أمّا قول من قال إنّ المراد بالطعام: الفواكه والحبوب ونحوها دون اللحم، فهو قول الزيديّة، والإماميّة الرافضة، حتّى حكى بعضهم الإجماع على ذلك(١). وهو قول خارج عن أقاويل أهل السنّة والجماعة، وقد أجاب الشيخ ـ رحمه الله ـ عن هذا القول بأجوبة شافية كافية، وبيّن خطأه من وجوه:
؟ الأوّل: أنّ هذه [ أي الفواكه والحبوب ] مباحة من أهل الكتاب والمشركين والمجوس، فليس في تخصيصها بأهل الكتاب فائدة.
؟ الثاني: أنّ إضافة الطعام إليهم يقتضي أنه صار طعاماً بفعلهم، وهذا إنّما يستحقّ في الذبائح التي صارت لحماً بذكاتهم. فأمّا الفواكه؛ فإنّ الله خلقها مطعومة لم تصر طعاماً بفعل آدمي.
؟ الثالث: أنّه قرن حلّ الطعام بحلّ النساء، وأباح طعامنا لهم، كما أباح طعامهم لنا. ومعلوم أنّ حكم النساء مختصّ بأهل الكتاب دون المشركين، فكذلك حكم الطعام. والفاكهة والحبّ لا يختصّ بأهل الكتاب.
؟ الرابع: أنّ لفظ الطعام عامّ، وتناوله للّحم ونحوه، أقوى من تناوله للفاكهة؛ فيجب إقرار اللفظ على عمومه، لاسيّما وقد قرن الله به قوله تعالى: ﴿وطعامكم حلّ لهم ﴾، ونحن يجوز لنا أن نطعمهم كلّ أنواع طعامنا، فكذلك يحلّ لنا أن نأكل جميع أنواع طعامهم "(٢).
(٢) مجموع الفتاوى: ٣٥/٢١٧.