... توقفت الفتوحات وتناقصت أعمال الجهاد، إلا أنه نتيجةً لما جاء من أموال بسبب الفتوحات السابقة ؛ فإن مظاهر الحضارة قد بدأت تنحو منحىً جديداً، فالذين تمسكوا بأسس الحضارة الصحيحة قد انصرفوا نحو العلم فأنتجوا، وعاش آخرون في الترف واتجهوا نحو مظاهر الحضارة الكمالية فكان البناء، والعمران، والزراعة، والتجارة، وإن كان معظم ذلك يتمُّ بأيدِ غير أيدي السكان الأصليين من رقيق وزنج جُلبوا إلى المنطقة، وانصرف آخرون أيضاً نحو مظاهر الحضارة التَّرفيهية، فعاشوا في الغناء والموسيقى والشراب، ونتيجة الترف بدأت الحضارة تتراجع تدريجياً حتى قضى ذلك على الدولة العباسية، إذ إنَّ أسس الحضارة في الأمن والعدل والمساواة واحترام الإنسان قد بدأت تتراجع، ومع زوال الأسس والأصول تداعت الأغصان والفروع وتساقطت الثِّمار وبعضها لم ينضج بعد وبعضها قد جفَّ ويبس(١).
وخلاصة القول: إن الحالة الاجتماعية في العصرين العباسيين الأول والثاني كانت حياة ترف وإسراف وقد أدى ذلك إلى ضعف الدولة العباسية.
... ولعل الحسين بن الفضل كان بعيداً عن هذه الحياة كما سيتضح هذا من دراسة شيء من حياته.
٣- الحالة العلمية :
... بعد ما قدمته بإيجاز شديد عن الحالة السياسية والاجتماعية في العصر العباسي أتحدث عن ما له كذلك صلة بموضوع البحث وهي الحالة العلمية، فلقد أطلق المؤرخون على هذه الفترة من التاريخ الإسلاميِّ العصر الذهبي، حيث كانت نهضة علمية ليس لها مثيل في تاريخ الإسلام، ولا غروَ فإن الإسلام قد أذكى جذوة المعرفة في نفوس العرب إذ دفعهم دفعاً قوياً إلى العلم والتعلم.

(١) ينظر المصدر السابق، (ص٥/٣٥/٣٦).

قال ابن عباس: " هما اسمان رقيقان أحدهما أرقُّ من الآخر أي أكثر رحمةً ".
وقال الحسين بن الفضل البجلي: (هذا وهم من الراوي، لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر، والرفق من صفات الله ـ عزَّ وجلَّ ـ قال النبي - ﷺ - :(إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف).
فهنا استشهد الحسين بالحديث في تصحيح القول المنسوب لابن عباس.
ب - في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ (#ûqكJn=sك أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ ڑcqكJn=÷ètƒ ﴾ [آل عمران: ١٣٥].
قال الحسين بن الفضل: (وهم يعلمون أنَّ لهم رباً يغفرُ الذُّنوب، وإنما اقتبس هذا من قول النبي - ﷺ - :(من أذنب ذنباً وعلم أن له رباً يغفر الذنوب غفر له وإن لم يستغفر).
فربط الآية بالحديث من خلال المعنى الذي ذكره، وجعل تفسير الآية مقتبساً من الحديث.
ج - في قوله: ﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا !$uZّ٩u"Rr& إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ tbrâنuچّ)tƒ الْكِتَابَ مِنْ y٧د=ِ٦s% لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ y٧خn/

' فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ tûïخژyIôJكJّ٩$# ﴾ [يونس: ٩٤].

قال الحسين بن الفضل :(إنْ مع حروف الشرط لا يثبت الفعل، والدليل عليه ما روي أن الرسول - ﷺ - قال لما نزلت هذه الآية : قال ( والله لا أشك ولا أسأل).
فهنا استشهد بالحديث على بيان معنى إنْ، واستدل بأنها نافية في هذا الموضع بالحديث الذي نفى الشك عنه بلا النافية، فربط الآية بالحديث من خلال بيان معنى الحرف.
د - في قوله تعالى ﴿ بَلْ |Mِ٧إftم وَيَسْخَرُونَ ﴾ [ الصافات: ١٢].
... هذه من أسماء الفاتحة وسُميت بأم(١)القرآن، لتقدُّمها على سائر سور القرآن غيرها وتأخُّر ما سواها خلفَها في القراءة والكتابة(٢)، وكذلك سُميت مكة بأم القرى لتقدمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها وقيل: إنَّما سُميت بذلك لأنَّ الأرض دُحيت منها فصارت لجميعها أمَّا(٣).
... وقد وافق الحسين ـ رحمه الله ـ غيره من العلماء في بيان سبب التسمية.
وقال البخاري(٤)في أول كتاب التفسير: "وسُميت أم الكتاب إنه أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءَتها في الصلاة "(٥).
* هل ما هي أول سورة أُنزلت؟
[ ٣ ] قال الحسين بن الفضل :
(لأنَّها أوَّل سورة نزلت من السَّماء) (٦)
... الكشف والبيان ١/٦٠٤ (٧).
الدراسة

(١) ينظر في سبب التسمية: مجاز القرآن لأبي عبيدة ١/٥ وتفسير البغوي ١/١، وتفسير القرطبي ١/١٥٠ وتفسير الرازي ١/١٧٩، وتفسير ابن كثير ١/٩.
(٢) تفسير الطبري ١/٥٦.
(٣) المصدر السابق.
(٤) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجُعفي، أبو عبد الله البخاري، جبل الحفظ، وإمام الدنيا في فقه الحديث، صاحب الصحيح توفي سنة (٢٥٦ هـ)، ينظر : تهذيب الكمال ( ٦/٢٢٧) التقريب ( ٥٧٢٧ ).
(٥) فتح الباري ٨/١٩٧ باب ما جاء في فاتحة الكتاب.
(٦) أورد الثعلبي هذا القول في سبب تسميتها بفاتحة الكتاب
(٧) ت : خالد العنزي، ج : أم القرى.

... هذه من أسماء الفاتحة وسُميت بأم(١)القرآن، لتقدُّمها على سائر سور القرآن غيرها وتأخُّر ما سواها خلفَها في القراءة والكتابة(٢)، وكذلك سُميت مكة بأم القرى لتقدمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها وقيل: إنَّما سُميت بذلك لأنَّ الأرض دُحيت منها فصارت لجميعها أمَّا(٣).
... وقد وافق الحسين غيره من العلماء في بيان سبب التسمية.
وقال البخاري(٤)في أول كتاب التفسير: "وسُميت أم الكتاب إنه أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءَتها في الصلاة "(٥).
* هل هي أول سورة أُنزلت؟
[ ٣ ] قال الحسين بن الفضل :
(لأنَّها أوَّل سورة نزلت من السَّماء) (٦)
... الكشف والبيان ١/٦٠٤ (٧)
الدراسة
(١) ينظر في سبب التسمية: مجاز القرآن لأبي عبيدة ١/٥ وتفسير البغوي ١/١، وتفسير القرطبي ١/١٥٠ وتفسير الرازي ١/١٧٩، وتفسير ابن كثير ١/٩.
(٢) تفسير الطبري ١/٥٦.
(٣) المصدر السابق.
(٤) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجُعفي، أبو عبد الله البخاري، جبل الحفظ، وإمام الدنيا في فقه الحديث، صاحب الصحيح توفي سنة (٢٥٦ هـ)، ينظر : تهذيب الكمال ( ٦/٢٢٧) التقريب ( ٥٧٢٧ ).
(٥) فتح الباري ٨/١٩٧ باب ما جاء في فاتحة الكتاب.
(٦) أورد الثعلبي هذا القول في سبب تسميتها بفاتحة الكتاب
(٧) ت : خالد العنزي، ج : أم القرى.

