فالجواب: أنّ ما ذكروه من قولهم: " إنّ الله علم ما ذكروا، وأنّه غير الإله " ليس بصحيح، فإنّ النصارى متفقون على الإيمان بإله واحد، لكنّهم أفسدوا توحيدهم بما اعتقدوه من الاتّحاد والحلول، كما جاء في أصل دستورهم الذي اتفقوا عليه في مجمع نيقية المنعقد سنة ٣٢٥ م، حيث قالوا: " نؤمن بإله واحد، آب واحد، ضابط الكلّ، خالق السماء والأرض، كلّ ما يرى وما لا يرى. وبربّ واحد؛ يسوع الابن الوحيد المولود من الآب قبل الدهور من نور الله. إله حقّ، من إله حقّ، مولود غير مخلوق.. " إلى آخر ما ذكروه(١). فإذا ذكروا اسم الله، حلّت ذبيحتهم، وإن اعتقدوا فيه ما اعتقدوا، لأنّ الله إنّما أحلّ ذبائحهم لأنّهم أهل كتاب، لا لأجل توحيدهم، فإنّ الله قد حكم عليهم بالكفر في غير ما موضع من كتاب الله. أمّا إذا صرّحوا باسم المسيح أو غيره من المخلوقين؛ فإنّهم حينئذ خرجوا من الكفر إلى مشابهة المشركين من عبدة الأوثان، فكان حكمهم كحكم المشركين.
٣ ـ قوله تعالى: ﴿.. إلاّ ما ذكّيتم.. ﴾[المائدة: ٣].
اختار الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ قوله: ( إلا ما ذكّيتم.. ) عائد إلى ما تقدّم من المنخنقة، والموقوذة، والمتردّية، والنطيحة، وأكيلة السبع. وذكر أنّ هذا القول هو قول عامّة العلماء، كالشافعيّ، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم. فما ذكي قبل أن يموت ـ ممّا ذكر ـ فقد أبيح(٢).
وعلى هذا، فالاستثناء متّصل.
الدراسة، والترجيح:
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى: ٣٥/٢٣٧.