والقول الأوّل هو الراجح لوجهين:
؟ أحدهما: عموم قوله تعالى: ﴿.. وما أهلّّ لغير الله به..﴾، وهو عموم محفوظ ـ كما سبق ـ يعمّ كل ما نطق به لغير الله، أو كان منوياً لغيره ولو بلا نطق.
والإهلال وإن كان معناه في الأصل رفع الصوت، إلا أنّ الحكم في هذا لا يختلف برفع الصوت وخفضه، وإنّما جاء التعبير بهذا اللفظ، جرياً على عادتهم في رفع الصوت عند الذبح، وإلا فإنّ العبرة بالنية(١).
؟ الثاني: ورود النهي الصريح عن الأكل ممّا لم يذكر اسم الله عليه، كما قال تعالى: ﴿ ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه وإنّه لفسق..﴾[الأنعام: ١٢١]، وهذا نهي عامّ عن كلّ مالم يذكر اسم الله عليه على سبيل العمد؛ فما ذكر عليه اسم غير الله كالمسيح ونحوه، من باب أولى. وهذا ممّا احتجّ به الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ، في أصحّ الروايتين عنه(٢).
أمّا ما احتجّ به أصحاب القول الثاني من اختلاف مفهوم الإله عند النصارى، حيث إنّهم يقولون: إنّ الله هو المسيح ابن مريم، وإنّه ثالث ثلاثة.. ، وأنّ الله قد علم ما ذكروا، وأنّه غير الإله، ومع ذلك أحلّ طعامهم..
(٢) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم: ٢/٥٥٤.