قال الطبري " وقيل " : إن ذلك الملك الكبير : تسليم الملائكة واستئذانهم عليه(١)وهو قول مجاهد(٢)وسفيان الثوري(٣).
وقيل: الملك الدائم الذي لا زوال له(٤)
وقيل: هو النظر إلى الله سبحانه عز وجل(٥)
ولا يخفى على أيِّ مطَّلع أنَّ كلَّ ما ذكر داخل تحت معنى الملك.
فتجد الواحد من المنعَّمين عنده من القصور والمساكن والغرف المزخرفة مالا يدركه الوصف، ولديه من البساتين الزاهرة، والثمار الدانية، والفواكه اللذيذة والأنهار الجارية، والرياض الناضرة، بالطيور المطربة ما يأخذ القلوب، وعنده من الزوجات اللاتي هن في غاية الحسن والإحسان الجامعات لجمال الظاهر والباطن ما يملأ القلوب سروراً، ولذةً وحبوراً، وحوله من الولدان المخلدين، والخدم المؤيدين ما به تحصل الراحة وتتم اللذة وتكتمل الغبطة.
ثم علاوة ذلك ومعظمه الفوز برؤيته عز وجل، وسماع خطابه ولذة القرب منه، والابتهاج برضاه والخلود الدائم... فالحمد لله الحق المبين الذي لا تنفد خزائنه ولا يقل خيره فكما لا نهاية لأوصافه فلا نهاية لبره وإحسانه(٦)
(١) تفسير الطبري ٢٩/٢٦٣ وينظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٥/٢٦١، وتفسير السمرقندي ٣/٥٠٦ والمحرر الوجيز ٥/٤١٣، وتفسير السمعاني ٦/١٢٠، وينظر في الثاني تفسير الرازي ٣٠/٢٢٢ وتفسير البغوي ٤/٥٢٧ وزاد المسير ٨/٤٣٩، وروح المعاني ٢٩/١٦١.
(٢) رواه ابن جرير في تفسيره عن مجاهد ٢٩/٢٦٣.
(٣) رواه ابن جرير في تفسيره عن مجاهد وسفيان ٢٩/٢٦٣.
(٤) ينظر : تفسير الرازي ٣٠/٢٢٢ وتفسير البغوي ٤/٥٢٧ وروح المعاني ٢٩/١٦١.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٢/٣٩١ وروح المعاني ٢٩/١٦١.
(٦) ينظر : تفسير السعدي ص ٩٠٢ بتصرف.
وقد ألف ابن القيم في وصف الجنة كتاباً سماه حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، وقد بيَّن فيه هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا #¶ژچخ٧x. ﴾ ينظر ص: ٣٨٨، وما بعدها. أسأل الله أن يسكننا وإياه الفردوس الأعلى من الجنة.

قال أبو حامد الغزالي (١) في كتابه (البسيط في المذهب): إنكار الفرق بين الصغيرة والكبيرة لا يليق بالفقيه، .. وهذا الذي قاله أبو حامد قد قاله غيره، بمعناه، ولا شك في كون المخالفة قبيحة جداً بالنسبة إلى جلال الله تعالى، ولكن بعضها أعظم من بعض وتنقسم باعتبار ذلك إلى ما تكفره الصلوات الخمس.. والى ما لا يكفره ذلك، كما ثبت في الصحيح ( مالم تغش كبيرة ) فسمى الشرع ما تكفره الصلاة ونحوها صغائر، ومالا تكفره كبائر ولا شك في حسن هذا، ولا يخرجها هذا عن كونها قبيحة بالنسبة إلى جلال الله تعالى فإنها صغيرة بالنسبة إلى ما
فوقها، لكونها أقل قبحاً ولكونها متيسرة التكفير - والله أعلم - ".(٢)
وقال ابن القيم: "وقد دلَّ القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين بعدهم والأئمة على أن من الذنوب كبائر وصغائر قال تعالى: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا uچح !$t٦ں٢ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ ﴾ [ النساء : ٣١ ] ﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ |·دm¨uqxےّ٩$#ur إِلَّا اللَّمَمَ ﴾ [النجم: ٣٢ ](٣).
وقيل غير ذلك (٤).
(١) محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، أبو حامد الغزالي، برع في علوم كثيرة، وله مصنفات منتشرة في فنون متعددة، كإحياء علوم الدين، تهافت الفلاسفة ؛ توفي سنة (٥٠٥ هـ ). ينظر : مرآة الجنان (٣/١٣٦)، البداية والنهاية ( ١٦/٢١٣ ).
(٢) شرح النووي ٢/٧٣.
(٣) الجواب الكافي ص : ١٨٦.
(٤) ينظر :: فتح القدير ١/٥٧٨، والتحرير والتنوير ٤/١٠٣.

ومثله الاحتمال الثاني الذي ذكره الحسين فهو أيضا مناسب، شريطة أن تصح تلك الروايات التي سيقت في هذا المعنى ومنها :
ما رواه الطبري عن مجاهد قال (كان يحمله على عاتقه مائة سنة لا يدري ما يصنع به، يحمله ويضعه إلى الأرض حتى رأى الغراب يدفن الغراب، فقال :﴿ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ y"ح'¨uré'sù سَوْأَةَ ستپr& فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾
وعن الضحاك، عن ابن عباس، قال ( مكث يحمل أخاه في جراب على رقبته سنةً، حتى بعث الله جل وعزَّ الغرابين، فرآهما يبحثان، فقال : أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب، فدفن أخاه )(١).
قال الرازي : أنه لما لم يعلم الدفن إلا من الغراب صار من النادمين على حمله على ظهره سنة "(٢).
وقال أبو حيان :" والظاهر أن ندمه كان على قتل أخيه، لما لحقه من عصيان وإسخاط أبويه وتبشيره أنه من أصحاب النار، وهذا يدل على أنه كان عاصياً لا كافراً، قيل ولم ينفعه ندمه، لأن كون الندم توبة خاص بهذه الأمة "(٣)
ويمكن أن يقال إن الندم على مراتب وندم قابيل ندماً عامَّاً، لا خاصاً الذي هو ندم التوبة ــ والله أعلم ــ.
(١) تفسير الطبري ٦/٢٣٧/٢٣٨، وينظر :: تفسير ابن كثير ٢/٤٤٥.
(٢) تفسيره ١١/١٦٦، وينظر :: زاد المسير ٢/٣٣٩.
(٣) البحر المحيط ٣/٤٨١.

وذكر الله عزَّ وجلَّ أنه وليُّ المؤمنين في آيات عدة قال تعالى :﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا Oكgم_حچ÷‚مƒ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ NكgtRqم_حچ÷‚مƒ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا ڑcrà$ح#"yz ﴾ [ البقرة : ٢٥٧ ]
﴿ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ آل عمران ٦٨ ]
وقوله ﴿ y٧د٩¨sŒ ¨br'خ/ ©!$# 'n<ِqtB tûïد%©!$# (#qمZtB#uن ¨br&ur z`ƒحچدے"s٣ّ٩$# ںw ٤'n<ِqtB ِNçlm; ﴾ [ محمد : ١١ ]
وقوله ﴿ (#qكJإءtGôم$#ur "!$$خ/ uqèd َOن٣٩s٩ِqtB zN÷èدYsù ٤'n<ِqyJّ٩$# zO÷èدRur مژچإء¨Z٩$# ﴾ [ الحج : ٧٨ ].
٤- وقيل :( أحسنها ) هو أشبه ما تحتمله الكلمة من المعاني إذا كان لها احتمالات، فتحمل على أولاها بالحق وأقربها إليه.(١)
وهذا الأخير هو الذي ذهب إليه الحسين واختاره، واختياره هذا يدل على أن ( أحسن ) عنده هنا على بابها للتفضيل.
سورة الأعراف
قال تعالى ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ حچَst٧ّ٩$# إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ y٧د٩¨x‹ں٢ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٦٣ ].
[ ٣٢ ] سمعت الحسين بن محمد بن الحسن سمعت إبراهيم بن محارب بن إبراهيم سمعت أبي يقول : سألت الحسين بن الفضل هل تجد في كتاب الله الحلال لا يأتيك إلا قوتاً (٢).
والحرام يأتيك جزفاً (٣) جزفاً ؟.
قال : نعم في قصة داود وتأويله :
﴿ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ ﴾.
الكشف والبيان للثعلبي (٤) ٤/٢٩٦ (٥)
الدراسة
(١) البحر المحيط ٤/٣٨٧، و ينظر: زاد المسير ٣/٢٦٠.
(٢) القوت: ما يمسك الرَّمق من الرزق وقات يَقُوتُ قَوْتاً وأنا أقُوتُه أي أعُولهُ برزق قليل. العين ٣/٤٤٠/٤٤١ و ينظر : تهذيب اللغة ٣/٣٠٦٨.
(٣) الجزف : هو الأخذ بكثرة ينظر : لسان العرب ( جزف ) والجزف بوزن الضرب وأخذ الشيء مجازفة وجزاف. مختار الصحاح ( جزف ). والقياس جزافٌ. العين ١/٢٣٩، و ينظر: التهذيب ١/٥٩٩.
(٤) وافقه القرطبي في تفسيره ٧/٢٦٩ والسيوطي في الإتقان ٤/٤٣ ولم يذكر ( في قصة داود وتأويله ) و ينظر : كتاب الأمثال الكامنة في القرآن الكريم للحسين بن الفضل ص: ٤١.
(٥) ت : ابن عاشور.

