النصارى كان لهم وجود ظاهر في زمن الشيخ، وقد كانت لهم شبه يثيرونها للتشكيك في دين الإسلام والصدّ عنه، وقد تصدّى لهم الشيخ ـ رحمه الله ـ؛ فصنّف كتاباً في الردّ عليهم، سمّاه: ( الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح )، أجاب فيه عن شبههم، وأبطل دعاواهم. وقد ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ سبب تأليف هذا الكتاب: الجواب على كتاب ورد من قبرص(١)، فيه الاحتجاج لدين النصارى، وأنّ محمّداً إنّما بُعث للعرب خاصّة(٢). ومن الآيات التي استدلّ بها الشيخ في هذا الكتاب:
؟ قوله تعالى: ﴿ ولْيحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ﴾[المائدة: ٤٧] على قراءة الجمهور بإسكان اللام والميم في قوله ( وليحكم )، فقد رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ الأمر لمن كان موجوداً زمن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد البعثة، خلافاً لمن قال إنّ الأمر لمن كان قبل البعثة(٣).
؟ قوله تعالى: ﴿ إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد ﴾[الرعد: ٧]، فقد رجّح الشيخ أنّ المعنى: ولكلّ قوم داع يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته. ثمّ قال: " ومعلوم أنّ بني إسرائيل كانوا أكثر الأمم أنبياء. بُعث إليهم موسى، وبُعث إليهم بعده أنبياء كثيرون، حتّى قيل إنّهم ألف نبيّ، كلّهم يأمرون بشريعة التوراة، ولا يغيّرون منها شيئاً، ثمّ جاء المسيح بعد ذلك بشريعة أخرى غيّر فيها بعض شرع التوراة بأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ، فإذا كان إرسال موسى والأنبياء بعده إليهم لم يمنع إرسال المسيح إليهم؛ فكيف يمتنع إرسال محمّد ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى.. "(٤).
(٢) ينظر: الجواب الصحيح: ١/٩٨.
(٣) ينظر: الجواب الصحيح: ٢/٤٢٤- ٤٥٢ وينظر دراسة اختيار الشيخ ص: ٢٢٦ من هذه الرسالة.
(٤) ينظر: الجواب الصحيح: ٢/٩٩، ١٠٠.