وقال عن أحد الأقوال :( وهذا بعيد ؛ إذ عرف القرآن يأباه )(١).
القاعدة الثانية : قاعدة الترجيح بدلالة السياق :
ومن القواعد المهمة التي اعتمدها ابن القيم في الترجيح، وبيان ضعف كثير من الأقوال : قاعدة السياق.
والمراد بدلالة السياق : دلالة سابق الكلام، ولاحقه على معناه. ويطلق على سابق الكلام سباق، وعلى لاحقه لحاق.(٢)
ومن أنواع التأويل الباطل التي ذكرها ابن القيم : تأويل اللفظ بما لا يحتمله سياق الآية وتركيبها، وإن كان محتملاً في سياق آخر.(٣)
ومن تطبيقات هذه القاعدة في ترجيحات ابن القيم : قوله في سياق تفسيره لقول الله - عز وجل - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ... ﴾ (المائدة: من الآية١٠٦) :( وقال بعضهم : الشهادة هنا بمعنى الحضور، لا الإخبار. وهذا إخراج للكلام عن الفائدة وحمل له على خلاف مراده، والسياق يبطل هذا التأويل المستنكر.
وقال بعضهم : الشهادة هنا بمعنى اليمين.
وظاهر السياق، بل صريحه يشهد بأنها شهادة صريحة، مؤكدة باليمين ؛ فلا يجوز تعطيل وصف الشهادة.)(٤)
القاعدة الثالثة : قاعدة وجوب حمل كلام الله على الحقيقة، وعدم جواز حمله على المجاز:
توسع ابن القيم في تقرير هذه القاعدة، وسمّى المجاز طاغوتاً من طواغيت الجهمية والمعطلة، وتوسع في الرد على القائلين به، وذكر أكثر من خمسين وجهاً في ذلك.(٥)

(١) انظر المسألة الحادية عشر.
(٢) انظر قواعد الترجيح عند المفسرين للدكتور حسين الحربي ١/١٢٥- ١٢٦.
(٣) انظر الصواعق المرسلة ١/١٨٨-١٨٩.
(٤) انظر المسألة الثالثة والخمسين. وانظر لمزيد من التطبيقات : المسألة الأولى، والعاشرة، والسابعة والخمسين.
(٥) انظر مختصر الصواعق المرسلة ٢/٦٩٠ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon