وفي وقعة شقحب المشهورة(١)، لمّا جاء السلطان، لاقاه الشيخ، وجعل يشجّعه ويثبّته، فلمّا رأى السلطان كثرة التتار قال: يا لخالد بن الوليد. فقال له الشيخ: لا تقل هذا، وقل: يا الله، واستغث بالله ربك، ووحّده وحده، تُنصر، وقل: يا مالك يوم الدين، إيّاك نعبد وإيّاك نستعين. ثمّ ما زال يُقبل تارة على الخليفة، وتارة على السلطان، يهدّئهما، ويربط جأشهما، حتّى جاء نصر الله والفتح.
وقد كانت وفاة الشيخ وهو محبوس في القلعة ليلة الاثنين، في العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبع مئة، وقد كان ذلك اليوم يوماً مشهوداً، لم تشهد دمشق مثله من قبل، حتّى قيل إنّه لم يتخلّف عن جنازة الشيخ إلا ثلاثة نفر تأخروا خشيةً على أنفسهم من العامّة، إضافة إلى من عجز عن الإتيان لعذر ونحوه. ورثاه خلق بالشام، ومصر، والعراق، والحجاز، وغيرها. نثراً وشعراً، فرحم الله الشيخ، وجمعنا وإيّاه في دار كرامته(٢).
جهود ابن تيميّة في التفسير
( بإيجاز )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شَقْحَب على وزن جعفر: قرية قرب دمشق تبعد عنها قرابة ٣٧ كيلو متراً، وقعت فيها المعركة المذكورة. ( ينظر: تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي ( بيروت: دار الفكر ): ٢/ ١٢٤ ).
(٢) يرجع في ترجمة الشيخ إلى: طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي ٤/٢٧٩- ٢٩٦، وتذكرة الحفّاظ للذهبي
(دار الفكر العربيّ ): ٤/١٤٩٦- ١٤٩٨، والبداية والنهاية لابن كثير ( الجيزة: دار هجر، تحقيق التركي ):
١٨/٢٩٥- ٣٠٢، والذيل على طبقات الحنابلة للحافظ ابن رجب ( بيروت: دار المعرفة ): ٢/٣٨٧- ٤٠٨، والدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة للحافظ ابن حجر ( الهند: دائرة المعارف العثمانيّة ): ١/١٤٤- ١٦٠، والوافي بالوفيات للصفدي ( نشر جمعيّة المستشرقين الألمانيّة ): ٧/ ١٥، ومسالك الأبصار في ممالك الأمصار لأحمد بن فضل الله العمري : من ص٢٩٤- ٣٠٦، وغيرها.


الصفحة التالية
Icon