واختار القول الثاني: الفرّاء(١)، وابن جزي(٢)، والسمين الحلبيّ(٣)، وقال: " وهو الظاهر، ولا محذور في ذلك من حيث المعنى، وإن كان بعض الناس استصعب كون المؤمنين يكونون كافين النبيَّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ "، واستظهره أبوحيّان كذلك(٤).
وحجّتهم:
١. السياق؛ فإنّ الله تعالى قال قبل هذه الآية: ﴿.. هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين ﴾ [الأنفال: ٦٢]. وقال بعدها: ﴿ يأيّها النبي ُّ حرّض المؤمنين على القتال..﴾[الأنفال: ٦٥]، وذلك تمهيداً لأمر المؤمنين بالقتال ليحقّقوا كفايتهم الرسولَ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ.
٢. سبب النزول؛ فقد روي أنّها نزلت لمّا أسلم عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ، وكمل المسلمون أربعين(٥).
٣. أنّ كفاية المؤمنين النبيَّ، مختلفة عن كفاية الله، فهي من عموم المشترك، لا من إطلاق المشترك على معنييه، فهو كقوله تعالى: ﴿ إنّ اللهَ وملائكته يصلّون على النبي ّ.. ﴾ [الأحزاب: ٥٦](٦).

(١) ينظر: معاني القرآن: ١/ ٤١٧.
(٢) ينظر: التسهيل: ٢/ ١٢٤.
(٣) ينظر: الدرّ المصون: ٣/ ٤٣٢.
(٤) ينظر: البحر المحيط: ٤/ ٥١٠. واختاره من المتأخّرين: السيوطيّ في تفسير الجلالين: ( القاهرة: دار الحديث ): ص٢٣٧، وابن عاشور: ٩/ ١٥٣، وقال: " هو أولى وأرشق ".
(٥) ينظر: الدرّ المنثور: ٤/ ١٠١، ولباب النقول: ص١٢١. وسيأتي الكلام عنه إن شاء الله.
(٦) ينظر: التحرير والتنوير: ٩/ ١٥٣.


الصفحة التالية
Icon