رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ المعنى في هذه الآية: يا أيّها النبيّ حسبك الله، وحسب من اتّبعك الله. وأنكر قول من قال: إنّ المعنى: حسبك الله والمؤمنون معه، وأنّ قائل ذلك قد غلط غلطاً فاحشاً(١).
قال ـ رحمه الله ـ في بيان معنى الآية: " أي هو وحده يكفيك، ويكفي من اتّبعك. هذا معنى الآية عند جماهير السلف والخلف. وقوله: ( ومن اتّبعك ) معطوف على محلّ الكاف، وهو منصوب، كما تقول العرب: حسبك وزيداً درهم.. "(٢).
وقال في موضع آخر: " وقد ظنّ بعض العارفين أنّ معنى الآية: أنّ الله والمؤمنين حسبك، ويكون ( من اتّبعك ) رفعاً، عطفاً على ( الله )، وهذا خطأ قبيح، مستلزم للكفر، فإنّ الله وحده حسب جميع الخلق، كما قال تعالى: ﴿ الذين قال لهم الناسُ إنّ الناسَ قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادَهم إيمناً وقالوا حسبُنا اللهُ ونعم الوكيل ﴾[آل عمران: ١٧٣]، أي: الله وحده كافينا كلّنا.
وفي البخاريّ، عن ابن عبّاس في هذه الكلمة: " قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمّد حين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"(٣). فكلٌّ من النبيَّين قال حسبي الله فلم يشرك بالله غيره في كونه حسبه، فدلّ على أنّ الله وحده حسبه، ليس معه غيره "(٤).
وممّا استدلّ به الشيخ أيضاً:
(٢) قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان، وعبادات أهل الشرك والنفاق ( الرياض: دار العاصمة ): ص١٨.
(٣) أخرجه البخاريّ في كتاب التفسير، باب: ﴿ إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم.. ﴾: ٤/ ١٦٦٢، برقم: ٤٢٨٧.
(٤) منهاج السنّة النبويّة: ٤/ ٥٥.