المبحث الثالث : مزايا تفسير ابن القيم :
لا يخفى أن المعالم الأربعة السابقة تعد من مزايا تفسير ابن القيم، فلا حاجة لتكرارها هنا، ويضاف إليها مزايا أخرى، أهمها :
الميزة الأولى : سلفية تفسيره :
ابن القيم - كما سبق في ترجمته - إمام من أئمة أهل السنة والجماعة، وقد قرر في مصنفاته أصول أهل السنة، وردّ على المخالفين لها من المبتدعة الضالين، والصوفية المنحرفين، إضاقة إلى بيانه لضلال الكفار من اليهود والنصارى والمشركين.
وظهور هذه الميزة في تفسيره يغني عن الإطالة في إيضاحها، ويكفي في ذلك الرجوع إلى ما حرره في كتبه التالية : الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، واجتماع الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية، وشفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل.
وقد فسّر في هذه الكتب الآيات التي بيّنت أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، وردّ على من تأولها تأويلاً فاسداً لتقرير بدعته.
ومن أهم ما قرره في التفسير فيما يتعلق بهذا الجانب : إبطاله لتأويل المنحرفين للقرآن، بيانه لأنواع التحريف الباطل الذي اتخذه هؤلاء سلماً لتقرير بدعهم، ثم تطبيق ذلك عملياً على الآيات التي أولوها، وبيان التأويل الصحيح لها.(١)
ومن أصول ابن القيم المهمة في هذا الباب : أن التفسير لا يؤخذ من أئمة الضلال المعروفين بالابتداع في الدين، ولا يعتمد على أقوال هؤلاء في تفسير القرآن، بل ولا ينبغي حكايتها ؛ لأنه قد علم أن هؤلاء يحرفون الكلم، ويفسرون القرآن بآرائهم ؛فلا يجوز العدول عن تفسير الصحابة والتابعين إلى تفسيرهم.(٢)
وقد أوضح الكثير من جوانب هذه الميزة الدكتور صبري المتولي في دراسته لمنهج أهل السنة في تفسير القرآن الكريم من خلال الدراسة الموضوعية لتفسير ابن القيم، ومما ذكره في نتائج هذه الدراسة :

(١) كل هذا قرره في كتابه : الصواعق المرسلة.
(٢) انظر مختصر الصواعق المرسلة ٣/٩٢٩-٩٣٠.


الصفحة التالية
Icon