وقد وافق الشيخ في ترجيحه: الطبريّ... (١)، والجصّاص(٢)، وابن عطيّة ـ ولم يصرّح به ـ(٣).
وخالفهم البغويّ؛ فذكر القول الثاني، ولم يذكر غيره(٤). واستظهره أبو حيّان(٥)، ولم يذكرا حجّة على ذلك سوى ما روي عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ من نهيه عن ذبائح بني تغلب. و قد أجاب الشيخ بأنّ ما روي عن عليّ، لا يُعرف إلا عنه وحده. وعامّة المسلمين من الصحابة وغيرهم، لم يحرّموا ذبائحهم. وقد ذكر الطبريّ أنّ هذا القول مخالف لإجماع الحجّة(٦)، بل ذكر الطحاويّ ـ رحمه الله ـ أنّ هذا إجماع قديم(٧). وما ذكره الشيخ من الأدلّة كاف في ترجيح هذا القول.
٧، ٨ ـ قوله تعالى:﴿.. والمُحْصَنتُ مِن َ الذين َ أُوتوا الكتبَ..﴾[المائدة : ٥].
فيه مسألتان:
؟ الأولى: حكم نكاح نساء أهل الكتاب.
؟ الثانية: المراد بالمحصنات.
المسألة الأولى: حكم نكاح نساء أهل الكتاب:
رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ حلّ نكاح نساء أهل الكتاب، بل ذكر أنّ القول بالتحريم: " ليس من أقوال أحد من أئمّة المسلمين المشهورين بالفتيا، ولا من أقوال أتباعهم، وهو خطأ مخالف للكتاب والسنّة والإجماع القديم ".
ثمّ قال ـ رحمه الله ـ: " فإن قيل إنّ هذه الآية معارضة بقوله: ﴿ ولا تنكحوا المشركت حتّى يؤمن ّ.. ﴾[البقرة: ٢٢١]، وبقوله تعالى: ﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾[الممتحنة: ١٠]. قيل: الجواب من ثلاثة أوجه:
(٢) ينظر: أحكام القرآن: ٢/٣٢٣.
(٣) ينظر: المحرّر الوجيز: ٤/٣٥٨.
(٤) ينظر: معالم التنزيل: ٣/١٨.
(٥) ينظر: البحر المحيط: ٣/٤٤٧.
(٦) ينظر: جامع البيان: ٤/٤٤٢.
(٧) ينظر: مختصر اختلاف العلماء، اختصار: أبي بكر الجصّاص ( بيروت: دار البشائر الإسلاميّة ): ٣/ ٢٠٦.