وقد انتقيت من تراجمه هذه المقتطفات، ولم أشر إلى مراجع كل فقرة على حدة ؛ لأنها لم تخرج عن المصادر التي أحلت إليها، وكلها قد حواها كتاب الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد.
أولاً : نسبه، وولادته، ونشأته :
هو أبو عبد الله، شمس الدين، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، الزرعي، ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قيم الجوزية رحمه الله.
اشتهر هذا الإمام بين أهل العلم بـ " ابن قيم الجوزية " ؛ لأن والده كان قيّماً على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن فقيل له :" قيّم الجوزية "، واشتهرت ذريته وحفدتهم من بعد ذلك بهذه النسبة، فصار الواحد منهم يدعى بـ " ابن قيّم الجوزية " وقد شاع عند المتأخرين اختصار هذه النسبة إلى :" ابن القيم "، غير أنه ينبغي التنبه على خطأ من يقول :" ابن القيم الجوزية ".
وأما ولادته ؛ فقد اتفقت كتب التراجم على أنه رحمه الله ولد سنة إحدى وتسعين وستمائة بعد الهجرة. وذكر بعضهم أنها كانت في اليوم السابع من شهر صفر.
وقد نشأ ابن قيم الجوزية رحمه الله في دمشق، في بيت علم ودين وورع وصلاح، وفي مدينة اشتهرت بالعلم والعلماء ؛ فقد كان أبوه رجلاً صالحاً، فاضلاً عالماً، وكان قيّماً على المدرسة الجوزية. وأخوه كان عالماً فاضلاً كذلك. ودمشق حينذاك كانت تزخر بالعلماء الجبال الأفذاذ، والحركة العلمية في أوجها، لا سيما في دمشق حاضرة العلم والعلماء.
هذا ؛ إلى ما وهبه الله جلّ وعلا من ذكاء مفرط، وذهن وقاد، واستعداد فطري للعلم والتعلم.
كل هذه الأسباب - بعد توفيق الله سبحانه وتعالى - أسهمت في تكوين شخصية ابن قيم الجوزية علمياً في سن مبكرة.
ثانياً : طلبه العلم، وأشهر شيوخه وتلاميذه :
عُرف ابن القيم رحمه الله بالرغبة الشديدة في طلب العلم، وبالجد والعزيمة في تحصيله، وبالجلد والمثابرة في البحث منذ نعومة أظفاره.
وكان يتلقى كل علم عن نوابغ المتخصصين فيه :