وقد اجتهد العلماء الأعلام قديماً وحديثاً في تدبّر كتاب الله، والغوص في بحور معانيه، فاستخرجوا منه درراً، واستنبطوا من آياته أحكاماً غرراً، واستفادوا من مواعظه دروساً وعبراً، وإنّ من هؤلاء الأئمّة الأعلام: الإمام الهمام شيخ الإسلام ابن تيميّة ـ رحمه الله ـ، فقد كان له القدح المعلّى في ذلك، وعلى الرغم من أنّه لم يؤلّف تفسيراً كاملاً للقرآن الكريم كما فعل بعض الأئمّة قبله وبعده، إلا أنّ كتبه ورسائله قد حوت من ذلك الشيء الكثير.
وإنّ من أبرز ما تميّز به شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عند تفسيره للآيات، أنه ـ في كثير من الأحيان ـ لا يكتفي بذكر أقوال المفسّرين من السلف الصّالح وغيرهم، بل يحققّ ويدقّق، ويختار ويرجّح ما يراه صواباً من تلك الأقوال، بالدليل والبرهان، والحجّة والبيان. ولذا أثنى عليه الأئمّة الأعلام، كالإمام الذهبيّ، وابن دقيق العيد، والحافظ المزيّ، وغيرهم، كما سيأتي إن شاء الله في ترجمة الشيخ، وبيان جهوده في التفسير..
وقد اعتنى كثير من الباحثين بجمع اختيارات الأئمّة ـ من المفسرين وغيرهم ـ في التفسير، وسُجّلَتْ في ذلك رسائل علميّة، منها: ( اختيارات ابن جرير الطبريّ ) في رسالتين للدكتوراه. و ( اختيارات الشنقيطيّ ) في عدّة رسائل ماجستير. و ( اختيارات الإمام ابن القيّم ) سجّلت قريباً في هذه الكليّة لنيل درجة الدكتوراه، وغير ذلك.
كما قام أحد الباحثين ـ وهو محمّد بن زيلعي هندي ـ بجمع اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في التفسير من أوّل سورة الفاتحة، إلى آخر سورة النساء، وهي رسالة دكتوراه ( نوقشت )، وقد أجاد وأفاد وفّقه الله..
أهميّة هذا الموضوع: