وقد ذهب عامّة المفسّرين إلى ما ذهب إليه الشيخ من حلّ نكاح نساء أهل الكتاب، واختلف قول ابن عطيّة ـ رحمه الله ـ في ذلك، فإنّه في آية البقرة، مال إلى دخول نساء أهل الكتاب في عموم قوله تعالى: ﴿ولا تنكحوا المشركت حتّى يؤمن ّ.. ﴾، وأنّ هذه الآية ناسخة لآية المائدة(١)، بينما لم يشر إلى ذلك في آية المائدة، ووافق الجمهور على القول بالإباحة(٢).
وتابعه على ذلك أبوحيّان في الموضعين، بل صرّح بذلك عند تفسيره لآية البقرة، فقال: " والصحيح دخولهنّ [ أي في عموم الآية ]، لعبادة اليهود: عزيراً، والنصارى: عيسى، ولقوله: ﴿.. سبحنه عمّا يشركون ﴾[التوبة: ٣١] "(٣)، ثمّ عاد في سورة المائدة، فذكر أنّه " لا خلاف بين السلف وفقهاء الأمصار في إباحة نكاح الحرائر الكتابيّات، إلا شيئاً روي عن ابن عمر.. "(٤).
وحجّة من قال بالمنع، ما يلي:
١. قوله تعالى: ﴿ ولا تنكحوا المشركت حتّى يؤمن ّ.. ﴾[البقرة: ٢٢١]، وقوله: ﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر.. ﴾[الممتحنة: ١٠].
٢. ما أخرجه البخاريّ، عن نافع، أنّ ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح النصرانيّة واليهوديّة، قال: " إنّ الله حرّم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئاً، أكبر من أن تقول المرأة: ربّها عيسى. وهو عبد من عباد الله "(٥).

(١) ينظر: المحرّر الوجيز: ٢/ ٢٤٦.
(٢) ينظر: المصدر السابق: ٤/ ٣٥٩.
(٣) البحر المحيط: ٢/ ١٧٣.
(٤) السابق: ٣/ ٤٤٧.
(٥) أخرجه البخاريّ في كتاب الطلاق، باب قول الله تعالى:﴿ ولا تنكحوا المشركت حتّى يؤمن ّ..﴾: ٥/ ٢٠٢٤
، برقم: ٤٩٨١..


الصفحة التالية
Icon