وهذا الكتاب اشتمل على بيان الفرائض والديات، والسنن الواجبة بالشرع(١)، وهذا نوع تفسير للآية.
الدراسة والترجيح:
اختار هذا القول: الإمام الطبريّ ـ رحمه الله ـ في تفسيره، وذكر أنّه الأولى
بالصواب(٢)وعلّل اختياره بمثل ما ذكره الشيخ من دلالة موضوع السورة، حيث أتبع الله هذه الآية ببيان ما أحلّ لعباده وحرّم عليهم، وما أوجب عليهم من فرائضه..
واستظهر هذا القول الزمخشريّ(٣)في تفسيره، فذكر أنّه كلام قُدّم مجملاً، ثمّ عقّب بالتفصيل، وهو قوله: ﴿.. أحلّت لكم بهيمة الأنعم.. ﴾، وما بعده(٤)، وتابعه النسفيّ(٥)على ذلك(٦).
واختار ابن عطيّة ـ رحمه الله ـ العموم، فقال: " وأصوب ما يقال في تفسير هذه الآية، أن تعمّم ألفاظها بغاية ما تتناول، فيعمّم لفظ ( المؤمنين ) جملة في مُظهر الإيمان ـ إن لم يبطنه ـ، وفي المؤمنين حقيقة. ويعمّم لفظ ( العقود ) في كلّ ربط بقول موافق للحقّ والشرع.. "(٧).

(١) ينظر: مجموع الفتاوى: ٢٨/٦٤٨.
(٢) ينظر: جامع البيان: ٤/٣٨٨.
(٣) هو أبو القاسم جار الله محمّد بن عمر الزمخشريّ المعتزليّ، إمام في اللغة والنحو والأدب، كان مجاهراً بالاعتزال، وله التفسير المشهور: الكشّاف شحنه بالاعتزاليات دسّاً، مات سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة. ( ينظر: نزهة الألبّاء في طبقات الأدباء لابن الأنباري ( الأردن: مكتبة المنار ): ص٢٩٠، ومعجم الأدباء لياقوت الحمويّ ( بيروت: دار الفكر ): ١٩/١٢٦ ).
(٤) ينظر: الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ( بيروت: دار المعرفة ): ١/٣٢٠.
(٥) هو أبو البركات، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفيّ الحنفيّ، الفقيه والأصوليّ والمفسّر، صاحب المصنّفات العديدة، مات سنة إحدى وسبع مئة. ( ينظر: الدرر الكامنة: ٢/ ٢٤٧ ).
(٦) ينظر: مدارك التنزيل وحقائق التأويل ( بيروت: دار الكلم الطيّب ): ١/ ٢٦٦.
(٧) المحرّر الوجيز: ٤/٣١٥.


الصفحة التالية
Icon