والراجح: ما اختاره الشيخ ـ رحمه الله ـ وهو مذهب الثلاثة سوى أحمد، لما ذكروه من فعله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ مع أهل خيبر. ولأنّ الأصل في العقود أن تعقد على أي صفة كانت فيها المصلحة، والمصلحة قد تكون في عقد الهدنة المطلقة إلى غير أمد، عقداً جائزاً لا لازماً(١).
وأمّا ما ذكره المانعون من القياس على الإجارة، فهو قياس مع الفارق، وذلك من وجوه:
؟ أحدها: أنّ الهدنة عقد خاصّ بالإمام أو نائبه، لا يصحّ من غيرهما. بخلاف الإجارة فإنّها من العقود العامّة التي يصحّ عقدها من كلّ مسلم ذي أهليّة.
؟ الثاني: أنّ الهدنة لا تكون إلا بين المسلمين وأعدائهم من الكفّار. بخلاف الإجارة، فإنّها تكون بين المسلمين بعضهم لبعض.
؟ الثالث: أنّ الهدنة لا يشترط عقدها على منفعة لأحد الطرفين يملكها الآخر، وينتفع بها. بخلاف الإجارة، فإنّها لا تكون إلا على منفعة.
والصحيح القياس على الوكالة ونحوها كما ذكر الشيخ.
أمّا جهالة المدّة، فإنّها لا تضرّ، بدليل إقرار النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أهل خيبر بلا مدّة محدّدة، بل إن تحديد المدّة قد لا يكون في مصلحة المسلمين، لا سيّما في حال ضعفهم، وقوّة عدوّهم. والله تعالى أعلم.
٨٨ ـ قال تعالى: ﴿ فسيحوا في الأرض أربعة أشهر.. ﴾[التوبة: ٢].
رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ هذه الأشهر الأربعة أوّلُها: عاشر ذي القعدة، وآخرها: العاشر من شهر ربيع الأوّل.
ونقل عن مجاهد والسدّي وغيرهما، أنّ أوّلها: يوم الحجّ الأكبر، وآخرها: العاشر من شهر ربيع الآخر.

(١) ينظر: أحكام أهل الذمّة لابن القيّم ( بيروت: دار العلم للملايين ): ٢/ ٤٧٨.


الصفحة التالية
Icon