قول الله تعالى :﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ = إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ = فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ = فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ = فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ = فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ = قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴾ ( الذاريات : ٢٤-٣٠)
فعهدي بك إذا قرأت هذه الآية، وتطلعت الى معناها وتدبرتَها ؛ فإنما تطلع منها على أن الملائكة أتوا إبراهيم في صورة أضياف يأكلون، وبشروه بغلام عليم، وأن امرأته عجبت من ذلك ؛ فأخبرتها الملائكة أن الله قال ذلك، ولم يجاوز تدبرك غير ذلك.
فاسمع الآن بعض ما في هذه الآيات من أنواع الأسرار، وكم قد تضمنت من الثناء على إبراهيم ؟
وكيف جمعت آداب الضيافة وحقوقها ؟ وكيف يُراعَى الضيف ؟.
وما تضمنت من الرد على أهل الباطل من الفلاسفة والمعطلة.
وكيف تضمنت عَلَماً عظيماً من أعلام النبوه ؟
وكيف تضمنت جميع صفات الكمال، التي مردها إلى العلم والحكمة ؟
وكيف أشارت إلى دليل إمكان المعاد بألطف إشارة وأوضحها، ثم أفصحت بوقوعه ؟
وكيف تضمنت الإخبارَ عن عدل الرب وانتقامه من الأمم المكذبة ؟
وتضمنت ذكر الإسلام والإيمان، والفرقَ بينهما.
وتضمنت بقاء آيات الرب الدالة على توحيده، وصدق رسله، وعلى اليوم الآخر.
وتضمنت أنه لا ينتفع بهذا كله إلا من في قلبه خوف من عذاب الآخرة، وهم المؤمنون بها. وأما من لا يخاف الآخرة ولا يؤمن بها فلا ينتفع بتلك الآيات.)
ثم بدأ في تفصيل ما أجمله هنا.(١)
وتفسيره المجموع مليء بالاستنباطات، والفوائد والأحكام المستمدة من الآيات.