غير أنه ليست فيه خصائص القرآن التي امتاز بها عن كل ما سواه. ولله تعالى حكمة في أن يجعل من كلامه المنزل معجزا وغير معجز لمثل ما سبق في حكمة التقسيم الآنف من إقامة حجة للرسول ولدين الحق بكلام الله المعجز ومن التخفيف على الأمة بغير المعجز لأنه تصح روايته بالمعنى وقراءة الجنب وحمله له ومسه إياه إلى غير ذلك.
وصفوة القول في هذا المقام أن القرآن أوحيت ألفاظه من الله اتفاقا وأن الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول صلى الله عليه وسلم. بيد أن القرآن له خصائصه من الإعجاز والتعبد به ووجوب المحافظة على أدائه بلفظه ونحو ذلك وليس للحديث القدسي والنبوي شيء من هذه الخصائص. والحكمة في هذا التفريق أن الإعجاز منوط بألفاظ القرآن فلو أبيح أداؤه بالمعنى لذهب إعجازه وكان مظنة للتغيير والتبديل واختلاف الناس في أصل التشريع والتنزيل. أما الحديث القدسي والحديث النبوي فليست ألفاظهما مناط إعجاز ولهذا أباح الله روايتهما بالمعنى ولم يمنحهما تلك الخصائص والقداسة الممتازة التي منحها القرآن الكريم تخفيفا على الأمة ورعاية لمصالح الخلق في الحالين من منح ومنع ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
مدة هذا النزول
وابتدأ هذا الإنزال من مبعثه عليه الصلاة والسلام وانتهى بقرب انتهاء حياته الشريفة وتقدر هذه المدة بعشرين أو ثلاثة وعشرين أو خمسة وعشرين عاما تبعا للخلاف في مدة إقامته في مكة بعد البعثة أكانت عشر سنين أم ثلاث عشرة أم خمس عشرة سنة. أما مدة إقامته بالمدينة فعشر سنين اتفاقا. كذلك قال السيوطي.
ولكن بعض محققي تاريخ التشريع الإسلامي يذكر أن مدة مقامه بمكة اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما من ١٧رمضان سنة ٤١ من مولده