وقال الشوكاني في ( نيل الأوطار ) :" والحاصل أن القرآن والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور فإنه قد وقع منه المنُّ وأخذ الفداء.. ووقع منه القتل...
ووقع منه فداء رجلين من المسلمين برجل من المشركين.. " (١)
وأيضا ً : فإنَّ هذا القول هو الذي تُرجِّحه القاعدة التفسيرية وتقضي به، وهي أنَّه إذا تنازع المفسرون في آية من كتاب الله تعالى، فمدَّع عليها النسخ ومانع منه، فأصح الأقوال المنع منه، إلا بثبوت التصريح بنسخها، أو انتفاء حكمها من كل وجه، وامتناع الجمع بينها وبين ناسخها، أو كان انتفاء الحكم في بعض الأوجه دون بعض كالتخصيص ونحوه (٢)، ولأن النسخ إنما يكون لشيء قاطع، فإذا أمكن العمل بالآيتين كلتيهما فلا معنى للقول بالنسخ (٣)، فقول الحسين يخالف الصحيح هذا إذا كان مقصوده بالنسخ هو ما اصطلح عليه المتأخر ون.
وإن كان مراده بالنسخ ما كان عليه مصطلح السلف ؛ فإنه يمكن حمل المعنى عنده على أنه قد لا يعمل بالآية في بعض الأوقات التي يكون المسلمون فيها في ضعف، فيعملون بالآيات الأخرى حتى يزول الضعف فتنسخ هذه الآيةُ تلك الآيات على ما بيَّنه الزركشي سابقاً، والله أعلم.
سورة التوبة
قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمZtB#uن إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا (#qç/uچّ)tƒ y‰إfَ،yJّ٩$# tP#uچysّ٩$# بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ َOçFّے½z Z's#ّٹtم فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ ے¾د&ح#ôزsù إِنْ شَاءَ إِن اللَّهَ يOٹد=tو زOٹإ٦xm (٢٨) ﴾ [ التوبة : ٢٨ ]
[ ٣٦ ] قال الحسين بن الفضل :( هذه نجاسة الحكم لا نجاسة العين، فسموا نجساً على الذم).
الكشف والبيان ص : ١١٦(٤)
الدراسة
(١) ٨/١٤٦.
(٢) ينظر في القاعدة: قواعد الترجيح للدكتور الحربي ١/٧٢.
(٣) ينظر: تفسير القرطبي ١٦/١٩٥.
(٤) ت : جمال بن أحمد ربعين، ج : أم القرى.

وقال زيد بن أسلم (١) و الضحاك وغيرهم وهي رواية عن ابن عباس : بل الفضل : القرآن، والرحمة الإسلام (٢).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: فضل الله: الإسلام، ورحمته تزيينه في القلب(٣).
وروي عن مجاهد أن فضل الله ورحمته : القرآن (٤) واختاره الزجاج (٥)
وقالت فرقة : الفضل : محمد - ﷺ -، والرحمة : القرآن (٦) وقيل غير ذلك (٧).
والقول المفيد هنا أن كل هذه الأقوال السابقة، وغيرها هي، تمثيلات لهذا العموم ولو كانت على سبيل التخصيص لاحتاجت إلى دليل، وقول الحسين ـ رحمه الله ـ يدخل في باب التفسير بالمثال مع العلم بأن الحسين ـ رحمه الله ـ مسبوق بتفسيره (الفضل بالإيمان )من قبل بعض الصحابة وأئمة التابعين.
قال أبو حيان :" هذه تخصيصات تحتاج إلى دلائل، ينبغي أن يعتقد أنها تمثيلات، لأن الفضل والرحمة أريد بهما تعيين ما ذكر وحصرهما فيه ". (٨)
وقال الشوكاني :" والأولى حمل الفضل والرحمة على العموم، ويدخل في ذلك ما في القرآن منهما دخولاً أوليا ً (٩).
سورة يونس
(١) زيد بن أسلم : العدوي، مولى عمر، أبو عبد الله أو أبو أسامة، المدني، ثقة عالم، من التابعين، توفي سنة (٣٦ هـ )، ينظر : السير (٥/٣١٦)، التقريب (٢١١٧ ).
(٢) رواه عنهم ابن جرير في تفسيره ١١/١٤٥.
(٣) ينظر: تفسير البغوي ٢/٣٦٧، وزاد المسير ٤/٤٠، والبحر المحيط ٥/١٦٩.
(٤) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١١/١٤٥، وينظر: زاد المسير ٤/٤١.
(٥) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/٢٥.
(٦) المحرر الوجيز ٣/١٢٦.
(٧) ينظر: تفسير البغوي ٢/٣٦٧ وزاد المسير ٤/٤٠/٤١ وتفسير القرآن العظيم للإمام عز الدين بن عبد السلام ٢/٢٤٧، ت : عبد الله بافرج، ج : أم القرى، والبحر المحيط ٥/١٦٩، والفوائد لابن القيم ص : ١٩٥.
(٨) البحر المحيط ٥/١٦٩، وينظر: المحرر الوجيز ٣/١٢٦..
(٩) فتح القدير ٢/٥٦٢

قال ابن عطيَّة :" فما تزيدونني غير تخسير، معناه فما تعطونني فيما اقتضيته منكم من الإيمان وأطلبكم به من الإنابة غير تخسير لأنفسكم، وهو من الخسارة وليس التخسير في هذه الآية، إلا لهم وفي حيزهم، وأضاف الزيادة إليه من حيث هو مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم، كما تقول لمن توصيه: أنا أريد بك خيراً وأنت تريد بي شراً، فكأنّ الوجه البيِّن وأنت تريد شراً ولكن من حيث كنت مريداً خيراً به، ومقتضى ذلك حسن أن تضيف الزيادة إلى نفسك " (١)
وقال الفراء: "يقول فما تزيدونني غير تخسير لكم وتضليل لكم، أي كلما اعتذرتم بشيء هو يزيد كم تخسيراً، وليس غير تخسير لي أنا. وهو كقولك للرجل ما تزيدونني إلا غضباً، أي : غضباً عليك" (٢).
وقال ابن الأعرابي: أي غير إبعاد من الخير(٣)، أي : غير تخسير لكم، لا لي. (٤)
وقال بعضهم: المعنى فما تزيدونني بما قلتم إلا نسبتي لكم إلى الخسارة (٥)، قال أبو حيان :" يفعل هذا للنسبة، كفسقته وفجرته، أي : نسبته إلى الفسق والفجور ".(٦)
فيقال في اللغة التفسيق والتفجير، وهو النسبة إلى الفسق والفجور، وكذلك التخسير هو النسبة إلى الخسران (٧) وهذا المعنى الأخير هو ما ذهب إليه الحسين بن الفضل ـ رحمه الله ـ.
القول الثاني: فما تزيدونني غير الخسران إن رجعت إلى دينكم (٨)، قال الزمخشري :" يعني تخسِّرون أعمالي وتبطلونها. أو فما تزيدونني بما تقولون لي وتحملوني عليه غير أن أُخسِّركم، أي أنسبكم إلى الخسران، وأقول لكم : إنكم خاسرون " (٩)
(١) المحرر الوجيز ٣/١٨٤.
(٢) معاني القران ٢/٢٠.
(٣) تهذيب اللغة ١/١٠٢٩.
(٣) ينظر : المصدر السابق وزاد المسير ٤/١٢٤ وتفسير القرطبي ٩/٥٣.
(٤) زاد المسير ٤/١٢٤، وينظر : تفسير البيضاوي متن حاشية شيخ زاده ٤/٦٦٢.
(٦) البحر المحيط ٥/٢٤٠.
(٧) ينظر : تفسير البغوي ٢/٤١٠.
(٨) زاد المسير٤/١٢٥
(٩) الكشاف ٢/٤٠٨.

