وعلى هذه الأسس الواضحة البيّنه قام تفسير ابن القيم للقرآن ؛ فكان تفسيراً سهلاً مع عمقه، بيّناً مع غزارة معانيه، مفهوماً مع كثرة فوائده.
قال الشوكاني في ترجمة ابن القيم :( وله من حسن التصرف، مع العذوبة الزائدة، وحسن السياق ما لا يقدر عليه غالب المصنفين، بحيث تعشق الأفهام كلامه، وتميل إليه الأذهان، وتحبه القلوب.)(١)
الميزة الثالثة : شمولية تفسيره، وكثرة المواضيع العلمية التي احتواها :
ابن القيم رحمه الله من العلماء الموسوعيين - كما سبق -، وهو إمام في عدة علوم، بل هو من المتبحرين في أكثر علوم الشريعة، وقد ظهر أثر هذه الموسوعية في تفسيره، فتجد فيه تقريرات مسائل الاعتقاد، وتحقيقات علماء الأصول، وأبحاث الفقهاء، ومسائل النحويين، وعلوم البلاغيين، إضافة إلى تعرضه لعلوم الفلك، وأسرار الخلق.
كل هذه الموضوعات تجد منها ما يشفي العليل، ويروي الغليل وأنت تقرأ في تفسيره رحمه الله.
وقد توسع في بيان هذه الشمولية عند ابن القيم الدكتور قاسم القثردي في رسالته للماجستير :" ابن القيم وآثاره في التفسير "، وأفرد لها الباب الثالث كاملاً، وجعله بعنوان: "الشمولية في تفسير ابن القيم"، وتحدث فيه عن شمولية تفسير ابن القيم لمباحث العقيدة، وشموليته لمباحث الفقه وأصوله، وشموليته لمباحث علوم العربية، ثم شموليته لمباحث السلوك وعلوم عصره، وجعل ذلك كله في أربعة فصول استغرقت أكثر من ثلث هذه الرسالة.
الميزة الرابعة : سلامة تفسيره من الإسرائيليات الباطلة، والأحاديث الواهية :
لا شك في خطورة إثبات ما ثبت بطلانه من الإسرائيليات في كتب العلم عموماً، وفي كتب التفسير خصوصاً ؛ لما يترتب على ذلك من إفساد عقائد الناس، وتشكيكهم في كثير من المسلمات.

(١) البدر الطالع ١/١٤١.


الصفحة التالية
Icon