ثم ذكر بالتفصيل بطلان ما ادّعوا فيه المجاز من كلام الله تعالى، وذكر التفسير الصحيح للآيات التي حملوها على المجاز.(١)
القاعدة الرابعة : الأصل أن أكثر عمومات القرآن باقية على عمومها، وحملُها على الخصوص تعطيل لدلالتها، وإخراجٌ لها عما قُصد بها، وهضمٌ لمعناها، وإزالةٌ لفائدتها.
وهذه القاعدة من القواعد التي تميّز ابن القيم بتقريرها وإيضاحها ؛ فقد بيّن أن ألفاظ القرآن من حيث العموم والخصوص ثلاثة أنواع :
أحدها : ألفاظ في غاية العموم ؛ فدعوى التخصيص فيها يبطل مقصودها وفائدة الخطاب بها.
الثاني : ألفاظ في غاية الخصوص ؛ فدعوى العموم فيها لا سبيل إليه.
الثالث : ألفاظ متوسطة بين العموم والخصوص.
ثم ذكر أمثلة لكل نوع، مع ذكر تنبيهات مهمة تتعلق بها.
ومما قرره : أن أهل البدع والأهواء يلجأون إلى تخصيص عمومات القرآن لتقرير بدعهم ؛ فكلما احتج عليهم أحد بآيات تخالف ما قرروه لجأوا إلى دعوى الخصوص، وقالوا : هذا في طائفة معينة.
قال ابن القيم :( وأكثر طوائف أهل الباطل ادعاءً لتخصيص العمومات هم الرافضة، فقلّ أن تجد في القرآن والسنة لفظاً عاماً في الثناء على الصحابة إلا قالوا : هذا في علي وأهل البيت.
وهكذا تجد كل أصحاب مذهب من المذاهب إذا ورد عليهم عام يخالف مذهبهم ادعوا تخصيصه، وقالوا : أكثر عمومات القرآن مخصوصة.
وليس ذلك بصحيح، بل أكثرها محفوظة باقية في عمومها ؛ فعليك بحفظ العموم فإن يخلصك من أقوال كثيرة باطلة... )

(١) المصدر السابق ٣/٨٥٦ وما بعدها. وأكثر الآيات التي أوردها في هذا الباب من آيات الصفات، ولم أوردها في هذا البحث لأنها قد بحثت كثيراً، وأفردت بدراسة في رسالة للدكتوراه بعنوان :"جهود الإمام ابن قيم الجوزية في تقرير توحيد الأسماء والصفات" من إعداد : وليد بن محمد بن عبد الله العلي، وهي مطبوعة في ثلاث مجلدات.


الصفحة التالية
Icon