ثمّ قال: " والصواب: إطلاق ما جاءت به نصوص الكتاب والسنّة: أنّ الآخرة خير من الأولى مطلقاً "(١).
وهذا الذي ذكره ابن رجب من التقديم والتأخير ضعيف لوجوه:
؟ أحدها: أنّ القول بالتقديم والتأخير خلاف الأصل، كما هو مقرّر في قواعد الترجيح(٢).
؟ الثاني: أنّ ذلك مخالف لمعهود القرآن من تقديم لفظ ( خير ) على حرف الجرّ ( من ) لفظاً ومعنى، كما قال تعالى: ﴿ ولئن رددت إلى ربّي لأجدنّ خيراً منها منقلباً ﴾[ الكهف: ٣٦ ]، وقوله تعالى: ﴿ عسى ربّنا أن يبدلنا خيراً منها.. ﴾ [ القلم: ٣٢ ]، وأمثال ذلك من الآيات. ويوضّح ذلك الوجه:
؟ الثالث: أنّ الخيرية هنا ليس المراد بها الخيرية في الجنس، وإنّما المراد: في العدد كما جاء تفسير ذلك في قوله تعالى في الآية الأخرى: ﴿ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.. ﴾[ الأنعام: ١٦٠ ]. وبهذا يزول الإشكال الذي أورده ابن رجب ـ رحمه الله ـ. والله تعالى أعلم.
( القسم الثاني )
دراسة اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية وترجيحاته في التفسير
( من أول سورة المائدة إلى آخر سورة الإسراء )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سورةالمائدة
١ ـ قوله تعالى: ﴿.. أوفوا بالعقود.. ﴾[المائدة: ١].
أجمع المفسرون على أنّ العقود في الآية هي العهود(٣).
واختلفوا في المراد بها على أقوال كثيرة، يمكن إجمالها فيما يلي :
(٢) ينظر: قواعد الترجيح عند المفسّرين: ٢/ ٤٥١.
(٣) ينظر: الإجماع في التفسير لمحمّد الخضيريّ ( الرياض: دار الوطن ): ص ٢٧٨.