ثمّ قال: " ولا منافاة بين القولين، فإنّه باتّفاق الناس أنّ الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ نادى بذلك في الموسم في المشركين: ( إنّ لكم أربعة أشهر تسيحون فيها )، ويوم النحر كان ذلك العام بالاتّفاق عاشر ذي القعدة. فانقضاء الأربعة: عاشر ربيع الأوّل، فإنّهم كانوا ينسئون الأشهر، فذو القعدة يجعلونه موضع ذي الحجّة، وصفر موضع المحرّم، وربيع الأوّل موضع صفر، وربيع الآخر موضع الأوّل. فالذي كانوا يجعلونه ذا الحجّة، هو ذو القعدة، والذي جعلوه ربيع الآخر، هو ربيع الأوّل. فمن المفسّرين من تكلّم بعبارتهم إذ ذاك، ومنهم من غيّر العبارة إلى ما استقرّ الأمر عليه "(١).
الدراسة، والترجيح:
حاصل الأقوال في تفسير هذه الأشهر الأربعة قولان:
؟ القولان السابقان اللذان ذكرهما الشيخ، وهما بمثابة قول واحد.
؟ والقول الثاني أنّها من أوّل شهر شوّال، إلى آخر المحرّم، وهو مرويّ عن الزهريّ ـ رحمه الله ـ(٢).
وحجّة من قال بهذا القول: أنّ سورة براءة إنّما نزلت في شوّال، فيكون بداية هذه الأشهر من شهر النزول.
وقد رجّح عامّة المفسّرين القول الأوّل(٣)، وهو الذي رجّحه الشيخ.
(٢) ينظر: جامع البيان: ٦/ ٣٠٤.
(٣) ينظر على سبيل المثال: جامع البيان: ٦/ ٣٠٨، ومعاني القرآن للزجّاج: ٢/ ٤٧٥، والناسخ والمنسوخ للنحّاس: ١/ ٤٨٧، ومعالم التنّزيل: ٤/٩، وأحكام القرآن لابن العربيّ: ٢/ ٨٩٥، والمحرّر الوجيز: ٦/ ٤٠١، وتذكرة الأريب: ١/ ٢٠٩، وتفسير القرآن العظيم: ٢/ ٣٣٢، ونظم الدرر: ٣/ ٢٦٦، ومحاسن التأويل: ٨/ ٣٠٦٦، وأضواء البيان: ٢/ ٤٢٩.