الوجه الثاني: إذا قدّر أن لفظ ( المشركات )، و( الكوافر ) يعمّ الكتابيات، فآية المائدة خاصّة، وهي متأخّرة، نزلت بعد سورة الممتحنة والبقرة باتّفاق العلماء، كما في الحديث: " المائدة من آخر القرآن نزولاً، فأحلّوا حلالها، وحرّموا حرامها "(١)، والخاصّ المتأخر، يقضي على العامّ المتقدّم باتّفاق علماء المسلمين، لكنّ الجمهور يقولون: إنّه مفسّر له. فتبيّن أنّ صورة التخصيص لم ترد باللفظ العامّ، وطائفة يقولون: إنّ ذلك نُسخ بعد أن شُرع.
الوجه الثالث: إذا فرضنا النّصّين خاصّين، فأحد النّصّين حرّم ذبائحهم ونكاحهم، والآخر أحلّهما؛ فالنصّ المحلّل لهما يجب تقديمه لوجهين، أحدهما: أنّ سورة المائدة هي المتأخّرة باتّفاق العلماء، فتكون ناسخة للنصّ المتقدّم.. الثاني: أنّه قد ثبت حلّ طعام أهل الكتاب بالكتاب والسنّة والإجماع، والكلام في نسائهم، كالكلام في ذبائحهم. فإذا ثبت حلّ أحدهما، ثبت حلّ الآخر.. "(٢).
الدراسة، والترجيح:
عامّة المفسّرين يذكرون الخلاف في هذه المسألة في سورة البقرة عند تفسير قوله تعالى:
﴿ ولا تنكحوا المشركت حتّى يؤمن ّ.. ﴾[البقرة: ٢٢١]، وعند هذه الآية في سورة المائدة.
(٢) مجموع الفتاوى: ٣٥/ ٢١٣ ـ ٢١٦، ( باختصار يسير ).