فقد ذكر ابن رجب ـ رحمه الله ـ أنّ الحصر المعروف المطّرد هو حصر الأوّل في الثاني، وهو ها هنا حصر الخشية في العلماء، ثمّ قال: " وأمّا حصر الثاني في الأوّل، فقد ذكره الشيخ أبو العبّاس ابن تيميّة ـ رحمه الله ـ(١)، وأنّه قد يكون مراداً أيضاً، فيصير الحصر من الطرفين، ويكونان متلازمين.. "(٢). ثمّ أيّد ذلك بشواهد أخرى.
ومثال الرابع:
؟ قوله تعالى: ﴿.. إنّما يتقبّل الله من المتّقين ﴾[ المائدة: ٢٧ ].
فقد رجّح الشيخ في معنى هذه الآية أنّ الله يتقبّل العمل ممّن اتّقى الله فيه، فمن اتّقاه في عمل؛ تقبّله منه، ومن لم يتّقه فيه، لم يتقبله منه(٣).. وقد انفرد الشيخ بالتنبيه على هذا المعنى دون سائر المفسّرين. وقد تبعه ابن رجب، فنبّه على ما نبّه إليه الشيخ، فقال: " فمن اتّقى الله في العمل؛ قبله منه. ومن لم يتّقه، لم يقبله منه "(٤).
ومثال الخامس:
؟ قوله تعالى: ﴿.. فإن كان له إخوة فلأمّه السدس.. ﴾[ النساء: ١١ ].
فقد ذكر ابن رجب ـ رحمه الله ـ أنّه إذا اجتمع أمّ وإخوة، وليس معهم أب؛ فإنّ للأمّ السدس، والباقي للإخوة. وأمّا مع وجود الأب، فقد ذكر أنّ في المسألة خلافاً على أقوال ثلاثة:
o أحدها: أنّ الإخوة يحجبون الأمّ عن الثلث ولا يرثون. وهو قول الأكثرين.
o الثاني: أنّهم يرثون السدس الذي حجبوا عنه الأمّ بالفرض، كما يرث ولد الأمّ مع الأمّ بالفرض. ، وهو مرويّ عن ابن عبّاس.

(١) ينظر: الحسنة والسيّئة ( بيروت: دار الكتب العلميّة ): ص ٦٤.
(٢) الكلام على قوله تعالى: ﴿ إنّما يخشى الله من عباده العلمؤا.. ﴾[ فاطر: ٢٨]، عن روائع التفسير: ٢/ ١١٦، ١١٧.
(٣) ينظر: ص ١٩٦ من هذه الرسالة.
(٤) شرح حديث شدّاد بن أوس " إذا كنز الناس الذهب والفضّة.. " ( الرياض: دار الوطن ): ص ٤٥، وروائع التفسير: ١/ ٤٢٣.


الصفحة التالية
Icon