وأما مذهبه الفقهي فهو حنبلي المذهب، حيث أخذ عن شيخه أبي بكر الدينوري فتتلمذ عليه حتى برع في الفقه، وصنَّف في الفقه الحنبلي (كتاب العبادات ) ومع هذا فقد كان لا يرتضي التعصب بين فقهاء المذاهب، كما أنه توسَّع في الفقه مما جعله يؤلف في الفقه المقارن كتابه ( الإفصاح الفقهي ) ويقيِّد فيه ما رآه الأئمة الأربعة من الأحكام الفقهية، وبيَّن فيه أن لكل من شاء من أمة محمد - ﷺ - أن يأخذ بما أفتى به أيٌ من الأئمة الأربعة(١).
كما أنكر اختصاص المساجد ببعض أرباب المذاهب وقال: إنه بدعة محدثة. وأما المدارس فلم يقل فيها ذلك، بل قال: لا ينبغي أن يضيَّق في الاشتراط على المسلمين فيها فإن المسلمين إخوة.
ومما يؤيد رفضه التعصب المذهبي جمعه فقهاء الأمصار في مجلسه ومكاتبتهم ليحضروا قراءة كتابه الإفصاح، وإغداقه عليهم الأموال والعطايا وسماعه لأقوالهم وآراء مذاهبهم، وكان ينفق على ذلك الأموال الطائلة(٢).
سادساً: وزارته(٣):
(٣) الوزير: في اللغة مأخوذ من الوزر وهو الثِّقْل، وسمي الوزير وزيراً لأنه يحمل وزر صاحبه أي ثقْله، والوزير هو الذي يوازر الأمير فيحمل عنه ما يحمله من الأثقال والذي يلتجىء الأمير إلى رأيه. ولم تُقرر قواعد الوزارة إلا في دولة بني العباس فأول من لُقب بالوزارة أبو سلمة حفص بن سليمان الخلَّال وزير السفَّاح أول خلفاء الدولة العباسية، ثم جرى الأمر على ذلك في اتخاذ الخلفاء والأمراء الوزراء. ينظر: جمهرة اللغة(٢/٧١٢)(وزر)، مقاييس اللغة(٦/١٠٨) (وزر)، التراتيب الإدارية لعبد الحي الكتاني(١٧-٢٠)
(٢)ينظر: وفيات الأعيان(٦/٢٣٢، ٢٣١)
(٣)الذيل على طبقات الحنابلة(١/٢٥٤)...