وكذلك في الأثر الذي روي عن الربيع عن أبي العالية، في قول الله تعالى ﴿ وَلَقَدْ y٧"sY÷ s؟#uن سَبْعًا مِنَ 'دT$sVyJّ٩$# وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ ﴾ قال : فاتحة الكتاب سبع آيات، قلت للربيع: إنهم يقولون: السبعَ الطِوَلَ. فقال : لقد أنزلت هذه وما أنزل من الِطَوَلِ شيء.(١)إلماحة إلى نزولها مرتين لأن قول من قال : إن السبع المثاني هي السبع الطوال(٢). يشير إلى أنها قد تكون نزلت مرة ثانية في المدينة ـ والعلم عند الله ـ.
مع أن البغوي ــ رحمه الله ــ أشار إلى هذا القول بصيغة التضعيف ( قيل )(٣)، وقال ابن حجر في ( الفتح ) :" وحكى القرطبي أن بعضهم زعم أنها نزلت مرتين"(٤)والله أعلم بالصواب.
وأما قوله ( من أوائل ما نزل ) فهذا كذلك محتمل، وقد ناقشتُ في سورة الفاتحة.(٥)كونها أول ما نزل، وأن هذا خلاف الصحيح وأن أول ما نزل (اقرأ). لكن قد تكون الفاتحة من أوائل ما نزل بعد (اقرأ) و(المدثر) ـ والله أعلم ـ.
وسبق أن أوردت ما روي عن أبي ميسرة في كون الفاتحة هي أول ما نزل، قال عنه البيهقي :" فهذا منقطع ـ يعني هذا الحديث ـ فإن كان محفوظاً فيحتمل أن يكون خبراً عن نزولها بعد ما نزلت عليه ﴿ ù&uچّ%$# بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ [ العلق : ١ ]، و ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ [ المدثر : ١] والله أعلم "(٦).
وقوله ( كل مرة معها سبعون ألف ملك )(٧).
(١) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٤/٦٨ وابن أبي حاتم في تفسيره ٧/٢٢٧٢.
(٢) ينظر إلى من قال بذلك : تفسير ابن جرير ١٤/٦٣-٦٦.
(٣) تفسيره ١/١.
(٤) ٨/٢٠١.
(٥) في بداية سورة الفاتحة عند قول الحسين ( لأنها أول ما نزل من السماء )
(٦) دلائل النبوة ٢/١٥٩.
(٧) ذكر الشيخ سليمان الجمل في الفتوحات الألوهية ٤/١٩٧ في سبب تسمية الفاتحة بالمثاني :" وقيل : لأنها نزلت مرتين مرة بمكة وبالمدينة معها سبعون ألف ملك ".

وعند مجاهد ( ولم يكن له وليٌّ من الذل ) قال : لم يحالف أحداً، ولا يبتغي نصر أحد.(١)
وقال الزجاج: " أي لم يحتج إلى أن ينتصر بغيره. "(٢)
وقال ابن كثير :" أي ليس بذليل فيحتاج أن يكون له وليٌّ أو وزير أو مشير، بل هو تعالى خالق الأشياء وحده لا شريك له ومدبرها ومقدرها بمشيئته وحده لا شريك له "(٣).
فالله سبحانه هو الغالب على أمره، العزيز الحكيم، وهو سبحانه وتعالى القاهر فوق عباده الذي لا يذل فيحتاج إلى ولي يُعزُّ به فإنه الغني الحميد. بخلاف المحتاج إلى ولي يمنعه من الذل وينصره ويعينه.
وبهذا فالمعنى الذي ذكره الحسين معنى صحيح في تفسيره الآية، وهو قريب من المعنى الذي نسبه البغوي إلى مجاهد في تفسيره، فقال البغوي :" قال مجاهد : لم يذلَّ ويحتاج إلى وليٍٍّّ يتعزز به "(٤).
وقد سمى الرسول - ﷺ - هذه الآية في الإسراء بآية العز(٥).
(١) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٥/٢١٧، وينظر : تفسير ابن كثير ٣/٦٩.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٣/٢٦٥.
(٣) تفسيره ٣/٦٩.
(٤) تفسيره ٢/٧٢٥
(٥) روى الإمام أحمد في مسند ه ح: ١٥٧١٩ ص : ١٠٩٧ والطبراني في الكبير ٢٠/١٩٢/٤٢٩ عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن النبي - ﷺ - قال : آية العز ﴿ ب@è%ur ك‰ôJutù:$# ! "د%©!$# َOs٩ ُ‹د‚­Gtƒ #V$s!ur ﴾ الآية كلها

ذكر العلماء في نصب ( إلا تذكرةً ) أوجهاً، منها :(١)
١/ أن تكون تذكرة بدلا من محل ( لتشقى ) قاله الأخفش(٢).
ونُسب إلى الزجاج(٣). وتبعه ابن عطية(٤)واستبعده النحاس(٥)وردَّه الفارسي(٦)وصحَّح هذا الرد السمين الحلبي وقال :"لأن التذكرة ليست
بشقاء" (٧) وأيّد ذلك الرد الشنقيطي في تفسيره (٨) وعلّل الزمخشري لعدم جواز هذا الإعراب باختلاف الجنسين (٩).
وقال الزمخشري (١٠) وأبو البقاء (١١) وابن الأنباري (١٢): نُصبت على الاستثناء المنقطع، الذي ( إلا ) فيه بمعنى ( لكن ) أي : لكن ( أنزلناه تذكرة ).
(١) ينظر : الدر المصون ٤/٥.
(٢) ينظر : معاني القرآن له ص: ٢٤٩.
(٣) ينظر : معاني القرآن للنحاس ٣/٢٢ وتفسير القرطبي ١١/١٥٤ والبحر المحيط ٦/٢١٣ والدر المصون ٥/٥، وعزا الطبري في تفسيره هذا القول إلى بعض نحويي الكوفة ١٦/١٦٠.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٤/٣٧.
(٥) ينظر : معاني القرآن له ٣/٢٢/٢٣.
(٦) أبو علي الفارسي : الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفسوي، أبو علي الفارسي، النحوي الشهير، صاحب التصانيف، منها: الحجة في علل القراءات، الايضاح، توفي سنة(٣٧٧ هـ ) ينظر : السير ( ١٦/٣٧٩ )، بغية الوعاة (١/ ٤٩٦ ).
(٧) ينظر : الدر المصون ٥/٥.
(٨) ينظر : أضواء البيان ٤/٤٣٥.
(٩) الكشاف ٣/٥١ ومعنى كلامه أن نصب تذكرة نصبة صحيحة ليست عارضة، والنصبة التي تكون في (لتشقى ) بعد نزع الخافض نصبة عارضة. ينظر : البحر المحيط ٦/٢١٣.
(١٠) ينظر : الكشاف ٣/٥١.
(١١) ينظر : الإملاء ٢/١١٨.
(١٢) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ٢/١٣٨ وذكر فقط النصب على الاستثناء المنقطع

