الدراسة، والترجيح:
كما ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ، فإنّ جمهور المفسّرين من السلف وغيرهم، فسّروا الدأب
بالعادة والشأن. وقد وهم الشيخ ـ رحمه الله ـ حيث نسب تفسير الدأب بالاجتهاد إلى الزجّاج، والصواب أنّ القائل بذلك هو الأزهريّ من أئمّة اللغة(١)، وأمّا الزجّاج فقد رجّح قول الجمهور.
قال ابن منظور ـ رحمه الله ـ عن الأزهريّ: " قال الزجّاج في قوله تعالى: ﴿ كدأب ءال فرعون ﴾، أي: كشأن آل فرعون، وكأمر آل فرعون، كذا أهل اللغة. قال الأزهريّ: والقول عندي فيه ـ والله أعلم ـ أنّ دأب ها هنا: اجتهادهم في كفرهم، وتظاهرهم على النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كتظاهر آل فرعون على موسى ـ عليه السلام ـ"(٢).
ولم أر من المفسّرين من رجّح هذا القول أو اختاره، وإن كان له أصل في اللغة، ولذا قال البيضاويّ ـ رحمه الله ـ: " هو مصدر دأب في العمل؛ إذا كدح فيه. فنُقل إلى معنى الشأن "(٣). وهذا خلاف ما ذكره الشيخ ـ رحمه الله ـ من قوله: " هو غير الدأَب بالتحريك "، إلا إن كان يريد أنّ ذلك بعد النقل، فيتوجّه.
(٢) لسان العرب: ٢/ ١٣١٠، مادّة ( دأب ).
(٣) أنوار التنزيل: ٢/ ١٢. وتابعه على ذلك: أبو السعود: ٢/ ١٠، والألوسي: ٣/ ٩٣. قال ابن منظور: " الدأْب والدأَب بالتحريك: العادة والشأن. قال الفرّاء: أصله من دَاَبْتُ، إلا أنّ العرب حوّلت معناه إلى الشأن " لسان العرب: ٢/ ١٣١٠.