وعلى فرض نزولها في شوّال ـ كما قال الزهريّ ـ فإنّ إبلاغها للناس إنّما كان يوم النحر، كما دلّ عليه حديث أبي هريرة السابق، وبعيد أن يضرب الشارع مدّة للمشركين، ثمّ لا يخبرهم بهذه المدّة إلا بعد مضيّ شهر منها أو أكثر، فالشارع منزّه عن مثل هذا.
قال الطبريّ ـ رحمه الله ـ: " فإن قال قائل: وما الدليل على أنّ ابتداء التأجيل كان يوم الحجّ الأكبر، دون أن يكون من شوّال، على ما قاله قائلو ذلك؟
قيل له: إنّ قائلي ذلك زعموا أن ّالتأجيل كان من وقت نزول ( براءة )، وذلك غير جائز أن يكون صحيحاً، لأنّ المجعول له أجل السياحة إلى وقت محدود، إذا لم يعلم ما جُعل له، ولا سيّما مع عهد له قد تقدّم قبل ذلك بخلافه، فكمن لم يجعل له ذلك، لأنّه إذا لم يعلم ما له في الأجل الذي جُعل له، وما عليه بعد انقضائه؛ فهو كهيئته قبل الذي جُعل له من الأجل. ومعلوم أنّ القوم لم يعلموا بما جُعل لهم من ذلك، إلا حين نودي فيهم بالموسم، وإذا كان ذلك كذلك؛ صحّ أن ابتداءه ما قلنا، وانقضاءه كان ما وصفنا "(١).

(١) جامع البيان: ٦/ ٣٠٨.


الصفحة التالية
Icon