وافق الشيخ فيما ذهب إليه: قول الطبريّ(١)، والجصّاص(٢)، والواحديّ(٣)، والبغويّ(٤)، والخازن(٥)، وأبي حيّان(٦)، والراغب الأصفهانيّ؛ إلا أنّ الراغب أضاف الانقياد للشريعة(٧). وفيه معنى الطاعة.
وقال الزمخشريّ: " ( ويكون الدين لله ): ويضمحلّ عنهم كلّ دين باطل، ويبقى فيهم دين الإسلام وحده "(٨). وتبعه النسفيّ بنصّه(٩).
وقال ابن عطيّة: " أي: لا يُشرك معه صنم ولا وثن، ولا يُعبد غيره "(١٠).
والراجح: ما ذكره الراغب ـ رحمه الله ـ، وهو قريب ممّا اختاره الشيخ ومن وافقه، أنّ الدين يقال اعتباراً بالطاعة والانقياد للشريعة، وهذا موافق لقول الله تعالى: ﴿ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه.. ﴾[التوبة: ٣٣]، أي: " ليجعله أعلاها وأظهرها، وإن كان معه غيره كان دونه"(١١).
قال الشافعيّ ـ رحمه الله ـ: " فقد أظهر الله ـ جلّ ثناؤه ـ دينه الذي بعث به رسوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ على الأديان، بأن أبان لكلّ من سمعه أنّه الحقّ، وما خالفه من الأديان باطل".
(٢) ينظر: أحكام القرآن: ١/ ٢٦٠.
(٣) ينظر: الوجيز: ١/ ١٥٥.
(٤) ينظر: معالم التنزيل: ١/ ١٦٢.
(٥) ينظر: لباب التأويل: ٣/ ٢٧.
(٦) ينظر: البحر المحيط: ٢/ ٧٦.
(٧) ينظر: المفردات: ص١٨١.
(٨) الكشّاف: ٢/ ١٢٦.
(٩) ينظر: مدارك التنزيل: ٢/ ٦٥. وتوسّع الألوسي في ذلك، فقال: " وتضمحلّ الأديان الباطلة كلّها، إمّا بهلاك أهلها جميعاً، أو برجوعهم عنها خشية القتل. قيل: لم يجىء تأويل هذه الآية بعد، وسيتحقّق مضمونها إذا ظهر المهديّ، فإنّه لا يبقى على ظهر الأرض مشرك أصلاً.. ". ( روح المعاني: ٩/ ٢٠٧ ).
(١٠) المحرّر الوجيز: ٦/ ٣٠٢.
(١١) السابق: ٦/ ٤٧٠. وهو قول في الآية.