التعريف بالحافظ ابن رجب:
هو زين الدين، أبو الفرج، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغداديّ، ثمّ الدمشقيّ الحنبليّ. ولد سنة ستّ وثلاثين وسبع مئة. قدم مع والده من بغداد إلى دمشق وهو صغير، وأجازه عدد من الأئمّة، واشتغل بسماع الحديث باعتناء والده، وحدّث عن عدد من العلماء. وقد أتقن فنّ الحديث، وصار علماً فيه، وأعرف أهل عصره بالعلل والأسانيد. وانتفع به غالب الحنابلة بدمشق، إضافة إلى بروزه في الوعظ. له مصنّفات عدّة، منها: شرح صحيح البخاري ( لم يكمله )، وشرح جامع الترمذي، وشرح أربعين النووي مع زيادة عشرة أحاديث، وهو المسمّى: ( جامع العلوم والحِكَم ). وله كتاب اللطائف في الوعظ، وأهوال القيامة، والقواعد الفقهيّة، والذيل على طبقات الحنابلة.
أثنى عليه معاصروه حتّى من غير المسلمين، مات سنة خمس وتسعين وسبع مئة(١).
وقد ذكر ابن حجر أنّه كان يفتي بمقالات ابن تيميّة، فنُقم عليه، فأظهر الرجوع عن ذلك، فنافره التيميّون، فلم يكن مع هؤلاء، ولا مع هؤلاء..!(٢).
وهذا الذي ذكره ابن حجر فيه نظر، وذلك لوجوه:
؟ أحدها: أن الذين ترجموا لابن رجب ـ رحمه الله ـ من الحنابلة وغيرهم، لم يذكروا ذلك عنه. ولو وقع شيء من ذلك لذكروه.
؟ الثاني: أنّ المتأمّل في كتب ابن رجب لا يظهر له ما ذُكر من إظهار الرجوع عن الإفتاء بمقالات الشيخ، وإنّما قد يخالف الشيخ بما يراه أظهر في الدليل عنده، وفي ذلك دليل على ظهور شخصيّته، واستقلاله في التفكير، فلم يكن مجرّد مقلّد.
(٢) ينظر: إنباء الغمر: ٣/ ١٧٦.