يقول تلميذه علم الدين البرزاليّ ـ رحمه الله ـ(١): " وكان إماماً لا يُلحق غباره في كلّ شيء، وبلغ رتبة الاجتهاد، واجتمعت فيه شروط المجتهدين، وكان إذا ذكر التفسير أبهت الناس من كثرة محفوظاته، وحُسن إيراده، وإعطائه كلّ قول ما يستحقّه من الترجيح والتضعيف والإبطال، وخوضه في كلّ علم كان الحاضرون يقضون منه العجب ".
ولم يكن الشيخ ـ رحمه الله ـ يختار أو يرجّح عن هوى أو تعصّب لرأي أو مذهب، وإنّما كان حاديه الدليل حيث كان.
يقول الحافظ الذهبيّ ـ رحمه الله ـ(٢): " وأمّا التفسير فمسلّم إليه، وله من استحضار الآيات من القرآن ـ وقت إقامة الدليل بها على المسألة ـ قوة عجيبة، وإذا رآه المقرىء تحير فيه. ولفرط إمامته في التفسير، وعظم اطّلاعه، يبيّن خطأ كثير من أقوال المفسّرين، ويوهي أقوالاً عديدة، وينصر قولاً واحداً موافقاً لما دلّ عليه القرآن والحديث ".
٤. كتابة أجزاء في التفسير ( التصنيف والتأليف ):
لم يقتصر الشيخ ـ رحمه الله ـ على إلقاء الدروس في التفسير مشافهة، بل كان يكتب بقلمه أجزاء في التفسير، منها ما هو مختصر، ومنها ما هو مبسوط. ولعلّ دخول الشيخ السجن مرّات عديدة، وفترات مديدة، أتاح له فرصة أكبر للكتابة والتصنيف، حتىّ شعر خصومه بذلك، فمنعوه الكتابة، ومنعوا عنه الأقلام والدفاتر.
(٢) نقله عنه ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة: ٢/٣٩٢.