعي:
١٨١.
البخاري:
٥١، ٨٦، ١٢٧، ١٣٠، ١٥١، ٢٣٠، ٢٩٧، ٣٠٥، ٣٢٧، ٣٤٤، ٣٤٧، ٣٤٨، ٣٧٥، ٣٧٧، ٤٠٠، ٤٠٧، ٤١٠، ٤١٤.
البراء بن عازب:
٢٠٠.
البغوي:
٤٨، ١٠٧، ١٥٣، ١٦٤، ١٧٥، ١٩٠، ١٩٤، ١٩٨، ٢٣٣، ٢٤١، ٢٥٢، ٣١٥، ٣٢٥، ٣٢٨، ٣٣٧، ٣٥٠، ٣٨٦، ٣٩٣، ٤٠٥، ٤١٢.
البيضاوي:
٩١، ١٦٠، ١٧٦.
البيهقي:
٥٢، ٥٣، ٥٩، ٢٣٣، ٣٨١.
الترمذي:
١٣٠، ١٣٧، ١٨٦، ٢٣٠.
ثعلب:
٩٠.
الثعلبي:
٢١- الاستيعاب في أسماء الأصحاب : أبو عمر يوسف بن عبد البر القرطبي، طبع بهامش الإصابة في تمييز الصحابة، ط الأولى - ١٣٢٨ هـ.
٢٢- أسرار البلاغة : عبد القاهر الجرجاني، شرح وتعليق : محمد عبد المنعم الخفاجي، مكتبة القاهرة، ط الثالثة – ١٣٩٩ هـ.
٢٣- أسرار التكرار في القرآن : محمود بن حمزة الكرماني، تحقيق : عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، ط الثانية – ١٣٩٦ هـ.
٢٤- الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير : د. محمد بن محمد بن شهبة، دار الجيل، ط الأولى – ١٤١٣ هـ.
٢٥- الأسماء والصفات: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق : عبد الله بن محمد الحاشدى، مكتبة السوادي للتوزيع، ط الأولى ٤١٣ هـ.
٢٦- الأشباه والنظائر: مقاتل بن سليمان البلخي، تحقيق : د. عبد الله بن محمد شحاتة، الهيئة المصرية للكتاب، ط الثانية – ١٣٩٥ هـ.
٢٧- الاشتقاق : أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، تحقيق : عبد السلام بن محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ط الثالثة.
٢٨- الإصابة في تمييز الصحابة : أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ط الأولى ١٣٢٨ هـ.
٢٩- إصلاح غلط المحدثين: حمد بن محمد الخطابي، تحقيق : د. محمد بن علي الرديني، دار المأمون للتراث، دمشق، ط الأولى - ١٤٠٧ هـ.
٣٠- إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم أو قاموس القرآن : الفقيه الدامغاني، تحقيق : عبد العزيز سيّد الأهل، دار العلم للملايين، بيروت، ط الثانية -١٣٣٨ هـ.
٣١- أصول السنة: أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيبباني، دار المنار، الخرج، السعودية، ط الأولى – ١٤١١ هـ.
٣٢- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : محمد الأمين المختار الشنقيطي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ١٤١٣ هـ.
٣٣- الاعتقاد : أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق : أحمد عصام الكاتب، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط الأولى – ١٤٠١ هـ.
٣ـ أسلوب الحذف:.................................................................................... ٣٢
٤ـ أسلوب التقديم والتأخير:...................................................................... ٣٢
٤ـ أسلوب التقديم والتأخير:...................................................................... ٣٣
٥ـ أسلوب الإضمار:................................................................................. ٣٤
المبحث الرابع:
بيان المشكل عند الحسين:.......................................................................... ٣٥
المبحث الخامس:
منهجه في الاختيار والاستدلال:................................................................. ٣٧
١ـ استخدام أساليب اللغة:........................................................................ ٣٧
٢ـ استخدام السياق القرآني:...................................................................... ٣٧
اعتماده على عصمة الأنبياء:...................................................................... ٣٨
اعتماده على بعض علوم القرآن:............................................................... ٣٨
المبحث السادس:
منهجه في الاستنباط:................................................................................. ٤١
المبحث السابع:
موازنة بين منهجه ومنهج الفراء:............................................................... ٤٣
القسم الثاني:
أقوال الحسين بن الفضل في التفسير ودراستها:............................................ ٤٨
سورة الفاتحة:.......................................................................................... ٤٨
ـ مكية أم مدنية؟......................................................................................... ٤٨


الصفحة التالية
Icon