ذكرتُ في مقدمة هذا البحث أن هناك بحوثاً اهتمت بدراسة منهج ابن القيم في التفسير، وقد انتقيت منها أهم ما فيها(١)، وأضفت إليها ما فتح الله به ويسّره من الإضافات التي رأيت أن حاجة البحث تقتضيها، وجعلت ذلك كله في هذه المباحث الثلاثة :
المبحث الأول : جهود ابن القيّم في التفسير :
ابن القيم معدود في طبقات المفسرين (٢)، وقد ذكر أكثر من ترجم له أنه مفسّر، بل وُصف بأنه من الأئمة الكبار في التفسير. وهذه بعض النقول في ترجمته التي تبيّن ذلك :
قال تلميذه ابن رجب :( وكان عارفاً بالتفسير، لا يجارى فيه.)(٣)
وقال تلميذه ابن كثير :( وبرع في علوم متعددة، لا سيما علم التفسير والحديث والأصلين )(٤).
وقال تلميذه الصفدي :( وصار من الأئمة الكبار في علم التفسير والحديث والأصول.)(٥)
وجهود ابن القيم في التفسير لها عدة جوانب، أهمها :
الجانب الأول : التصنيف المستقل في التفسير وعلومه :
الإمام ابن القيم لم يكتب تفسيراً كاملاً للقرآن حسب مصادر ترجمته، مع أنه كان يتمنى ذلك ؛ فقد قال في كتابه بدائع الفوائد بعد أن ذكر مسائل في تفسير سورة " الكافرون " :( فهذا ما فتح الله العظيم به من هذه الكلمات اليسيرة النزرة، المشيرة إلى عظمة هذه السورة وجلالتها ومقصودها وبديع نظمها، من غير استعانة بتفسير، ولا تتبع لهذه الكلمات من مظان توجد فيه، بل هي استملاء مما علمه الله وألهمه بفضله وكرمه.
(٢) انظر طبقات المفسرين للداوودي ٢/٩٣-٩٧.
(٣) ذيل طبقات الحنابلة ٢/٤٤٨.
(٤) البداية والنهاية ١٤/٢٤٦.
(٥) الوافي بالوفيات ٢/٢٧١.