إلى أن قال :( والمقصود أن حملَ عمومات القرآن على الخصوص تعطيل لدلالتها، وإخراج لها عما قصد بها، وهضم لمعناها، وإزالة لفائدتها.)
ثم ذكر أمثلة للأقوال الباطلة التي تخالف هذا الأصل.(١)
وقد ختم كلامه الطويل حول هذا الأصل الكبير بقوله :( ولو لم يكن في حمل تفسير القرآن على الخصوص دون العموم إلا ما يتصوره التالي له في نفسه، من أن تلك الآيات إنما قصد بها أقوام من الماضين دون الغابرين ؛ فيكون نفعه وعائدته على البعض دون البعض لكان في ذلك ما يوجب النفرة عن ذلك، والرغبة عنه.
وبحكمة بالغة عدل الرب تعالى عن تسمية من ذكر هؤلاء أنهم مراد باللفظ إلى ذكر الأوصاف والأفعال التي يأخذ كل أحد منها حظه، ولو سمى سبحانه أصحابها بأسمائهم لقال القائل لست منهم.)(٢)
القاعدة الخامسة : إنما تفسر الآيات بلغة المخاطبين الذين نزل القرآن عليهم، ولا يجوز حملها على اصطلاح حادث :
ذكر ابن القيم أن من أنواع التأويل الباطل لكلام الله - عز وجل - : تأويله بما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب، وإن ألف في الاصطلاح الحادث. قال رحمه الله :( وهذا موضع زلة فيه أقدام كثير من الناس، وضلت فيها أفهامهم ؛ حيث تأولوا كثيراً من ألفاظ النصوص بما لم يؤلف استعمال اللفظ له في لغة العرب البتة، وإن كان معهوداً في اصطلاح المتأخرين. وهذا مما ينبغي التنبه له ؛ فإنه حصل بسببه من الكذب على الله ورسوله ما حصل.)
ثم ذكر بعض الأمثلة على ذلك، ومنها ما ذكره بقوله :(كما تأولت طائفة قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا أَفَلَ ﴾ (الأنعام: من الآية٧٦) بالحركة، وقالوا : استدل بحركته على بطلان ربوبيته.

(١) انظر ذلك كله في الصواعق المرسلة ٢/٦٨٦-٧٠٨. ومن أمثلة الأقوال الضعيفة التي خالفت هذا الأصل ما جاء في المسألة السادسة والتسعين.
(٢) المصدر السابق ٢/٧٠٧-٧٠٨.


الصفحة التالية
Icon