قال ابن كثير :" أي كلما جاءهم كتاب من السماء أعرض عنه أكثر الناس "(١)وخصّت آية الأنبياء التي معنّا ( القرآن الكريم ). والله تعالى أعلم.
٣- ذهاب جمع من المفسرين إلى أن المراد بالذكر هنا هو ( القرآن ) ومنهم من أطبقت الأمة على تقدمه في التفسير.
قول الحسين ( يدل عليه قوله في سياق الآية ﴿ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [الأنبياء: ٣] ولو أردا بالذكر القرآن لقالوا ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا مژچدـ"y™r& tû، د!¨rF{$# ﴾ [ الأنعام : ٢٥ ].
تبين سابقاً أن هذه القرينة أبعد من القرينة الملاصقة لكون المراد هو القرآن وهذه الآية هي متناسقة مع سياقها، فالمراد أنّ الذين ظلموا قالوا فيما بينهم خفية ﴿ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ يعنون الرسول - ﷺ -، فهم يستبعدون كونه نبياً لأنه بشر مثلهم فكيف اختص بالوحي دونهم ولهذا قال ﴿ أَفَتَأْتُونَ uچَsإb، ٩$# وَأَنْتُمْ ڑcrمژإاِ٧è؟ ﴾ [ الأنبياء : ٤ ](٢)
وقوله :( ودليل هذا التأويل أيضا قوله ﴿ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾ [ القلم : ٥١-٥٢ ] يعني محمد - ﷺ -.
هاتان الآيتان جاءتا بعد قوله تعالى ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ َOدdحچ"|ءِ/r'خ/ لَمَّا سَمِعُوا uچّ. دe%!$# وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾ [ القلم : ٥١-٥٢ ]
قال ابن عباس : يقول : يَنْفُذونك بأبصارهم من شدة النظر.
وقال قتادة : لينفذونك بأبصارهم معاداةً لكتاب الله ولذكر الله(٣).
(١) تفسيره ٣/٣٣١.
(٢) ينظر في تفسير الآية هذا : تفسير ابن كثير ٣/١٧٣.
(٣) رواه عنهما ابن جرير في تفسيره ٢٩/٥٦.

وقال ابن حجر :" وحكمة التقييد بقوله ﴿ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB ﴾ أن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن لأن المطيعة لا تسمى مكرهة فالتقدير فتياتكم اللاتي جرت عادتهن بالبغاء، وخفي هذا على بعض المفسرين فجعل ﴿ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB ﴾ متعلقاً بقوله فيما قبل ذلك ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾. (١)
وقال الآلوسي :" وزعم بعضهم أن ﴿ إِنْ tbôٹu'r& ﴾ راجع إلى قوله ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾ وهو مما يقضي منه العجب (٢).
ومهما يكن الأمر فقول الحسين بن الفضل ومن وافقه فيه تكلف ظاهر، وهذا دأب من كانت بضاعته العربية فقط دون معرفة أسباب النزول وملابساته فيقع منه مثل هذا، و قد ذكرتُ سابقاً فيمن نزلت الآية، و ذكرتُ معنى ﴿ إِنْ tbôٹu'r& $YYگءutrB ﴾ في هذا السياق الذي هو في غاية الترابط والانسجام.
فما الحامل على القول بالتقديم والتأخير والآية في غاية الوضوح، وقد جاءت على الأصل في ترتيب الكلام دونما حاجة إلى تقديم أو تأخير، ولذا أوردت الآية الأولى وهي قوله ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾. وبينتُ معناها مختصراً ثم أعقبتها بذكر مناسبة قوله تعالى ﴿ ة#دے÷ètGَ،uٹّ٩ur tûïد%©!$# ںw tbrك‰إgs† %·n%s٣دR ٤س®Lxm مNهkuژدZَّمƒ ھ!$# `دB ¾د&ح#ôزsù tûïد%©!$#ur tbqنَtGِ٦tƒ |="tGإ٣ّ٩$# $£JدB ôMs٣n=tB ِNن٣مZ"yJ÷ƒr& ِNèdqç٧د؟%s٣sù ÷bخ) ِNçGôJد=tو ِNخkژدù #[ژِچyz Nèdqè؟#uنur `دiB ةA$¨B "!$# ü"د%©!$# ِNن٣٨s؟#uن ﴾ ذلك كله ليتبين القارئ الكريم روعة أسلوب القرآن وعظمة أحكامه ووضوح معانيه بلا حاجة للقول بالتقديم والتأخير.
ومعلوم أن القرآن نزل بلسان عربيٍّ مبين واضح المعنى جليِّ المراد لا يحتاج إلى ركوب الصعب لفهمه ولا تحميل نصوصه مالا تحتمل.
(١) فتح الباري ١٢/٣٩٤.
(٢) روح المعاني ١٨/١٥٨.

قال أبو حنيفة :" لا يشبه شيئاً من الأشياء من خلقه ولا يشبهه شيء من خلقه لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته الذاتية والفعلية.. والفعل صفة في الأزل والفاعل هو الله تعالى، والفعل صفة في الأزل والمفعول مخلوق، وفعل الله تعالى غير مخلوق وصفاته في الأزل غير محدثة ولا مخلوقة، فمن قال : إنها مخلوقة، أو محدثة، أو وقف، أو شكَّ فيها فهو كافر بالله تعالى. "(١)
وهو عجب حقيقي يليق بالله سبحانه وتعالى.
والتعجب كما يدل على بغض الفعل كقوله ﴿ وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ﴾ [ الرعد : ٥ ] وقوله ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) ﴾ فقد يدل على محبة الله للفعل(٢)وقد يدلّ على غير ذلك.(٣)
ومن المهم معرفته أن العجب نوعان :
أحدهما: أن يكون صادراً عن خفاء السبب على المتعجب فيندهش له ويستعظمه ويتعجب منه، وهذا النوع مستحيل على الله لأنه لا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى
الثاني : أن يكون سببه خروج الشيء عن نظائره أو كما ينبغي أن يكون عليه مع علم المتعجب، وهذا هو الثابت لله تعالى.(٤)
قال ابن تيمية :" فلا يجوز عليه أن لا يعلم سبب ما تعجب منه، بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيماً له. والله تعالى يعظم ما هو عظيم، إما لعظم سببه أو لعظمته.. ولهذا قال تعالى ﴿ بَلْ |Mِ٧إftم وَيَسْخَرُونَ ﴾ على قراءة الضم، فهنا هو عجب من كفرهم مع وضوح الأدلة ".(٥)
وبعد هذا البيان في وجوب الإيمان بهذه الصفة لله تعالى.
(١) شرح الفقه الأكبر للملاّ علي القاري ص : ٣٢٣.
(٢) بدائع الفوائد ٤/٨ مع شيء من التصرف
(٣) ينظر: بدائع الفوائد ٤/٨، وقواعد التفسير ٢/٧٩١-٧٩٣.
(٤) ينظر: شرح لمعة الاعتقاد للشيخ ابن عثيمين ص : ٦٠، يراجع : شرح العقيد الواسطية له ٢/٢٦.
(٥) مجموع الفتاوى ٦/١٢٣.

وقال الشيخ عبد القادر شيبة الحمد في كتابه ( قصص الأنبياء القصص الحق ) قصة عشق داود المرأة فقهر زوجها ليتنازل له عنها وسعيه - عليه السلام - في قتله وفي تفسير النعجة في الآية بأنها المرأة: " إن هذا تفسير مماطل باطل فاسد كاسد وإفك مبتدع يأباه لنفسه السوقة والرعاع، ومكر يهودي تمجُّه الأسماع وتنفر منه الطباع، وأذكر هنا أن سياق القرآن يأباه فإن الله تبارك وتعالى ذكر في مقدمة هذه السورة إلى قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا @إdftم لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ة>$|، دtù:$# (١٦) ﴾ [ ص.: ١٦] ما لقيه رسول الله - ﷺ - من أذى قومه وتمالئهم عليه واستهزائهم به فأمره الله عزّ وجلّ بالصبر على ما يقولون، وأمره بأن يذكر قصة العبد الصالح الأواب داود - عليه السلام -... "(١)ثم فسّر القصة على ظاهرها وبعدها: " وكأن الله تعالى يقول لشيخ المرسلين وإمام المتقين وسيد أولي العزم محمد - ﷺ - إياك أن تفزع من تهديدات قريش لك، واذكر قصة أخيك العبد الصالح الأواب داود - عليه السلام - عندما تسور المحراب متخاصمون.. "(٢)ثم ذكر أنه لا ذكر للمرأة أبداً في هذه القصة.
(١) ص : ٢٩٥.
(٢) ص : ٢٩٦.

