قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ: " وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجّد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتألّه ولهج بالذكر، وشغف بالمحبّة والإنابة والافتقار إلى الله تعالى، والانكسار له، والاطّراح بين يديه على عتبة عبوديّته، لم أشاهد مثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علماً، ولا أعرف بمعاني القرآن والحديث والسنّة وحقائق الإيمان منه، وليس بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله، وقد امتحن وأوذي مرّات، وحبس مع الشيخ تقيّ الدين في المرّة الأخيره بالقلعة منفرداً عنه، ولم يفرج عنه إلاّ بعد موت الشيخ، وكان في مدّة حبسه مشتغلاً بتلاوة القرآن، وبالتدبّر والتفكّر، ففتح عليه من ذلك خير كثير.. "، أخذ عنه العلم خلق كثير من حياة شيخه، وإلى أن مات، وانتفعوا به، ودرّس بالصدريّة، وأمّ بالجوزيّة مدّة طويله، وكتب بخطّه ما لا يوصف كثرة، وصنّف تصانيف كثيرة جدّاً في أنواع العلوم، وقد اعتنى به الشيخ، وخصّه ببعض الدرر من النصائح والفوائد والتوجيهات، توفي رحمه الله ثالث عشر رجب، سنة إحدى وخمسين وسبع مئة(١).
أثر اختيارات الشيخ وترجيحاته على ابن القيّم: