والراجح: ما اختاره الشيخ ـ رحمه الله ـ، وذلك لوجوه:
؟ أحدها: أنّه الأوفق لسياق الآية، إذ الصفير في الغالب يصحبه التصفيق، كما هو حال البطّالين في كلّ زمان.
؟ الثاني: أنّه هو المعروف في اللغة. قاله النحّاس(١).
؟ الثالث: أنّه قول عامّة السلف، وهو اختيار عامّة المفسّرين.
وأمّا ما ذهب إليه قتادة ـ رحمه الله ـ، فهو قول شاذّ، مخالف لقول الأكثرين، وهو أيضاً مخالف للّغة كما قال النحّاس ـ رحمه الله ـ، إذ لفظ المكاء في اللغة مأخوذ من مكا الطير مكاء إذا صفّر(٢). وكذا لفظ التصدية مأخوذ من الصدى. والتصدية: ضربك يداً على يد، لتُسمع ذلك إنساناً(٣). ولم يذكر أحد من أهل اللغة ـ حسب اطّلاعي ـ أنّ المكاء هو الضرب بالأيدي، ولعلّ ذلك من المقلوب، والله تعالى أعلم.
٨٣ ـ قوله تعالى: ﴿ وقتلوهم حتّى لا تكون فتنةٌ ويكون الدينُ كلُّه لله..﴾[الأنفال: ٣٩].
رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ الدين في هذه الآية هو الطاعة(٤).
قال ـ رحمه الله ـ موضّحاً ذلك: " والدين مصدر، والمصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول، يقال: دان فلان فلاناً، إذا عبده وأطاعه. كما يقال: دانه، إذا أذلّه. فالعبد يدين الله، أي: يعبده ويطيعه، فإذا أضيف الدين إلى العبد، فلأنّه العابد المطيع. وإذا أضيف إلى الله، فلأنّه المعبود المطاع.. "(٥).
الدراسة، والترجيح:

(١) ينظر: معاني القرآن: ٣/ ١٥٢.
(٢) ينظر: المفردات: ص٤٧٣، ومختار الصحاح للرازي( بيروت: مكتبة لبنان ): ص٢٦٣، ولسان العرب: ٦/ ٤٢٥١، مادّة ( مكا ).
(٣) ينظر: لسان العرب: ٤/ ٢٤٢١، مادّة ( صدي ).
(٤) ينظر: الفتاوى الكبرى: ٤/ ٣٥٣.
(٥) مجموع الفتاوى: ١٥/ ١٥٨.


الصفحة التالية
Icon