وعلى هذا فلطفه سبحانه يجري في كل الأمور ويدخل فيها بل ومن أعظمها هدايتهم. ومن لطفه أن أنزل عليهم كتاباً يستنيرون بأحكامه ويهتدون به ليرشدوا ويفلحوا فكل حال هي أقوم في العقائد والأخلاق والأعمال والسياسات.. فإن القرآن يهدي إليها
وما أحسن ما قاله السعدي في تفسير هذه الآية :" يخبر تعالى بلطفه بعباده ليعرفوه ويحبوه ويتعرضوا للطفه وكرمه، واللطف من أوصافه تعالى، معناه : الذي يدرك الضمائر والسرائر، الذي يوصل عباده ـ وخصوصاً المؤمنين ـ إلى ما فيه الخير لهم من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون.
فمن لطفه بعبده المؤمن، أن هداه إلى الخير هداية لا تخطر بباله، بما يسَّر له من الأسباب الداعية إلى ذلك، من فطرته على محبة الحق والانقياد له وإيزاعه تعالى لملائكته الكرام، أن يثبتوا عباده المؤمنين، ويحثوهم على الخير، ويلقوا في قلوبهم من تزيين الحق ما يكون داعياً لاتباعه.
ومن لطفه أن أمر المؤمنين بالعبادات الاجتماعية، التي بها تقوى عزائمهم وتنبعث هممهم، ويحصل منهم التنافس على الخير والرغبة فيه، واقتداء بعضهم ببعض.
ومن لطفه، أن قيَّض لعبده كل سبب يعوقه ويحول بينه وبين المعاصي، حتى إنه تعالى إذا علم أن الدنيا والمال والرياسة ونحوها مما يتنافس فيه أهل الدنيا، تقطع عبده عن طاعته، أو تحمله الغفلة عنه، أو على معصية صرفها عنه، وقدر عليه رزقه ولهذا قال هنا :﴿ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ بحسب اقتضاء حكمته ولطفه(١).
... والجدير بالذكر أن الآية أعم وبكثير ممَّا فهمته من قول الحسين ـ رحمه الله ـ مع أن قوله من أولى ما يدخل في الآية من معانٍ.
سورة الشورى
(١) تفسيره ص : ٧٥٦ /٧٥٧.

ثم ذكر بعضاً من هذه الأشعار وقال :" وقد أخبر الله تعالى بذلك عنهم في كتابه الكريم ثم كذبهم بقولهم فقال :﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا $uZè؟$uٹxm الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا !$uZن٣د=÷kç‰ إِلَّا الدَّهْرُ ﴾ قال الله عز وجل ﴿ وَمَا لَهُمْ y٧د٩¨x‹خ/ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ فقال النبي - ﷺ - ( لا تسبُّوا الدهر ) على تأويل لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأشياء ويصيبكم بهذه المصائب فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السب على الله تعالى؛ لأنه عز وجل هو الفاعل لها لا الدهر فهذا وجه الحديث إن شاء الله ".(١)
وقال الأزهري: " قلتُ: وقد قال الشافعي في تفسير هذا الحديث نحْواً مما قاله أبو عُبيد، واحتجَّ بالأبيات التي ذكرها أبو عبيد، فظننت أبا عبيد عنه أخذ هذا التفسير لأنه أول من فسَّره ".(٢)وإلى هذا التفسير الذي قاله الشافعي ذهب أهل العلم.(٣)
وقال الإمام النووي في قوله تعالى: ( وأنا الدهر ) :" فإنه برفع الراء، هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الشافعي وأبوعبيد وجماهير المتقدِّمين والمتأخِّرين "(٤).
وقال ابن كثير : في قول الشافعي وغيره من الأئمة :" هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد والله أعلم "(٥).
وقال النووي :" ومعنى (فإن الله هو الدهر) أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم "(٦).
ولقد قال الخطابي في قوله ( أنا الدهر ) :" أي أنا مالك الدهر ومصرِّفُه فحُذف اختصاراً للفظ واتساعاً في المعنى.. "(٧)
(١) المصدر السابق ٢/١٤٧.
(٢) تهذيب اللغة ٢/١٢٤٠.
(٣) ينظر على سبيل المثال: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ١/٢٢٢ /٢٢٣ وغريب الحديث للخطابي ١/٤٩٠ ومشكل الحديث وبيانه لابن فورك ١/٢٧٦ وشرح النووي ١٥/٤.
(٤) شرح النووي ١٥/٣.
(٥) تفسيره ٤/١٥١.
(٦) شرح النووي ١٥/٤.
(٧) غريب الحديث ١/٤٩٠.

القدر(١). "(٢)وهذا التفسير من البخاري هو نص قول الفراء.(٣)
وإن قيل ما الفرق بين هذين التأويلين ؟
فالجواب : أن الأول لفظ عام أُريد به الخصوص وهو أن المراد أهل السعادة من الفريقين، والثاني على عمومه، بمعنى خلقهم معَدِّين لذلك لكن منهم من أطاع ومنهم من عصى(٤)
(١) القائلين إن العبد مستقل بعمله، ويخلق فعل نفسه، ليس لله فيه إرادة ولا خلق ولا مشيئة، فأنكروا عموم المشيئة والخلق فأكل العبد وشربه ونومه ويقظته وطاعته ومعصيته كلها واقعة باختياره التام وقدرته التامة، وليس لله تعالى في ذلك مشيئة ولا خلق، هؤلاء هم المعتزلة ومن وافقهم وقابل هؤلاء طائفة أخرى، فجفوا وغلوا في إثبات القدر حتى جعلوا العبد مجبوراً على فعل نفسه وليس له اختيار البته، بل هو كالريشة في مهب الريح وكحركة الآلة في يد من يحركها فأكله وشربه ونومه ويقظته وطاعته ومعصيته كلها بغير اختيار منه ولا قدره، وهذا مذهب الجهمية، ومن تبعهم من الأشاعرة في مسألة ( الكسب ) وسمي هذا المذهب بمذهب الجبرية لأنهم يقولون : إنا مجبورون على أفعالنا. وكل طائفة أخذت بجانب من الأدلة وعطلت الجانب الآخر فهدى الله سلف هذه الأمة، من أهل السنة والجماعة فأخذوا بهذا وهذا وتوسطوا بين هؤلاء وأولئك. للاستزادة راجع : الشريعة للآجري ص : ١٥٧-١٥٩ وشرح أصول اعتقاد أهل السنة ٣/٥٨٩-٤/٨٢٣ ومعارج القبول ٢/٣٢٦-٣٨٢ وفتح المجيد ٤٧٤-٤٧٩ و القول المفيد ٣/١٩٨ -٢٤٧ ومقالات الإسلامين ١/٢٩٨/٢٨٩والفصل في الملل والنحل ٣/٢٢-٢٦ وقد أفرد الإمام ابن القيم كتاباًَ فريداً، في هذا الموضوع، وهو ( شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل ) فليراجع، وأيضا المجلد الثامن من الفتاوى خاص ببحث مسألة القضاء والقدر.
(٢) كتاب ( التفسير ) سورة الذاريات، ص : ٨٥٩
(٣) ينظر : معاني القرآن ٣/٨٩.
(٤) ينظر : عمدة القارئ ١٩/١٩١ وفتح الباري ٨/٧٧٢.

