وهذا عندهم ليس من ذرية نوح، وقد قول الله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴾ (الصافات: ٧٧)، فأخبر أن كل من بقي على وجه الأرض فهو من ذرية نوح، فلو كان لعوج - هذا - وجود لم يبق بعد نوح.)(١)
كما أنه عدّ من علامات الحديث الموضوع : مخالفته لصريح القرآن. وقد ذكر لذلك بعض الأمثلة.(٢)
الميزة الخامسة : حرصه على التوفيق بين أقوال السلف في التفسير:
ابن القيم حفيّ بأقوال السلف، حريص على ذكرها في تفسيره، وإذا صحت عنهم عدة أقوال في تفسير آية أو لفظة قرآنية وكان بينها تعارض في الظاهر، أو اختلاف في المعنى ؛ فإنه يحرص على الجمع بينها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وقد سبق التنبيه على أن من منهجه في عرض أقوال الصحابة والتابعين : الحرص على توجيه أقوالهم، والبحث عن مخرج صحيح لها، وحملها على أحسن المحامل، تقديراً منه لهم، وثقة منه بحسن فهمهم، وثاقب نظرهم.
ولما جمعت اختياراته وترجيحاته في التفسير تبيّن لي حرصه الشديد على أن يوجه أقوال السلف، ويجمع بينها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. وسيأتي مزيد بيان لذلك عند الحديث عن منهجه في الاختيار.
الميزة السادسة : اشتمال تفسيره على كثير من أصول التفسير وقواعده :
وهذه من الميزات المهمة لتفسير ابن القيم ؛ فقد ذكر أثناء تفسيره للآيات الكثير من أصول التفسير وقواعده، وبنى عليها كثيراً من ترجيحاته واختياراته في التفسير.
وقد سبق ذكر بعضها عند الحديث عن منهجه في التفسير، وسيأتي ذكر طرف منها عند الحديث عن منهجه في الاختيار والترجيح - إن شاء الله -.
وهذه الأصول والقواعد تستحق دراسة مستقلة، وقد جمعتُ الكثير منها، وعسى الله أن ييسر بحثها في موضوع مستقل ؛ فهي جديرة بذلك.
(٢) انظرها في المصدر السابق ص٧٣-٨٧.