قال ابن القيّم ـ رحمه الله ـ: ".. فقيل: لابتغوا السبيل إليه بالمغالبة والقهر، كما يفعل الملوك بعضهم في بعض. ويدلّ عليه: قوله في الآية الأخرى: ﴿.. ولعلا بعضهم على بعض.. ﴾ [ المؤمنون: ٩١ ].
ثمّ قال: " قال شيخنا ـ رضي الله عنه ـ: والصحيح أنّ المعنى: لابتغوا إليه سبيلاً بالتقرّب إلى طاعته، فكيف تعبدونهم من دونه وهم لو كانوا آلهة كما يقولون؛ لكانوا عبيداً له ".
ثمّ ذكر بعض الوجوه التي تدعم هذا القول(١).
؟ ومثال السابع: قوله تعالى: ﴿ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا.. ﴾[ يونس: ٥٨ ].
فقد اختار الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذه الآية أنّ فضل الله: القرآن، ورحمته: الإسلام.
واختلف قول ابن القيّم ـ رحمه الله ـ، فاختار في موضع قول الشيخ(٢). واختار في مواضع أخرى أنّ فضله: الإسلام والإيمان. ورحمته: العلم والقرآن(٣).
ومّا سبق يظهر أثر الشيخ على تلميذه في اختياراته وترجيحاته، لكنّ ذلك لا يعني أنّ ابن القيّم ـ رحمه الله ـ لم يكن يخرج عن آراء شيخه، بدليل مخالفته له في بعض الاختيارات والترجيحات، ومن ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ ويسلونك عن الروح قل الروح من أمر ربّي.. ﴾[ الإسراء: ٨٥ ].
فقد ذكر الشيخ في معنى الروح في هذه الآية قولين، أحدهما: أنّ المراد روح الآدميّ، والثاني: أنّه ملَك عظيم. ثمّ توقّف عن اختيار أحدهما(٤)، بينما رجّح ابن القيّم ـ رحمه الله ـ الثاني، وذكر أنّه قول أكثر السلف، بل كلّهم(٥).

(١) ينظر: إعلام الموقّعين: ٣/ ٢٢٤- ٢٣٠. وينظر ـ للاستزادة ـ: حادي الأرواح: ٢٠٢، مع ص ٢٠٧ من هذه الرسالة.
(٢) ينظر: إغاثة اللهفان: ٢/ ٧٠.
(٣) ينظر: مدارج السالكين: ٣/ ١٠٦، واجتماع الجيوش الإسلاميّة على غزو المعطّلة والجهميّة ( بيروت: دار الكتب العلميّة ): ص٦.
(٤) ينظر: ص ٥٧٨ من هذه الرسالة.
(٥) ينظر: الروح ( بيروت: دار الفكر ): ص١٥١.


الصفحة التالية
Icon