قال الإمام ابن تيمية(١) :( والاختيار في لغة القرآن يراد به التفضيل، والانتقاء، والاصطفاء كما قال تعالى :﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى = إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى = وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ﴾ (طه : ١١-١٣)...)(٢)
وتعريف الاختيار في الاصطلاح لا يختلف عنه كثيراً في اللغة ؛ وأكثر من يستعمل الاختيار كاصطلاح علمي له مدلوله أئمة القراءات ؛ فالاختيار عندهم يراد به :( ملازمة إمام معتبر وجهاً أو أكثر من القراءات ؛ فينسب إليه على وجه الشهرة والمداومة، لا على وجه الاختراع والرأي والاجتهاد.)(٣)
ومعلوم أن اختلاف القراء يفترق عن اختلاف غيرهم من أهل العلوم الأخرى ؛ فإن اختلاف القراء يكون بين قراءات كلها حق وصواب.(٤) وهذا يدل على أن اختيار أحدهم القراءة لا يعني ردّ أي قراءة ثابتة غيرها.

(١) هو : أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام الحرّاني، أبو العباس، المعروف بابن تيمية، الإمام الرباني، كان سيفاً مسلولاً على المخالفين، وإماماً قائماً ببيان الحق ونصرة الدين. قال فيه الحافظ المزي :( ما رأيت مثله، ولا رأى هو مثل نفسه، وما رأيت أحداً أعلم بكتاب الله وسنة رسوله ولا أتبع لهما منه )، صاحب تصانيف كثيرة لم يسبق إليها، ولد سنة ٦٦١ هـ، ومات سنة ٧٢٨ هـ. انظر ترجمته مفصلة له بعنوان : العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، لابن عبدالهادي وانظر : طبقات علماء الحديث له أيضاً ٤/٢٧٩ - ٢٩٦.
(٢) جامع الرسائل ١/١٣٧.
(٣) معجم الاصطلاحات في علمي التجويد والقراءات للدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري ص٢١.
(٤) انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري ١/٥٢.


الصفحة التالية
Icon