ولا يخفى ما في هذه المقولة من التجنّي على الإمام ابن القيّم ـ رحمه الله ـ، وقد تولّى الشيخ العلاّمة بكر بن عبد الله أبو زيد ـ حفظه الله ـ(١)الردّ على هذه المقولة، فأحسن وأجاد. وملخّص ما ذكره: أنّ هذه المقولة مجرّد دعوى لا تثبت بالأدلّة والبراهين، ويدلّ لذلك وجوه:
؟ أحدها: موارد ابن القيّم في تآليفه، فلم يكن ـ رحمه الله ـ يقتصر على الأخذ من كتب شيخه ـ على كثرتها ـ، بل كان يعتمد على مصادر أخرى متنوّعة كما يظهر ذلك في ثنايا بحوثه وتآليفه.
؟ الثاني: تعرّضه لمباحث لم يتعرّض لها شيخه، ومن ذلك: كتابه الشهير ( مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة ) فجلّ مباحثه لم يسبقه إليها شيخه. وكذا كتابه ( زاد المعاد في هدي خير العباد ) في ترتيب هدي النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في أعماله وعبادته وسيرته الشريفة وفقهها، وغيرها من الكتب والمباحث.
وفي المقابل، فإنّ للشيخ ـ رحمه الله ـ ضروباً من التآليف والمباحث لا توجد عند ابن القيّم ـ رحمه الله ـ، ممّا يدلّ على تميّز كلّ منهما عن الآخر في كثير من الأمور، وإن توافقا في كثير من الأمور أيضاً.
؟ الثالث: مخالفته لشيخه في بعض المسائل والاختيارات، وسيأتي ذكر شيء من ذلك قريباً إن شاء الله تعالى.