ورجَّح الطبري بأنه استثناء منقطع، ووجَّه المعنى إلى ما دون الكبائر ودون الفواحش الموجبة للحدود في الدنيا والعذاب في الآخرة، فإن ذلك معفوٌّ لهم عنه وذلك نظير قوله جل ثناؤه ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا uچح !$t٦ں٢ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ Nà٦ù=½zô‰çRur Wxyzô‰-B $VJƒحچx. ﴾ [ النساء : ٣١ ](١).
وقال النحاس :" ومن أصح ما قيل فيه وأجمعه لأقوال العلماء أنه الصغائر ويكون مأخوذا ً من لممتُ بالشيء إذا قلَّلت نيلَهُ "(٢).
قال ابن القيم :" والصحيح : قول الجمهور : إن اللمم صغائر الذنوب، كالنظرة والغمزة والقبلة، ونحو ذلك. هذا قول جمهور الصحابة ومن بعدهم. وهو قول أبى هريرة وعبد الله بن مسعود وابن عباس.. ولا ينافي هذا قول أبي هريرة، وابن عباس في الرواية الأخرى ( إنه يُلم بالكبيرة ثم لا يعود إليها ) فإن
( اللمم ) إما أنه يتناول هذا وهذا، ويكون على وجهين. كما قال الكلبي(٣)، أو أن أبا هريرة.
وابن عباس ألحقا من ارتكب الكبيرة مرة واحدة، ولم يُصرّ عليها، بل حصلت منه فلتةً في عمره باللمم، ورأيا أنها إنما تتغلظ وتكبر وتعظم في حق من تكررت منه مراراً عديدة. وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم وغور علومهم.. "(٤)
(١) ينظر : تفسيره ٢٧/٨١.
(٢) إعراب القرآن ٤/١٨٥.
(٣) قال الكلبي ( اللمم ) على وجهين : كل ذنب لم يذكر الله عليه حداً في الدنيا ولا عذاباً في الآخرة، فذلك الذي تكفره الصلوات الخمس، مالم يبلغ الكبائر والفواحش والوجه الآخر : هو الذنب العظيم، يُلم به المسلم المرة بعد المرة فيتوب منه. مدارج السالكين ١/٣٢٣.
(٤) مدارج السالكين ١/٣٢٤.

قال الشريف المرتضى(١): " وهذا كثير من كلام العرب وأشعارهم، قال مهلهل بن ربيعة(٢)
على أن ليسَ عِدْلاً من كُليبٍ إذا طُردَ اليتيمُ عن الجزورِ
على أن ليسَ عِدْلاً من كُليبٍ إذا ما ضِيم جيرانُ المُجيرِ
على أن ليسَ عِدْلاً من كُليبٍ إذا رجَفاَ العِضَاه من الدَّبُورِ
إلى أن قال :" وقال الحارث بن عُباد.(٣)
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامة مِنِّي لَقِحتْ حَرْبُ وائل عن حِيالِ
ثم كرر قوله (قربا مربط النعامة ) في أبيات كثيرة من القصيدة للمعنى الذي ذكرناه.
وقالت ابنة عم النعمان بن بشير (٤) ترثي زوجها :
(١) الشريف المرتضى : علي بن حسين بن موسى القرشي العلوي الحسيني الموسوي البغدادي، الشريف المرتضى أبو طالب، نقيب العلوية، جامع كتاب نهج البلاغة، له ديوان كبير، وفي الذخيرة وغيره، وكان من الأذكياء المتبحرين في الكلام والاعتزال، قال الذهبي : لكنه إمامي جلد نسأل الله العفو أ. هـ، توفي سنة ( ٤٣٦ هـ )، ينظر : السير (١٧/٥٨٩).
(٢) هو أبوليلى عَدي بن ربيعة من بني جشم بن بكر من بني تغلب، من أقدم الشعراء الذين وصلت إلينا أخبارهم وأشعارهم، قيل انه أول من قصَّد القصائد وقال في الغزل، وهو خال لامرئ القيس وجد عمرو بن كلثوم لأمه، وتوفي سنة (٩٢ق هـ ) ( ٥٣٠م )، ينظر : الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني (٤/٢٩١ )، تاريخ الأدب العربي لعمر فروخ ١/١١٠.
(٣) الحارث بن عُبَاد بن قيس بن ثعلبة البكري، أبو المنذر، من أهل العراق، كان من سادات العرب وحكمائها وشجعانها ومن فحول شعراء الجاهلية، توفي نحو سنة (٧٢ق هـ ) ( ٥٥٠ م )، ينظر : تاريخ الأدب العربي لفروخ ( ١/١٢٧ ).
(٤) النعمان بن بشير : بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، له ولأبويه صحبة، سكن الشام، ثم ولي إمارة الكوفة، قتل بحمص سنة ( ٦٥ هـ )، ينظر : السير ( ٣/٤١١ )، التقريب (٧١٥٢).

ذكر تعالى أنه ما أصاب من مصيبة في الآفاق أو في أنفسكم إلا قد كُتب ذلك في العلم الأول من قبل أن تخلق نفوسكم، وهذا أمر عظيم تذهل عنده القلوب وتعجز عن إدراكه العقول، ولكنه على الله يسير(١).
وأخبرهم جل في علاه - عن ذلك لأجل أن تتقرر تلك القاعدة عندهم فلا يأسَوا على ما فاتهم ولا يفرحوا بما آتاهم؛ لأنَّ كلَّ ذلك مقدر عند الله الحكيم العليم.
عن ابن عباس :( لكيلا لا تأسَوا على ما فاتكم ) قال : الصبر عند المصيبة، والشكر عند النعمة وقال : ليس أحد إلا يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبة فجعلها صبراً، ومن أصابه خير فجعله شكراً.
وعن ابن زيد في قوله تعالى ﴿ لِكَيلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا (#qمmuچّےs؟ بِمَا آَتَاكُمْ ﴾
قال : لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا، ولا تفرحوا بما آتاكم منها(٢).
وقال جعفر بن محمد الصادق : يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت، ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يدك الموت(٣)وفي نفس الأمر الحزن والفرح المنهيِّ عنهما هما اللذان يُتعدى فيهما إلى ما لا يجوز.
ويُعلم مما سبق صحة قول الحسين ـ رحمه الله ـ فلا تفرح يا ابن آدم بما أتاك ويلحقك من جراء ذلك مشقة، ولا تكترث بما فاتك وأرض بما قسم الله لك في الحالين لأن كل ما جرى عليك مكتوب ومقدر ـ والحمد لله رب العالمين ـ
(١) هذا بيان لقوله تعالى ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ ٧pt٦ٹإء-B فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ y٧د٩¨sŒ عَلَى اللَّهِ ضژچإ،o" (٢٢) ﴾ ( الحديد : ٢٢ ) و هذه الآية العظيمة من أقوى الأدلة على القدرية نفاة العلم - قبحهم الله -.
(٢) رواه عنهم ابن جرير في تفسيره ٢٧/٢٧٣.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ٤/٣٢٩ وتفسير القرطبي ١٧/٢٢١.

