وأمّا ما ذكروه من الإجماع، فقد أجاب عنه الشوكاني ـ رحمه الله ـ بقوله: " وأمّا ما يقال من حكاية الإجماع على عدم حلّ ذبيحة الكافر، فدعوى الإجماع غير مسلّمة، وعلى تقدير أنّ لها وجهَ صحّةٍ؛ فلا بدّ من حملها على ذبيحة كافر ذبح لغير الله، أو لم يذكر اسم الله(١).
وأمّا ذبيحة أهل الذمّة، فقد دلّ على حلّها: القرآن الكريم: ﴿.. وطعام الذين أوتوا الكتب حلّ لكم.. ﴾، ومن قال إنّ اللحم لا يتناوله الطعام فقد قصّر في البحث، ولم ينظر في كتب اللغة، ولا نظر في الأدلّة الشرعيّة المصرّحة بأنّ النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أكل ذبائح أهل الذمّة، كما في أكله للشاة التي طبختها يهوديّة، وجعلت فيها سمّاً. والقصّة أشهر من أن تحتاج إلى التنبيه عليها. ولا مستند للقول بتحريم ذبائحهم إلا مجرّد الشكوك والأوهام التي يبتلى بها من لم يرسخ قدمه في علم الشرع.. "(٢).
المسألة الثانية: المراد بالذين أوتوا الكتاب:
اختلف أهل العلم بالمراد بالذين أوتوا الكتاب: هل المراد بهم الذين هم بعد نزول القرآن متديّنون بدين أهل الكتاب، أم المراد بهم: من كان آباؤهم قد دخلوا في دين أهل الكتاب قبل النسخ والتبديل ؟ فرجّح الشيخ الأوّل.
قال رحمه الله ـ بعد أن ذكر الخلاف في هذه المسألة ـ: ".. وبالجملة، فالقول بأنّ أهل الكتاب المذكورين في القرآن هم من كان دخل جدّه في ذلك قبل النسخ والتبديل؛ قول ضعيف.. "(٣).
الدراسة، والترجيح:
(٢) السيل الجرّار: ٤/٦٥.
(٣) مجموع الفتاوى: ٣٥/٢٢٣.