أمّا مصنفاته؛ فهي كثيرة جدّاً، وقد جمع أسماءها تلميذه ابن رُشيِّق المغربيّ المالكي في رسالة لطيفة بعنوان: ( أسماء مؤلّفات ابن تيمية )(١)لكنّه لم يستوعب، وبعض ما ذكره مفقود لم يصل إلينا اليوم(٢).
وأمّا صفاته؛ فقد اجتمع فيه من الصفات ما لم يجتمع في غيره من معاصريه، هذا مع تكالب الأعداء، وقلّة الناصر.
ومن صفاته التي ذُكرتْ عنه، وسارت به الركبان: كمال العلم، وصفاء البصيرة، وسعة الاطّلاع، والثبات، والطمأنينة، والزهد، والكرم، وعلوّ الهمّة، والشجاعة المفرطة في الحقّ، وسرعة استحضار الآيات والأحاديث على البديهة، مع تضرّع وابتهال إلى الله ويقين به سبحانه، وحدّة تعتريه في البحث يقهرها بحلم وصفح.. إلى غير ذلك من الخصال.
وقد تعرّض الشيخ ـ رحمه الله ـ لمحن كثيرة، وسجن مرّات عديدة، حتّى مات في السجن، وكان لذلك أسباب عدّة، منها: صدعه بالحقّ الذي يعتقده، وإصراره عليه غير مبال لما
يصيبه في ذلك.

(١) طبعت هذه الرسالة منسوبة إلى ابن القيّم ـ رحمه الله ـ بتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد ( بيروت: دار الكتاب الجديد ). والتحقيق أنّها لابن رشيّق أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن أحمد المتوفى سنة تسع وأربعين وسبع مئة. ( ينظر تحقيق ذلك بالتفصيل في مقدّمة الطبعة الأولى لكتاب الجامع لسيرة شيخ الإسلام من ص ٥٦- ٦٣.
(٢) قال المقريزيّ ـ رحمه الله ـ في كتابه ( المقفّى الكبير ): " وأكثر مصنّفاته مسوّدات لم تبيّض، وأكثر ما يوجد منها الآن بأيدي الناس قليل من كثير، فإنّه أُحرق منها شيء كثير ولا قوّة إلا بالله ". وينظر: الجامع لسيرة الشيخ: ص ٥١٣.


الصفحة التالية
Icon