عن ءايتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون }[الأنعام: ١٥٧]، فقد ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ طوائف من أهل الكلام يزعمون أنّ المسائل الخبريّة ـ التي قد يسمّونها الأصول ـ، يجب القطع فيها جميعها، ولا يجوز الاستدلال فيها بغير دليل يفيد اليقين..
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ: " فهذا الذي قالوه على إطلاقه وعمومه، خطأ مخالف للكتاب والسنّة وإجماع سلف الأمّة وأئمّتها. ثمّ هم ـ مع ذلك ـ من أبعد الناس عمّا أوجبوه، فإنّهم كثيراً ما يحتجّون فيها بالأدلّة التي يزعمونها قطعيّات، وتكون في الحقيقة من الأغلوطات، فضلاً عن أن تكون من الظنيّات، حتّى إنّ الشخص الواحد منهم كثيراً ما يقطع بصحّة حجّة في موضع، ويقطع ببطلانها في موضع آخر، بل منهم مَنْ عامّة كلامه كذلك، وحتّى قد يدّعي كلٌ من المتناظرين العلم الضروريّ بنقيض ما ادّعاه الآخر ".
إلى أن قال: " لكن ينبغي أن يعرف أنّ عامّة من ضلّ في هذا الباب، أو عجز فيه عن معرفة الحقّ، فإنّما هو لتفريطه في اتّباع ما جاء به الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، وترك النظر والاستدلال الموصل إلى معرفته، فلمّا أعرضوا عن كتاب الله، ضلّوا ".
ثمّ ناسب بعد ذلك ذكر هذه الآية: ﴿.. سنجزي الذين يصدفون عن ءايتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ﴾(١).
٥- الردّ على الفرق الضالة:

(١) ينظر: درء تعارض العقل والنقل: ١/ ٥٢- ٥٦. وينظر اختيار الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذه الآية: ص٣٨٠ من هذه الرسالة.


الصفحة التالية
Icon