؟ ثانياً: جراب الشحم الذي وجده عبد الله بن المغفّل ـ رضي الله عنه ـ في غزوة خيبر، يحتمل أن يكون من الشحم الذي أبيح لهم، فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لم يحرّم عليهم جميع الشحوم، بل استثنى منها شيئاً، كما قال ـ سبحانه ـ: ﴿ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم..﴾[الأنعام: ١٤٦]، والأصل هو الحلّ، ما لم يقم دليل على التحريم.
؟ ثالثاً: ما روي عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ في تفسير الطعام بالذبائح، إن صحّ، فهو موقوف عليه، ثمّ هو تفسير بالمثال؛ وإلا فإنّ ممّا لا ينازع فيه أنّ الطعام أعمّ من الذبائح.
؟ رابعاً: قولهم: إنّ التذكية لا تقع على بعض أجزاء المذبوح دون بعض.. الخ، غير مسلّم، فإنّها تقع عندهم في دينهم، وإلا لما حرمت عليهم الشحوم التي ذكر الله.
؟ خامساً: قولهم: إنّ اليهودي لو ذبح ما له ظفر كالإبل ونحوه ممّا حُرّم عليهم، لا يحلّ للمسلم أكله.. يجاب عنه بأنّه إن كان ذبحه لنفسه، فإنّه لا يحل، لأنّه ليس من طعامهم، والأصل أنّهم لا يفعلون ذلك. أمّا إن كان قد ذبحه للمسلمين، فإنّه حلال، لأنّه حينئذ من طعام المسلمين وليس من طعامهم، وإنّما باشروا هم التذكية فقط(١).
وقد يقال بأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قد أباح لهم طعامنا، ومن طعامنا ما هو محرّم عليهم في دينهم، كالإبل ونحوه، فيكون ذلك بمثابة النسخ لما حرّم عليهم ممّا هو مباح لنا، والله تعالى أعلم.