٣٩... والفرق بينهما أن قوله ﴿ "حچôfs؟ تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ﴾ أي : معناه تجري من تحت الأشجار، وقوله ﴿ تَحْتَهَا ﴾ أي : ينبع الماء من تحت الأشجار... ١٩٧
٤٠... روى الشيخان عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال:"لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل النبي - ﷺ - وعنده أبو جهل وعبد الله بن أميه، فقال النبي - ﷺ - :"أي عم" قُلْ: لا إله إلا الله، أحاجُّ بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال النبي - ﷺ - : لأستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك، فنزلت ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ (#ûqمZtB#uن أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ (#ûqçR%ں٢ أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ ِNهk®Xr& أَصْحَابُ ةOٹإspgù:$# ﴾.... ١٩٩
قال الحسين رحمه الله: وهذا بعيد، لأن السورة من آخر ما نزل من القرآن، ومات أبو طالب في عنفوان الإسلام والنبي - ﷺ - بمكة.
٤١... لم يجمع الله لأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلا للنبي - ﷺ - فإنه قال: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ وقال تعالى: ﴿ إِن اللَّهَ بِالنَّاسِ ش$râنuچs٩ رَحِيمٌ ﴾.... ٢٠٣
٤٢... وقيل له: هل تجد في القرآن (من جهل شيئاً عاداه) فقال: نعم في موضعين ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ﴾ وقوله ﴿ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾.... ٢٠٦
٤٣... ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ ¾دmدFuH÷quچخ/ur ﴾ فضل الله: الإيمان، ورحمته: الجنة،... ٢٠٩
٤٤... ﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا !$uZّ٩u"Rr& إِلَيْكَ ﴾ ( إن ) مع حروف الشرط لا يثبت الفعل، والدليل عليه ما روى أن رسول الله - ﷺ - قال لما نزلت هذه الآية، قال: "والله لا أشك ولا أسأل"،... ٢١٢
٣، ٥٦، ١٦٩، ١٨٤، ١٨٧، ٢٥٦، ٢٥٨، ٣٣٠، ٣٤٣، ٣٧١.
زكريا عليه السلام:
١١٨، ١١٩، ١٢٠، ١٢٤، ١٢٥.
الزمخشري:
٦١، ٨١، ٩٣، ٩٦، ١١٠، ١١٢، ١٢٣، ١٥٦، ١٦٠، ١٦١، ١٦٧، ١٦٩، ١٨٩، ٢٠٣، ٢٠٧، ٢١٥، ٢١٦، ٢٢١، ٢٢٤، ٢٢٥، ٢٣١، ٢٣٦، ٢٤٣، ٢٥٠، ٢٥٩، ٢٦٩، ٢٧٧، ٣٠١، ٣٠٨، ٣٣١، ٣٣٩، ٣٤٣، ٣٥٢، ٣٩٣، ٤١٧.
الزهري:
٤٩، ٨٧، ٢٣٢.
زيد بن أسلم:
٢١٠، ٣٥٥.
زيد بن ثابت:
٣٥٥.
السجستاني:
٢٧٥.
السدي:
١٣٤، ١٧٠، ١٧٤، ١٨٥، ٢٨٣، ٣٢١، ٣٦٦.
السعدي:
١٠١، ١٠٥، ١٥٣، ١٦٢، ١٩٠، ١٩٣، ١٩٦، ٢١٧، ٢٢٧، ٢٨٦، ٣١١، ٣١٧، ٣٢٢، ٣٢٨، ٣٧٤، ٣٧٥.
سعيد بن المسيب:
١٣١، ١٧٥، ١٩٩، ٢٨٠.
سفيان بن عيينة:
١٩٦، ٢٠٧.
سفيان الثوري:
٧٤، ١١٤.
سلمان الفارسي:
١٣٩.
سليمان عليه السلام:
١٠٧، ٢٢٧، ٢٨٤.
سماك بن حرب:
٢٤٣.
السمرقندي:
١٩٢، ٢٣٧، ٢٧٠، ٣٦٧، ٣٩٣.
السمعاني :
٣، ١٥٣، ١٩٣، ٣٢٥، ٣٣٩، ٣٤٥.
السمين الحلبي:
١١٠، ١٩٨، ٢١٦، ٢٢٤، ٢٣٦، ٢٤٩، ٢٥٠، ٢٥٦، ٣٥٤.
سيبويه:
٧٧، ٢٥٥، ٢٥٦، ٢٥٧، ٣٩٧.
السيوطي :
٣، ٢٢، ٥٥، ٧٥، ٧٦.
الشاطبي:
٩٦.
الشافعي:
٨٦، ٨٧، ١٩١، ١٩٦، ٢٠٦، ٢٠٩، ٣٣٣، ٣٣٤، ٣٩٦، ٣٩٧.
شبابة بن سوار:
١٥.
شريح:
٢٩٦.
الشريف المرتضى:
٣٧٠.
الشعبي:
٧٤، ٣١٣، ٣٥٦، ٤١٤.
الشنقيطي:
١٤٩، ١٧٦، ٢٣٦، ٢٣٩، ٢٥٠، ٢٥١، ٢٦٠، ٢٦١، ٢٦٧، ٢٦٩، ٣٠٣، ٣١٣، ٣٢٨، ٣٣٧، ٣٦٧، ٤٠١.
الشوكاني:
٣، ٦٣، ٧٥، ١١٣، ١٨٦، ٢١١، ٢٣٢، ٢٥٩، ٢٦٥، ٢٧٤، ٢٩٢، ٣٢٢، ٣٦٥، ٤١٨.
شيخ زاده:
٩٢.
صالح عليه السلام:
٤٦، ٢٢٢.
الضحاك:
٣٩، ٤٨، ٧٥، ١٠٣، ١٣٥، ١٤٣، ١٥٧، ١٧٠، ١٨٤، ١٩٢، ٢١٠، ٢١٩، ٢٤٨، ٢٧٩، ٢٨٨، ٣١٥، ٣٦٦، ٣٨٨، ٤٠٤.
الطبراني:
١٢٢، ٤١٦.
الطيبي:
٢٩٣.
عائشة:
٥٣، ٥٤، ٥٩، ١٩٣.
العباس:
٣٢.
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:
٧٧.
عبد القادر شيبة الحمد:
٣٠٤.
عبد الله بن أبي بن سلول :
١١٦، ٢٧٣.
عبد الله بن أمية:
١٩٩.
عبد الله بن بكر السهمي:
١٥.
عبد الله بن الزبعرى:
٢٦٥، ٢٦٦.
عبد الله بن طاهر بن الحسين:
١٣، ٢٠، ٣٥، ١٥٥، ٣٦٢، ٣٧٣.
٤٥- الأم : محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: د. رفعت فوزي عبد المطلب، دار الوفاء، ط الأولى – ١٤٢٢ هـ.
٤٦- الأمثال الكامنة في القرآن الكريم : الحسين بن الفضل، تحقيق : د. علي بن حسين البواب، مكتبة التوبة، الرياض، السعودية، ط الأولى -١٤١٢ هـ.
٤٧- إملاء ما منَّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن : أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط الأولى – ١٣٩٩ هـ.
٤٨- إنباه الرواة على أنباء النحاة : جمال الدين أبو الحسن القفطي، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الكتب المصرية، القاهرة، ط الأولى.
٤٩- الانتصار للقرآن : أبو بكر ابن الطيب الباقلاني، تحقيق : د. محمد عصام القُضاه، دار ابن حزم، بيروت، لبنان.
٥٠- الأنساب: عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، دار الجنان، بيروت، ط الأولى ١٤٠٨هـ.
٥١- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ؛ أبو محمد عبد الله بن هشام الأنصاري، دار ابن الوليد، بيروت، لبنان - ١٤١٤ هـ.
٥٢- الإيضاح في علوم البلاغة: الخطيب القزويني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
٥٣- الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ومعرفة أصوله واختلاف الناس فيه : مكي بن أب طالب القيسي، تحقيق : د. أحمد حسن فرحات، دار المنارة، جدة، السعودية، ط الأولى -١٤٠٦ هـ.
٥٤- الإيمان : شيخ الإسلام ابن تيمية، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط الأولى - ١٤٠٣ هـ.
٥٥- البحر المحيط في التفسير : محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود، و علي محمد معوض، وشارك في تحقيقه د. زكريا عبد الحميد النوتي ود. أحمد النجولي الجمل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط الأولى -١٤٢٢ هـ.
٥٦- بدائع الفوائد : أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ( ابن قيم الجوزية )، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.
ـ قال تعالى: ﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا y٧د٩¨x‹x.... ﴾ [ ٧٣ ]................................ ١٠٣
ـ قال تعالى: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ٤'n؟tم. ﴾.[ ١٠٢]................................. ١٠٦
ـ في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ zO؟دd¨uچِ/خ)... ﴾ [ ١٣٠ ]........................... ١٠٨
سورة آل عمران:
ـ قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ y٧د="tB إ٧ù=كJّ٩$#... ﴾ [ ٢٦ ]......................................... ١١١
ـ قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ y٧د="tB الْمُلْكِ... ﴾ [ ٢٦ ]...................................... ١١٦
ـ في قوله تعالى: ﴿ çmّ؟yٹ$sYsù الْمَلَائِكَةُ ض.. ﴾ [ ٣٩ ]........................................... ١١٨
ـ قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ô... ﴾ [ ٤٠ ].................................. ١٢٤
ـ قال تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى 'دoTخ) y... ﴾ [ ٥٥ ]....................................... ١٢٦
ـ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً... ﴾ [١٣٥]................................... ١٣٣
سورة النساء:
ـ قال تعالى: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا uچح !$t٦ں٢ مَا تُنْهَوْنَ... ﴾ [ ٣١]................................... ١٣٩
سورة المائدة:
ـ قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ àM"t٦حh‹©ـ٩$#.... (٥) ﴾ [ ٥ ]................................ ١٥٢
ـ قال تعالى: ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ... ﴾ [ ٣١ ]....................................... ١٥٥
سورة الأنعام:
ـ قال تعالى: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ $w‹د٩ur ح... اتحب ﴾ [ ١٤].................................... ١٥٨
ـ قال تعالى: ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ ِ ﴾... Nخkحh٥u' [١٢٧]..................................... ١٦١
سورة الأعراف:


الصفحة التالية
Icon