وأمّأ نصرته للسنّة المحضة، وذبّه عن الشريعة، وقيامه على أهل البدع؛ فأمر لا ينتهي منه العجب حتّى تفرّد في ذلك بأمور لم يُسبق إليها، بل لم يجرؤ عليها أحد من معاصريه، ومن ذلك تكسيره للأحجار التي كان الناس يزورونها، ويتبرّكون بها، ويقبّلونها، وينذرون لها النذور، ويلطّخونها بأطيب العطور، ويطلبون عندها قضاء حاجاتهم، ويعتقدون أنّ من تعرّض لها بسوء بقول أو فعل، أصابته في نفسه آفة من الآفات، ومن هذه الأحجار صخرة كبيرة كانت بمحراب مسجد من مساجد دمشق، كان للناس فيها اعتقاد، وقد استفاض بين الناس أنّه حُطّ عليها رأس الحسين ـ رضي الله عنه ـ فانشقت له... فلمّا بلغ ذلك الشيخ، ذهب إليها وضربها بنعله، وقال ـ ساخراً ـ: " أن أصاب أحداً منها شيء، أصابنا نحن قبله "، فتقدّم إليها الحفّارون، وحفروا عليها، فإذا هي رأس عمود كبير، فكسروه وأحرقوه(١).
وأمّا جهاده؛ فقد كان ـ رحمه الله ـ من أعظم المحرّضين على مقاتلة التتار، وصدّهم عن ديار المسلمين، وله في ذلك مواقف مشهودة، حتّى إنّه اجتمع بجميع أركان الدولة، وذكر لهم حاجة المسلمين إلى الغوث، وحصل بسببه همم عليّة، وأُعلن الجهاد، وقويت العزائم، إلى أن ورد الخبر بانصراف التتار.