القاعدة الرابعة : القول الذي يدل عليه السياق أولى بالتقديم من غيره :
ابن القيم يعتني بدلالة السياق كثيراً، ويختار بها أقوال، ويرجح أخرى، ويرد بها كثيراً من الأقوال - كما سيأتي عند ذكر قواعد الترجيح عنده -.
ومن أمثلة ذلك قوله :( سياق الآية لا يحسن مع المعنى الذي ذكروه... ) (١)، وقوله :( وكأن هذا القول أظهر في الآية، والسياق يدل عليه )(٢)، وقوله :( وكأن هذا أنسب بالسياق )(٣).
ومما يحسن التنبيه عليه هنا أن القول قد يكون أنسب من جهة السياق، ولكن غيره أولى بالتقديم منه، لكون غيره أقوى باعتبار آخر أقوى من السياق.(٤)
القاعدة الخامسة : يُراعى في تفسير الآية تقديم القول الموافق لمقصودها والمراد منها:
عند احتمال الآية لأكثر من معنى صحيح فإن الأبلغ منهما، والأقرب هو ما كان مناسباً لمقصود الآية، ومتفقاً مع الغرض الذي سيقت الآية من أجله.
وكثيراً ما يعتمد ابن القيم - في حكمه على الأقوال التي تحتملها الآية - على مراعاة مقصودها، ومعرفة مراد الله منها ؛ فيقول مثلاً :( فإذا تقرر مقصود الآية ومرادها تبيَّن معنى الإضراب بـ"بل"، وتبين معنى الذي بدا لهم، والذي كانوا يخفونه... )(٥)، ويقول معللاً ضعف أحد الأقوال :( وأيضاً ؛ فلا يقتضيه فخامة المعنى ومقصوده... )(٦)، ويقول عندما لا يرتضي بعض الأقوال :( قلت : وهؤلاء كلهم حاموا حول المقصود. )(٧).

(١) انظر المسألة الرابعة والأربعين ص٤٠٣.
(٢) انظر المسألة الثامنة والخمسين ص٥١٢.
(٣) انظر المسألة الثانية والسبعين ص٦٢٦.
(٤) انظر التمثيل على هذا في دراسة المسألة الثانية والسبعين ص٦٢٦، والمسألة الأولى بعد المائة ص٨٠٢.
(٥) انظر المسألة السابعة والخمسين ص٥٠٠.
(٦) انظر المسألة التاسعة والخمسين ص٥١٩.
(٧) انظر المسألة السابعة والستين ص٥٨٤.


الصفحة التالية
Icon