وأمّا قولهم: إنّ الكفاية ها هنا من العموم المشترك، وأنّها كقوله تعالى: ﴿ إنّ الله وملئكته يصلّون على النبيّ.. ﴾، فغير مسلّم أيضاً، فإنّ المشترك: ما اتّحد فيه اللفظ، واختلف فيه المعنى(١)، كلفظ العين، فإنّه يطلق على العين الباصرة، وعين الماء. وليس لفظ الحسب كذلك، بخلاف لفظ الصلاة في قوله: ﴿ إنّ الله وملئكته يصلّون على النبيّ.. ﴾، فإنّه من الألفاظ المشتركة.
سورة التوبة
٨٧ ـ قوله تعالى: ﴿ براءةٌ مِن َ اللهِ ورسولِه إلى الذين عهدتم من المشركين ﴾[التوبة: ١].
رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ البراءة في هذه الآية إنّما كانت من العهود المطلقة، خلافاً لمن قال: لا تجوز المهادنة المطلقة.
قال ـ رحمه الله ـ: " وأمّا قوله ـ سبحانه ـ: ﴿ براءة من الله ورسوله إلى الذين عهدتم من المشركين ﴾، فتلك عهود جائزة لا لازمة، فإنّها كانت مطلقة، وكان مخيّراً بين إمضائها ونقضها، كالوكالة ونحوها. ومن قال من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: إنّ الهدنة لا تصحّ إلا مؤقّتة، فقوله ـ مع أنّه مخالف لأصول أحمد ـ يردّه القرآن، وتردّه سنّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في أكثر المعاهدين، فإنّه لم يوقّت معهم وقتاً. فأمّا من كان عهده موقّتاً، فلم يبح له نقضه، بدليل قوله تعالى: ﴿ إلا الذين عهدتم من المشركين ثمّ لم ينقصوكم شيئاً ولم يظهروا عليكم أحداً فأتمّوا إليهم عهدهم إلى مدّتهم إنّ الله يحبّ المتّقين﴾ [التوبة: ٤]، وقال: ﴿.. إلا الذين عهدتم عند المسجد الحرام فما استقموا لكم فاستقيموا لهم إنّ الله يحبّ المتّقين ﴾[التوبة: ٧].."(٢).
الدراسة، والترجيح:

(١) ينظر: التحبير في علم التفسير للسيوطي ( الرياض: دار العلوم ): ص٢١٤.
(٢) مجموع الفتاوى: ٢٩/ ١٤٠، ١٤١، والفتاوى الكبرى: ٣/ ٤٧٨. وينظر: العقود ( القاهرة: مكتبة ابن تيميّة): ص٦٣، والصفديّة: ٢/ ٣٢٠، ومنهاج السنّة النبويّة: ٤/ ٢٧٩.


الصفحة التالية
Icon